تحليل سياسي فى حوار شامل أجرته معه صحيفة الرأي العام السودانية ، قال السفير صلاح حليمة مبعوث الجامعة العربية بالسودان ان موقف الجامعة العربية من محكمة الجنايات الدولية هو عدم التعاون معها بسبب تسييسها ،و أضاف حليمة أنه يعتقد ان غالب الرأي العام الدولي يقف داعماً للسودان ضد الجنائية مستبعداً تماماً إمكانية اتخاذ مجلس الأمن الدولي لأى قرار ضد السودان فى هذا الصدد ، لأن مجلس الأمن - كما قال- مصالحه متضاربة و ليس على قلب رجل واحد. و يأتي هذا الموقف العربي الذى يعد بمثابة دعامة إضافية لما وجده السودان من دعم من الاتحاد الإفريقي ،وما من شك ان هذين الموقفين – الموقف العربي و الموقف الأفريقي – لم يأت من فراغ ،و لا تعود أسبابه لأسباب عاطفية او مجاملة للسودان ،و لكن نبع هذان الموقفان من إدراك و متابعة لموقف محكمة الجنايات الدولية منذ نشوئها فى العام 2002 ، فهي ركزت بصفة أساسية – و بطريقة تبعث على الاستغراب و الدهشة – على جرائم الافارقة فى القارة الأفريقية والمنطقة العربية المتصلة اتصالاً وثيقاً بالقارة الأفريقية ،و قد بلغ التركيز على القارة الأفريقية – طوال الأعوام الثمانية الماضية - وهى كل عمر المحكمة- درجة إفراد مدعي عام المحكمة لويس اوكامبو لندوة خاصة خصصها للإجابة على ما قال انه سؤال ظل يتردد كثيراً ، وهو لماذا تركز المحكمة كل جهودها – فقط – لملاحقة الافارقة دون سواهم ؟ و كانت اجابة اوكامبو فى ندوة معهد ودورلسون بواشنطن مؤخراً ان التركيز اقتضته ظروف قيام هؤلاء الافارقة بارتكاب جرائم الحرب و جرائم الإبادة الجماعية ! و قد كان لهذا التطور الكبير الذى عبر عنه اوكامبو بهذه الصراحة أبلغ الأثر فى تبلور قناعة راسخة لدي مختلف دول ما يسمي بالعالم الثالث من ان هذا المنطق – منطق أوكامبو حيال الافارقة- لا يمكن ان يرجو منه أحد خيراً للعدالة و للبشرية جمعاء . ويقول لنا خبير قانوني فى العاصمة المصرية حيث مقر الجامعة العربية ، ان هناك عشرات الدراسات التى قام بها خبراء عديدين درسوا فيها مسيرة المحكمة و خلصوا الى أنها بعثت عنصرية بغيضة ؛ فهي أعطت الافارقة إنطباعاً بأنها نشأت لملاحقتهم ، إذ أنه و حتى لو كان الافارقة وحدهم الذين ارتكبوا جرائم حرب فى فترة الثماني سنوات الماضية منذ قيام المحكمة وتأسيسها فان من الصعب على رجل عدالة مسئول ان يقر صراحة بأن ملاحقة الافارقة وحدهم صحيحة لأنهم وحدهم من يرتكبون هذه الجرائم ، فالجميع يعلم ان الجريمة ليس لها جنس أو لون أو عرق ،وقد كان من المتوقع ان ينفي اوكامبو هذه الفرضية و يصر على ان المحكمة تلاحق جرائم و ليس أشخاصاً ،ولكن لأن لسان أوكامبو لسان سياسي فقد وقع الرجل فى المحظور ،و أسفر عن وجهه الحقيقي الكالح ليزيد من السياج القوي الذى يحيط به السودان أخوته العرب والأفارقة منعاً لمهزلة دولية كهذه !