البعض يحلو له تجميل الحزب الوطني الحاكم ما يسمونه مسئولية انفصال الجنوب المحتمل, فعل ذلك تحالف جوبا المضعضع, وفعل ذلك أيضاً مكوني الجبهة المعارضة التي ولدت شائهة في لندن مؤخراً بزعامة القيادي الاتحادي علي محمود حسنين ويفعل ذلك العديد من الساسة المعارضين فهم أراحوا أنفسهم وتحللوا من أي مسئولية واكتفوا بإبقاء اللوم علي الحزب الوطني. وبداية يجدر بنا التأكيد علي أن الوحيد الذي يتحمل مسئولية انفصال الجنوب هي الحركة الشعبية وذلك- وببساطة شديدة للغاية- لأنها وهي تتوجه للانفصال الآن لا تملك أدني مسوغ لهذه الخطوة, وعلي كثرة المبررات التي استمعنا لها من قادة الحركة من شاكلة أن الحزب الوطني لم يعمل علي جعل الوحدة جاذبة, أو أن الحزب الوطني لم يعمل لعلمانية الدولة, أو أن هناك فقط رغبة جنوبية عارمة لإنشاء دولة مستقلة - علي كثرة هذه المبررات التي نسمعها لم نجد حتي هذه اللحظة ولن نجد مبررات سياسية موضوعية يقبلها العقل للتوجه الانفصالي الذي تبنته الحركة علي حين غرة, بدون أن يأتي هذا التوجه بصورة ديمقراطية من مواطني الجنوب أو قرار تتخذه أجهزة الحركة مثل مجلس التحرير الذي تم التخلص منه تفادياً لأي منازعات أو نقاش يدور حول الأمر فيحبط توجهات الحركة. كل ما هناك أن قله قليلة من قيادة الحركة- تحسب علي اصابع اليد الواحدة- عملت علي تعبئة المواطنين الجنوبيين ودفعهم دفعاً لتبني هذا الخيار وليس أدل علي ذلك من منع الحركة أي صوت ووحدوي من التعبير عن نفسه في الجنوب كما ليس أدل علي ذلك من تحاشي الحركة تبصير مواطني الجنوب لمخاطر الانفصال علي اعتبار أن الانفصال ليس عملاً سهلاً وإنما هو بداية من الصفر سوف يعاني جراءها المواطن الجنوبي ربما لعمر كامل. اذن الحركة الشعبية هي وحدها الآن من قرر الانفصال وساق مواطني الجنوب باتجاهه. ولئن قال قائل إن الجنوب السوداني ربما بدا غير متجانس مع الشمال فهذه دون أدني شك ليست بمثابة مبرر للانفصال لأن التنوع كما هو معروف عنصر قوة وأدعي لترسيخ هذه الوحدة والأمثلة علي ذلك لا حصر لها, ولئن قال قائل أيضا أن الحركة الشعبية تريد التخلص من أزمات السودان ومشاكله فهذا بمثابة تهرب غير شريف وغير مشرف من المسئولية الوطنية. أما القوي السياسية التي ترتبط مع الحركة بتحالفات فهي أصلاً لا تملك حق اللوم لأنها- ولسبب غير معروف- لا تلوم مطلقاً الحركة ولا تنتقدها, هي فقط ترمي اللوم علي شريكها الوطني وهذا أمر ليس من العدل في شئ!!