أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    حذاري أن يكون خروج الدعم السريع من بيوت المواطنين هو أعلى سقف تفاوضي للجيش    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    نشطاء قحت والعملاء شذاذ الافاق باعوا دماء وارواح واعراض اهل السودان مقابل الدرهم والدولار    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    وزير الخارجية السوداني الجديد حسين عوض.. السفير الذي لم تقبله لندن!    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    شاهد بالفيديو.. بعد فترة من الغياب.. الراقصة آية أفرو تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بوصلة رقص مثيرة على أنغام (بت قطعة من سكر)    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    ترتيبات لعقد مؤتمر تأهيل وإعادة إعمار الصناعات السودانية    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة تنضم لقوات الدعم السريع وتتوسط الجنود بالمناقل وتوجه رسالة لقائدها "قجة" والجمهور يسخر: (شكلها البورة قامت بيك)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء فاضحة.. الفنانة عشة الجبل تظهر في مقطع وهي تغني داخل غرفتها: (ما بتجي مني شينة)    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    حمدوك يشكر الرئيس الفرنسي على دعمه المتواصل لتطلعات الشعب السوداني    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون الاستفتاء ومخالفته الدستورية للاتفاقية والدستور وإنعدام المشروعية ... بقلم: الطيب العباس
نشر في سودانيل يوم 29 - 08 - 2010

قانون استفتاء تقرير مصير شعب جنوب السودان لسنة 2009 ومخالفته الدستورية للاتفاقية والدستور وإنعدام المشروعية
استهلالية:
قانون الاستفتاء لجنوب السودان يعد من القوانين ذات الخصوصية ، والتي تستوجب ان تجد الدراسة القانونية المتقنة والمحكمه ، ويعد قانونا إستثنائيا ويسري مفعوله لفترة محددة ولغرض محدد ، وينتهي مفعوله بانتهاء الاستفتاء حول تقرير المصير لجنوب السودان . عن طريق التصويت ، لإعتماد نظام الحكم الذي تم وضعه ، بموجب اتفاقية السلام أو التصويت للانفصال.
إن تقرير المصير لهو من المسائل المعقده ، وحسمها يستوجب العناية والحرص اللازمين للإتيان بقانون يصب في مصب الوحده لا الانفصال . وهذا ما ماحرصت عليه اتفاقية السلام الشامل ، في كثير من بنودها ودستورها الانتقالي لسنة 2005 وجعلا الانفصال ابغض للحلال. فالشاهد ومن خلال نفاذ وتنفيذ بنود اتفاقية السلام لسنة 2005 خلال السنوات الست للفترة الانتقالية، نجد ان طرفي الاتفاقية لم يكونا قدر المسئولية الوطنية. فانصرفت إراداتها لمكاسب سياسية ،وسلطوية ، وأستأثر كلا الطرفين .بالثروة والأمن والعسكر. فكان الإتيان . بقوانين تحول دون التحول الديمقراطي ، وتبعها صراع محتدم بين طرفي الاتفاقية المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في السلطة والثروة أدى في كثيرا من الاحيان لانسحاب الحركة الشعبية من السلطة التشريعية ، والتنفيذية ، لعدم التزام المؤتمر الوطني ببنود الاتفاقيةو بنصوص الدستور الانتقالي . وبالرجوع للذاكرة ومجريات الفترة الانتقالية نجد ان الحركة الشعبية ، سحبت جميع وزرائها بالسلطة التنفيذية ، عندما رفض المؤتمر الوطني تعيين وزراء بعينهم حسب طلب الحركة الشعبية فرات في ذلك هضم لحقها وهي صاحبة الحق في تسمية وزرائها في السلطة التنفيذية القومية . مما أدى لسحب وزرائها في السلطة القومية ، وصحب ذلك تهديد من الحركة الشعبية بواسطة رئيسها ، والذي جعل مدينة جوبا مقرا له وتبعه وزراء الحركة الشعبية بالسلطة التنفيذية القومية.
كما نجد ان السلطة التنفيذية القومية عند تكوينها شهدت صراعات شديدة بين طرفي الاتفاقية ، ومما يؤكد صحة ما ذهبنا اليه. ان طرفي الاتفاقية انصرفت ارادتهم لمسائل سياسية وذاتية. ولم تكن المسائل الوطنية ، من أولوياتهم ، فكانت الوزارات

2
السيادية محل صراع بينهما فنجد ان التهافت ، كان نحو الوزارات ذات الثروة و المالية، والامن والبترول ، والاراضي ، وكل ما هو متعلق بالجبايات . فشهدت الفترة الانتقالية
عند مطلعها صراعا سياسياّّ ، وسلطوياّ، بين طرفي الاتفاقية حول السلطة التنفيذية . والذي إنتهى بصفقات متوازنة، ترضي طرفي الاتفاقية ، وطموحها السلطوي. مما أدى لانعدام الثقة وهذا أمرا حتميا لأن طرفي الاتفاقية نقيضان، لا يلتقيان والتقائهما ، لم يكن كرها فحسب بل كانا مكرهين بارادة غريبه لأهداف لم يكونا فيها على قدر المسئولية الوطنية لأجل ذلك كان قانون الاستفتاء سئ الذكر والذي لا يرقى، لمستوى المفهوم الوطني المتمثل لأهل الجنوب والشمال معا.
تبع إنسحاب الحركة الشعبية انسحابات متتابعة في كثير من الاحيان خلال الفترة الانتقالية لأعضائها المعيينين بالسلطة التشريعية القومية ( المجلس الوطني) . في المسائل والمتعلقة بقوانين التحول الديمقراطي و المتمثلة في قانون الانتخابات، وقانون الامن ،وقانون الصحافة ، وقانون النقابات والموظفين ، وقانون تسجيل الاحزاب ، والقانون الجنائي وقانون الشرطة ، وتكوين المفوضيات القومية والمستقلة، والتي نصت عليها اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 هذه القوانين وجدت ولادة متعسرة وأتت برغبات الاغلبية المعينة والمصنوعة للمؤتمر الوطني بالمجلس الوطني مما جعلها قوانين مشوهة فرضت على الحركة الشعبية بالرغم من احتجاجها ، ومعارضتها لها مرة بالإنسحاب من جلسات المجلس الوطني وتارة بالمقاطعة ، وتارة بالامتناع عن التصويت. هذا هو الذي قاد الحركة الشعبية لتحني ظهرها لهذه العواصف حتى تعبر الفترة الانتقالية ليكون الانفصال خيارها عبر قانون استفتاء تكون لها فيه اليد العليا.
لم يمانع المؤتمر الوطني في الإتيان بقانون استفتاء لتقرير مصير الجنوب بناء على رغبة الحركة الشعبية . بعد أن أمن لنفسه كافة القوانين التي تمكنه من حكم الشمال وهي حزمة القوانين المقيدة للحريات وقوانين تقف ضد التحول الديمقراطي والتدوال السلمي للسلطة .
نجد ان المؤتمر الوطني استخدم كافة الاسلحة ليرغم الحركة الشعبية كرها التوجه نحو الجنوب والتمترس فيه، وتوصلت الحركة الشعبية من خلال ممارسات المؤتمر الوطني بكافة مستويات الحكم لا مفر غير الانفصال . ولأجل ذلك كانت الصفقة لأجل تمرير قوانين حالت دون التحول الديمقراطي مقابل قانون الاستفتاء. والذي كان نتاجها المظاهرات الشهيرة ، التي قادها قادة البرلمان للحركة الشعبية وبعضا من القوى السياسية الاخرى ، والتي نجحت فيها الحركة الشعبية بالخروج بقانون الاستفتاء ،
3
والذي اضحى يلبي رغبتها مرقمه نحو الانفصال. فنالت ما لا يلبي طموحها . هذه نتيجة حتمية لاتفاقية نقيضين لا يلتقيان. وبالتالي يكون التلاقي في صفقات متبادلة
ذات مصالح ذاتية سياسية وسلطوية تنعدم فيها الوطنية وينشطربموجبها فيه الوطن وبالتالي تكون نتيجة اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية اقتسام السلطة والثروة والامن والوطن وبالتالي اضحى الوطن مطية لطرفي اتفاقية انعدمت فيهما الاهلية الوطنية.
ثالثه الأثافي قانون الاستفتاء لسنة 2009 وقوانين المشورة الاهلية:-
راينا كيف كان الصراع بين طرفي الاتفاقية المؤتمر الوطني والحركة الشعبية خلال الفترة الانتقالية في السلطة التنفيذية القومية والسلطة التشريعية المجلس الوطني المصنوع والمعين والمقتسم بين طرفي الاتفاقية. فكان الخلاف في السلطة التنفيذية حول الوزارات السيادية ، وفي السلطةالتشريعية ، حول قوانين التحول الديمقراطي . فكان نتاجها ثالثه الأثافي قانون استفتاء تقرير المصير لابناء الجنوب لسنة 2009 وقوانين المشورة الاهلية لابيي والنيل الازرق وجبال النوبه. والتي استغلت فيها الحركة الشعبية قوى الاحزاب السياسية الشمالية ( تحالف جوبا ) في موكبها وتظاهرها الشهير امام المجلس الوطني. فكان الاحتجاج على وأد قوانين التحول الديمقراطي والتي خرجت مشوهة، وفيها خروقات دستورية تحد من الحريات ، والديمقراطية المنشوده ، فاستغل المؤتمر الوطني مكره ليلبي رغبة الحركة الشعبية مكرهة لتغض الطرف عن تلك القوانين . وتنال صفقة قانون الاستفتاء لسنة 2009 لاجل تقرير المصير لشعب الجنوب لتنسل الحركة الشعبية بجلدها ، في موقف مريب هكذا كانت الصفقات متبادلة بين طرفي الاتفاقية دون مراعاة للوطن ومآلات قانون الاستفتاء لأجل تقرير المصير . والذي خرج به طرفي الاتفاقية . ويحمل في حناياه انشطار وطن ويصب في مصب الانفصال لا الوحده التي هدفت اليها الاتفاقية . مما جعله قانوناّ انفصالياّ تماماّ واتى بمخالفات دستورية من حيث الهيكل، والسلطات، والاجراءات، والاعراف الدولية ، والاقليمية، المتبعة في مثل هذه الحالات . وهذا ما سوف اتناوله من خلال منظور قانوني بحت سندي فيه اتفاقية السلام الشامل 2005 و الدستور الانتقالي 2005 وقانون الاستفتاء ويتمثل في الاتي :-




