تحليل سياسي مع إصرار الحركة الشعبية ومن وراءها بعض القوى الدولية و فى مقدمتها الولاياتالمتحدة على ضرورة قيام الاستفتاء فى مواعيده ، فان ما يمكن وصفها بإشكاليات عملية و أسباب واقعية بدأت منذ الآن تؤثر على إمكانية قيام هذا الاستفتاء فى مواعيده . فبعد ان كان مقرراً انطلاق عمليات التسجيل - وهى احدي أهم مراحل العملية - فى اكتوبر الحالي فان الصعوبات الفنية التى نشأت ، قضت باستحالة إجراء عمليات التسجيل فى هذا الشهر , و ان من الممكن انطلاق عمليات التسجيل كحد أدني فى منتصف نوفمبر المقبل. وقال رئيس مفوضية الاستفتاء محمد خليل إبراهيم ان وصول النماذج المعدة للتسجيل الى 3600 مركز تسجيل لن يتم الا فى منتصف نوفمبر المقبل. كما أنه وبحسب خليل فان علميات التدريب التى تجري للعاملين فى هذا الصدد- وهى عملية مهمة للغاية- تستلزم هذا الوقت ولا يمكن الفراغ منها قبل حلول الخامس عشر من نوفمبر . إذن وفقاً لمنطق عملي طبيعي مرتبط بقضايا فنية بحتة ، لا يبدو ان الجداول الموضوعة لعملية الاستفتاء ستمضي وفقاً لما هو مقرر، ذلك أننا وبعملية حسابية بسيطة سنري كيف ان عمليات التسجيل التى قد تستأثر بما لا يقل عن أسبوعين، ثم تعقبها عمليات الطعون ونشر الكشوفات ومن ثم نشر الكشف النهائي قد تستغرق فى مجملها أربعة أسابيع (شهر) وسوف يلي ذلك عمليات نشر المراكز والمراقبين و العاملين و إعداد نماذج وبطاقات الاستفتاء ،وهذه ايضاً من المقدر ان تأخذ وقتاً لأن مفوضية الاستفتاء لم تحصل على التصديق المالي اللازم الا قبل ايام ، كما ان إعداد النماذج و البطاقات – سواء تم داخل او خارج السودان – يستلزم وقتاً لتفادي الأخطاء ،و الحرص على عمل سليم غير مطعون فيه. ان ما أتضح لنا حتى الآن عبر متابعاتنا فى (سودان سفاري) ان مفوضية الاستفتاء شرعت فى عملها فعلاً ،و يقول رئيسها رغماً عن كل ذلك ان مفوضيته لا تزال تأمل فى الوفاء بالموعد ؛ و يقول عضو المفوضية (لوال تشاني) من جانب الحركة الشعبية (اذا عمل الناس ليل نهار فانه سيكون بالإمكان قيام الاستفتاء فى موعده) ! و ربما قصد لوال العمل بهمة وبمثابرة لكنه فى الوقت نفسه فات عليه ان (العمل ليل نهار) فى شأن حساس كهذا معناه الاستعجال الشديد ،و معناه تزايد فرص الأخطاء ،وفتح الباب لمن يريد الطعن فى نزاهة العملية ، ومن ثم نشوب النزاع بشأنها واسعاً . ان قرار لوال بضرورة العمل ليل نهار هو فى حقيقته إقرار ب(ضيق الوقت) ولا ندري لماذا العجلة و الشعور بضيق الوقت طالما ان بالإمكان التغلب على هذه المعضلة بإضافة المزيد من الوقت؟ ومن المهم هنا ان نشير الى أن كل المطلوب من عملية الاستفتاء هو ان تأتي نظيفة خالية من الشوائب ، ليس فيها عجلة أو أخطاء و معايب تجعل منها منفذاً للتنازع مستقبلاً ،فهل لا تزال الحركة الشعبية رغم هذا الواقع تتمسك بقدسية المواعيد أم يا تري سوف يضطرها الواقع للإستجابة لتمديد طفيف لا يبدو أن هناك مفر منه ؟