ندوة الشيوعي    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفورقي :دول حوض النيل لديها ما يكفيها من المياه
نشر في سودان سفاري يوم 14 - 07 - 2010


أجري الحوار في أسمرة :محمد إبراهيم الدسوقي
لم تكن المشكلة الراهنة مع دول حوض النيل سوي الجانب الظاهر من جبل الجليد بالنسخة المعدلة من علاقتنا مع إفريقيا هذه الحقيقة حتمت معرفة ما يدور في القارة السمراء من مستجدات وتحولات.
ولذا فان التحاور مع أسياسي أفورقي رئيس إريتريا في الظرف الراهن يكتسب أهمية مضاعفة. فإريتريا ذلك البلد الصغير الذي لا تتجاوز مساحته أكثر من117 ألف كم تجاور إثيوبيا. كما تقع إريتريا في منطقة القرن الإفريقي في الشمال الشرقي من القارة الإفريقية ويجاورها من الشمال الغربي السودان, من الجنوب أثيوبيا ومن الجنوب الشرقي جيبوتي. وتطل إريتريا علي البحر الأحمر وعلي مقربة من مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية, وإجمالا فان موقعها الحيوي يربطها بأقرب وأقصر طرق الملاحة بين المحيط الهندي والبحر المتوسط مما يجعلها حلقة وصل مهمة بين القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا. علاوة علي أنها قريبة من شبه الجزيرة العربية والخليج العربي ودول شرق إفريقيا, وارتبط اسم أفورقي في أذهان الاريتريتين والأفارقة بقيادته لحركة التحرير في بلاده إلي أن نالت استقلالها قبل نحو20 عاما. وفي القصر الرئاسي الذي يطلقون عليه في أسمرة' قصر الدولة' التقيت بأفورقي الذي ما أن دخل للقاعة يحيط به بعض مساعديه المقربين حتي انخرط في ممازحة الحاضرين بصورة عفوية قبل أن يبادرني بسؤال سريع عن انطباعاتي عن أولي زياراتي لاريتريا وابلاغي باستعداده لتلقي اسئلتي المتصلة بالكثير من القضايا الشائكة.. وكانت نقطة الانطلاق من الملف الاستراتيجي الخاص بمياه النيل.
* هناك مشكلة مثارة حول مياه النيل مع إصرار بعض دول منابع النيل علي توقيع اتفاقية إطارية لتقاسم المياه دون موافقة مصر والسودان عليها فكيف ترون هذه الأزمة؟ وهل تؤيدون استخدام سلاح المياه كورقة ضغط في علاقات الدول الإفريقية مع بعضها البعض؟
{{ كنت في زيارة مؤخرا للقاهرة وخلال لقاءاتي مع كبار المسئولين المصريين أبلغتهم صراحة بأن المدخل لهذه المشكلة غير صحيح, وأن بعض دول حوض النيل تحاول استغلال المياه كوسيلة ابتزاز وأنه لا يوجد علي الساحة ما يستدعي الحديث عن تقاسم مياه النيل. وفي الواقع فان هذه المشكلة جعلتني أطرح تساؤلا مفاده هل دول حوض النيل مالكة لبنية تحتية وللسياسات والمؤهلات اللازمة للاستفادة مما هو متاح لها فعليا في الوقت الراهن من مياه وموارد أخري طبقا للاتفاقيات المبرمة بين بلدان حوض النيل, وتنظم نسب وحصص كل دولة.
