الحرب الطويلة وانتشار العمليات العسكرية الواسعة التي عاشها جنوب السودان في حقبة ما قبل توقيع اتفاقية السلام الشامل، أدت الى انتشار الاسلحة الخفيفة والصغيرة وسط المواطنين. ويقول جون جيك مدير إدارة الأمن المحلي ونزع السلاح بجنوب السودان، إن ارتفاع معدلات العطالة والأمية والفقر ونقص الغذاء من أهم اسباب انتشار الأسلحة غير المرخصة وسط الشباب، إذ أنهم يستخدمونها في الصراعات العرقية ونهب الأبقار والسرقات والجرائم الأخرى. ويبدو أن الانجاز الذي حققته حكومة جنوب السودان في السيطرة على الاسلحة الخفيفة والصغيرة وسط المواطنين بالاقليم خلال خمسة اعوام التي تلت توقيع الاتفاقية محدود. وبالرغم من المجهودات التي تقوم بها لجان نزع السلاح برعاية وزارة الداخلية بحكومة جنوب السودان والرامية لنزع السلاح من المواطنين وفرض هيبة القانون والأمن، الا أن امتلاك الاسلحة النارية بواسطة المدنين ما زال يعيق تطبيق القانون ويردع الملايين من المواطنين المنتشرين وسط ولايات جنوب السودان الذن ذاقوا الامرين من الانتشار العشوائي للاسلحة اليدوية. ويقول أجنس لايونق والذي يعمل معلماً بولاية شرق الاستوائية بمدينة كبويتا، يقول لقد تحصل مالكو الأبقار من قبيلة تويوسكا وقبيلة تيريوكانا بجمهورية كينيا المجاورة، على كميات هائلة من الاسلحة الصغيرة والخفيفة، وذلك أن الخطر الأمني الحقيقي عادة ما يواجه مالكي الأبقار بسبب الإغارة عليها ونهبها. وقد عقد عدد من الاجتماعات وورش العمل بولاية شرق الاستوائية خلال مارس الماضي، من أجل دراسة جذور المشكلة وآفاق الحلول، حضرها أكثر من 200 ممثل للجان والجمعيات ذات الصلة، والذين أمعوا على المخاطر الكبيرة لامتلاك الاسلحة غير القانونية. ويقول السيد جيك : (لقد تم تنظيم هذه الاجتماعات والورش بالتضامن مع مفوضية السلام بولاية شرق الاستوائية وبرنامج الأممالمتحدة الانمائي بكل من واراب وجونقلي وولاية (البحيرات). ويقول المدير العام لمفوضية السلام بولاية شرق الاستوائية الجنرال تومباس أثاري : (إن الهدف من هذه الاجتماعات رفع الوعي وسط المواطنين بمخاطر الاسلحة النارية في أيديهم، ونأمل أن تنجح هذه المجهودات في اقناع المواطنين بالتخلي عن السلاح وقبول حكم القانون، الامر الذي يعين الحكومة على بسط الامن وتقديم الخدمات للمواطنين)، ويضيف أثاري قائلاً : (تم التصديق على مبلغ نصف مليار جنيه لكل محلية بولاية شرق الاستوائية لتطوير وتحسين مستوى الامن بولاية شرق الاستوائية، ولقد تسلمت المفوضية جهازين حديثين للكشف عن الاسلحة الخفيفة من مركز نيروبي الاقليمي للاسلحة النارية والبيضاء العام الماضي من اجل حسر الاسلحة الحكومية بجنوب السودان). ويقول السيد جيك : (ان هناك 13 دولة تتعاون مع مفوضية السلام بولاية شرق الاستوائية من اجل تطهير منطقة القرن الافريقي ومنطقة البحيرات العظمى من الاسلحة النارية واليدوية وسط المواطنين، كما أنه سيتم تدريب 30 ضابط أمن على استخدام الاجهزة الكاشفة للاسلحة الامر الذي سيمكن السلطات من تعقب الاستخدام غير القانوني لاسلحة قوات الامن الحكومية من قبل الافراد والجماعات والمنظمات. وبينما تطارد جنوب السودان لعنة الاسلحة الخفيفة والبيضاء المتوافرة في ايدي المدنيين، يئن شرق السودان من لعنة الألغام المزروعة بنطاق واسع من اراضية جراء النزاع المسلح الذي نشب بين القوات المسلحة السودانية ومتمرد جبهة الشرق، وذلك أن الألغام المضادة للمركبات والمضادة للانسان قد حالت بين المواطنين وأنشطتهم الحياتية من زراعة ورعي، وأجبرت الكثير من المواطنين على ترك قراهم والنزوح الى مناطق أخرى.. ويقول دوت فون لاندسبيرج مدير مكتب الأممالمتحدة لنزع الألغام بشرق السودان: (إن المعلومات التي تردنا من المواطنين والعساكر تساعدنا كثيراً في انجاز مهمتنا، ويستعد الكثيرون منهم الآن للعودة الى منازلهم). وبالرغم من تنظيف 11 مليون متر مربع من الألغام، وتدمير 2.569 لغماً مضاداً للإنسان، و889 لغماً مضاداً للمركبات، إلا أن وجود 90 حقل ألغام ما زال يهدد ويعيق مشاريع التنقيب عن الاملاح المعدنية بالولاية الشرقية وانشاء الطرق ومشاريع التنمية الاقتصادية التقليدية لمزارع النحل والمنتجات الحيوانية. ويبقى التمويل أهم المعضلات التي تواجه عمليات نزاع الألغام بالولاية، وذلك أن مربع القضارف وكسلا وبورتسودان خارج اختصاصات اليونميس، ويقول المدير الاقليمي لينماو آرمين هاربوني تيام : (إن المناخ الديمقراطي الذي وفرته انتخابات 2010م والذي يركز على التنمية الريفية وسط السلام والاستقرار، يجعل الاستمرار في نزع الألغام أولى أولويات المرحلة، ولدينا خطة لإزالة الألغام من المناطق ذات الأولوية بنهاية هذا العام، كما أننا نطمع لأن ننهي تنظيف جميع الولايات الثلاث بنهاية العام القادم، والتي يربو عدد سكانها على الأربعة ملايين مواطن. نقلاً عن صحيفة آخر لحظة السودانية 20/7/2010م