كامل إدريس ابن المنظمات الدولية لايريد أن تتلطخ أطراف بدلته الأنيقة بطين قواعد الإسلاميين    البروفيسور الهادي آدم يتفقد مباني جامعة النيلين    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    ترامب: "نعرف بالتحديد" أين يختبئ خامنئي لكن لن "نقضي عليه" في الوقت الحالي    إنشاء حساب واتساب بدون فيسبوك أو انستجرام.. خطوات    عودة الحياة لاستاد عطبرة    عَوض (طَارَة) قَبل أن يَصبح الاسم واقِعا    السهم الدامر والهلال كريمة حبايب في إفتتاح المرحلة الأخيرة من الدوري العام    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تظهر بدون "مكياج" وتغمز بعينها في مقطع طريف مع عازفها "كريستوفر" داخل أستوديو بالقاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. تيكتوكر سودانية تثير ضجة غير مسبوقة: (بحب الأولاد الطاعمين "الحلوات" وخوتهم أفضل من خوة النسوان)    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد بالفيديو.. (يووووه ايه ده) فنان سوداني ينفعل غضباً بسبب تصرف إدارة صالة أفراح بقطر ويوقف الحفل    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن حفل "جرتق" بلوغر معروف بعد ظهورهن بأزياء مثيرة للجدل    "الجيش السوداني يصد هجومًا لمتمردي الحركة الشعبية في الدشول ويستولي على أسلحة ودبابات"    يبدو كالوحش.. أرنولد يبهر الجميع في ريال مدريد    غوغل تطلب من ملياري مستخدم تغيير كلمة مرور جيميل الآن    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    وجوه جديدة..تسريبات عن التشكيل الوزاري الجديد في الحكومة السودانية    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرار الرئيس أوباما بتصدير السلاح لجنوب السودان
نشر في سودان سفاري يوم 16 - 01 - 2012

في يوم الجمعة الموافق 6/1/ 2012 م ، أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما قراراً برفع القيود الأمريكية على مبيعات الأسلحة لدولة جنوب السودان . هذا القرار الذي يعني الكثير في العلاقات الإستراتيجية بين الدول ، فهو أول ما يعني أن هنالك حرباً بين دولتين ، أو أن قيام حرب بين الدولتين أصبح وشيكا . وأن الولايات قد اختارت إحدى الدولتين كصديق ، والأخرى كعدو.
وهذا وحده يكفينا مما يعنينا في هذا القرار. والدولتان هما دولة السودان ودولة الجنوب الجديدة . وبما أن الحرب لم تقع بعد بين الدولتين ، فأصبح إندلاع الحرب وشيكاً ، خاصة من جانب الولايات المتحدة التي إتخذت القرار. واضح ان الولايات المتحدة قد حددت دعمها لدولة الجنوب الجديدة ، التي عملت جاهدة لقيامها . وأن دولة السودان هي العدو ، والتي إختارت أمريكا حربها معها بالسلاح هذه المرة ، وعلنا .
لم يكن خافياً على أحد دعم الولايات المتحدة للجنوب منذ أن كان متمرداً ، بل أن الولايات المتحدة هي التي عملت مؤخرا على مساعدة الجنوب على الانفصال ، ولم يكن دعمها خافياً للدولة الجديدة ، وحتى مدها بالسلاح سواء كان في مرحلة التمرد ، أو بعد قيام الدولة . ولكن خطورة ذلك هو الإعلان عن دعم دولة الجنوب بالسلاح ، مما يعني أن ذلك أصبح جزاءاً من إستراتيجية الولايات المتحدة ، ويعني كذلك إعلان الحرب على دولة السودان ، وأن كل ذلك أصبح جزءاً من إستراتيجية الولايات المتحدة تجاه السودان .
ولفهم الذي جرى لابد من قراءة الموقف من كافة الزوايا ، ومعرفة ما هي الأسباب التي أدت لهذه التحولات المعلنة تجاه السودان , ومن ثم محاولة إيجاد أنجع السبل للتعامل مع هذا الموقف الخطير .
