كررت الولاياتالمتحدة مؤخراً تلويحاتها بما تعتقد أنها حوافزاً قد تروق للسودان وللحزب الوطني الحاكم اذا ما عمل على تمرير استفتاء جنوب السودان. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في جلسة عقدت في مجلس الأمن بنيويورك الأسبوع الماضي أن بلادها ربما تقرر رفع أسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب إذا حافظ السودان على المناخ السلمي عقب الاستفتاء المقرر له مطلع يناير 2011. الأممالمتحدة من جانبها فعلت ذات الشيء، فقد حرصت على دعوة الخرطوم لإنفاذ الاستفتاء، لوحت أيضاً باستجلاب قوات إضافية لتحاشي أي أعمال عنف قد تنجم عن العملية، على الرغم من أقرار أمينها العام – بان كي مون – أن القوات ومهما كان عددها لن تحول دون اندلاع العنف. بريطانيا أيضاً وباعتبارها دولة عضو في مجلس الأمن تحاملت على الخرطوم تحاملاً عجيباً داعمة لإنفاذ الاستفتاء في موعده ورصدت لذلك حوالي (100 مليون جنيه استرليني) لإنفاذ العملية. ودعا وفد جبهة البوليساريو بالصحراء الغربية زار جوبا مؤخراً الى ضرورة أن يتمسك الجنوبيين بموعد الاستفتاء ولا يحيدون عنه . وهناك العديد من الدول مثل يوغندا تدعم قيام الاستفتاء في موعده وتدعو – صراحة – للانفصال. هذه الدعوات المتعجلة لقيام الاستفتاء في موعده – غير عابئة بالجداول الزمنية التي ينص عليها القانون وغير عابئة بالنتائج السالبة للانفصال هي في الواقع تنطلق من منطلقات مختلفة بحسب أجندة كل طرف. فالولاياتالمتحدة تخادع الخرطوم بحوافز ليست لها قيمة فقد عاش السودان لعقدين من الزمان والعقوبات الأمريكية على ظهره ولم يترنح أو يسقط أو يطرق باب واشنطن طالباً الغفران والسماح وبالطبع لن يحدث هذا لأن الخرطوم – كما سبق وان قال مستشار الرئيس السوداني د. غازي صلاح الدين تعلمت العيش بدون واشنطن ولن يعجزها أن تفعل! والشيء الغريب هنا، أن واشنطن تلوح بهذه الحوافز الفاقدة القيمة الفعلية وهي تطلب بالمقابل (تمرير عملية استفتاء كلها شوائب) ويمكن القول أن واشنطن تريد انفصالاً سلساً للجنوب بأي كيفية كانت مما يخالف اتفاقية السلام ويتعارض مع الأعراف والتقاليد الدولية كافة. أما بريطانيا فهي تقتفي ذات أثر واشنطن وتلعب دوراً أكثر سوءاً من واشنطن مع أنها هي التي سبق وأن أسهمت في تفاقم مشكلة الجنوب منذ أن كانت تحتل هذا البلد في القرن التاسع عشر والقرن العشرين. وبالنسبة للأمم المتحدة فهي تتجاهل الآن الأزمات التي ستنجم عن انفصال الجنوب من نقص في الغذاء وتردي في الأوضاع الإنسانية وحالات النزوح فهي فقط تهتم بالقوات الدولية ولا تهتم بالجانب الإنساني وأما جبهة البوليساريو فمن الغريب أن تويد انفصالاً لم تحصل هي عليه قانوناً حتى الآن ومن الغريب أن تدعي أنها تنتمي انتماءً عربياً وتدعو لتفتيت دولة عربية الا اذا كانت لها أجندة!!