وسوف استبعد إريتريا جانبا لكونها مجرد عضو مراقب في مبادرة دول حوض النيل لكي أدقق النظر في الدول السبع الأخري في هذه المبادرة للوقوف علي حدود إمكانياتها وقدراتها الاقتصادية من طرق وكباري وشبكات كهرباء وخدمات اجتماعية وخلافه. عملية التدقيق تلك جعلتني أتوصل إلي أنها غير مالكة لهذه المقومات ولا يوجد لديها شئ منها, بناء عليه فانه من غير المقبول ولا المنطقي التحدث عن تقاسم مياه النيل بهذا الشكل واعتبره نوعا من الابتزاز ومصادرة لحقوق أجيال قادمة من حقها الاستفادة من ثروات هذه البلاد الحيوية وفي مقدمتها المياه. وفي ظني أنها تلوح بورقة التهديد والابتزاز بغرض الاستهلاك المحلي ولخدمة مصالح قوي من خارج القارة الأفريقية. والأمر محتاج إلي مدخل صحيح لدراسة قضية المياه وفي اعتقادي أن بلوغه يجب أن يتم عبر الإقرار بالحقيقة التالية: أن موارد النيل لا حصر لها ولو جري استغلالها جيدا فان وجه الحياة في دول منابع ومصب النيل ستتغير تماما في تقديري علي الأقل خلال ال50 عاما المقبلة.
ثم هل حققت دول حوض النيل تطورات وانجازات اقتصادية أصبحت تعاني بسببها من ندرة وشح في المياه مما يستلزم معه تقاسم مياه نهر النيل. والرد سنعثر عليه في الإحصائيات الموضوعية المتوافرة التي تكشف النقاب عن أن بلدان حوض النيل استفادت بنسبة5% فقط من الماء الموجودة لديها وبهذه المناسبة. دعني أتساءل: هل يجوز ويحق لإثيوبيا أن تهدد وتبتز الآخرين؟
واختم بالقول أن إثارة المشكلة محاولة لإحداث مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة وأطالب بمعالجتها بشكل منطقي يخدم صالح الشعوب أولا وأخيرا.
* باعتباركم من الشخصيات البارزة في القارة الأفريقية الذين ساهموا في تحرير بلادهم كيف تنظرون لحاضر ومستقبل أفريقيا اليوم؟
{{ لكي تتحدث عن مستقبل أفريقيا فان تلك مسألة صعبة جدا وهذا ليس تقليلا من شأن القارة التي كان من المفترض أن تنهض بعد20 عاما من انتهاء الحرب الباردة فقد حل الاتحاد الافريقي محل منظمة الوحدة الأفريقية وبعد عشر سنوات من تدشين الاتحاد فان القارة في زمن العولمة باتت مهمشة وذلك لأسباب عدة لا يتسع المجال للخوض في تفاصيلها. واريتريا جزء من أفريقيا التي تعاني من التهميش بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني وهي غير موجودة علي الخريطة الدولية.
* استكمالا لهذا الجانب لماذا تظل آليات العمل الأفريقية عاجزة وقاصرة في مواجهة الكم الهائل من الأزمات التي شهدتها القارة أخيرا؟
{{ العوامل كثيرة والحديث عنها قد يمتد لساعات فالقارة خلال القرن الماضي تخلصت من الاستعمار في وقت كان العالم يخضع فيه لتوازنات حقبة وتجاذبات منها الحرب الباردة وبعد ذلك لم تتمكن أفريقيا من المرور بتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تواكب ما طرأ علي عالم المعاصر من تغييرات. وعلي الرغم من انتهاء الحرب الباردة استطيع القول إن القارة مازالت تعيش في أجواء الماضي, فالاستعمار نجح في تكوين عقلية تفتقر للثقة بالنفس, ففي الستينيات من القرن العشرين تحررت تقريبا كل البلدان الأفريقية لكنها لم تتحرر من عقلية انعدام الثقة بالنفس التي تكونت وتشكلت خلال عدة عقود من العلاقة مع المستعمر. فنفس القوي الاستعمارية القديمة جاءت في أشكال أخري ومختلفة مكنتها من بسط سيطرتها مرة أخري والاستحواذ علي الدول الإفريقية ولم تسمح لشعوبها بالتغيير, فإذا نظرنا في مختلف أرجاء القارة نري أن المسيطر علي اقتصادياتها وأنظمتها السياسية القائمة هي القوي الخارجية وأنا أري ذلك انتكاسة للقارة أعادت الأمور فيها إلي سابق عهدها والي المربع الأول.
