تحليل رئيسي قبل أيام – فى الأسبوع الماضي- أرسلت محكمة الجنايات الدولية خطاباً رسمياً للحكومة الكينية تطلب فيه ببرود تام سرعة إفادتها بمحِاضر اجتماعات أمنية انعقدت فى الفترة من 2007 الى 2008 فى كينيا و خاصة بالحكومة الكينية لحاجة المحكمة لهذه المحاضِر ، بشأن تحقيق تجريه ! الحكومة الكينية التى علت الدهشة وجهها سارعت بالرد على الخطاب باستحالة تنفيذ طلب المحكمة ، وذلك لسبب فى غاية البساطة كما قالت وهو ان محاضر هذه الاجتماعات هى أمور تمس الأمن القومي الكيني و ليس بوسع أى سلطة فى كينيا تحترم سيادة الدولة ان تمد المحكمة بمحاضر كهذه ، لا الآن ولا فى المستقبل ولا تحت أى ظروف . ومع ان الطلب لا يصعب فهمه كونه يأتي فى سياق (غبن) يشعر به مدعي عام المحكمة بسبب استقبال كينيا واستضافة الرئيس البشير قبل أسابيع فى احتفالها بدستورها الجديد ، ممتنعة عن اعتقاله كما كان يحلم المدعي العام ، باعتبار ان كينيا موقعة على ميثاق المحكمة. و يبدو أن هذا الموقف أثار غضب أوكامبو و آلمه غاية الألم . مع كل ذلك إلاّ ان الطلب فى حد ذاته يبدو غريباً ، حيث لا يمكن بحال من الأحوال ان تقدم دولة محترمة وتحترم سيادتها و أمنها ،محاضر خاصة بأمنها القومي الى اى جهة أجنبية مهما كانمت الضرورة. و يبدو أنه لسوء حظ المحكمة أنها أسفرت عن هذا الوجه الاستعماري البغيض فى هذا التوقيت ، وكما يقول مصدر دبلوماسي كيني أنه أشبه بالمساس بسيادة الدولة ورمزها ، مما يجعل من كينيا فى موقف مشابه للسودان الذى أُستهدف رمز سيادته البشير. و لعل هذا المطالبة الغريبة التى يبدو أنها جرحت كبرياء السيادة الكينية زاد من تعميق شعور القادة الافارقة بأن دول القارة وحدها المستهدفة بقرارات المحكمة، فالطلب لم يشر الى وجود قضية بعينها ،و فى الوقت نفسه فان المطالبة بمحاضر أمنية بهذا المستوي هو دون شك عدم اكتراث وتقدير للسيادة الكينية ، ولا تجرؤ المحكمة لتقديم طلب كهذا لدولة أوروبية أو دولة من الغرب ، فهي تستسهل و تستهين بالأفارقة لأنهم كما قال أوكامبو فى ندوة واشنطن منتصف سبتمبر الماضي ،هم وحدهم من يرتكبون جرائم ضد الإنسانية !