لم يكن بوائق مظاهرة الأقزام وإماطة إذاها أمر فيه مشقة أو عنت .. زوابع وعواصف رعدية ولكنها بدون أمطار مثل الإناء الفارغ الذي يحدث الكثير من الضجيج .. ما أن توسطت شمس الأمس كبد السماء أدرك الأقزام أنهم كانوا يطاردون خيط دخان، فكانت تلك المحاولة الخرقاء مثل رماد اشتدت به الريح في يوم عاصف .. محاولات إثارة الفوضى أضحت بقايا أحلام تكسرت أجنحتها وحطت على الأرض .. وفاضت دموع الحسرة أنهارا، فلم تكن تلك الأحلام متسورة بأسوار العقلانية .. الأقزام من الشيوعيين والعقائديين المنشقين فضلاً عن موتوري الحركة الشعبية تطاول عليهم اليأس من إيقاف مسيرة قطار االنتخابات ينطبق عليهم قول الشاعر: أيها الصارخ من بحر الهموم ما عسي يغني غريق عن غريق ثنائية مدهشة في عالم السياسة تعتمدها الحركة الشعبية وهي ثنائية السلطة والمعارضة .. في المجلس الوطني (البرلمان) تعترض الحركة على إجازة القوانين المفضية إلى الاستقرار والتطور الديمقراطي .. لكن ليس هذا بيت القصيد فمن حقها أن تعترض وتختلف .. لكن الأمر العجيب أن يعجز ثلث أعضاء البرلمان عن إقناع بقية الأعضاء بوجهة نظر معينة فيصبحون خوارجا ويعودون للضغط على بقية الأعضاء عبر المظاهرات لإجبار الثلثين على الانصياع لرأيهم!!. المتمعن الحصيف لمسار الأحداث يدرك بدون عناء أو اجتهاد أن (جقلبة) الأقزام ليست إلا هروباً من استحقاقات الانتخابات .. قالتها تلك الأقزام صراحة لن نسمح بمنح المؤتمر الوطني شرعية انتخابية!! والطريقة المثلي هي الفوضى .. لذلك كان هناك حسم مطلوب من قيادة الشرطة .. لأن أي انفلات امني بسبب تلك المظاهرة غير الشرعية التي لم يستكمل أصحابها الإجراءات القانونية المطلوبة لن يكون مسؤولية تلك الأحزاب القزمية وإنما ستتوجه أصابع الاتهام مباشرة إلى الشرطة .. ضبط الأمن لم يكن النجاح الأول ولن يكون الأخير للشرطة فقد أبلت بلاء حسنا عندما أقيمت مباراة الجزائر ومصر بالسودان مؤخراً .. بالطبع هناك الكثير من الجنود المجهولين الذين أهموا بجانب الشرطة في فرض هيبة الدولة.. الحركة قبل أن تتطاول على هيبة الدولة وهي تلبس عباءة المعارضة تحتاج لمن يحاكمها إخفاقاتها بل جرائم استخباراتها في الجنوب على الأقل بعد 2005م حين (تملّكت) الجنوب بالكامل وصالت فيه وجالت عرضا وطولا، لكنها لم ترع في مواطني الجنوب إلا ولا ذمة فتفشى الفساد المالي فامتلأت جيوب متنفيذيها وانتفخت (كروشهم) وساد قانون الغاب وغابت الحريات السياسية واصطرعت القبائل فغدت تقتل بعضها بعضا حتى أن الأممالمتحدة استحت ولم تستطع السكوت وحذرت حكومة الجنوب وحملتها المسؤولية.. الحركة الشعبية حينما أرادت تقديم مشاريع تنموية أنشأت مصنعا للبيرة!! وضحكت عليها شركة يوغندية وأقامت أعمدة خشبية لغرض توزيع الكهرباء!!. تلك المظاهرة (الفطيرة) التي قصد بها الأقزام مواجهة المؤتمر الوطني ربما لا يدركون أن المؤتمر الوطني إن أراد التعامل بالمثل وخلع ثياب العقلانية لأتته الجموع من كل حدب وصوب طائعة مختارة ولأرتهم عجبا وحينها يولون الدبر ولا نسمع حينها (جعجعة) باقان ولا (ولولة) عرمان. نقلاً عن صحيفة الرائد 8/12/2009م