* اريتريا تسعي لتحقيق الاستقرار في القرن الافريقي فهل توضحون لنا طبيعة دورها في ضوء المتاعب المحيطة بالمنطقة؟
{{ لا يوجد دور متميز لاريتريا في القرن الافريقي فبعد استقلالنا بعد نضال طويل كان طموح شعبنا أن يصبح جزءا من كتلة اقتصادية سياسية بالقرن الافريقي وشمال شرق أفريقيا لأنه بلد صغير عاني من ويلات كثيرة في زمن الحرب الباردة بعدها كان أمله أن يكون جزءا من تحولات إقليمية للأسف كما شرحت سابقا لم تتحقق والقرن الافريقي نموذج لمشكلات القارة لأنه كان بالإمكان إحداث نقلة تاريخية فيه عبر تكامل وتعاون اقتصادي بين دوله لكنه بدلا من ذلك يختنق تحت وطأة الأزمات. وبوضوح فان الأزمات المحيطة بنا لا تمكن اريتريا من لعب دور فعال وربما يكون النموذج الاريتري واعدا لكن دورها في ظل أوضاع مرتبكة معقدة غير وارد. وشخصيا اشعر بالانزعاج لأن الطموحات والآمال لخلق مناخ اقليمي يساهم في تنمية بلدان القرن الافريقي لم تتحقق عمليا علي ارض الواقع. وعلي الرغم من الإخفاق في انجاز هذا الهدف فأننا نعمل بدأب من أجل استقرار القرن الافريقي وتلك مسالة مهمة وحيوية لاسمرة.
* بصراحة هل تعتقدون بان القرن الافريقي يتعرض لمؤامرة من نوع ما من قبل بعض القوي الخارجية؟
{{ أنا لا أصفها بأنها مؤامرات فالمؤامرة مصطلح كبير قد لا يكون مفهوما بدون شرح واف ومستفيض عما يدور في المنطقة فإذا نظرنا للقرن الأفريقي من الناحية الجغرافية سنجده في موقع حساس للغاية لقربه من الخليج العربي والشرق الأوسط بكل ما يحتويه من موارد والبحر الأحمر كممر مائي دولي ودول حوض النيل. هذه الأوضاع مجتمعة كان لها أثرها علي الشأن الداخلي وما حدث فيه من تعقيدات ومع بروز الولايات المتحدة كقوة عظمي منفردة قسمت واشنطن القارة لثلاثة أجزاء. وأصبحت هناك عوامل خارجية دولية تحدد مستقبلنا ومسارنا وتحولاتنا. وبالتالي فان الحديث عن المؤامرة قد لا يكون لائقا دون النظر إلي هذه السياسات المتضاربة وتأثيرها السلبي علي الأوضاع في القارة الأفريقية ومن ثم فانا أتعامل معها ليس بصفتها مؤامرة بل سياسة معتمدة وتأثيرها علي القارة واضح وما نشهده من أزمات اليوم سواء ما يخص منها البحر الأحمر والقرن الافريقي وحوض النيل نتيجة طبيعية للسياسات الأنفة الذكر مضافا إليه عوامل داخلية. وعلينا أن نوجه تركيزنا صوب العمل من اجل العثور علي مخرج من دائرة التدخلات الخارجية التي تحول دون تمكنا من رسم سياساتنا وحل أزماتنا بأنفسنا.
