بعد إجراء الاستفتاء على مصير جنوب السودان وفي حال جاءت النتيجة لمصلحة الانفصال ستكون الصين هي الخاسر الأكبر وذلك لامتلاكها أكثر الاستثمارات في هذا البلد الذي يعد مزوداً رئيساً للصين بالنفط، كما أن عدم الاستقرار في السودان يمكن أن ينعكس سلباً على مصالح الصين في الدول المجاورة مثل اثيوبيا وتشاد وليبيا ومصر. فالسودان الذي يمر بمنعطف صعب من تاريخه يحتاج إلى دعم المجتمع الدولي لتجنب أي أزمة متوقعة في حال خرجت الأوضاع عن السيطرة، وهذا بالطبع سيؤثر سلباً على السلام والاستقرار في كل المنطقة وينعكس بدوره على الاقتصاد الصيني وتالياً فإن الاستفتاء يجب أن يطبق وبشكل كامل بنود معاهدة السلام الشامل، هذه المعاهدة التي ستضع حداً لعقود من التناحر في صراع الشمال والجنوب وعليه فإن الصين ستكون هي الأكثر استفادة في المحافظة على وحدة البلاد ولكن في حال تم الانفصال فإن الصين ستحترم سيادة الدولة الوليدة وقراراتها وتقدر مرحلة التحول التي يمر بها السودان تبعاً لما صرح به المبعوث الصيني الخاص إلى افريقيا وممثل الصين في دارفور، ولكن الصين ما زالت إلى الآن قلقة لأن الأمور ليست في نصابها، خصوصاً أن الاتفاقية الرئيسة لم تطبق بعد وعليه فإن الوقت هو العامل الضاغط وعلى المجتمع الدولي أن يبذل مساعي حثيثة لتطوير الوضع ايجابياً على مسارين: الأول إجراء الاستفتاء في موعده من خلال تأمين البنى التحتية، والثاني دفع الخرطوم وجوباً للسعي لإيجاد حلول للقضايا العالقة، مثل ترسيم الحدود بين الجنوب والشمال وتقاسم الثروات الطبيعية. لقد أبدى معظم المسؤولين الغربيين اهتماماً وقلقاً حول مسيرة التحضيرات للاستفتاء، ففي تقرير نشرته مؤخراً جماعة الأزمات الدولية المستقلة أكدت أهمية إيجاد تسوية لقضية الحدود وذلك لتجنب تعقيدات مستقبلية، أهمها العودة إلى الصراع.. وبما أن مصادر النفط الأساسية تتركز في الأماكن المتنازع عليها فإن التضمين السياسي والاقتصادي لمسألة ترسيم الحدود تم تضخيمه وما زالت بعض النقاط الحدودية تحت السيطرة العسكرية. لقد تعرض دعم الصين لحكومة البشير إلى تعد غربي شديد اللهجة حين اتهمت حكومة الخرطوم بأنها وراء موت العشرات بل الآلاف في دارفور.. ولكن الصين رفضت هذا الانتقاد وأكدت أنها قدمت ملايين الدولارات لتخفيف المعاناة في دارفور ودعمت مساعي الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي لتحقيق السلام. والمثير للدهشة والجدل أن مسألتي استفتاء الجنوب ودارفور تتصدران أجندة محكمة العدل الدولية، وقد اتهمت الصين وبعض القادة الأفارقة المحكمة الدولية بازدواجية المعايير فيما يتعلق بالشأن الإفريقي بالمقارنة مع مقاربة المحكمة الدولية للوضع في العراق وأفغانستان. أخيراً، فإن الصين تدعم بقوة الدول الإفريقية وحقها بتسيير شؤونها بنفسها دون تدخل خارجي، فبكين تعتبر أن «قضية» البشير هي شأن السودانيين وحدهم وليس لأحد الحق في رفع الحصانة عن رئيس دولة أو محاكمته ولا حتى مجلس الأمن نفسه. عن الغارديان المصدرك تشرين السورية 27/9/2010