تحليل سياسي بالطبع حين تقرر منح مثلث أبيي الحق فى تقرير مصيره بالانضمام الى الجنوب أو الشمال- هو بروتوكول منفصل قائم بذاته – فان النص لم يشر الى ان من لديه الحق فى التصويت عند قيام الاستفتاء هم أثنية بعينها ،ولكن النص أوضح ان لمواطني المنطقة الحق فى التصويت. ولا شك أن مواطني المنطقة يشملون قبيلة المسيرية الى جانب دينكا نقوك لأن معطيات التاريخ أشارت الى وجود المسيرية منذ قرون فى المنطقة وانصهارهم مع الدينكا منذ العام 1900 أو ما قبله . الآن تحاول الحركة الشعبية نزع حق التصويت من المسيرية وهو ذات ما تبنته الإدارة الأمريكية وعرضته على الحكومة السودانية و تحفظت عليه الأخيرة ، بل وقالت مصادر فى الحزب الوطني انه مقترح مرفوض وبمثابة (خط أحمر) .و لهذا فان السؤال الذى يفرض نفسه بقوة هنا هو ،هل للمسيرية الحق فى التصويت فى الاستفتاء المرتقب أم لا ؟ للإجابة على هذا السؤال فان المقترح الأمريكي يجيب ضمناً عنه – فالمقترح يقول ان يُمنَح المسيرية الحق فى التصويت لِمَن أقام منهم إقامة دائمة لمدة سنة على الأقل قبل إجراء الاستفتاء . وبالطبع يتأكد لنا هنا ان للمسيرية الحق أصلاً فى الاستفتاء ولكن الخلاف ربما ثار حول معيار قياس المسيرية . ويقول لنا أحد أعيان القبيلة من أبيي ، ان الحركة الشعبية أجرت إحصاءاً سرياً منذ سنوات أيقنت من خلاله ان أعداد المسيرية اكبر أو مساوية و موازية لأعداد دينكا نقوك و غيرهم من القبائل ذات الأصول الجنوبية ،ولهذا فقد أثارت الحركة الشعبية مخاوف واتهامات فحواها ان المسيرية يتم توطينهم فى المنطقة حتى يتكاثر عددهم . غير ان الحركة الشعبية لا تملك أدلة على هذه المزاعم ،و حتى لو امتلكت فان النص لم يشترط ان يكف المسيرية عن المِرحال والحراك الى حين اجراء الاستفتاء ، ذلك ان الجميع يعلم أن المسيرية قبيلة رعوية ومن ثم فهي تتحرك وراء مناطق المياه والأعشاب سنوياً أحياناً تتوغل لأميال بعيدة داخل الجنوب نفسه طوال فترة فصل الخريف ،و لكنها مقيمة بصفة أساسية فى المنطقة. و لعلنا هنا نتساءل عن ما إذا كان من حق المواطنين الجنوبيين الذين هم في حراك داخل السودان التصويت فى استفتاء تقرير مصير الجنوب أم لا ؛ فهم يملكون الحق أينما كانوا وبحسب ما يتوفر لهم من فرص ، إذ أن المحك فقط أنهم بكونهم مواطنين جنوبيين – بذات القدر فان قبيلة المسيرية مقيمة في منطقة أبيي إقامة تاريخية معروفة من ثم فهي تملك الحق فى الاستفتاء . وعلى كل فان المفاوضات التى جرت فى العاصمة الاثيوبية أديس أبابا بشأن هذا الموضوع لعلها قد خلصت الى حلول ،ومن المفروغ منه ان المسيرية لو كانوا لا يملكون حق التصويت من أساسه لما كانت هنالك حاجة لهذا التفاوض و هذه المقترحات !