أولاً: للولايات المتحدة أهداف إستراتيجية عليا ، وهذه غير متغيرة ، ومن هذه الأهداف عدم السماح لقوة إقليمية أو دولية بالصعود ، ومحاربتها بكافة السبل ، قانونية وغير قانونية ، أخلاقية وغير أخلاقية, والسودان يدخل من هذه الزاوية ، ليس السودان بالتحديد ، ولكنه صنف من الدول التي تسعى لامتلاك موقع إقليمي خارج سيطرة الولايات المتحدة .
وللولايات المتحدة كذلك أهداف متغيرة وفق إستراتيجيتها العامة ، تتغير بتغير المعطيات، وخاصة في مجال العلاقات الدولية والسياسية الخارجية الأمريكية , إسقاط النظام في الخرطوم يقع ضمن الأهداف المتغيرة في الإستراتيجية الأمريكية , فكان هذا الهدف جرءاً من سياسة الرئيس كلينتون حتى العام 1998 م ، ثم تغير بعد ذلك ليصبح الهدف التعامل مع النظام واستمر فترتي بوش وبداية عهد اوباما حتى صدور الإعلان الأخير والذي لا يعني بأية حال من الأحوال التعايش أو قبول نظام الإنقاذ.
كذلك من الأهداف المتغيرة في إستراتيجية الولايات المتحدة في العلاقة بين شمال وجنوب السودان, فقد كانت في البداية دعم حركة التمرد لإسقاط النظام في الخرطوم، ثم تحولت إلى دعم السودان الواحد أثناء فترة مفاوضات نيفاشا. وإستمر هذا الهدف إلى 25/9/2010 م حيث أعلن أوباما في الاجتماع الذي عقد على هامش الدورة 65 للأمم المتحدة دعمه لانفصال الجنوب بصورة غير صريحة, ثم تحول فصل الجنوب إلى هدف معلن حتى تحقق الانفصال, ثم تبنت بعد ذلك إدارة أوباما قيام الدولة الجديدة ذات العلاقة الجيدة مع الشمال، وضرورة التعاون بينهما ، وعدم السماح بقيام حرب بينهما. وإستمر هذا الهدف إلى حين الإعلان الخطير الأخير.
هذا فضلاً عن أن الدولة الجديدة في جنوب السودان ترفع شعار العلمانية في مواجهة دولة السودان التي ترفع شعار تطبيق الشريعة الإسلامية، وعزم الولايات المتحدة بناء قاعدة عسكرية في جنوب السودان، إضافة إلى رغبة الولايات المتحدة في مواجهة التوغل الصيني في إفريقيا. كما أن الولايات المتحدة تريد أن تجني ثمار غرسها، أو بصورة أدق أن تدفع دولة الجنوب فاتورة الدعم الأمريكي الذي لم يكن يوما من الأيام حسنة أو صدقة لوجه الله, وبجانب الموقف الرسمي هنالك الشركات الأمريكية العملاقة والتي تؤثر في صنع القرار، وهي أيضا تريد دفع فاتورتها من ثروات الجنوب من النفط، والمعادن، واليورانيوم، وغيرها.
ثانياً: كانت إرهاصات هذا التحول منذ الاحتفال بقيام الدولة الجديدة في التاسع من يوليو 2011 م، حيث أرسلت الولايات المتحدة وفدا رفيع المستوى لحضور إعلان الاستقلال، ضم مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سوزان رايس، وكولن باول وزير الخارجية الأسبق، وجون برندرقا ست رئيس أنقذوا دارفور ومؤسس مجموعة الأزمات الدولية و بدت المندوبة الأمريكية أكثر سعادة من الجنوبيين أنفسهم. ومن ضمن ما قالت: لديكم صديق عزيز ومخلص يتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، حكومتي ستقف بجانبكم وستظل بجانبكم وفي الشهر الماضي أصدرت الولايات المتحدة قرارا برفع القيود الاقتصادية على دولة جنوب السودان، والسماح للشركات الأمريكية بالاستثمار في الجنوب، وسمحت وزارة الخزانة الأمريكية للشركات الأمريكية بتصدير المعدات لاستخدامها في القطاع النفطي بينما أبقت الحظر قائماً على السودان.