4
مدخل
وقبل الخوض في عيوب ومخالفات قانون الاستفتاء لسنة 2009 للاسس القانونيةالدستورية الواجب اتباعها . هنالك مدخل لجعل هذه المناقشة القانونية مستمدة من خلال مفهوم قانوني سنده اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 والدستور السوداني
الانتقالي لسنة 2005 وقانون استفتاء جنوب السودان لتقرير المصير لسنة 2009 ويتمثل المدخل القانوني في الاسس القانونية الاتية:-
1. الفصل الثاني من اتفاقية السلام الشامل ( اقتسام السلطة ) عملية مراجعة الدستور البند -2-12 -5 ينشأ دستور انتقالي يحكم الفترة الانتقالية على اساس اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 وفي حالة حصول تعارض فان احكام اتفاقية السلام تسود طالما ظل ذلك التعارض قائما.
2. بروتوكول ميشاكوس الجزء(د) هياكل الحكم البند 3-1-2 نص على الاتي ( يتم تشكيل مفوضية قومية لمراجعة الدستور خلال الفترة الانتقالية تكون مهمتها الاولى صياغة اطار قانوني ودستوري يحكم الفترة الانتقالية ويتضمن اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005)
3. ينص البند 3-1-1 من اتفاقية السلام من بروتكول ميشاكوس الجزء (ه) هياكل الحكم على الاتي ( الدستور القومي الانتقالي هو القانون الاعلى ويجب ان تتوافق جميع القوانين مع الدستور القومي الانتقالي ).
4. تنص المادة 225 من الدستور الانتقالي لسنة 2005 على الاتي ( تعتبر اتفاقية السلام الشامل قد ضمنت كلها في هذا الدستور ومع ذلك فان اي احكام وردت في اتفاقية السلام الشامل لم تضمن صراحة في هذا الدستور تعتبر جزء منه ).
من خلال هذه النصوص الوارد ذكرها في هذا المدخل القانوني ينجلي سمو نصوص اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 على نصوص الدستور الانتقالي . مما أصبغها صبغة الدستور الأعلى . كما يجب ان تتوافق جميع القوانين مع الدستور والدستور يعني اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 والدستور الانتقالي لسنة 2005 يعتبر جزء منها وفي حالة اي تعارض بينهما يسود النص الوارد بالاتفاقية فهي الدستور الاسمى حسبما ورد ذكره من بنود الاتفاقية ونص المادة 225 من الدستور الانتقالي لسنة 2005 .


5
ومن خلال هذا المدخل القانوني يثور ثمة سؤال ، هل قانون الاستفتاء لسنة 2009 اتى متفقا ومتسقا مع الاسس الدستورية الواردة بهذا المدخل القانوني ؟ ام مخالفا لها ؟ والاجابة على هذا السؤال يتضح لنا ماهو مدى مشروعية ودستورية قانون الاستفتاء والمتعلق بتقرير مصير شعب الجنوب.
اولا: 1.من حيث بروتكول ميشاكوس نجد ان حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان من المبادئ المتفق عليها بين طرفي اتفاقية السلام الشامل ، المؤتمر الوطني
والحركة الشعبية . ولقد نصت عليه البنود الاّّتية من ذلك البروتوكول نجد الجزء (أ) منه المبادئ المتفق عليها البند (1-3 شعب جنوب السودان له الحق في تقرير المصير وذلك ضمن امور اخرى عن طريق استفتاء لتحديد وضعهم مستقبلا ).
وايضا الجزء (ب) من بروتكول ميشاكوس ( عملية الانتقال ) . نجد ان البند 2-5 ينص على الاتي ( عند نهاية الفترة الانتقالية التي مدتها ستة سنوات يكون هناك استفتاء لشعب جنوب السودان تحت رقابة دولية يتم تنظيمه بصورة مشتركة بواسطة حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان يؤكد وحدة السودان. عن طريق التصويت لاعتماد نظام الحكم الذي تم وضعه بموجب اتفاقية السلام او التصويت للانفصال .
نجد ان البند 1-3 والبند 2-5 الواردة بالجزء (أ) من بروتكول ميشاكوس تم التامين عليه وتكرار نفس البند بين بالجزء(ه) والخاص بحق تقرير المصير لشعب جنوب السودان في البندين 1-3، 2-5 .
ثانيا:2. حق تقرير المصير لجنوب السودان من حيث دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 1. ورد بالباب السادس عشر من الدستور الانتقالي حق تقرير المصير لجنوب السودان وفيه اقرار دستوري لحق مواطني جنوب السودان بحق تقرير المصير من خلال الاستفتاء لتحديد وضعهم المستقبلي المادة 219 من الدستور الانتقالي لجمهورية السودان.
2. المادة 220 من الدستور الانتقالي انشاء مفوضية الاستفتاء لجنوب السودان . نصت على الاتي :
تصدر الهيئة التشريعية القومية قانون استفتاء جنوب السودان في بداية السنة الثالثة للفترة الانتقالية
3


