في الأخبار أن طرفي إتفاقية السلام المؤتمر الوطني والحركة الشعبية سيجمعهما لقاء مهم كي يتوصلا لإتفاق نهائي بشأن مفوضية الإستفتاء التي أثير حولها كثير من اللغط والتي كان أول حديث لها خرج لوسائل الإعلام أثار جدلاً واسعاً حول رؤيتها الداعية لتأجيل الإستفتاء لأجل يتم الإتفاق عليه لاحقاً ، فالوقت ظل هو المعيار لذلك التأجيل أو عدمه .. فقد حدد قانون الإستفتاء مدة ثلاثه شهور لإكمال السجل الرسمي الذي يحق لمن يكون إسمه بداخلة الإدلاء بكلمة يكون بسببها السودان بلداً واحداً أو بلدين إثنين ، والمؤشرات تحكي عن إستحالة تحقيق ذلك الشرط المهم لضمان إستفتاء نزيه وشفاف يتجاوز عثرة الإنتخابات التي إمتلأ ثوبها بثقوب معيبة وكثيرة ، غير أن الإشكال فيما يبدو من كثرة الإختلافات بين الشريكين تقول بتوفر (حرارة النفس) التي يتعامل بها الشريكين عند جلوسهما معاً حول أي طاولة تفاوض مما يعجل بإنهاء الإجتماع دون التوصل لإتفاق يتقدم بالحالة السياسية خطوة للأمام أو يزيل كثير من الإحتقان التي تعقب تلك الإجتماعات في مناطق التماس الحدودية بين ولايات الجنوب والشمال .. مثل حالة (طائرة فلوج) الشهيرة التي خيم التوتر علي أجواء المدينة لأيام ثلاث ..!! ، ربما أقدمت مفوضية الإستفتاء علي أول خطوة عملية لها (منذ ان أدت القسم) بعد إجتماع الشريكين ليلة أمس الأحد وذلك بإنتقالها بكامل عضويتها برئاسة الدكتور (محمد إبراهيم خليل) لتعقد إجتماعاً بحاضرة الجنوب (جوبا) لمناقشة العقبات التي تعترضها وبحث سبل التنسيق مع مفوضية الجنوب والتي ستؤدي القسم خلال هذه الفترة ، ومن الإشارات الداعية لبث تطمينات في نفس المواطن السوداني أن مصدراً رفيعاً بالحركة الشعبية أعلن عن قرب التوصل إلي إتفاق نهائي حول المفوضية مع شريكها المؤتمر الوطني ..!! ، وقد أكدت التجارب السابقة أن حالة (النفس الحار) التي يتعاطاها شريكي إتفاقية السلام هذه هي التي أخرت كثير من الخطوات الإيجابية التي كان يمكن أن تقطع نحو التسوية النهائية لهذه القضية التي أخرت من تقدم البلد كلها ، غير أن دخول حظوظ النفس في كثير من القضايا العالقة هو الذي يؤخر الإتفاق والتسوية النهائية ، والمراقب للحالة الإجتماعية والثقافية والإقتصادية في كل من الجنوب والشمال ظلت تراوح مكانها لأنها تنتظر ما سيسفر عنه الإستفتاء في يناير من العام 2011م القادم ، وهي حالة طبيعية ظلت موجودة لدي المواطن بالذات في الجنوب منذ أن تم التوقيع علي إتفاقية السلام الأولي التي أدت لتقاسم السلطة والثروة مؤخراً بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، غير أن الحقيقة تقول ليس ثمة بد من الإتفاق علي كل الملفات بصورة كاملة وحاسمة .. فليس من مصلحة طرفي الحكم والإتفاقية خلق دولتين يكتنفهما ظلال الحرب مرة أخري وإلا ليس كان مهماً كل ذلك الحراك والمراوحة التي ناهزت العامين في ضاحية العاصمة الكينية (نيفاشا) بحثاً عن سلام يوقف الحرب التي تطاول امدها ، فإن كانت حركة الشريكين داله علي ضرورة الوحدة فيجب أن تكون معافاة من أي ضغط أو إكراه وإن كان عكس ذلك فيجب أن تتصالح دولتي السودان القادم أياً كان إسم الدولة الجديدة علي جوار يشعر كل جار بأنه سيورث جاره بالحق لا بالظلم ، يجب أن يكون هناك تصالح يجعل من جوار الدولتين نموذجاً لدولتين كانتا دولة واحده وإنفصلا من غير غيوم حرب ونفس حار يؤجج في نفوس كلا البلدين إحساس بعودة الحرب من جديد .. فسبل الإتصال بين الشمال والجنوب ميسر وسالك أكثر مما هو عليه مع دول الجوار الأخري (الكنغو .. يوغندة .. كينيا .. اثيوبيا) ، فهناك الوعورة ضاربة في وحشتها لدرجة تجلب الموت لا الحياة لسالك تلك الطرق ..!! ، والتواصل الإجتماعي بين ولايات التماس وقبائل التماس بين الشمال والجنوب ليس له مثيل في بلدان العالم .. فلهذا ولغيره يجب أن تتم تسوية أمر الإستفتاء وفتح الطرق والأبواب له دون تضييق أو حجر علي أحد حتي الخروج من آخر بوابه بعدها سلام دائم وإن كان محتملاً أن يأتي بإحدي صورتين .. إنفصال أو وحدة ..!! نقلا عن صحيفة الوفاق السودانية 23/8/2010م