من المقرر أن تنطلق في غضون الاسبوع الحالي مفاوضات الدوحة الخاصة بحل أزمة دارفور فقد حددت الوساطة التاسع والعشرين من سبتمبر الجاري موعداً للانعقاد المفاوضات. وبحسب الناطق الرسمي باسم الوفد الحكومي فان المفاوضات سوف تبدأ من حيث انتهت المفاوضات السابقة ما لم تتقدم الوساطة بمقترح جديد. وما من شك أن المناخ الحالي الذي علي ضوئه من المقرر أن تنعقد المفاوضات يحمل معطيات مختلفة, ويمكن القول ان القوي الدارفورية المسلحة تخوضها بمواقف أخف وزناً مما كانت ستكون عليه فيما سبق, فالمفاوضات هذه المرة تنعقد في ظل استراتيجية جديدة أقرتها الحكومة السودانية وأجازها مجلس الوزراء السوداني وتم المشروع في تنفيذها ولعل أهم ما اقرته هذه الاستراتيجية وسوف يؤثر في مواقف الحركات المسلحة أنها تستصحب الحل الداخلي, أي اشراك قوي دارفور الاهلية في التفاوض وايلاء المواطن الدارفوري الاولوية القصوي علي ما عداه, كما أنها تأتي في ظل هدؤ واضح واستقرار أمني كبير بحيث يمكن القول أن الحركات المسلحة ما عادت تهدد أمن واستقرار الاقليم كما كانت في السابق, الامر الذي يسهل الي حد كبير التوصل لاتفاق وترتيبات أمنية سلسلة- كما أن الحكومة السودانية وباعتبارها حكومة منتخبة حديثاً وفقا لانتخابات عامة شاملة حازت اعترافاً دولياً حقيقياً تنطلق من موقف أقوي- وهذا لم يكن كما كان في السابق- بحيث يمكن القول أن الرؤية بشأن تقسيم الثروة والسلطة لن تعود بذات القدر السابق ويأتي اشراك قادة الحركات المسلحة- اذا تم التوصل الي اتفاق سلام من منطلق أقل اهمية حتي لا تصبح قضية المشاركة في السلطة هي غاية هذه الحركات المسلحة, فالمعني الاول وبصفة خاصة من السلام هو لمواطن الدارفوري ومن ثم فان الاولوية لمصلحته في التنمية والخدمات ولا مجال للتركيز في تقسيم سلطه هي أصلاً الان في يد أبناء دارفور حصلوا عليها بانتخابات مشروعة وتولوا ادارة دقة الامور ولائياً, واقليمياً ونالوا نصيباً وافراً علي المستوي القومي المركزي حيث يمثل دارفور حوالي خمسة وزراء في وزارات سيادية مهمة هي المالية والعدل والتجارة ومجلس الوزراء. وهذا التمثيل اذا أضفنا له وجود دارفور علي المستوي السيادي ممثلاً في كبير مساعدي الرئيس يعني أن لا ضرورة في الواقع لاختراع أو اقتسام سلطة اضافي. أما من حيث قضية وحدة الاقليم أو تقسيماته فهذه قضية يختص بها أهل دارفور علي الرغم من أنها تبدو قضية محسومة ولذا لن يثور النزاع بشأنها كثيراً. وأخيراً فان الحكومة ضمن استراتيجيتها قررت ترسيخ دعائم العدل وعدم التهاون فيه وهذا سوف يسعهم دون شك في ترسيخ الحقيقه والمصالحة التي من شأنها تسوية الازمة نهائياً. وهكذا فان المعطيات الماثلة بشأن التفاوض هذه المرة, أكثر مدعاه للنجاح خاصة وأن حركتي عبد الواحد وخليل تواجه ضغوطاً للالتحاق بالتفاوض ولم يعد أمامها من خيارات أخري!!