6

3.تنشئ رئاسة الجمهورية عند اصدار قانون استفتاء جنوب السودان مفوضية استفتاء جنوب السودان المادة 222 من الدستور الانتقالي ( الاستفتاء على تقرير المصير).
تنص على الاتي:
1. يجرى الاستفتاء قبل ستة اشهر من نهاية الفترة الانتقالية استفتاء باشراف دولي لمواطني جنوب السودان تنظمه مفوضية استفتاء جنوب السودان بالتعاون مع الحكومة القومية وحكومة جنوب السودان.
2. بصوت مواطنو جنوب السودان اما:
(أ‌) لتاكيد وحدة السودان بالتصويت باستدامة نظام الحكم الذي ارسته اتفاقية السلام الشامل وهذا الدستور اي الدستور الانتقالي لسنة 2005 او
(ب)اختيار الانفصال .
ما ورد بالفقرة أولاّ من الاتفاقية من بنود والفقرة ثانياّّ من مواد بالدستور الانتقالي تعتبر أسس دستورية . يجب ان يأتي قانون الاستفتاء لتقرير مصير شعب جنوب السودان متسقا مع تلك الاسس ولا يأتي مخالفا لها . إلا وانه للأسف الشديد نجد أن هنالك مخالفة للمادة 220(1) من الدستور حيث حدد الدستور الانتقالي ميقاتا مضروب ومحدد دستوريا يستوجب صدور قانون الاستفتاء في بداية السنة الثالثة للفترة الانتقالية . وبالتالي نجد ان قانون الاستفتاء لتقرير مصير الجنوب صدر بتاريخ 31/ديسمبر/2009 اي في السنة الخامسة للفترة الانتقالية . ولم يبدأ إعماله ونفاذه إلا بعد مضى ستة اشهر من مضى السنة الخامسة من عمر الفترة الانتقالية .
وعليه أرى ان قانون الاستفتاء لسنة 2009 صدر مخالفا للمادة 220 الفقرة (1) من الدستور الانتقالي . ووجه المخالفة الدستورية ايضا ، للقانون نجد ان الدستور بالفقرة (2) من نفس المادة استوجب على رئاسة الجمهورية عند إصدار القانون انشاء مفوضية استفتاء جنوب السودان . وللاسف الشديد لم تنشأ عند صدور القانون بل أنشئت بعد مضى نصف عام من صدور القانون وليس كما نص عليه الدستور (انشاء المفوضية عند صدور القانون) . وهذا يعد خروج عن الدستور وتقاعس من رئاسة الجمهورية ادى لفشل المفوضية فى اداء مهامها ولو كان هنالك التزاما


7
دستوريا صارما فيما يتعلق بهذا الشأن لخرجنا من المعضلة التي نواجهها اليوم بين طرفي الاتفاقية.
ثالثا : تكوين مفوضية الاستفتاء من حيث الدستور (اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي لسنة 2005 وقانون الاستفتاء لتقرير المصير لجنوب السودان:-
1. تكوين مفوضية الاستفتاء من حيث اتفاقية السلام الشامل – بالرجوع الفصل الثاني منها اقتسام السلطة والمؤسسات على المستوى القومي والمستقلة نجد ان البند 2-10-1-5 والمتعلق بالمفوضية القومية المؤقتة لمتابعة الاستفتاء وضمان دقته
ومشروعيته وشفافيته على نحو ما ورد في بروتكول مشاكوس بشأن تقرير مصير شعب جنوب السودان وتضم ايضا خبراءدوليين.
نجد ان هذا البند من الاتفاقية إشترط عند تكوين مفوضية الإستفتاء ان تضم خبراء دوليين ويجب ان ياتي تكوين المفوضية بموجب قانون الاستفتاء متسقا مع هذا المبدأ الدستوري لكن للاسف نجد ان النصوص القانونية الواردة في قانون الاستفتاء والمتعلقة بالتكوين لم يرد بصلبها ما هو وارد في هذا المبدأ الدستوري . مما جعل تكوين مفوضية الاستفتاء يأتي مخالف للدستور وتعتبر مفوضية عرجاء لعدم وجود خبراء دوليين فى عضويتها الامر الذى يخالف الدستور وهو ما جاء بالاتفاقية . وتكوين مفوضية ينعدم فيها عنصر الخبراء الدوليين حسبما تتطلبه اتفاقية السلام الشامل ، في البند المذكور اعلاه يجعل الاستفتاء عرضه لعدم الدقة ،والمشروعية ،والشفافية ، التي نصت عليها اتفاقية السلام الشامل في بروتكول مشاكوس بشأن تقرير المصير.
2. نجد مفوضية الاستفتاء لجنوب السودان من حيث دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 نصت عليه المادة 220 (2) ( تنشئ رئاسة الجمهورية عند اصدار قانون استفتاء جنوب السودان مفوضية استفتاء جنوب السودان).
للاسف الشديد نجد رئاسة الجمهورية لم تلتزم عندما انشأت مفوضية الاستفتاء بالبند الوارد ببروتكول مشاكوس والذي استوجب عن انشاء المفوضية يجب ان تضم خبراء دوليين لاجل الشفافية والمشروعية. فأتى بموفوضية لا ترضى طموحاتنا الوطنية بل ترضى طموحات طرفي الاتفاقية الشخصية فحسب . وهذا ايضا يعتبر مخالفة دستورية.


8
وتنص المادة 222(1) من دستور جمهورية السودان الانتقالي وهذا النص في رأي يتعلق بالمفوضية القومية للاستفتاء وذو صلة بالاشراف الدولي على الاستفتاء. وقبل الخوض في هذه المسالة علينا قراءة النص والذي ينص على الاتي : (( يجرى الاستفتاء على تقرير المصير قبل ستة اشهر من نهاية الفترة الانتقالية باشراف دولي لمواطني جنوب السودان تنظمه مفوضية استفتاء جنوب السودان بالتعاون مع الحكومة القومية وحكومة جنوب السودان)).
إن نص المادة 222 (1) المشار اليها في رأي القانوني هي ذات صلة مباشرة بالبند 2-10-1-5 من اتفاقية السلام الشامل والتي أمنت على ان تضم مفوضية الاستفتاء خبراء دوليين والنص والذي نحن بصدده هذا يؤمن ايضا على الاشراف الدولي
لمسألة الاستفتاء ، والخاصة بتقرير المصير لشعب الجنوب يجب ان يكون تحت مظلة إشراف المجتمع الدولي حسبما ورد بالدستور الانتقالي وان تضم المفوضية خبراء دوليين حسبما ذكر انفا.
وعليه يبقى التساؤل قائما هل أتى قانون الاستفتاء لسنة 2009 مستصحباّ ومترجماّ لتلك الأسس الدستورية ؟ والتي أمنت على الاشراف الدولي والخبراء الدوليين بالمفوضية ؟ لأجل شفافية الاستفتاء ودقته وطهره الوطني المطلوب ؟ حتى يكون عملا مشروعا وإكتسب بموجبه المشروعية المطلوبة ؟ وبرضاء اهل السودان ؟.
الاجابة على هذه التساؤلات تستوجب الخوض في قانون الاستفتاء لسنة 2009 للوصول لنتيجة قانونية . فأما ان يكون القانون متفقاّ مع الأساس الدستورية المثارة ، واما مخالفا لها ، وهذا يستوجب البحث في مسألة الاساس الدستوري المتمثل في أن تضم مفوضية الاستفتاء المؤقتة خبراء دوليين وأيضا البحث في مسالة الاساس الدستوري المتمثل في ان يكون الإستفتاء باشراف دولي لمواطني جنوب السودان.
لقد ورد بقانون استفتاء جنوب السودان لسنة 2009 في الفصل السابع أحكام عامة المراقبون ( تنص المادة 61(1) على ان تتم عملية الاستفتاء بمراقبة دولية واقليمية ومحلية وذلك بقيام الحكومة وحكومة جنوب السودان بالتنسيق مع المفوضية . الى جانب الدول الراعية للاتفاقية بدعوة وقبول طلبات الدول و المنظمات الدولية والاقليمية والمحلية لحضور ومراقبة الاستفتاء ووفقا لاحكام هذا القانون على ان تقوم المفوضية باعتماد الممثلين رسميا).
من خلال هذا النص وحتى ينجلي المقصد والمفهوم القانوني للعبارتين الأولتين اللتين وردتا بالدستور الانتقالي لسنة 2005 في صلب المادة 222 (1) وهي عبارة ان يجرى
9

