تزامن إعلان رئيس وفد الحركة الشعبية حول ملف أبيي أن المحادثات فشلت، ولم يتم حسم الموضوع بين الجانبين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، وقال الأمين العام للحركة الشعبية وزير السلام بحكومة الجنوب باقان أموم الذي أغلق هاتفه طيلة أيام التفاوض: هذه الجولة فشلت في التوصل إلى أي شيء، وأمامنا 90 يوماً فقط على الاستفتاء. أن فشل الطرفين في تسوية الملف وحسم القضايا العالقة قد يؤدي إلى نهاية عملية السلام ذاتها، مع خطاب رئيس الجمهورية في افتتاح دورة الانعقاد الثانية للبرلمان السوداني، والذي قال فيه أنه لن يقبل بديلاً للوحدة الوطنية، مؤكداً السعي الحثيث لانجاز الاستفتاء في توقيته المعلن، وهو ما جعل العديد من المراقبين يتوقعون أن زيارة نائبه علي عثمان محمد طه لجوبا ستحفل بالعديد من المفاجآت، من ضمنها طرح تأجيل الاستفتاء من داخل ملتقي الحوار الجنوبي الجنوبي، باعتباره الملتقي الذي يضم رموز العمل السياسي الجنوبي ومن مختلف التشكيلات الاجتماعية السكانية، مما يجعل القرارات التي سوف تتخذ من داخل الملتقي محل إجماع من المجتمع الجنوبي الا من أبى. يبدو أن دوائر ليست ذات تأثير حاولت الاصطياد في الماء العكر من خلال محاولة إبراز دعوة حكومة الجنوب والحركة الشعبية للقوى السياسية الجنوبية الأخرى، ورموز العمل السياسي الجنوبي للاجتماع وتصويره باعتباره محاولة تصفية ذات بعدين، الأولي تصفية موقف القوى السياسية الأخرى باعتبارها معارضة لحكومة الحركة الشعبية، وبالتالي نقلها من خانة المعارضة في الحد الأدنى لخانة الشريك الحكومي في الجنوب، والثاني تصفية الرموز الذين يشكلون خطراً سياسياً على نفوذ بعض قيادات الحركة. بيد أن تصريحات لأبرز معارض سياسي جنوبي ورمز من رموز تأسيس الحركة الشعبية، أكدت أن الملتقي حقيقي ويأتي في سياق البحث عن وحدة السودان من خلال وحدة الجنوب نفسه، وهو ما وضعه د. لام أكول بقوله وأهم من يبحث وحدة السودان دون وحدة الجنوب، وهي الوحدة المفترضة من خلال توحيد المجتمع الجنوبي بتجاوز الخلافات القبلية، أولاً وثانياً بتوحيد الموقف التفاوضي المطلبي المتمثل في إجراء الاستفتاء ولعل ما يجعل لقاء سلفاكير وعلي عثمان ذا أهمية قصوى، الظروف المحيطة باللقاء والتي تبرز في أعقاب تصريحات متبادلة ساهمت في خلق حالة من التوتر غير المسبوق بين الطرفين، أسس لها تصريح وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة د. كمال عبيد، التي أوضح فيها الموقف بالنسبة للمواطنين الجنوبيين في الشمال حال الانفصال، في عبارات وصفها المراقبين بالجارحة، بالاضافة لما وصف بالانقلاب المفاجئ في موقف الحركة بتصريحات النائب الأول لدي عودته من أمريكا، بقوله: أنه لن يصوت للوحدة. يبد أن سلفاكير الرجل الذي قال عن نفسه في أول حوار صحفي له بعد تنصيبه بأنه حمل البندقية عشرين عاماً من أجل الوحدة، يري محللون أنه أراد بهذه العبارة امتصاص اكبر قدر ممكن من حالة الاحتقان الجماهيري المرتبط عاطفياً بالانفصال، ليتطابق في ذهنية الكثير منهم بالاستقلال، مما يفسر بحجم المرارات التاريخية والتشوهات النفسية التي يحملها الكثيرين، والتي تجعل أي قرارات سياسية لا تصب في اتجاه رغباتهم بمثابة انفجار يؤول لتكاليف كبيرة غير مأمونة العواقب، ولصالح تجميع التيارات الانفصالية، بل وخلق جيوب جديدة، وهو ما لا يريده وحدويي الحركة، وهو ما يفرض عليها وفق الحسابات السياسية الا تخسر مجتمعها لصالح قوى تنافسها على نفس الجماهير، واختلفت معها قبلياً. ويبدو المشهد في ثنائية الاجتماع ومحاولة التكريس إعلامياً بأنه بخصوص ملف أبيي فقط، وفي ظل غياب واضح لقوي الضعف الترهل الوطني الأخرى، مرهوناً للإرادة السياسية في المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، الحركة بحسابات واقعها في الجنوب وموازنتها السياسية والضغوط التي تواجهها، في مقابل تيارات تكتنف الوطني تيار الحكمة والمرونة السياسية، والذي أعلن التزامه بقيام الاستفتاء، وتعهد بذلك أمام القوى الدولية بشرط النزاهة. ويبدو من تصريحات رموزه استمرار مراهنته على الوحدة حتى وان حدث انفصال عبر تطويق الانفصال وإعادة إنتاج الوحدة في ظل غياب للإستراتيجية التي يمكن من خلالها تطبيق ذلك، ولسان حاله لكل مقام مقال، وتيار التهديد والوعيد والذي يبدو من المشهد أنه فقد الأمل في تحقيق الوحدة أو الحفاظ عليها ومورط بالالتزامات واستحقاقات الاتفاقية. ويري أن الأمر بيد الحركة وفي يد المواطن الجنوبي، لذا يريد ممارسة ضغوط سياسية حتى وان قاد السودان إلى حرب، ولسان حاله كما وصفه المحلل السياسي والخبير الاقتصادي محمد علي جادين (علي وعلي أعدائي) . فهل يفلح سلفاكير وعلي عثمان في وضع النقاط فوق الحروف والخروج بالسودان من النفق المظلم عبر كشف كل الأوراق؟. نقلاً عن صحيفة ألوان 13/10/2010م