أكدت الحكومة السودانية مجدداً عزمها على إكمال تطبيق المراحل الأخيرة من اتفاقية السلام الشامل بما في ذلك إجراء الإستفتاء علي مصير جنوب السودان ليكون موثوقاً به ونزيهاً وشفافاً يعكس الإرادة الحقيقية لشعب جنوب السودان بعيداً عن المؤثرات والمزايدات ، إتساقاً مع حقيقة أن الإستفتاء ليس هدفاً في ذاته بل هو وسيلة يُتوخى فيها أن تُفضي بنا إلى تعزيز السلام والإستقرار والتعايش المثالي لا إلى الحرب التي ما قبلنا بخيار حق تقرير المصير إلا من أجل طيّ صفحتها إلى الأبد. وقال مندوب السودان الدائم لدي الأممالمتحدة السفير دفع الله الحاج علي خلال االبيان الذي أمام مجلس الأمن خلال مداولاته مساء اليوم بشأن تقريرَيّ الأمين العام حول تنفيذ اتفاقية السلام الشامل والوضع في دارفور ، قال مندوب ان تقرير الأمين العام المعروض على المجلس بشأن التقدم المحرز في تطبيق اتفاقية السلام الشامل يعكس بوضوح لا تخطئه العين مدى تصميم الحكومة السودانية وعزمها على الوفاء بتنفيذ ما تبقى من إستحقاقات هذه الإتفاقية ، مشيراً إلى ما جاء في الفقرة الثالثة من البيان الختامي للإجتماع الرفيع المستوى بشأن السودان في الرابع والعشرين من سبتمبر المنصرم بأن طرفي اتفاقية السلام الشامل قد تمكنا من تجاوز العديد من العقبات خلال السنوات الخمس الماضية رغم الظروف الصعبة التي لازمت ذلك. وأشار مندوب السودان الدائم لدي الأممالمتحدة ماضية في جهودها الرامية لتسوية القضايا العالقة بما في ذلك وضع منطقة أبيي وترسيم الحدود والمشاورات الشعبية الخاصة بوِلايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق". واشار الى أن أيَّة محاولة لإجراء الإستفتاء قبل التوصل إلى تسوية مقبولة لدى الطرفين بالنسبة لوضع منطقة أبيي يؤدي الى تعقيد الوضع ، مؤكداً حرص الحكومة السودانية على تقديم كل ما هو ممكن من تنازلات رغبة في التوصل إلى تسوية تأخذ في الحسبان الحقوق المشروعة والغير قابلة للتصرف لأكبر مجموعتين عرقيتين في هذه المنطقة وهما قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك الأمر الذي يستوجب إعمال العقل وترجيح الحكمة وليس الإندفاع . وحول ترسيم الحدود قال السفير دفع الله الحاج علي أن أمام مجلس الأمن ما يكفي من الأمثلة لدول وقوميات إنفصلت ولكن نيران الحروب لم تنطفئ بسبب عدم حسم مسائل الحدود. وفيما يتعلق بترتيبات ما بعد الإستفتاء قال إن الحكومة السودانية قد أكدت عند توقيعها على مذكرة التفاهم في مَكلي بأثيوبيا في الثالث والعشرين من يونيو الماضي تصميمها على التفاوض الموضوعي الجاد على تلك الترتيبات بما في ذلك الثروة والمواطنة والأمن والإتفاقيات والصكوك القانونية الدولية ، حيث تم إستعراض هذه القضايا بإستفاضة في حلقة عمل مشتركة في التاسع عشر من يوليو المنصرم وذلك بمشاركة الفريق الرفيع المستوى التابع للإتحاد الأفريقي ، وبعثة الأممالمتحدة في السودان ، وتم تشكيل أربعة فرق عمل تعنى بهذه الموضوعات ، كما تم إعتماد الجدول الزمني للعمل بما في ذلك التفاصيل الإجرائية والفنية. وعن الوضع الأمني الراهن في جنوب السودان قال السفير دفع الله "إننا نتفق مع ما جاء في الفقرات (22) ، (23) ، (24) ، (25) من تقرير الأمين العام بأن الوضع الأمني الراهن في جنوب السودان مثير للقلق خاصة آثار ذلك على الوضع الإنساني في ضوء الفجوة الغذائية التي أشار إليها التقرير وإرتفاع معدلات سوء التغذية الحاد ، فالجميع مواطنون سودانيون ويهمنا أمرهم". وحول التقرير الثاني المعروض أمام المجلس بشأن الوضع في دارفور والتقدم المحرز في تنفيذ ولاية العملية المختلطة UNAMID ، قال السفير"إننا نقول لمجلسكم الموقر (ليس من رأى كمن سمع) ، وها أنتم قد رأيتم وسمعتم بثلاثين عين وثلاثين أذن أيضاً من خلال وقوفكم ميدانياً على حقيقة الأوضاع على الأرض وكيف أن الحياة اليومية في معسكر أبوشوك ومعسكر زمزم لا تختلف كثيراً عنها في مدينة الفاشر من حيث المأكل والمشرب" وأضاف "ولكن تظل عودة هؤلاء جميعاً إلى قراهم وممارسة حياتهم الطبيعية هي أحد أهم أولويات الحكومة السودانية التي تسعى جاهدة للإسراع في تحقيقها عبر الإستراتيجية الجديدة الخاصة بدارفور والتي إستمعتم إلى عرض شامل لمحاورها خلال لقاءاتكم مع كبار المسئولين في السودان ، وقبل ذلك العرض التفصيلي الذي إستمتعم إليه من والي شمال دارفور وأعضاء حكومته ". وقال السفير دفع الله الحاج علي ان تلك الإستراتيجية الخاصة بإقليم دارفور قد أولت إهتماماً خاصاً بمحاربة الإفلات من العقاب خاصة وأن منفذي الهجمات والسرقات ضد حفظة السلام والعاملين في المجال الإنساني هم عصابات نهب مسلح وقُطاع طرق. وأشار السفير دفع الله الحاج علي الى أن هناك جهداً سياسياً مكثفاً على المسارين ، الداخلي ممثلاً في إستراتيجية الحكومة الجديدة الرامية لجعل السلام واقعاً معاشاً بتوفير مقومات العودة الطوعية والأمن والإستقرار ، وتحريك عملية السلام من الداخل عبر فعاليات المجتمع المدني الدارفوري العريض بما في ذلك ممثلي الفئات والزعامات المحلية وأعيان القبائل ، وقبل ذلك مع القيادات المنتخبة من أبناء دارفور وممثليهم في الجهازين التنفيذي والتشريعي باعتبارهم الممثلين الحقيقيين لأهل دارفور ، والمسار الثاني ممثلاً في جهود الوساطة المشتركة الجارية الآن في الدوحة تحت رعاية حكومة دولة قطر الشقيقة وبقيادة الوسيط المشترك جبريل باسولي وبدعم مقدر من كافة دول الجوار السوداني ، مشيراً الي أن الوضع التفاوضي الآن قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من تتويج هذه الجهود بإتفاق سلام شامل ومستدام خلال الأيام القليلة المقبلة ، مشيراً إلي أهمية دور مجلس الأمن في دفع المسار السياسي إلى الأمام وحمل الرافضين لخيار السلام على اللحاق فوراً بقطار المفاوضات في الدوحة ، مناشداً المجلس بحث فصائل التمرد التي لم تنضم لمحفل الدوحة بأن تستجيب لصوت العقل وتجلس للتفاوض لطيّ صفحة النزاع. وفيما يتعلق بالخيارات التي وردت لدى البعض حول زيادة قوات يونميس UNMIS تحسباً لما يمكن أن يحدث من عدم إستقرار ، قال السفير دفع الله ان الخيار الأمثل هو أن يستخدم المجلس حكمته ووزنه في مساعدة الأطراف للتوصل لحل مُرضي للمسائل العالقة مثل وضع أبيي وترسيم الحدود لأن زيادة القوات لا تحل مشكلة في ضوء عدم التوصل لحلول موضوعية حول هذه المسائل.