الاستفتاء لتقرير المصير باشراف دولي. والعبارة الثانية وردت بقانون الاستفتاء بالفصل السابع منه احكام عامة وهي عبارة المراقبون. وهم المراقب الدولي والاقليمي والمحلي .
وعليه لا بد من التفرغة بين عبارة الاشراف الدولي والواردة بالدستور والمراقبون الواردة بالقانون
كلمة اشراف تعني عندي ممارسة حق بموجب اعمال يحكمها قانون ويمنح الحق في إتخاذ القرار والمتابعة والتنفيذ في اطار ، إختصاصات وسلطات، منحها لك القانون المعني . وبموجب هذا الاشراف ، تعتبر الجهة المشرفة لتنفيذ تلك الاعمال صاحبة حق أصيل في المنح والمنع.
أما كلمة مراقبة :- وهي تعني عندي جهد مقل مغلول اليدين( متفرج) يرصد ويراقب لا يملك حق المنح والمنع للأعمال المنوط به مراقبتها . ومن خلال المنظور القانوني لقانون الاستفتاء المراقب تشرف عليه المفوضية بموجب سلطات وصلاحيات ،واختصاصات مفوضية الاستفتاء. ومن خلال هذا المعنى اللغوي يتضح من خلال قرائتنا لنص المادة 61(1) اعلاه يتضح لنا ان قانون الاستفتاء لسنة 2009 جعل عملية الاستفتاء . خلافاّ لما أمر به الدستور الانتقالي في المادة 222 (1) والذي جعل الاستفتاء لتقرير المصير باشراف دولي.
وعليه وحتى تتضح المخالفة الدستورية للقانون. ماذا تعني عبارة الاشراف الدولي والواردة بصلب المادة 222(1) وما ذا تعني عبارة المراقبون الدوليون والواردة بالقانون المادة 61(1) من قانون الاستفتاء؟ وهل هنالك فرق بين عبارة الاشراف الدولي على الاستفتاء ؟ وعبارة المراقب الدولي للاستفتاء ؟ وعليه وحتى يستبين النصح من الغى ، والخيط الابيض من الخيط الاسود حتى ينجلي الفجر. وبالرجوع لنص المادة 61 الفقرة (1) المذكورة اعلاه ، نجد أن الفقرة (4) من نفس المادة تعطي المفوضية حق وضع اللوائح اللازمة لتنظيم أعمال واعتماد المراقبين. والمادة 63 (1) تعطي المفوضية حق سحبهم وإبعادهم من المراقبة.
والمادة 63(1) ( تعطي المفوضية حق سحب إعتماد المراقبين هذا يعني ان المراقب ايضا محل مراقبة واشراف من المفوضية وبموجب هذا النص نجد ان المراقب الغير مرغوب فيه يجوز عزله وسحب اعتماده.


10

وبالتالي اخلص الى ان الاشراف الدولي والذي نص عليه الدستور في المادة 222 (1) لا وجود له في حيز القانون ولم يرد نص في هذا الشأن . بل نجد ان الاشراف على الاستفتاء والذي أتى به قانون الاستفتاء اشرافا محليا بحتاّ من حيث تكوين مفوضية الاستفتاء وهياكلها كما جعل المراقبون غير فاعلين بل تحت رحمة مفوضية الاستفتاء وهياكلها ( انظر تكوين المفوضية وعضويتها المادة (10) من قانون الاستفتاء وانظر ايضا المادة 14 من القانون مهام المفوضية وسلطاتها . نجدها منحت الاشراف الكامل لعملية الاستفتاء من حيث التنظيم والاستفتاء والاعتماد، وتحديد مراكز الاقتراع ، والضوابط العامة ، وتحديد التدابير الامنية - والاحصاء والفرز والغاء نتيجة الاستفتاء في اي مركز اقتراع - البيانات واعداد الاستمارات واعداد وتصميم بطاقة الاقتراع، والتعيين للموظفين

وتحديد مهامهم واجازة الموازنة واجازة الهيكل ومعالجة المشاكل والمطلوبات او الاجراءات المتعلقة بالتسجيل او الاقترلاع – والفرز ، والعد ،وتعيين رؤساء اللجان،
واعضائها ، وتعيين واعتماد المراقبين ، وعزلهم ، وطردهم . وعليه نجد ان الاشراف الكامل لعملية الاستفتاء ومجرياته يتم باشراف محلي حسب القانون . كما ورد في هذا الجانب وهذا القانون وتكوين المفوضية ، والاعمال الممنوحة ، لها بموجب قانون الاستفتاء ، وبالرجوع لنص المادة 222(1) نجد ان النص الدستوري هذا واضح المعالم ونص صراحة بأن يجري الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان باشراف دولي والاشراف يعني ان الاعمال التي تقوم بها مفوضية الاستفتاء الواجب ان يكون محل اختصاصاتها ومهامها محل الاشراف الدولي المعني دستوريا.
لتعضيد هذا المفهوم القانوني الدستوري ومخالفة القانون للدستور من حيث الإشراف والمنوط به الاشراف الدولي اضيف للقارئ الكريم مبدأ دستوريا اّخر يؤمن على ما ورد بصلب المادة 222(1) من الدستور . في مطلع هذه الدراسة القانونية اكدنا سمو اتفاقية السلام الشامل على الدستور، وباعتبارها الدستور الاصل . ونجد ان الغاية المتمثلة في الشفافية والدقة ومشروعية الاستفتاء استوجب بند الاتفاقية 2-10-1-5 الفصل الثاني اقتسام السلطة الجزء الثاني نص على الاتي ( المفوضية القومية المؤقتة، لمتابعة الاستفتاء وضمان دقته ، ومشروعيته ، وشفافيته ، على نحو ما ورد في بروتكول مشاكوس بشان تقرير مصير شعب جنوب السودان تضم ايضا خبراء دوليين .) .


11
هذا النص يجعل الخبراء الدوليين بالمفوضية أصحاب سلطة اصيلة في الاشراف الكامل على الاستفتاء ، لضمان نزاهته، ودقته ، وشفافيته ، ومشروعيته . وبالتالي يكون المجتمع الدولي بحكم خبرته وشهادته ومباشرته في الاشراف الكامل خير شاهدا على تحرير شهادة تقرير المصير من عدمه . وعليه . أخلص الى أن ما أتى به القانون من حيث تكوين المفوضية بوضعها الراهن، ومهامها واعمالها الجسام ، التي نص عليها القانون ، مع انعدام مشاركة الاشراف الدولي، في اعمالها حسبما نص الدستور في المادة 222(1) وايضا تكوينها الحالي والذي لا يضم خبراء دوليين حسبما ورد في اتفاقية السلام فيه مخالفة دستورية جسمية تطعن في نزاهة وعدم شفافية وعدم مشروعية الاستفتاء ايا كانت نتيجته.
خامسا : مدى مشروعية قانون الاستفتاء لسنة 2009 من خلال اتفاقية السلام الشامل 2005 والدستور الانتقالي 2005

من الثابت من خلال هذه الدراسة وبناء على ما ورد بصلب اتفاقية السلام الشامل، والدستور الانتقالي لجمهورية السودان ،ان ياتي قانون الاستفتاء لحق تقرير المصير لشعب جنوب السودان وفقا لاحكام الاتفاقية والدستور وبالتالي يستوجب قانونا اتساقه وعدم مخالفته لتلك الاحكام التي ارستها الاتفاقية والدستور معا. وهذا ما سوف يتضح لاحقا:-
1/ تنص المادة (4) من قانون الاستفتاء ( يمارس شعب جنوب السودان حق تقرير المصير من خلال الاستفتاء لتحديد وضعهم المستقبلي وفقا لاحكام اتفاقية السلام الشامل والدستور وهذا القانون.)
وتنص المادة (5) من قانون الاستفتاء ( ان يجرى الاستفتاء المنصوص عليه في المادة (4) في جنوب السودان واية مواضيع اخرى في التاسع من يناير 2011 تنظمه المفوضية بالتعاون مع الحكومة وحكومة جنوب السودان وبمراقبة دولية.
يصوت شعب جنوب السودان عند ممارستهم حق تقرير المصير من خلال استفتاء بالتصويت أما:-
(1) لتاكيد وحدة السودان باستدامة نظام الحكم الذي أرسته اتفاقية السلام الشامل والدستور أو .
(2) الانفصال.))


