أصدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) مؤخرا (تقرير المؤشر العالمي للجوع) الذي كشف عن حقائق خطيرة جدا يأتي في مقدمتها أن عدد الجياع في العالم وصل إلى نحو مليار شخص، معظمهم أطفال في إفريقيا وآسيا، وحذر من (مستقبل كارثي) في مجال الغذاء في 25 دولة حول العالم هي: نيبال، تنزانيا، كمبوديا، السودان، زيمبابوي، بوركينافاسو، توغو، غينيا بيساو، رواندا، جيبوتي، موزمبيق، الهند، بنغلاديش، ليبريا، زامبيا، تيمور الشرقية، النيجر، أنغولا، اليمن، أفريقيا الوسطى، مدغشقر، جزر القمر، هايتي، سيراليون، إثيوبيا. السيدة (عبير عطيفة) المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الغذاء العالمي صرحت خلال نشر التقرير بأن هناك أسبابا متعددة لوصول عدد الجياع في العالم إلى هذا العدد الهائل، من بينها العوامل المناخية التي تجتاح العالم، وقلة الاستثمار في الأمن الغذائي، وارتفاع معدلات الفقر، والكوارث الطبيعية مثل فيضانات باكستان المدمرة وزلزال هايتي، إضافة إلى حالة الجفاف والتصحر التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية. الإعلان عن التقرير المذكور تم خلال الاحتفال ب (يوم الغذاء العالمي) الذي صادف يوم الجمعة الماضي، حيث اجتمع مبعوثون من مختلف دول العالم في مقر منظمة (الفاو) في العاصمة الإيطالية روما في محاولة لحث زعماء العالم على الاستثمار بكثافة في مجال الأمن الغذائي وإغاثة مليار شخص يعانون من الجوع يوميا. وقد حذرت المنظمة خلال الحفل من أنه على الرغم من انتهاء أزمة الغذاء التي داهمت العالم في عام 2008 فإنه لا تزال هناك مشكلة هيكلية كامنة فيما يتعلق بإنتاج الطعام، ومن الممكن حدوث أزمة غذائية أخرى إذا لم تكن هناك استثمارات وشيكة. أقول: إن وجود ثلاث دول عربية ضمن قائمة الدول التي تعاني شعوبها من الجوع وهي: (السودان، وجيبوتي، واليمن) على الرغم من أنها تتمتع بأراض شديدة الخصوبة وبإنتاج زراعي كبير جدا يمثل واحدا من أهم مصادر دخلها القومي هو نذير خطر شديد على جميع الدول العربية الأخرى التي تقل عنها في مجال الإنتاج الزراعي وبالذات دول مجلس التعاون الخليجي التي تستورد معظم احتياجاتها الغذائية من الخارج ولا يغطي إنتاجها الزراعي المحلي سوى نسبة ضئيلة من استهلاك مواطنيها والمقيمين فيها الذين تتزايد أعدادهم عاما بعد عام. إن الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل الوطني في بلداننا الخليجية وتهميش القطاع الزراعي أو تحجيمه سيؤدي إلى حدوث كوارث غذائية لشعوبنا في حال حدوث حروب في منطقة الخليج أو اندلاع نزاعات مسلحة على أطرافها تهدد تصدير النفط ووصول الواردات الغذائية إلى ديارنا، وهو تهديد واقعي مرجح حدوثه في أية لحظة بسبب التوتر العسكري والسياسي الذي ترزح تحته منطقة الشرق الأوسط منذ عقود طويلة واندلعت بسببه العديد من الحروب المدمرة، ما يفرض علينا كدول خليجية ذات مداخيل هائلة حاليا أن نوجه جزءا منها نحو التوسع في الإنتاج الزراعي عبر الاستغلال الأمثل للأراضي الزراعية في بلداننا، واستصلاح الأراضي الصحراوية، واستغلال تقنيات معالجة مياه المجاري في إيجاد مصدر متجدد ومستمر من المياه الصالحة للري، ودعم الاستقرار الأمني والسياسي في السودان واليمن لأنهما البلدان الأكثر قابلية للتوسع في الإنتاج الزراعي وتغطية احتياجات الشعوب العربية كلها لو أحسن استثمار أراضيهما ومواردهما الطبيعية الهائلة. المصدر: اخبار الخليج 20/10/2010