* هل توافقون علي الرأي القائل إن عناصر تنظيم القاعدة الارهابي وجدت ملاذا آمنا في منطقة القرن الافريقي؟
{{ مبدئيا يمكن لهذه العناصر التواجد في اي مكان بما فيها الولايات المتحدة وجنوب الجزيرة العربية فحيثما يوجد الفراغ السياسي والأزمات يتوافر الملاذ الآمن للإرهاب ولكل من يتربص باستقرار الشعوب والأمم وقبل أن نتكلم عن القاعدة وعن وجود ملاذ آمن للإرهاب الدولي علينا بداية طرح التساؤلات التالية: لماذا يحدث هذا الفراغ السياسي وما هي أسبابه ومن هو المسئول عن توفير الملاذ الأمن وبعد ذلك علينا التحلي بالموضوعية عند معالجة تلك القضية والا نجرف وراء أطروحات لا تساعد في تشخيص مشكلة الإرهاب ومعالجتها. ولنلقي نظرة فاحصة علي ما يدور في الصومال لفهم ما أود إيصاله وبيانه بهذا الصدد. نحن نقف مقابل بلد لا توجد فيه حكومة مركزية ولا مؤسسات للدولة ولا امن ولا جيش ويعاني من الانقسام ويعيش في ظل القرون الوسطي وشعبه لا يجد فرصة عمل المحصلة كانت قدرا عاليا من الاستياء المتزايد بمرور الوقت وحالة إنسانية تتدهور كل يوم. هذا ما يخلق ملاذا آمنا لمن يرغب في استغلال هذا الوضع كمبرر لوجوده وتدخله. ونحن مطالبون بتشخيص صحيح للمشكلة حتي نعثر علي علاج ناجع لها ودعني أصارحك بان الحديث المستمر عن القاعدة بات مملا واكرر للمرة الألف أن من يوفر أرضية خصبة للقاعدة عليه تحمل مسئولية الأزمات المندلعة اليوم.
* لكن إلا ترون أن القاعدة تشكل تهديدا آنيا خطيرا لاستقرار دولة اليمن القريبة من بلادكم؟
{{ في ظني أن هذا غير صحيح فما نراه في اليمن لا يعدو كونه مجرد أعراض للظاهرة الإرهابية التي تطفو علي السطح جراء الفراغ والأزمات الداخلية بين القبائل والأعراق والفساد وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. وأوكد مجددا أن التطرف لن يكون له وجود إذا تحقق الاستقرار الداخلي كما اوكد أن المستهدف ليس اليمن بل الخليج والسعودية بأسرها فهذه المنطقة مع حساسيتها معرضة للتدخل الخارجي بسبب مواردها ومن يرغب في التمتع بالنفوذ في هذه المنطقة فانه يخلق مناخا للإرهاب حتي تحرم الشعوب والبلدان من الاستقرار ويفتح الباب أمام التدخلات الخارجية. والسؤال هو هل ساهمت هذه التدخلات في تسوية المشكلات القائمة
لقد حدث العكس فإذا نظرنا للوضع في العراق علي سبيل المثال سوف تضع يدك علي كم كبير من الأزمات الناتجة عن تفكيك مؤسسات الدولة وأنا لا أتحدث هنا عن أشخاص أو النظام الذي كان قائما وإنما الوضع التالي للتدخل الخارجي في هذا البلد ونشوب نزاعات بين أبناء العراق من شيعة وسنة وأكراد وغيرهم مما اوجد مكانا وملاذا للتطرف والإرهاب. كذلك فان أفغانستان نموذج أخر سيئ لظاهرة التدخلات الخارجية.
* هناك مؤشرات علي ان سكان جنوب السودان سيختارون الانفصال لدي اجراء استفتاء في التاسع من يناير المقبل فكيف ستتعاملون مع هذا الوضع وما هي وجهة نظرك لتسوية مشكلة دارفور؟
{{ في وقت مبكر تعاطت إريتريا ايجابيا مع الوضع في جنوب السودان فالسودان تراكمت علي كاهله المتاعب والأزمات منذ حصوله علي الاستقلال وكانت الحركة الشعبية تتبع منهجا يبغي الحفاظ علي وحدة الأراضي السودانية وكان هذا الموقف هو المقبول من كافة الأطراف الإقليمية لان ذلك كان خيار الجنوبيين بقيادة جون جارانج زعيم الجبهة الشعبية الراحل. وفي كل جولات التفاوض والتشاور التي عقدت في التسعينيات من القرن الماضي كان يتم دوما التأكيد علي ضرورة أن تعالج مشاكل السودان السياسية والاقتصادية والأمنية بطريقة تحافظ علي وحدة البلاد, إلي أن وصلنا لمحطة اتفاق نيفاشا المبرم قبل خمس سنوات.