12
من الملاحظ أن قانون الاستفتاء وفقا لنص المادة(5) جعل تنظيم الاستفتاء للمفوضية بالتعاون مع الحكومة وحكومة الجنوب وبمراقبة دولية . اي جعل الاشراف على الاستفتاء للمفوضية وحكومة جنوب السودان ، في حين ان الدستور ، وفقا لنص المادة 222 فقرة (1) يجرى الاستفتاء باشراف دولي. ولتاكيد هذه المخالفة للدستور نجد ان مسالة الاشراف على الاستفتاء حسبما ورد بصلب قانون الاستفتاء نصت عليها المواد الاتية المادة (9) من قانون الاستفتاء تنص على الاتي (تكون المفوضية مستقلة ماليا واداريا وفنيا وتمارس كافة مهامها واختصاصاتها المنصوص عليها في هذا القانون باستغلال تام وحيادية وشفافية ونزاهة ويحظر على اّية جهة التدخل في شئونها وأعمالها وإختصاصاتها او الحد من صلاحيتها.)
كما تنص المادة 14-2-أ من قانون الاستفتاء 2009 مهام المفوضية وسلطاتها على الاتي ( تنظيم الاستفتاء والاشراف عليه وفقا لاحكام هذا القانون بالتعاون مع الحكومة وحكومة

جنوب السودان . وهذا يعني حرمان الاشراف الدولي والذي نص عليه الدستور في المادة 222(1)
2/ المادة 10 من قانون الاستفتاء ( تكوين المفوضية وعضويتها)
ورد بنص المادة 10 من قانون الاستفتاء( تتكون المفوضية من رئيس ونائبه وسبعة اعضاء يعينهم رئيس الجمهورية ، بموافقة النائب الاول ، وشروط العضو ان يكون سودانيا بالميلاد، ومشهود له بالاستقلالية ، والكفاءة وعدم ، الانتماء ، الحزبي ، والتجرد ، لا يقل
عمره عن اربعين عاما ، سليم العقل ملما بالقراءة والكتابة ، لا يكون ادين بجريمة تتعلق بالامانة او الفساد الاخلاقي. مع مراعاة التمثيل ليشمل المراة ومنظمات المجتمع المدنى الاخرى.
من الملاحظ ان تكوين المفوضية حسب نص المادة 10 من قانون الاستفتاء لسنة 2009 اتى مخالفا للبند 2-10-1-5 لاتفاقية السلام الشامل (الفصل الثاني اقتسام السلطة ) الجزء الثاني منها والذي نص على الاتي (المفوضية القومية المؤقتة لمتابعة الاستفتاء وضمان دقته ومشروعيته وشفافيته على نحو ما ورد في بروتكول مشاكوس بشان تقرير مصير شعب جنوب السودان وتضم خبراء دوليين.
وبالتالي نجد ان قانون الاستفتاء لسنة 2009 لم ياتي بالخبراء الدوليين في مجال الاستفتاء ( تكوين المفوضية) حسبما ورد بالاتفاقية ولم يتضمن قانون الاستفتاء عند التكوين شرط الخبراء الدوليين عند التكوين حسبما ورد باتفاقية السلام . وبالتالي انعدام شرط الخبراء
13

الدوليين عند التكوين بقانون الاستفتاء ، يجعله مخالفا للتكوين المطلوب لها بموجب الاتفاقية ، والمتمثل في ان تضم خبراء دوليين . وهذا يجعل اعمال المفوضية حسبما ورد بقانون الاستفتاء يشوبه البطلان ويترتب على ذلك بطلان اعمالها مجتمعة.لمخالفته الدستور، واتفاقية السلام الشامل ، في هذا الشان . وينص البند 2-12-5 ( في حالة حصول تعارض فان احكام اتفاقية السلام تسود طالما ظل ذلك التعارض قائما.). هذا يعني طالما أن القوانين يجب ان لا تتعارض مع الدستور او تخالفه حسبما ورد بالدستور الانتقالي وان احكام الاتفاقية تسود على الدستور يستوجب على القانون أن لا يخالف الاتفاقية فهي اعلى سموأ من الدستور.
قانون الاستفتاء لسنة 2009 جعل تقرير مصير شعب جنوب السودان بين مطرقة الحركة الشعبية وسندان المؤتمر الوطني:
من المعلوم ان اتفاقية السلام الشامل وضعت أطر دستورية ومبادئ واضحة المعالم لا لبس فيها لتؤسس وطنا موحدا ، لا إثنية ولا جهوية فيه يحكمه نظام ديمقراطي تهدف هذه الاتفاقية الى ترسيخ العمل الديمقراطي ، واشاعة الحريات ، عبر قوانين تؤدي الى
التحول الديمقراطي وتبادل السلطة سلميا. أن الذي أدى لهدم هذه المبادي والاطر الدستورية انحراف طرفي الاتفاقية نحو السلطة ، والثروة ، والتسلح العسكري ،والامني
. للحفاظ عليها عبر البندقية ، لا الحوار لاجل ترجمة تلك الإتفاقية ، لواقع يهدف لترجمة تلك المبادي ، لاجل السلم والسلام ووحدة البلاد. ان الإثنية والجهوية المتجزرة في طرفي الاتفاقية هي التي ادت الى هدم هذه الإتفاقية وعدم الالتزام ببنودها بين طرفي الاتفاق.
وهنالك امر في غاية من الاهمية أدى الى عدم التزام طرفي الإتفاقية ببنودها ومبادئها السامية الا وهو ان طرفي الاتفاقية نقيضان التوجه لا يلتقيان . حيث نجد ان المؤتمر الوطني، له رؤاه لكيفية حكم السودان ، والحركة الشعبية لها رؤى تختلف عن رؤى المؤتمر الوطني لكيفية حكم السودان وكلا الطرفين لا يثق في الاخر ويتضح ذلك في كثير من المسائل الجوهرية التي اتت بها الاتفاقية من حيث السلطة ، واقتسامها ، والثروة واقتسامها ، والمسائل الامنية والعسكرية واقتسامها . وضاع بينها التحول الديمقراطي وقوانينه وضاع السلم والسلام وأضحت وحدة البلاد، في مهب الريح بموجب قانون استفتاء تقرير مصير ابناء جنوب السودان لسنة 2009 والذي بموجبه ضاع جنوب السودان ووحدته التي تنشدها اتفاقية السلام الشامل وتلزم طرفيها على تلك الوحده.
انظر نص المادة 221- الفقرتين (1) ، (2) منها حيث نجدها تنص على الاتي :-

