تحليل سياسي حوالي 15 مليون دولار ، بما يعادل 30 مليون جنيه سوداني هى الكلفة المبدئية لخطة ترحيل مواطنين جنوبيين قدرهم حوالي 1.5مليون مواطن من الشمال و جمهورية مصر الى جنوب السودان. و المبلغ بالنظر الى الظروف المالية لجنوب السودان مهول دون شك، فحكومة الجنوب السوداني ظلت على مدي الشهور الماضية تستصرخ المنظمات الإقليمية و الدولية لمعاونتها فى مواجهة الأوضاع الإنسانية و قضايا نقص الغذاء على اعتبار ان خزينتها خاوية رغم انتظام تسلمها لعائدات النفط شهرياً من الحكومة المركزية. كما ان أكثر ما يدلل على ضخامة المبلغ بالنسبة لحكومة الجنوب ان وزيرها للشئون الإنسانية كان قد أشار فى وقت سابق الى ان حكومته سوف تواجه صعوبات جمة حيال استقبال 1.5 مليون نازح عائد الى الجنوب إذا اختار الجنوب الانفصال .و ناشد الوزير كافة المنظمات الدولية وقتها بمعاونة الجنوب لاستقبال هؤلاء العائدين لأن قضية استقبالهم و تهيئة قراهم و أماكن إقامتهم – التى ستكون إقامة دائمة- أمر يفوق طاقة حكومة الجنوب وسيتجاوز قدراتها المحدودة. وهو أمر أوردته هى ايضاً الأممالمتحدة فى أحدث دراسة لها ، حيث أشارت الى أن الجنوب السوداني لا يملك ادني مقومات الدولة نظراً لافتقاره التام للبني التحتية و الخدمات الأساسية ،و قد ذهبت الاممالمتحدة الى أبعد من ذلك و طالبت بضرورة العمل على تأجيل الاستفتاء حتى يتسني إيجاد مخارج ومعالجات لهذا الوضع الكارثي. فى الوقت نفسه فان حكومة الجنوب و هى تعلن ان خطة إعادة هؤلاء النازحين عادية و قيد التنفيذ رغم هذه التكلفة العالية لم تفصح عن مصدر تمويلها للعملية ولا كشفت عما إذا كانت قد أعدت لإقامة دائمة لهؤلاء العائدين ، مما يشير الى ان الخطة القصد منها فقط استكمال إجراءات الاستفتاء ، بل لا نبالغ ان قلنا - من واقع معرفتنا بطبيعة تعامل حكومة الجنوب مع مثل هذه الأمور- ان هدفها (الخفي) هو سيطرتها على هؤلاء العائدين ليأتي تصويتهم لصالح الانفصال . ان المعضلة الآن ليست فقط فى إهدار هذا القدر من المال الذى يحتاجه الإقليم – سواء اختار الوحدة او الانفصال- ولكنها تمضي الى أبعد من ذلك وهو أن هذا المال لن يعود بأدنى فائدة على الاقليم كونه عبارة عن تكلفة ترحيل فقط من اجل التصويت ؛ مع ان بإمكان هؤلاء المراد ترحيلهم التصويت فى مكان إقامتهم دون صرف هذا المبلغ !