تحليل سياسي يتساءل العديد من المراقبين – وقد تبقت 72 ساعة أو اقل فقط من اللقاء الذى يعتزم الرئيس الأمريكي بارك أوباما عقده مع طرفي الشراكة فى السودان الحزب الوطني والحركة الشعبية على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة بمدينة نيويورك – يتساءلون عما اذا كان اللقاء المرتقب يتحكم فى إنجاحه أو إفشاله – بحسب الظروف – الحمائم أو الصقور- اذا جاز التعبير فى إدارة الرئيس اوباما ، بحيث تعود ذات سياسة واشنطن العدائية السابقة فى عهدي بوش الابن و سلفه كلنتون الى الواجهة ، فى ظل منعطف تاريخي خطير يمر به السودان يتعلق بوحدته وأمنه و استقراره. وتشير فى هذا الصدد صحيفة (بوسطن غلوب) الأمريكية الى ان الموفد الخاص الى السودان(سكوت غرايشون) أقام علاقات صداقة جيدة مع كبار المسئولين فى الخرطوم و تحاشي فى كل الزيارات التى قام بها الى السودان - وهى كثيرة للغاية - تكرار تهديدات وتحذيرات الادارة الأمريكية للخرطوم. وقد أثارت مواقف غرايشون هذه - بحسب الصحيفة - قلق منظمات أمريكية تعارض (من حيث المبدأ) وبعدائية سافرة حكومة الرئيس البشير ذات التوجهات الإسلامية و تطمح فى ان يتم اعتقال الرئيس البشير إنفاذاً لمذكرة الجنايات الدولية. غير ان مسئولاً كبيراً فى الخارجية الأمريكية لم تشر إليه الصحيفة قال ان الجميع هنا فى واشنطن ( في البيت الأبيض والخارجية) يعملان معناً على بناء الثقة و العمل على منع الحرب من جديد بين الشمال و الجنوب ، مشيداً بسياسة غرايشون فى هذا الصدد الذى استطاع – بحسب المسئول الكبير – ان يرسخ لسياسة الحوار الايجابي بين البلدين بدلاً عن لهجة التهديد. و تورد الصحيفة – من واقع متابعاتها – أنها لاحظت - بوضوح - تراجع نفوذ ثلاثة من اكبر من يوصفون بالصقور فى واشنطن وهم (غيل سميث) التى تتزعم مؤسسة (كفاية) و التى ظل كل همها ملاحقة الرئيس البشير بواسطة مذكرة لاهاي و السيدة (سوزان رايس) سفيرة واشنطن فى مجلس الأمن الدولي و التى كان عداؤها للخرطوم قد وصل إبان ادارة الرئيس السابق بوش الابن الى حد المطالبة بضرب السودان و القضاء على جيشه ،و الثالثة (سامانتثا باورز) التى تتولي الآن منصب مستشارة لشئون اللاجئين بالبيت الأبيض. وتقول الصحيفة عن هؤلاء النساء الثلاث الأكثر عداءاً للسودان أنهن يجدن صعوبة بالغة فى نقد سياسيات بوش تجاه السودان ،ولعل هذا الوضع فى واشنطن هو الذى يشجع الخرطوم – التى تتعامل بمنتهي حسن النية و الوضوح – الى دعوة إدارة اوباما للعمل عى احترام سيادة السودان ممثلة فى رئيسه البشير ، فقد صرح نائب الرئيس السوداني على عثمان طه و هو فى طريقه الى نيويورك لحضور اللقاء فجر الاثنين الماضي ان واشنطن لن تستطيع معالجة ملفاتها مع السودان فى ظل محاولاتها إضعاف الرئيس البشير ؛ فالسيد طه الذى يعد أحد أبرز مهندسي اتفاق نيفاشا 2005 كان واضحاً فى إيصال هذه الرسالة ذات المغزى الى واشنطن و هو يدرك ان واشنطن لا بد أنها مهيأة لفهم وإدراك الرسالة و إيلائها الاعتبار المطلوب والأهمية اللازمة!