14
1.تجري المفوضية ( مفوضية التقويم ) تقويما في منتصف الفترة الانتقالية للترتيبات المتخذة بموجب اتفاقية السلام الشامل بهدف تحقيق الوحدة .
2.يعمل طرفا اتفاقية السلام الشامل مع المفوضية اثناء الفترة الانتقالية لتحسين المؤسسات والترتيبات التي اتخذت بموجب تلك الاتفاقية لكيما تجعل وحدة السودان جاذبة لمواطني جنوب السودان .
وهذا ما لم يحدث طيلة الفترة الانتقالية من طرفي الاتفاقية هذا ما يؤكد ان طرفي الاتفاقية نقيضان. انسحبت ارادتهما نحو السلطة، والثروة ، والشمولية، وقبضة البندقية وفي ذلك خروجا عن الاتفاقية نصا وروحا وهذا يعد اخلال ببنود الاتفاقية يتحمل مسئوليته وتبعاته طرفي الاتفاق .
ان قانون الاستفتاء لسنة 2009 صدر مخالفا للدستور كما ذكر في مطلع هذه المذكرة من حيث الميقات وكان من الواجب دستورا وحسب الاتفاقية والدستور ان يصدر هذا القانون في السنة الثالثة للفترة الانتقالية والغاية من هذا الميقات حتى يكون هنالك ، وقتا كافيا لتمارس المفوضية اعمالها، بصورة فيها دقة وحرص حتى تكون هنالك شفافية ومشروعية كاملة ويتم تطبيقه بالصورة السليمة دون عجل لأن الشأن يتعلق بمصير امة
ووطن. ومثل هذه القوانين لا بد من ان تخضع لدراسة قانونية وتحرر شهادة تقرير المصير من عدمه بسلطات واشراف دولي محايد.
ومن خلال ومجريات الفترة الانتقالية نجد ان طرفي الإتفاقية غير مؤهلين للاشراف على الاستفتاء ويتاكد ذلك من خلال مجريات انتخابات ابريل 2010م . لقد كانت محل خلاف وجدل واتهام الطرفين ، كل منهم للأخر بالتزوير في مرحلة تعداد السكان،
والسجل الانتخابي، ومرحلة الاقتراع ، فكانت العملية الانتخابية مشوهة ، وشابها الكثير من الممارسات الخاطئة ، في الشمال والجنوب، فكانت تلك التجربه خير شاهد لانعدام الثقة لاي من الطرفين حتى يكون طرفا في اجراءات استفتاء تقرير المصير لشعب الجنوب حتى لا يكون مصيرها مصير تلك الانتخابات سيئة الذكر .
من الواضح ان قانون الاستفتاء صدر في ظروف مريبه وكان عبارة عن صفقة لارضاء الحركة الشعبية لتمرير القوانين المقيده للحريات .والقوانين المقيده للتحول الديمقراطي خلافا على ما اتت به اتفاقية السلام الشامل ، وأتى هذا القانون مع نهاية السنة الخامسة للفترة الانتقالية ونفذ بعد ستة اشهر من صدوره . مما جعله قانونا مشوها لا


15
يرقى لمستوى المسئولية الوطنية الجسيمة والتي تقع على عاتق طرفي الاتفاقية الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني.
وبالتالي ارى ان قانون الاستفتاء لسنة 2009 لا يعدو كونه قانونا انفصاليا وحررت شهادته لانفصال الجنوب وسمى بقانون استفتاء تقرير مصير شعب جنوب السودان ، وهو عبارة عن مساحيق لتجميل وجه طرفي الاتفاقية لخداع المجتمع السوداني والاقليمي بان الانفصال اتى بموجب قانون. وهذا الفهم والنتيجة الحتمية ينجلي امرها من خلال اعمال المفوضية المؤقتة للاستفتاء ومكتب مفوضية جنوب السودان من حيث الهيكل والاختصاصات الواردة بقانون الاستفتاء لسنة 2009.
اولا : المفوضية المؤقتة لاستفتاء تقرير المصير لشعب جنوب السودان:-
نجد ان هذه المفوضية ومن خلال هذه الدراسة القانونية ان تكوينها بالقانون أتى معيبا ومخالفا لاتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي من حيث التكوين ، والشروط الواجب توفرها في العضو ، لقد اتى القانون بتكوين انعدم فيه عنصر الخبراء الدوليين، ومنحت اشرافا خلافا على ما اشترط الدستور بان يكون الاشراف دولي. والغاية من الإشراف الدولى الدقة والحيادية والشفافية ، والمشروعية، وسلامة الاجراءات . وانعدام الاشراف الدولي والخبراء الدوليين جعل هذه المفوضية كجسد مشوه عبارة عن رأس منعدم الأرجل حيث نجدها الان مقعدة وعاجزة عن اعمالها منذ صدور قانون الاستفتاء . ومحل نزاع بين اعضائها وطرفي الاتفاقية وانعدمت فيها الحيادية والشفافية والاستقلال لان تكوينها أتى
بعد ولادة متعسرة وصراع بين طرفي الاتفاقية وانسحب ذلك الصراع بين اعضائها عند تكوين الأمانة العامة والتي لم تر النور حتى الان.
ثانيا مكتب استفتاء جنوب السودان:
أن مكتب استفتاء جنوب السودان مربط الفرس ومنح صلاحيات واختصاصات واسعة ويراسه نائب رئيس المفوضية بموجب قانون الاستفتاء وتم ترشيحه بواسطة الحركة الشعبية وهذا المكتب هو بيت القصيد لقانون الاستفتاء .وهو خلاف وصفنا للمفوضية القومية فهو راس ذو قرنين ومخلبي الأرجل لأجل الاستفتاء. وهذا المكتب يتكون من رئيس واربعة اعضاء ويتم تعينهم بتوجيه من رئيس مكتب استفتاء الجنوب . ورئيس هذا المكتب هو نائب رئيس المفوضية القومية المؤقتة للاستفتاء بموجب قانون الاستفتاء المادة 18 من قانون الاستفتاء لسنة 2009.


16
فنجد ان مكتب استفتاء الجنوب هو الجهة التي تشرف مباشرة على عمل اللجان العليا للاستفتناء بجنوب السودان فيما يخص التسجيل، والاقتراع ، والفرز، والعد وتجميع وإعلان النتائج . وتعيين اللجان العليا للاستفتاء ، بولايات جنوب السودان والتاكد من توفير المتطلبات اللوجستية ، والمعينات ، وايصالها للجان العليا ، وتجميع نتائج اللجان العليا واعلانها !! ثم ارسالها للمفوضية.
وأن عملية الاستفتاء واجراءاته يتم تنظيمها بواسطة مكتب استفتاء الجنوب بواسطة اللجان العليا والفرعية ومراكز الاستفتاء وموظفو الاستفتاء وباعتبارهم تابعين له مباشرة ( انظر المواد 18-19-22 من قانون الاستفتاء لسنة 2009.)
كما نجد ان اللجنة العليا في ممارسة مهامها لا يجوز لاي جهة التدخل في شئونها واعمالها والمخولة لها بموجب احكام هذا القانون، واللوائح والاوامر الصادرة بموجبه . كما نجد ان اللجنة العليا تكون مسئولية لدى مكتب استفتاء جنوب السودان وتختص اللجنة العليا بتشكيل اللجان الفرعية بالمقاطعات ، وكما تختص بالاشراف ، على اللجان الفرعية ، للاستفتاء واصدار التوجيهات والاشراف على اللجان الفرعية في جميع مراحل اجراءات الاستفتاء . كما نجد ان اللجنة العليا هي الجهة المنوط بها تعيين موظفي مراكز الاستفتاء. انظر المادة (6،5،4،3،22 ) من قانون الاستفتاء).
كما نجد ان تشكيل اللجان الفرعية بالمقاطعات ، ومراكز الاستفتاء ، من صميم اعمال اللجنة العليا وبموافقة مكتب استفتاء الجنوب وايضا ، هي الجهة المنوط بها تكوين اللجان الفرعية ولجان مراكز الاستفتاء لاجل التسجيل والاقتراع ، ويكون رئيس اللجنة الفرعية
للاستفتاء مسئولا عن اجراءات الاستفتاء في المركز، ويقوم موظف الاستفتاء باعمال التنظيم والمساعدة في كافة الاجراءات المتعلقة بعمليات التسجيل والاقتراع والفرز والعد وتجميع
النتائج واعلانها ونظر الاعتراض على السجل الاولى انظر المادة (24،23) من قانون الاستفتاء.
ومن خلال الهيكله الواردة بقانون الاستفتاء لسنة 2009 يتضح لنا ان مكتب استفتاء جنوب السودان وعبر اللجنة العليا هي الجهة التي تتحكم تماما على مسالة استفتاء تقرير المصير لابناء الجنوب ونرى أيضا ان الحركة الشعبية استطاعت ان تنتزع قانونا انفصاليا مخالفا للأسس الدستورية ، الواردة باتفاقية السلام الشامل، والدستور الانتقالي ،وهذا القانون يعد من ضمن الخروقات الدستورية والمخالفات الخطيرة لاتفاقية السلام الشامل . وبموجب هذا القانون استطاعت الحركة الشعبية أن تحقق رغبتها الانفصالية