ثم كان قرار اوباما آنف الذي بتوجيه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أنه سيسمح للولايات المتحدة بتقديم مواد وخدمات دفاعية إلى جنوب السودان لان القيام بذلك، حسب قوله سيعزز من أمن الولايات المتحدة، ويدعم السلام العالمي.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند : إن الولايات المتحدة وجنوب السودان سيناقشان معايير العلاقات الدفاعية المستقبلية، لكن لم تتخذ قرارات بعد، وأضافت كان منفتحين منذ البداية وحتى قبل إعلان الدولة على المحادثات التي رغبوا في إجرائها معنا - حول كيفية تأمين حدودهم والدفاع عن أنفسهم في المستقبل، وتابعت (هذه المحادثات مستمرة، لست على علم بأننا قد وصلنا إلى نتائج حول ما الذي يحتاجون إليه، وما الذي نستطيع أن نقدمه.
وفي يوم 10/1/2012 م أي بعد أربعة أيام من قرار رفع الحظر العسكري، أمر أوباما بإرسال مجموعة من المستشارين الأمريكيين الي جنوب السودان. وأوضح البيت الأبيض ان خمسة مستشارين أمريكيين سيتوجهون إلى جنوب السودن حيث سينضمون إلى بعثة السلام التابعة للأمم المتحدة في جوبا ، مضيفا أن هؤلاء المستشارين سيتولون التخطيط الاستراتيجي والتخطيط للعمليات .
وأوضحت وزارة الدفاع أن الضباط الأمريكيين الخمسة لن يشاركوا في العمليات القتالية ، لكنهم سيحملون أسلحة تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم . وعندما وقعت مجزرة المورلي الأخيرة ، فضحت تواطؤ الأمم المتحدة والولايات المتحدة التي دقت طبول دار فور حول العالم , وفي وقاحة لا يحسد عليها قال الرئيس أوباما أن الأمر لن يحال للمحكمة الجنايات الدولية، لأن دولة الجنوب ليست عضوا في المحكمة الجنائية ، ووقفت أمريكا وأوباما خلف المحكمة الجنائية وتحريكها ضد السودان ورئيسه ، على الرغم من ان السودان ليس عضواً في الجنائية كدولة الجنوب تماما! .
ثالثاً: لا شك إن الذي حدث كان نجاحاً للضغوط التي مارسها اللوبي الصهيوني وإسرائيل على أوباما لتغيير سياسته التي كانت تننهج سياسة ضرورة التعاون بين الدولتين وعدم العودة للحرب مرة أخرى .
فسياسة إسرائيل واللوبي الصهيوني كانت ومازالت تسعى إلى تقسيم السودان . وكانت هذه العلاقة غير المعلنة ليست خافية على أحد ، ولكن زيارة سلفاكير الأخيرة أخرجتها للعلن . وسوف تستمر وتقوى هذه العلاقة خاصة من جانب إسرائيل ، والتي فقدت كثير من الحلفاء نتيجة لثورات الربيع العربي ، وخاصة مصر وتركيا ، وسوف تعزز إسرائيل علاقتها مع دولة الجنوب ، وسوف تمدها با لسلاح هذه المرة علنا بعد قرار رفع الحظر الأمريكي ، وعبر الجنوب سوف تسعى لخلق حلفاء جدد في أفريقيا بدلا عن مصر وتركيا.
رابعاً: يأتي هذا القرار مع إعلان أوباما لإستراتيجيته الدفاعية الجديدة ، والتي تتسم حسب مويديه بالهدوء والذكاء والقوة ، أعلن فيها أوباما تخفيض عدداً القوات الأمريكية ، وخفض الإنفاق الحكومي على الأعمال العسكرية, وتهدف الإستراتيجية باختصار إلى أن يقوم وكلاء حول العالم بالحرب نيابة عن الولايات المتحدة ، إذ تمدهم هي بالسلاح الذي سيدفعون ثمنه ، ولا تجازف بإرسال جنودها ولا بالصرف على الحروب. وقال أوباما (إن قواتنا ستقدم معلومات إستخباراتية ونصائح مساعدة للجيوش الشريكة), ونفى فيليب أقويرو أي تواجد أمريكي في الجنوب ، وأن استيراد أسلحة من أمريكا لا يعني بأي حال من الأحوال حدوث هذا .
