والله حزنت للغاية وأنا أسمع تصريحات السيد الأمام الصادق المهدي .. ثم من بعده الدكتور بشير آدم رحمة حول المعارضة بوفد مجلس الأمن الذي زار الخرطوم أمس... الصادق المهدي قال أن اللقاء كان مجرد (حفل استقبال) .. تصوروا..!! وأن القوى السياسية السودانية همشت .. وأكمل الصورة بشير رحمة فقال أنهم فوجئوا بأن الوفد جاء من أجل بند واحد فقط هو الاستفتاء .. بينما كانت المعارضة تتوقع أن يناقشهم وفد مجلس الأمن في قضايا كثيرة .. ضرب مثلاً لها بمشكلات يتعرض لها الشعب السوداني منها (غلاء المعيشة) .. وكالت القوى السياسية لوفد مجلس الأمن لأنهم أحسوا بالحالة التي عبر عنها الفنان عادل امام في أحد أفلامه بقوله (أنا اتهزأت يا جماعة). هل هناك أكثر من هذا الحال بؤساً .. أليس للقوى السياسية عقل تقرأ به حركة الأحداث والتاريخ حولها .. ألا يعرفون لماذا تجشم وفد مجلس الأمن وعلي رأسهم السفيرة الأمريكية سوزان رايس عناء السفر عبر الأطلنطي .. هلي جاؤوا لمناقشة (غلاء المعيشة) وسعر الدولار والمواصلات في العاصمة ورسوم التلاميذ في المدارس ومشكلة إغلاق محلات الشيشة. اذا لم تستطيع القوى السياسية فرض احترام الذات في نفسها.. فلن تجده عند وفود مجلس الأمن أو غيرهم من الزوار الذين يصلون البلاد للتعامل بجدية حيثما وجدوا الجدية .. وعندما يدرك الأجانب أن أحزابنا ليست في الحقيقة سوى روابط هشة تنتظر بفارغ الصبر التقاط الصور مع ممثلي الدول الأجنبية .. وتفرح مجاملات السفارات .. فان كل الذي يحدث أن وفد مجلس الأمن لن ينشغل بأكثر من (حفل استقبال) يجمعه معهم من أجل إضافة فقرة في تقريرهم للمجلس تقول .. (والتقي الوفد بالقوي السياسية السوداني). حال القوى السياسية السودانية لا يسر الا العدو .. ولو ظلوا على حالهم هذا .. فأن الزمن يمضي كالقطار ويتركهم يتلفتون في محطة (صابرين) .. فليس أمام أحزابنا الا أن تمارس نقد الذات وتدرك أنها في ضلع في مثلث النكبة الوطنية .. وأنها جزء من مصاصي دماء الديمقراطية في البلاد، لأنهم يريدون ديمقراطية في كل الدولة الا أحزابهم ... سبق أن رويت لكم قبل عدة سنوات كيف اني رأيت دبلوماسية أجنبية شابة لا يتعدي عمرها بضع وعشرين سنة .. وقف أمامها (كبار) رجالات القوى السياسية السودانية يشكون لها ضنك الحال السياسي وشظف الحريات.. والشابة الصغيرة واجمة لا تصدق أنها هي .. التي ينتظرها هؤلاء لحل مشكلاتهم السياسة .. صحيح بلدنا منغمس في أجندة العالم وغارق حتى إذنيه في تدخلات الأجانب في شأنه الخاص والعالم .. لكن ساسة أقوياء .. ليس قوة العضل أو (العض) بالتصريحات .. بل قوة المؤسسات المدججة بالديمقراطية من أخمص قدميها إلى قمة شعرها... يا ساستنا .. احمدوا الله أن سوزان رايس وجدت وقتاً لالتقاط الصور التذكارية معكم.. نقلاً عن صحيفة التيار 10/10/2010م