17
مكرهة بموجب قانون يرسم للانفصال لا كراهية في وحدة البلاد بل كرها في شريك الاتفاقية المؤتمر الوطني.
وبموجب هذا القانون أصبح تقرير مصير شعب جنوب السودان بين مطرقة الحركة الشعبية وسندان المؤتمر الوطني وهو امراّ مريراّ وواقعاّ لا محال في ذلك.
أن قانون الاستفتاء لسنة 2009 أتى يصب في مصلحة الانفصال واستطاعت الحركة الشعبية ان تنتزع قانونا امتلكت كل ادواته التنفيذية وأسلحته بدأ من التسجيل وانتهاء باعلان النتيجة. حيث نجد ان الحركة الشعبية وبعد انتخابات ابريل /2010 المشئومه فرزت عيشتها تماما واتجهت نحو الانفصال بموجب قانون اعطاها كل الصلاحيات لادارة عملية الاستفتاء حيث نجد ان الاجهزة الامنية تابعة لحكومة الجنوب لغرض ادارة عملية الاستفتاء وايضا الشرطة تابعة لحكومة الجنوب وايضا الموظفين والمراقبين الداخليين وحتى القضاء .قضاء حكومةجنوب السودان . ولقد رأينا وتابعنا وتابع العالم وكافة المراقبين الدوليين ، وتقاريرهم ، كيف كانت حول انتخابات ابريل 2010 سواء كانت في الشمال ، اوالجنوب وعليه ان الممارسة السابقة والتي صاحبت انتخابات ابريل 2010. سوف تتكرر في عملية الاستفتاء بنفس المستوى بل أسوا من ذلك ، وهذا ما هو متوقع من خلال العمل الدعائي والإعلاني والذي بدأ بموجب هذا القانون الانفصالي . ولا يخفى علينا الظرف الامني ، وعدم الاستقرار في جنوب السودان ،وهنالك إتهام من قبل حكومة جنوب
السودان بان المؤتمر الوطني هو الذي يحرض على عدم استقرار الأمن في جنوب السودان.
وعليه أريد ان اخلص ان البيئة غير ملائمة للاستفتاء في كافة ربوع السودان ، وان طرفي الاتفاقية ، هما اللذان جعلا بأن تكون البيئة غير ملائمة لعملية الاستفتاء وبالتالي ان الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني غير جديرين وغير مؤهلين ، بأن يكونا طرفا في عملية الاستفتاء لما ذكر من أسباب عديدة بصلب هذه الدراسة.
ثالثا:هذا يقودنا لعناصر تأمين إستفتاء تقرير المصير لشعب جنوب السودان ، والتي وردت بصلب قانون الاستفتاء لسنة 2009 من حيث الامن والعدالة:-
1.عنصر التأمين.
1.تنص المادة 36 الفقرة (8) من قانون الاستفتاء على الاتي:-
( 1. تشكل حكومة جنوب السودان اي الحركة الشعبية لجان امنيه لتأمين الاستفتاء مكون من شرطة جنوب السودان، وجهاز الامن الوطني ،الموجود بجنوب السودان ،وجميعها اجهزة عسكرية، تتبع للحركة الشعبية الحاكمة لجنوب السودان.

18
2.تشكل الحكومة اي المؤتمر الوطني لجان لتامين الاستفتاء من شرطة السودان وجهاز الامن الوطني في المواقع الاخرى في شمال السودان )
ما ورد بهذه الفقرة من المادة 36 من قانون الاستفتاء وهو اجراء وسناريو مكرر لعملية انتخابات ابريل 2010. وكما يقول المثل العامي السوداني ( الحشاش يملأ شبكته )) . واضعين في الاعتبار ان هنالك خلاف شديد بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني حول تعداد سكان الجنوب في شمال السودان وجنوب السودان. وشابه عدم شفافية واتهام متبادل بين طرفي الاتفاقية وهنالك شكوك وعدم اعتراف متبادل بين طرفي الاتفاقية حول تعداد سكان جنوب السودان شمالا وجنوبا ، وما زال هذا الخلاف الى يومنا هذا لم يتم حسمه والاعتراف به من قبل حكومة جنوب السودان. وهذا الامر سوف يؤدي لخلاف بين طرفي الاتفاقية ولن يأتي استفتاء تقرير مصير جنوب السودان مبرأ من عيوب عدم النزاهة وعدم الشفافية والتي في نهاية المطاف تؤدي لانعدام المشروعية المطلوبة والتي نصت عليها الاتفاقية في البند المتعلق بالمفوضية القومية المؤقتة للاستفتاء ذات الخبراء الدوليين.
2- عنصر العدالة وحق التقاضي الوارد بقانون الاستفتاء لسنة 2009:-
1. تنص المادة 31-1-2-3 من القانون يجوز لاي شخص متضرر من قرار لجان الاستفتاء الطعن في قرار اللجنة وفقا لنص المادة 30-2 امام المحكمة المختصة
خلال اسبوع من تاريخ صدور القرار والفقرة(3) من نفس المادة تفصل المحكمة المختصة في الطعن خلال خمسة ايام ويكون قرار المحكمة نهائيا .)
2. تنص المادة 43-1-2 على الاتى( يكون للناخب حق الطعن في نتائج الاستفتاء الاولية في مركز الاستفتاء، الذي اقترع فيه. ويقدم الطعن الى المحكمة في مدة اقصاها ثلاث ايام
من تاريخ اعلان النتائج من قبل المفوضية ، وتفصل المحكمة في الطعن وتتخذ قرارها فيه خلال اسبوع من تاريخ تسلمه ويكون قرارها نهائيا .)
أن نهائية القرار لمحكمة الموضوع المختصة وخلال مدة وجيزة لا تتعدى خمسة ايام حسب ما ورد بالفقرة 31-1-2-3 واسبوع حسب ما ورد بالفقرة 43-1-2 فيه اهدار لمبادئ دستورية والمتمثلة في المادة 31 من الدستور حق التقاضي والمساواة امام القانون وايضا المادة 34 من الدستور الانتقالي لسنة 2005 المحاكمة العادلة والتي نصت على الاتي يكفل للكافة في التقاضي ولا يجوز منع احد من حقه في اللجوء الى العدالة . حيث نجد ان قانون الاستفتاء وحسب ما ورد بالنص 31-1-2-3 والمادة 43-1-2 فيه اهدار
19

