ساذج من يعتقد إن الدعوة لفصل الجنوب عن الشمال نابعة من ضمير الانفصاليين الجنوبيين، الذين بلغت بهم المغالاة والتطرف الإساءة لكل الشماليين وللأمة العربية، التي تدفع من خزائنها من أجل الإنسانية في الجنوب، وواهم من ينظر للشعارات والتصريحات والمواقف الإعلامية لبعض الدول من وحدة السوداني، ويعتبرها حقائق تؤسس عليها مواقف!!. الولاياتالمتحدةالأمريكية هي أول الداعين والمحرضين والداعمين لفصل الجنوب عن الشمال، بعد إصابتها باليأس من تغيير نظام الحكم في الشمال من إسلامي لعلماني، من خلال إسقاط النظام بالقوة العسكرية أو تبديله، بحكومة شراكة مع الحركة الشعبية، وكلا المشروعين العسكري والسياسي بلغا من الفشل نصيباً جعل الولاياتالمتحدة تأخذ على عاتقها فصل الجنوب عن الشمال من خلال الاستفتاء القادم، حيث تنصلت الولاياتالمتحدة وتابعوها من الأوروبيين عن كل التزامات مؤتمر أوسلو للمانحين لدعم مشروعات تنموية في السودان، لتعمير الجنوب وجعله اقتصادياً على مقربة من شمال السودان، مما يعزز بقاء أكبر الاقطار الأفريقية موحدة، ولم تعز الحيلة أمريكا في تبرير تنصلاتها بربط الوفاء بالمال لتعمير الجنوب، بوقف الحرب في إقليم دارفور.. والدول الأفريقية التي لعبت دوراً في احتضان المتمردين الجنوبيين في سنوات الحرب، لم تحصل على مقابل كبير نظير خدماتها التي أجزلتها للجنوبيين حتى اليوم باستثناء فتح الجنوب أبوابه للعمالة غير الماهرة من تلك البلدان، (لترتزق) من بترول الجنوب وهي ذات العمالة التي تدفقت أيضاً على الخرطوم (لترتزق) من بترول الشمال، ودول مثل يوغندا وكينيا وأثيوبيا وأرتيريا لها مصلحة اقتصادية في انفصال الجنوب، فالبترول أخذ مقعده في حساب الوحدة والانفصال، وهو عامل إغراء وجذب للجنوب لينفصل، ولدول الجوار التي تنتظر خزائنها أموالاً تتدفق اليها من بترول الجنوب، وحتى بعض الدول العربية مثل جمهورية مصر التي كانت أكبر الداعمين لوحدة السودان، درست الأوضاع السودانية من خلال (مخابراتها)، وتجاوزت الألفاظ البراقة مثل وحدة وادي النيل، ونفذت مصر مباشرة لقيادات الجنوب، ووفقت أوضاعها، والآن لمصر سفريات من القاهرة للخرطوم ثم جوبا، ومن جوبا للقاهرة دون المرور بالخرطوم، ويشهد مطار جوبا حركة طيران نشطة من كل أفريقيا، الشئ الذي يجعل مسألة الانفصال حسابياً لم يتبقَ لها إلا مائة وبضعة يوم من الآن!!. المفاوضات التي ترعاها الولاياتالمتحدةالأمريكية يوم بعد غد الجمعة في واشنطون من خلال لقاء يضم قيادة الحركة الشعبية وقيادة المؤتمر الوطني، لا يمكن التعويل عليها كلقاء من شأنه تفكيك (عقد) الأزمات التي تعترى علاقة الشريكين، وما عجز عن حله الشريكان في الخرطوموجوبا خلال السنوات الماضية، يصعب حله في الولاياتالمتحدة خلال جلسة علاقات عامة، المستفيد الأول منها الولاياتالمتحدة لاستكشاف نقاط الضعف والقوة عند الطرفين، واستثمارها لخدمة المصالح الأمريكية لدولتين، تكتب حالياً آخر فصول ميلادها في أفريقيا!. نقلاً عن صحيفة آخر لحظة 22/9/2010م