قال المتحدث باسم الجيش السوداني المقدم الصوارمي خالد سعد - الاثنين الماضي - ان قوة تقدر بسرية مشاة مدعومة بثلاثة سيارات دفع أمامي مسلحة، و بصحبتها دبابة وسيارة يورال تحمل مدفعاً رباعياً تتبع للجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية هاجمت موقعاً للجيش الحكومي بمنطقة (الزمالي) بولاية سنار. الهجوم بحسب المتحدث باسم الجيش السوداني وقع السبت الماضي بعدما توغلت هذه القوات - بالمخالفة لبند الترتيبات الأمنية - لمسافة 5 كلم شمال حدود 1956 ، وأضاف المقدم الصوارمي ان القوة المهاجمة كانت عقب عبورها الحدود قد شرعت فى تحصيل جبايات مالية من مزارعي المنطقة، على الرغم من ان المنطقة لا صلة لها إدارياً بالجنوب و قد احتج مزارعوا المنطقة علي هذا التدخل السافر من جانب الجيش الشعبي وأبلغوا السلطات الحكومية فى المنطقة. ومع أن بيان المتحدث باسم الجيش الحكومي لم يشر الى وقوع خسائر فى الأرواح أو المعدات و اكتفي بالتأكيد على تمكن القوات المسلحة السودانية من إجبار قوات الجيش الشعبي على التراجع من المنطقة و العودة الى جنوب خط 1956 ، إلا ان الحادثة شكلت وبكل المقاييس مظهراً مثيراً للقلق بشأن مستقبل أمن و استقرار حدود الشطرين شمال السودان وجنوبه . ومن المؤكد ان أكثر ما يثير القلق هو أن الجيش السوداني أورد فى ذات بيانه أنه لزم الصمت و لم يتحدث عن الحادثة لثلاثة ايام ، حيث وقعت الحادثة يوم السبت ولم يشر إليها إلا يوم الاثنين ، وبرر المتحدث باسم الجيش ذلك بأن قيادة الجيش السوداني أرادت منح الحركة الشعبية الفرصة للتحقيق ومعالجة الحادثة بما يعيد الأمور الى نصابها ، غير ان الحركة الشعبية و عوضاً عن إجراء تحقيق او معاقبة من قاموا بهذا العمل الأخرق فانه مضت باتجاه نشر وقائع الحادثة على أساس ان الجيش الحكومي هو الذى توغل لداخل حدود الجنوب السوداني! و لا شك ان الأمر بالفعل مقلق ، فهو لا يخرج عن أحد أمرين: إما ان القوات المهاجمة قوات متفلتة غير منضبطة وتصرفَت على نحو فردي ، وهذه مشكلة باعتبار ان الحركة الشعبية غير قادرة على السيطرة على قواتها مما قد يجر الى حرب طاحنة لأسباب فى غاية التفاهة من شأنها زعزعة استقرار المنطقة لسنوات ؛ أو ان الحركة الشعبية هى التى أوزعت لهذه القوات بالتوغل شمال حدود 1956 – لأهداف بعينها – و فى هذه الحالة يتأكد ان حدود الشطرين لن تشهد استقراراً وان الحركة الشعبية تريدها حدوداً مشتعلة على الدوام . و من الواضح ان كلا الاحتمالين مرجح بنسبة متعادلة لأن المهم فى نهاية الأمر ان الحركة الشعبية لم تجر تحقيقاً ولم تهتم بالحادثة ، وحاولت بشتي السبل تزييف وقائعها ، فان كانت الحركة (حسنة النية) فان من الضروري ان تعالج الواقعة بالكيفية السليمة المتعارف عليها فى القوانين العسكرية، أما و قد لزمت الصمت فهي تستبطن نوايا بالغة السوء !