منذ ان اقترب موعد استفتاء منطقة أبيي و الذى كان مقرراً ان يتزامن مع استفتاء جنوب السودان فى التاسع من يناير 2011، فان المقترحات بشأن حل قضية أبيي تتدفق كما السيل هنا وهناك، و هى تارة مقترحات أمريكية- قدمها السيناتور كيري ، وبعضها قدمه غرايشون وبعضها تسرب من واشنطن، و تارة أخري مقترحات من لجنة حكماء أفريقيا مثل المقترحات التى كشفت بعض وسائل الإعلام جزء منها مؤخراً و التى قيل ان رئيس لجنة الحكماء – ثامبو أمبيكي- قد عرضها على الشريكين وهما يتدارسانها الآن . و لعل القاسم المشترك الملاحظ بشأن هذه المقترحات الخاصة بحل أزمة أبيي أنها تدع بنود اتفاقية السلام الشامل وبروتوكول أبيي و تأتي بمقترح (جديد) و الواقع ان هذا ما ظل يثير دهشة العديد من المراقبين ، إذ لا ينكر أحد أن نزاع أبيي لا يخلو من تعقيد، ولكن بالمقابل فان كيفية معالجة هذا التعقيد اتفق الشريكان فى نيفاشا قبل سنوات على عناصر حله، و نعني بذلك إجراء استفتاء بحسب نص البنود (يشارك فيه دينكا نقوك والقبائل الاخري فى المنطقة) ، هكذا ورد النص ، ومن ثم فان الجدل فقط ثار حول ما إذا كانت قبائل المسيرية- المعترف بوجودها فى المنطقة- تملك الحق فى الاستفتاء أم لا ؟ هذا هو جوهر الأزمة ، ففي حين ان المنطق يقضي بأن يكون لقبائل المسيرية – بحكم الإقامة و بنص البروتوكول- الحق فى الاستفتاء ، فان الحركة الشعبية و من خلفها الولاياتالمتحدة ينزعون هذا الحق عن المسيرية – وقد قاد هذا الفهم الخاطئ الى ظهور هذه المقترحات. وتشترك هذه المقترحات فى أنها تعتمد مبدأ التسوية ، فقد كان المقترح الأمريكي يقضي بضم أبيي الى الجنوب – وهو ذات ما طلبته الحركة الشعبية مع الاحتفاظ للمسيرية بحق الرعي والتجوال! الآن ورد أمر مماثل فى مقترح أمبيكي الذى قيل انه يقع فى 30 صفحة وتضمن ستة مقترحات من بينها ضم أبيي للجنوب -عبر تسوية- و من ثم إعطاء المسيرية حقوق الرعي و الترحال و ربما تعويضات. و مكمن الخلل فى مثل هذه المقترحات أنها تتخلي و تفارق البنود الأساسية للإتفاق و التى تم الاتفاق حولها من الأساس حتى لا تنشأ اى حاجة (لتفاوض و حل جديد) ،و الشئ الذى نلاحظه الآن ان الوسطاء يسعون لتفاوض و حل جديد وكأن المشكلة مستحدثة و جديدة! من جانب ثان فان من شأن الإكثار من المقترحات – بعيداً عن جوهر المشكلة المتمثل فى من يحق له التصويت ان يحوِّل القضية من قضية أهلية ناخبين و حق فى التصويت الى قضية نزاع حول أرض و منطقة حدودية تخص الجنوب وحده ينازعه عليها الشمال! وهذا ليس صحيحاً وهو ما بات يروج له أمين عام الحركة الشعبية باقان أموم حتى يعطي الأزمة بعداً دعائياً مختلفاً ! ان تسوية قضية أبيي ما ينبغي ان تخرج عن الإطار القانوني الوارد فى البروتوكول بأي حال من الأحوال !