لغط كثيف يدور حول الزيارات المتكررة لرئيس حركة تحرير السودان منى أركو مناوي لجنوب السودان، هذا الى جانب تباين الآراء حول علاقة وصفت بغير البريئة بين مناوي والحركة الشعبية، مما حدا بالبعض لاستهجان مواقفه التي اعتبروا أنها تضر بحركته وبالدولة السودانية في هذا التوقيت الحرج من عمرها، وكل هذا بتزامن بصورة مزعجة مع الخلافات التي أصبحت حديث الجلسات السياسية بين حركته وشريكه في أبوجا المؤتمر الوطني حول مسائل متعلقة بالتعيينات في الحكومة حسبما نصت اتفاقيتهم، وبالترتيبات الأمنية ومسألة دمج القوات، والتي تعتبر الحركة أنها لا بد أن تمضي بذات النهج الذي حدد في ابوجا.. تكرار الزيارات تظل مفهومة ان كانت وجهتها احدي مدن الغرب ((الفاشر أو نيالا أو الجنينة)) باعتبارها تقع تحت دائرة اختصاص مناوي وحركته، الا أن مناوي أصبح يتخذ جوبا قبلة له، وهو أمر في حد ذاته خلق نسيج من التساؤلات أيضاً حول ما الذي يخطط له الرجل؟ وهل يمكن ينطبق عليه المثل ((ما خفي أعظم؟ علمت (الأخبار) من مصادر عليمة أن مناوي قام بنقل حوالي 600 من جنوده الى جنوب السودان، وقال مصدر عسكري مطلع بحكومة الجنوب أنه لا يدري المغزي الحقيقي لهذه التحركات، في ذات الوقت الذي اكد فيه المصدر الذي فضب حجبه أسمه صحة هذه المعلومات، غير أن حركة مناوي نفت علمها بهذا التحرك، حيث نفي ل (الأخبار) المستشار القانوني لرئيس الحركة عبد العزيز سام علمه بهذا، بينما عبر سام عن استنكاره للتساؤلات التي تدور حول الزيارات المتكررة لرئيس حركتهم لجنوب السودان، موضحاً ان مناوي غير مرتبط وجدانياً بالخرطوم ولا يوجد له بها عمل في الوقت الراهن، وفيما يتعلق بحركتهم اعتبر أنهم يمكن لهم أن يبنوا علاقات مع أي دولة، مشيراً إلى أن مناوي يملك الحق في أن يذهب لأي منطقة في السودان، مضيفاً أن حركتهم لديها علاقات جيدة بالحركة الشعبية، وزاد سام ((نريد أن نستفيد من تجربة جنوب السودان لانه لدينا استفتاء قادم في دارفور))، وفيما يتعلق بالأوضاع داخل حركتهم قال شام أن هنالك خونة (علي حد قوله)، مضيفاً أن لهم مواقع قيادية ويعملون بصورة مخالفة لتكاليف الحركة (رافضاً تسميتهم)، بينما اعتبر القيادي بالحركة وعضو لجنتها المشترك مع المؤتمر الوطني المتوكل محمد موسي أن هنالك اختلافات طفيفة داخل الحركة في هذه الفترة على طريقة دمج قواتها بالقوات النظامية، مبيناً أن الحركة مصرة على النهج الذي حدد في ابوجا لدمج قواتها، وأضاف المتوكل في اتصال هاتفي مع (الأخبار) أن الدعم اللوجستي وظروف الخريف بدارفور هي العوامل التي أخرت دمج القوات، مؤكداً على أنه خلال الفترة القادمة ستدمج قوات الحركة في القوات النظامية، ومن ثم ستتم التعيينات في الحكومة حسبما نصت اتفاقية ابوجا واعتبر المتوكل أن حركتهم لم تستطيع تقديم نفسها كحزب سياسي، ولم تشاك في الانتخابات، نسبة لاحتفاظها بقواتها، التي اعتبر أنها تمثل عقبة أمام تقدم الحركة في الحياة السياسية السودانية، وفي هذا السياق اعتبر أحد قيادات الحركة المقربين لقائدها أن هنالك فجوة بين العسكريين والسياسيين بالحركة خلقت العديد من الإشكالات مؤخراً وأضاف مفضلاً حجبه أن مناوي دائماً نفسه أقرب إلى العسكريين الذين يصرون على رفض مسألة الدمج منذ البداية، على أساس أنه لا ضمانات كافية لها، على الرغم من أنه قال ل (الأخبار) أن هذا لا يعني بالضرورة أن مناوي موافق على هذه الوجهة. وعلى الجانب الآخر حيث يجلس شريك الحركة باتفاقية ابوجا فأن هذه المعلومة تؤكد ما ذهب إليه القيادي بالمؤتمر الوطني إسماعيل الحاج موسي الذي اعتبر أن المشكلة تكمن في أن حركة تحرير السودان بقيادة مناوي منذ البداية غير واضحة، مضيفاً في إفادة ل (الأخبار) أن مواقف رئيسها تجاه جميع القضايا دائماً ما تكون ضبابية وغير متناسقة مع أراء المؤتمر الوطني، وتخرج دائماً مآخذ الحركة على المؤتمر الوطني إلى وسائل الإعلام عبر تصريحاتهم المتكررة، موضحاً أن ما اسماها بالرمادية في الآراء لا تنفع، تحديداً في هذا الوقت من عمر السياسة السودانية، والتي وصفها بالفترة الحرجة، مؤكدا أن المؤتمر الوطني منتبه تماماً لعلاقة حركة مناوي بالحركة الشعبية، واعتبر إسماعيل أن زيارات مناوي المتكررة إلى جنوب السودان ليست بريئة، وعلى المؤتمر الوطني أن يطلب منه توضيح رأيه، وتحديد وجهته بصورة قاطعة فيما يتعلق بالقضايا التي تهم البلاد في الوقت الراهن، معتبراً أن موقفه الآن مائع وضبابي، ومضر بحركته وبالدولة التي هو جزء منها. بيد أن المحلل السياس والمهتم بالشأن الدارفوري عبد الله آدم خاطر اعتب أن العلاقة بين حركة مناوي والحركة الشعبية علاقة عادية، مشيراً في حديث ل(الأخبار) إلى أن زيارات مناوي المتكررة إلى الجنوب تأتي في إطار التنسيق بينهما كطرفين موقعين على اتفاقيات سلام مع طرف واحد مشترك، وزاد عبد الله أن حركة مناوي أصبحت جزء من العملية السلمية ومن غير المعقول أن تقوم بأي نشاط عدائي جديد، موضحاً أن مناوي يكاد يكون مغبون من شريكه في اتفاقية ابوجا نسبة للتعثر في سير الاتفاقية، ولكنه من الاستحالة أن يعود إلى الحرب، مضيفاً انه ما دام الاتفاق موجود فلن تحدث إشكالات الآن ، وفيما بتعلق بالخلافات الحادة حول التعيينات أو دمج القوات فهو يري أنها كذلك لن تخرج مناوي أو جنوده من العملية السلمية التي تستكمل الآن . بحسب محدثي في الدوحة. نقلاً عن صحيفة الأخبار 26/9/2010م