واعتقادي الشخصي أن هذه السنوات الخمس فشلت كمرحلة انتقالية في حل مشكلة جنوب السودان, كما أري أن دعوات الانفصال لا تعبر عن الرغبة الحقيقة لسكان الجنوب السوداني, وإذا كان البعض هناك يري أن الاختيار الأفضل هو الانفصال فانني احذرهم من ان أول الذين سيلحق بهم الضرر هم أهل الجنوب. وإريتريا تؤمن بان الانفصال لن يعود بالنفع والفائدة علي سكان جنوب السودان بل العكس هو الصحيح, ومن يعتقد أن الاختيار الوحيد هو الانفصال فتلك قراءة خاطئة للأحداث.
والقرار في نهاية المطاف في أيدي شعب جنوب السودان مع العلم أن السيناريوهات المتوقعة لانفصاله لن تكون فقط مخيفة لكنها سوف تشعل أزمات أسوأ مما رأيناه في السنوات العشرين الماضية. ولا نملك في هذه اللحظة سوي انتظار نتائج الاستفتاء وعلي شريكي اتفاق نيفاشا تدارس الموقف بعناية فائقة وان يوجهها العملية السياسية لمسار يحفظ وحدة السودان لأن الندم لن يجدي فيما بعد ولن يمكن تبريره باي حال من الأحول.
* وماذا عن أزمة دارفور؟
{{ أزمة دارفور خرجت عن الخط السليم لمعالجتها نظرا لما تكابده الساحة السودانية من تعقيدات وتشابكات وكان هذا ظاهرا منذ بدء مفاوضات ابوجا, أما الخطأ الأكبر فكان في تدويل الأزمة والذي وقفت خلفه قوي محلية وخارجية وإقليمية مع انه كان بالإمكان إخضاعها للعلاج ضمن حدود السودان الموحد بالتصدي لما تشكو منه دارفور من تهميش ومتاعب, لكن عوضا عن ذلك أخذت الأزمة مسارات مختلفة ما بين ابوجا والدوحة والتفاوض مع التنظيمات المسلحة وظهور حركة العدل والمساواة علي واجهة الأحداث, ثم زاد الوضع تعقيدا بالاتفاق علي إجراء استفتاء جنوب السودان والذي يحتم علينا الانتظار للوقوف علي نتائجه والتي سوف ترسم الخطوط العريضة للتعامل مع دارفور الواقعة شمال شرق السودان فإذا اختار الجنوب الانفصال فسوف تعالج بطريقة تختلف عما إذا كان الاختيار هو البقاء كجزء من السودان. وسواء شئنا أم أبينا فقد ارتبطت أزمة جنوب السودان مع دارفور ولم يعد بالإمكان الفصل بينهما.
* إلي أين وصلت العلاقات بين اريتريا مع أثيوبيا من جهة وجيبوتي من جهة أخري؟
{{ المشكلة مع أثيوبيا تتعلق بالحدود وعلي الرغم من صدور قرار التحكيم الدولي قبل ثماني سنوات بأحقيتنا في منطقة بادمي فان أديس أبابا تمتنع عن تنفيذه, وما زالت تواصل احتلالها لأراض إثيوبية. ومن ثم فان عدم تطبيق القرار السالف ذكره يمثل عائقا أمام تحسين العلاقات الإثيوبية الاريترية, ولا يمكن أن تكون علاقة طبيعية بين البلدين مادام مشكلة الحدود ظلت دون حل. بالنسبة لجيبوتي فانه لا توجد معها مشكلة من الأساس رغم محاولات خارجية لربط الخلاف بين البلدين بما يدور في الصومال بغية تدويله وعلي جيبوتي واريتريا الالتفات لمصلحتهما المشتركة المتمثلة في عدم الانسياق وراء المساعي الهادفة لافتعال وإيجاد أزمات بينهما.