وهو إنعكاس للأزمة الاقتصادية التي تعيشها الولايات المتحدة . لذلك سوف تسوق الولايات المتحدة سلاحها لدى دولة الجنوب ، فتنقذ شركاتها التي تصنع السلاح من الإفلاس , فأمريكا بذلك تخدم مصالحها قبل مصالح الجنوب, لأن مسألة التسليح تعني صرف أموال ضخمة من موارد الجنوب ، وخاصة البترول على نوعية الأسلحة المستوردة ، وتصب تلك المبالغ في الخزانة الأمريكية وتفرغ خزينة الجنوب ، مما يدخل دولة الجنوب في ديون ضخمة ، وبالتالي تصبح مطية الابتزاز الأمريكي .
خامساً: إن الولايات المتحدة لإ تتردد في خرق أي قانون سواءاً كان دوليا أو داخلياً إذا كان يتعارض مع مصالحها ، فليس للأخلاق والقيم محل للإعراب في السياسة الأمريكية, فحظر السلاح عن الشمال حسب تبرير الولايات المتحدة أن القانون الأمريكي يحظر بيع السلاح لأي دولة يخشى أن يقع السلاح في أيدي الإرهابيين, وحسب القانون الأمريكي فإن البنتاجون لا يسمح بتصدير السلاح الأمريكي إلى أي بلد حتى يتأكد مز عدم وصول ذلك السلاح إلى أيدي مليشيات أو مجموعات إرهابية حسب التصنيف الأمريكي . وليس هنالك شك في أن الولايات المتحدة تعرف تكوين الجنوب ، وحتى أن جيشه النظامي هو عبارة عن مليشيات حسب اعتراف اوباما نفسه . بالإضافة إلى ما يخلقه إرسال السلاح للجنوب من تسابق تسليح في المنطقة بأكملها وليس السودان والجنوب فحسب ، وهذا ما تريده الولايات المتحدة. كما أن الولايات المتحدة مسئولة أخلاقيا عن إتفاقية السلام وإنفاذها إلى نهايتها ، والتي لم تصلها بعد ، هذا بالإضافة إلى أن تصدير السلاح يعني العودة للحرب مرة أخرى بين الشمال والجنوب ، والذي يكون نسف لنيفاشا تماماً .
سادساً. إن دولة الجنوب الفاشلة التي تقوم على بنيان هش من الصراع القبلي ، حيث تعالت أصوات الباحثين في مراكز الأبحاث ، ومسئولي المنظمات الإنسانية ، من هذه الدولة التي تفتقر إلى الحد ألأدنى من المقومات الدولية ، وتحاصرها النزاعات القبلية ، وانتشار الأسلحة في أيدي المواطنين . وتفتقر الدولة إلى الهياكل والمؤسسات ، لاسيما القوات النظامية الضرورية لحفظ الأمن ، حيث أن جيشها ذو طبيعة فوضوية لكونه مليشيات ، وهو اللاعب الأكبر في العنف الدائر الآن في الجنوب في كافة الولايات . وأمريكا تعلم ! والجنوب يعلم أن الشمال إذا أراد قادر على أن يجعل هذه الدولة في دائرة من الصراع والضعف لإ ينتهي أبداً ).
وأخيرا: فإن الحركة الشعبية وخاصة مجموعة أولاد قرنق لا يخفون عدائهم المستحكم للشمال. فهم الذين عملوا على هدم الأساس المتين الذي بنيت عليه فيفاشا ، وهو الشراكة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني. وهم الذين أصبحوا الوكلاء الحصريين للوبي الصهيوني في إنفاذ مشروع تقسيم السودان. وما دعمهم للحلو وعقار وحركات دارفور إلا جزءا من إنفاذ المخطط .
