في تطور من شأنه إعادة العلاقات السودانية اليوغندية إلى نفق الأزمة والغياب في لجة التلاسن والتراشق بالتصريحات العدائية من قبل البلدين هي الخطوة التي قدمت عليها كمبالا وذلك بترحيبها بالوفد الذي زارها سراً في الأسبوع الماضي من جانب حركة العدل والمساواة الذي تم فيه عقد لقاء مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني مع اربعة من قيادات العدل والمساواة كان خلاصته دعم الحركة عسكرياً بإقامة قاعدة عسكرية للحركة في أوغندا مع دعمها بالسلاح والتدريب اللازمين وسياسياً بتوفير الدعم عبر اتصالات موسيفيني لدي دول وسط افريقيا للتعاون مع حركة العدل وفتح علاقات معها كما تعهد بتقديم كافة الدعم والتسهيلات بما في ذلك السلاح والوثائق للتنقل بين دول افريقيا الوسطي. فالمتتبع للعلاقات السودانية الاوغندية يجدها قد مرت بكسير من المنحنيات التي من شأنها كانت السبب في الانقطاع الدبلوماسي بين البلدين في كثير من الفترات وذلك من خلال مواقف يوغندا من المحكمة الجنائية الدولية التي كانت بمسابة العقبة الكؤود في مسار علاقات البلدين الضاربة في القدم خاصة وأن الحكومة السودانية باتت تؤسس لعلاقاتها الدولية بالمسافة التي تفصل دول العالم عن لاهاي ليس وفقاً للمقياس الجغرافي وإنما بميزان المبادئ، ومن الملاحظ أن كمبالا ولاهاي باتتا على مرمى حجر بعد جسر الجنائية. وإن رجعنا لتقليب دفة الدفاتر القديمة، فإن الخرطوم إبان حرب الجنوب كانت تتهم يوغندا صراحة بدعم الجيش الشعبي الذي قاد حرباً تعد الأطول في تاريخ صراعات القارة ضد نظام الحكم في المركز، وهي نقطة سالبة ستظل مرسومة في دفتر علاقة الجارتين. رغم الاتهامات المتبادلة بين الطرفين إلا أن هنالك عدة عوامل كانت محفزاً لكلا البلدين إلى مزيد من التقارب، فبالنسبة لأوغندا، يواجه الرئيس موسيفيني ثلاث حركات متمردة فى آن واحد داخل أوغندا، كما أن أوغندا متورطة في حرب إقليمية منذ عام 1998 مع ست دول إفريقية أخرى، وهذا أدى إلى تدهور الأحوال الاقتصادية، كما أصبح موسيفيني يخشى أن تلتحم القوات الكونغولية عبر الحدود مع قوات حركة التمرد الداخلي الثلاث ومن هنا لجأ إلى تخفيف التوتر على الجبهة السودانية ليتفرغ للداخل ولحرب الكونغو . ورغم التحسن الملحوظ فى العلاقات السودانية الأوغندية فقد رجعت دفة العلاقات السودانية اليوغندية إلى التوتر مرة أخرى وذلك في العام 2010م ويرجع ذلك الى عدة أسباب من بينها أتهام الحكومة اليوغندية النظام السوداني بدعم جيش الرب المتمرد على النظام اليوغندي، وقضية مياه النيل والمؤتمر الأخير للمياه الذي عقد في عنتبي اليوغندية ولم يكن السودان طرفاً فيه لعدم اعترافه بهذه الاتفاقية وكذلك مؤتمر مراجعة المحكمة الجنائية الذي عقد في كمبالا ، ومما زاد الأمر سوءاً وأعاد منحنى العلاقات السودانية اليوغندية للإنخفاض الحاد هي التصريحات المنسوبة للرئيس اليوغندي يوري موسفيني التي قال فيها إن بلاده لن تدعو الرئيس البشير لحضور قمة الاتحاد الإفريقي لكون بلاده مصادقة على ميثاق روما الذي أُسست بموجبه المحكمة الجنائية الدولية. البيان الصادر من مكتب الرئيس اليوغندي صدر أكثر من ذلك بالإشارة إلى أن الرئيس البشير- صدرت بحقه مذكرة توقيف من قضاة لاهاي كل هذه العوامل أدت إلى توتر العلاقات بين البلدين مرة أخرى . فهذه التنقاضات قد تكوَن في عقلية الباحثين في مجال العلاقات الدولية الكثير من التساؤلات التي تكون بادرة لمعرفة التقلابات التي تشهدها سياسة البلدين فهل تكون هذه السياسات رهينة بالسيطرة الغربية على مجريات الأمور في أوغندا أم هي سياسة هادفة لعدم استقرار السودان وبالتالي عدم الاستفادة من موارده الكامنة .ويرى مراقبون أن الخطوة التي قدمت عليها كمبالا ليست الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات بين البلدين فأوغندا ظلت تبدي شكوكها من قبل اتجاه واحد تجاه الحكومة السودانية وذلك ظناً منها أن السودان يدعم قوات جيش الرب وكذلك التصريحات السابقة للرئيس الاوغندي وموقفة من عدم دعوة الرئيس البشير للقمة الإفريقية المنعقدة في كمبالا وكذلك دعمه للجنائية فهذه كلها مقدمات لتوتر العلاقات بين البلدين وقد تكون لهذه المقدمات ايادٍ صهيونية تدعم هذه التصريحات . نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 16/8/2010م