* زرت القاهرة في مايو الماضي فكيف ترون تطور العلاقات المصرية الإريترية في ضوء هذه الزيارة؟
{{ زيارتي للقاهرة كانت فرصة جيدة للتباحث مع كبار المسئولين فيها حول العديد من القضايا الثنائية والإقليمية, وهناك مجالات وقطاعات تعاون عديدة بين البلدين علي الأصعدة التجارية والاقتصادية فضلا عن تعاون مصر وإريتريا في إطار الكوميسا وغيرها من التجمعات والتنظيمات الإقليمية الأخري. وابتداء فأنني أؤكد تمتع العلاقات بين القاهرة وأسمرة بقدر كبير وعال من حسن النوايا وتوجد فرص متاحة وسانحة لبناء علاقات ناجحة وقوية ليس علي المستوي الثنائي فقط بل أيضا علي المستوي الجماعي.
وكما نعلم جميعا فان المشكلات تعصف بالسودان وبالقرن الإفريقي وحوض النيل والبحر الأحمر ولكي نستطيع تشييد علاقة متينة تحقق مصالحنا الإستراتيجية والسياسية المشتركة وتعزز التفاهم المتبادل فان المنطقة وأفريقيا عموما يلزمها تكثيف مصر لدورها ونشاطها الدبلوماسي فيها. واري أن جزءا مهما من تسوية المشكلات الراهنة في القرن الافريقي يعتمد علي تدعيم الدور السياسي المصري وان تطلع القاهرة دول المنطقة علي التغييرات الطارئة علي سياساتها حيال أزمات مثل جنوب السودان ودارفور وأمن البحر الأحمر والصومال وغيرها.
ولا ننسي أن مصر كانت ومازالت صاحبة دور رائد ومحوري علي الصعيدين العربي والافريقي ومن المهم بالنسبة لنا أن نعرف بالضبط ماهية وطبيعة سياساتها وان تكون واضحة في نظرنا لأنه معلوم للكافة أن الدول في علاقاتها تبحث دائما أبدا عن مواضع وأوجه التطابق والتماثل في السياسات المتبعة. ونحن نبحث عن هذه الجزئية باستمرار ضمن الحوار الجاد الممتد بين الطرفين وبمنأي عن المجاملات فاريتريا بلد صغير ولا يمكنها أن تتحدث عن علاقات ودور ومصالح في هذه المنطقة فهذا الشق غير قائم الآن ولذا فأننا ننظر باهتمام بالغ للدور المصري.
* افهم من ذلك أن لديكم اقتراحات محددة لآليات بعينها لتعزيز العلاقات بين مصر وإريتريا؟
{{ البلدان يعملان دون انقطاع لإيجاد آليات لتعزيز علاقاتهما الثنائية بعد الاتفاق علي قائمة القضايا موضع الاهتمام المشترك. وكما أشرت منذ قليل فان زيارتي الأخيرة لمصر كانت مناسبة طيبة لبحث تحديث الآليات المعمول بها ولم تحقق بعد النتائج المرجوة منها وذلك من خلال تقييم نجاحات وإخفاقات هذه الآليات وهناك جدية من الطرفين بالعمل في هذا الاتجاه حتي نقدر في المستقبل علي توسيع مساحة المفاهيم والآراء المشتركة بين الجانبين وستجري مشاورات ولقاءات في غضون الأسابيع والأشهر القادمة بين مسئولين مصريين وإريتريين لبدء مرحلة عمل مشترك جديدة بواسطة آليات جديدة.
* نفهم من تصريحاتك ان أسمرة تستعد لاستقبال عدد من المسئولين المصريين في الفترة المقبلة؟
{{ بكل تأكيد فقد كان مقررا إتمام زيارات عدد من المسئولين المصريين لاريتريا نهاية الشهر الماضي لكنها لم تتم وأتوقع تبادل الزيارات من الجانبين خلال يوليو الجاري وأغسطس المقبل وأمل أن تسفر المحادثات عن نتائج ملموسة خاصة وان البلدين يتفاهمان بواقعية وموضوعية في كل ما يتصل بملفات علاقاتهما الثنائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.