لحق التقاضي وانعدام المبدأ الدستوري والمتمثل في المحاكمة العادلة. لابتدائية القرار لدى المحكمة المعنية ونهائيته لنفس المحكمة محكمة الموضوع المعنية .
أن الشأن المتعلق بالفصل لدى المحاكم لهو أمر في غاية من الاهمية والخطورة ويتعلق بمصير شعب، ووحدة وطن وتراب، ومهدد بمخاطر، لا بد ان يحظى بقدر من العدالة المطلوبة ويستوجب الفصل فيه بعناية ، ودقة في العدالة المطلوبة ، لنيل ذلك الحق. وان ما ورد بنصوص القانون المتعلق بالمحكمة المختصة فيه اهدار لحقوق دستورية وضياع أمة ووطن ويؤدي الى الفتنة والاقتتال.
- متى يتحقق تقرير مصير شعب جنوب السودان (( الانفصال )) ؟ ومتى تتحقق الوحدة ؟
الاجابة على هذا السؤال حسب ما ورد بنص المادة 41-1-2-3 من قانون الاستفتاء والتي تنص على الاتي :-
(( 1.يعتبر استفتاء جنوب السودان قد تم قانونا اذا اقترع مالا يقل عن ستين في المائه 60% من عدد الناخبين المسجلين.
2.اذا لم يكتمل النصاب يعاد الاستفتاء بنفس المسجلين خلال ستين يوما من تاريخ اعلان النتيجة النهائية .
.مع مراعاة احكام البند(2) اعلاه تكون نتيجة الاستفتاء على الخيار الذي حصل على الاغلبية البسيطة 50% +1 من اصوات الناخبين الذين ادلوا باصواتهم حول احد الخيارين وهما اما تاكيد وحدة السودان باستدامة نظام الحكم الذي ارسته الاتفاقية او الانفصال .))
نجد ان نص المادة اعلاه هو الذي يحدد تقرير مصير شعب الجنوب اي الانفصال او الوحدة. وهذا النص للأسف الشديد فيه دعوة للانفصال وليس الوحدة كما تهدف اتفاقية السلام الشامل ودستورها الانتقالي، لانه ليس هنالك سقف من حيث الكم يتعلق بعدد المؤهلين للاقتراع بل اطلق عدد المسجلين ، على عواهنه أياّ كان عدد المسجلين ، لاغراض الاستفتاء. وحقيقة لم يسقط سهوا بل عمدا . لأن طرفي الاتفاقية المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، لم يعترفا بتعداد السكان الذي تم حصره بواسطة المؤتمر الوطني ، ولا المؤتمر الوطني اعترف بتعداد السكان لسكان الجنوب والذي اتت به الحركة الشعبية ولكل منهم أجندته الخاصة لتعداد السكان .أن السجل الخاص لانتخابات ابريل 2010 والذي أتى به المؤتمر لجنوب السكان لم تعترف به الحركة الشعبية بل اتت بسجل خاص بها وقامت باعداده مخالفا لما أتى به المؤتمر الوطني . ان هذا يؤكد عدم مصداقية طرفي
20
الاتفاقية فيما يتعلق بالسجل الانتخابي. ومن المؤكد وحسب زعم اتهام الطرفين كل للأخر يؤكد عدم مصداقية السجل. ولو كان طرفي الاتفاقية صادقين في صحة السجل الانتخابي لانتخابات 2010 واتى بنزاهة ومصداقية لكان ذلك السجل الانتخابي والخاص بجنوب السودان العمود للاستفتاء لاجل تقرير المصير من عدمه.
ويبقى الاتيان بهذا النص وارتباط الانفصال او الوحدة بعدد المسجلين فقط لاغراض الاستفتاء يؤدي لعدم نزاهة ، وعدم مصداقية، وعدم مشروعية ،ويؤدي لضياع الوطن وانشطاره.
وبموجب نص المادة 41-1-2-3 من قانون الاستفتاء تكون العبرة، بعدد المسجلين للاقتراع باي عدد وتحدد بالتالي النسب المذكورة بنص المادة لأجل الانفصال أو الوحدة . وبالتالي ما سوف تتمخص عنه تلك النتيجة لا يعبر عن ارادة امة وشعب الجنوب ،وعليه لابد من تحديد المؤهلين قانونا من حيث الكم والكيف وبموجبه يتم حصر اصحاب الشأن الحقيقى لاجل تقرير المصير، مع ملاحظة ان ( سجل الإستفتاء حسبما ورد بقانون الاستفتاء قابل للتزوير والتعديل لانه ليس هنالك حد أدنى أو أعلى لعدد المسجلين. وما حدث في انتخابات ابريل 2010م ليس ببعيدا عن الاذهان. وأمر سجل الاستفتاء كما ورد بالقانون فيه استهانة بجسامة وخطورة تقرير المصير من عدمه .).
خاتمة الدراسة حول قانون الاستفتاء لسنة 2009
اخلص الى ان طرفي الاتفاقية المؤتمر الوطني ، والحركة الشعبية لم يكونا جديرين بالاحترام الوطني، وذلك لعدم احترامهما لبنود وعهود خانوها، من أجل الثروة
والسلطة . ونصبوا أنفسهم أوصياء على أبناء الشمال والجنوب عن طريق القهر والظلم بقوة السلاح . وعدم إحترامهما للإتفاقية والعهود لأنهم أتوا ، بدون مشروعية واستغلوا قوة السلاح لفرض سطوتهم وسلطتهم الاقصائية . ومن يأتي بهذه الطريقة
لاعهد له ولا ميثاق وبالتالي بالسهولة مما كان الخروج عن الاتفاق ونقض العهود . لان الحرص في هذه الحالة ليس حرصا وطنيا . بل انصب جل حرصهم على النفس والثروة والسلطة ومن والاهم وشايعهم . لأجل ذلك اتى قانون الاستفتاء لتحقيق رغبات ذاتية وليست وطنية ليصب في مصب الإنفصال لا الوحدة.
ان الصراع بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية ، حول الوحدة والانفصال يستوجب الحس الوطني ، اللازم ، وبالتالي لا بد من الانعتاق من النفس واطماعها الذاتية والانفتاح لقبول الاخر ومشاركته في هذا الشان الخطير. وعليه وحتى يتم تقرير المصير من عدمه لابد ان تحرر هذه الشهادة بيد دولية اقليمية محايده حسبما نصت الاتفاقية
21
البند 2-10-1-5 الفصل الثاني الجزء الثاني السلطات والمؤسسات المستقلة والمادة 222-1 من الدستور الانتقالي والتي امنت على الاشراف الدولي للاستفتاء . وهذا يستوجب ان يطرأ تعديلا فوريا على قانون استفتاء تقرير مصير شعب جنوب السودان
في المواد التالية:-
- تكوين المفوضية القومية للاستفتاء المؤقت حسبما ورد بالدستور واتفاقية السلام من حيث الهيكل وشروط التعيين على ان يتضمن تكوينها خبراء دوليين البند 2-10-1-5 من اتفاقية السلام الشامل السلطة الجزء الثاني يراع في تكوينها الكم والكيف للخبراء الدوليين
- ان تكون اختصاصات ومهام المفوضية القومية للاستفتاء من حيث الاشراف المباشر فى كافة المراحل اشرافا دوليا واقليميا يطغى عليه العنصر الافريقى و العربي معا ، لتأثر العنصرين الافريقي والعربي بمسألة الانفصال والوحدة باعتبار وفي حالة الانفصال يتأثر الوطن العربي بالرقعة الجغرافية العربية وتكون خصما عليه وايضا الاتحاد الافريقي يتأثر سلبا وايجابا عند انشطار السودان لدولتين او عدة دول. وبالتالي تحرير شهادة الانفصال من عدمه بواسطة الاشراف الافريقي والعربي والدولي معا هي شهادة مبراة من كل العيوب وتجعل ابناء الشمال والجنوب معا في غاية من الاطمئنان والرضا وتجنب السودان الفتن والشكوك. وفي ذلك تأكيد للنزاهة، والدقة، والمشروعية ،عندما يتولى شأن الاستفتاء والاشراف
عليه المجتمع الدولي وهذا ما نصت عليه المادة 222 الفقرة (1) من الدستور الانتقالي لسنة 2005.
- الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقية والدستور لم تجعل طرفي الاتفاقية مؤهلين لادارة عملية الاستفتاء والاشراف عليها وكانت كلها تجاوزات وخروقات عديدة في كثيرا لبنود الاتفاقية ولكثيرا من الدستور الانتقالي انظر قوانين التحول الديمقراطي والحريات العامة واجهزة الدولة لم يتم فيها اي اصلاح سواء كان بجنوب السودان او شمال السودان . احداث انتخابات ابريل 2010 وما صاحبها من تجاوزات ومخالفات بالنسبة لحكومة الشمال والجنوب معا تجعلهم غير مؤهلين لادارة عملية الاستفتاء لاجل تقرير المصير او الوحدة لاجل ذلك لا بد من الاشراف الدولي المباشر، لكافة اجراءات مراحل الاستفتاء حتى نهايته من حيث المنح والمنع في كافة امور الاستفتاء ويسند هذا الراى القانوني نص المادة 222(1) من دستور الفترة

22
- الانتقالية والمراقبون الدوليين او الاقليميين او المحليين نجد قانون الاستفتاء لم يمنحهم حق الاشراف. ومفهوم الرقابة حسب قانون الاستفتاء من حيث الواجبات والحقوق
والممنوحة بموجب ذلك القانون تجعل المراقب أيا كان تصنيفه ( متفرجا) حسبما ورد تعريفها اللغوي.
- لصيرورة السلم والسلام في ربوع بلادنا الحبيبة وفي ذلك تقويم لقانون الاستفتاء ليتماشى روحا ونصا مع اتفاقية السلام الشامل ودستورها لسنة 2005.

والله ولي التوفيق،،،،،،،،
الطيب احمد محمد العباس
المحامي
24/ اغسطس /2010م

Mohemmed Arabi [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.