ومن ذلك نخلص للآتي:
إن الأهداف الإستراتيجية العليا الأمريكية الثابتة ، وأهداف الإستراتيجية الأمريكية المتحركة ، ومصالح أمريكا ، قد التقت تماماً مع أهداف اللوبي الصهيوني وإسرائيل ، والتي ترمي إلى خلق هدم الاستقرار في السودان ، وتفكيك دولة السودان إلى دويلات ، دولة جنوب كردفان ، ودولة جنوب النيل الأزرق ، ودولة دارفور.
وأن المنفذ لهذه السياسة هي دولة الجنوب ، بقيادة أولاد قرنق الذين يقومون بدعم الحلو وعقار وحركات دارفور بالسلاح والإيواء .
وأن الولايات المتحدة سيكون دورها هو توفير السلاح والتدريب والتخطيط ، وربما قيادة العمليات حسب إستراتيجية الدفاع الأمريكية الجديدة ، ستشارك كذلك إسرائيل بالإمداد بالسلاح والتدريب والتخطيط وقيادة العمليات.
لإنجاح كل هذه العمليات فإن الخطة تقتضي أن يكون الجنوب مستقرا ومتوحدا ، وسوف يكون متوحدا إذا تم إشعال الحرب مع الشمال ، وأن يكون الشمال غير مستقر والجنوب بتكوينه القبلي والعرقي وبهشاشة دولته وضعف هياكله ، مؤهل لأن يكون في حالة صراع دموي مستمر ، والسودان قادر على فعل ذلك.
إعلان أوباما يعلن وأد أي أمل لمن كان يعتقد بإمكان إيجاد طريقة ما للتعامل مع الولايات المتحدة ، وقد كنت واحدا من الذين عندهم ذلك الأمل .
إعلان أوباما يعني أن الجزرة التي كانت تعد بها الولايات المتحدة الخرطوم هي عدم محاربة السودان مباشرة ، إنما حربه عن طريق الوكالة بواسطة دولة الجنوب,
إعلان أوباما يعلن الحرب على السودان بواسطة الحلفاء وهم الولايات المتحدة ,إسرائيل ، ودولة الجنوب وبالتأكيد السعي انضمام حلفاء جدد .
وبهذا التحليل والخلاصة يكون العمل الذي يقوم به السودان واضحاً ، وهو عدم السماح لهذه الدولة الوليدة بالقيام على رجليها ، وجعلها في حالة صراع مسلح مستمر ، والسودان قادر على ذلك . وبذلك يتم إفشال أهداف أمريكا العليا ومصالحها الخاصة .
عدم الإنجرار والدخول في حرب مباشرة مع الجنوب ، وأن تكون العمليات ضد الجنوب دفاعية فقط .
لخطورة الموقف وإنجاح خطة السودان ، لابد من السعي الجاد لتوحيد القوى الداخلية ، ودفع استحقاقاتها مهما كان الثمن ، ففي هذه المرة ليس المستهدف إسقاط حكومة السودان ، وإنما المستهدف السودان بتفكيكه إلى دويلات, وفي الحرص على إنفاذ إتفاقية الدوحة إفشال لهذا المخطط ، وذلك لأن ما يتوفر من عوامل نجاح لحل مشكلة دارفور متواجد ، وخاصة من يقومون على أمرها ، والسبب الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى عدم حل مشكلة دارفور هو عدم إنفاذ الحكومة للإتفاقية .
ويبقى تبصير الشعب السوداني بالذي يجري من الأمور المهمة ، ومزيدا من الحريات والاهتمام (بالصينية) وسهولة الحصول عليها يبقى داعماً للوطن ، وفي تقديري إذا تم الإهتمام بذلك بأكراً فسوف تبطل كل تلك المؤامرات ، ومن قبل ومن بعد فإن الله لن يضيع السودان .
نقلا عن صحيفة الوفاق السودانية 16/1/2012م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.