بحسب السيناريوهات التي بدأت تنفذها الحركة الشعبية فإن فرص تحقيق الوحدة أصبحت ضعيفة للغاية.. فالحركة الشعبية التي ظلت تعمل لخيار الانفصال من وقت بعيد كشفت عن نواياها -هذه- اثناء ممارستها للتهديد والوعيد والسب والضرب بمراكز التسجيل بالشمال حتى يقتصر التسجيل فقط على الجنوب.. فالآن مضى أكثر من نصف الزمن المقرر للتسجيل والذي يفترض ان ينتهي أجله في الثلاثين من الشهر الجاري وما زالت نسبة التسجيل بالشمال ضعيفة. إذ بلغ عدد المسجلين بالشمال أكثر من «9» آلاف شخص من بين نصف مليون جنوبي مقابل تسجيل أكثر من مليون جنوبي في الجنوب خلال الاسبوع الأول ما يقارب العدد المستهدف «4» ملايين شخص وهذا يعني ان الحركة الشعبية ستكتفي فقط بالمسجلين بالجنوب.. لذا فإنها تمارس الكثير من الخروقات لمنع التسجيل بالشمال حتى يتسنى لها تنفيذ مخططها بتزوير الاستفتاء وممارسة الضغوط على المواطنين بالجنوب لأجل التصويت للانفصال. وظهرت الخروقات بدءاً من تعيين سلاطين ،، بمراكز التسجيل من صغار السن وهم ليسوا اعضاء بمجلس السلاطين وبالتالي لن يستطيعوا ان يقوموا بالمهمة كما ينبغي وقد يرفضون تسجيل العديد من الاشخاص بحجة انهم لم يتعرفوا عليهم. ما جعل مجلس السلاطين يدفع بشكوى للمفوضية القومية للاستفتاء معترضاً على عدم اختصاص هؤلاء السلاطين والمفوضية التي أكدت بعدم وجود خروقات والاستفتاء لم تعر هذا الأمر اهتماماً. والحركة الشعبية التي مارست التهديد بكل أشكاله بغرض منع الجنوبيين بالشمال من التسجيل شهد ضدها فريق الاممالمتحدة المراقب لعملية الاستفتاء إذ اتهم قيادات جنوبية بالتورط في منع الجنوبيين من التسجيل في الشمال وانها نفذت حملات منظمة لذات الغرض.. فالحركة الشعبية جندت مجموعة تقوم بالتهديد وبث الرعب وسط الجنوبيين في الشمال متهمة من يرغب في التسجيل بأنه عميل للمؤتمر الوطني وانه سيفقد حقه في التصويت حال تسجيل اسمه في مراكز الشمال وان الاستفتاء بالشمال سيكون مزوراً.. كما ان اعضاء لجان ا لتسجيل المنتمين للحركة الشعبية يرفضون تسجيل الجنوبيين المسلمين والذين يحملون اسماء عربية.. كل هذه الخروقات التي تمارسها الحركة الشعبية ترى المفوضية ان عملية التسجيل بالشمال لم تشبها خروقات ولم تتلق شكاوى من أية جهة بينما دفع المؤتمر الوطني بحزمة من الشكاوى للمفوضية.. وشرعت وكالات النيابة بالخرطوم إصدار وتنفيذ أوامر بالقبض على متهمين من منسوبي الحركة الشعبية في اكثر من «03» بلاغاً تم فتحها من قبل مواطنين في تهم تراوحت بين التهديد بالقتل والاعتداء بالضرب والاهانة في إطارالترهيب التي تمارسها الحركة الشعبية لمنع المواطنين من التسجيل.. بينما رفعت المراكز بالولاية أكثر من «082» شكوى مخالفة لقانون الاستفتاء تم ارتكابها من قبل قوات استخبارات الجيش الشعبي. وبينما قامت الحركة الشعبية بأخطر الخروقات باعتقالها رئيس لجنة الشباب بالهيئة الشعبية لدعم الوحدة في مطار جوبا قبل ان تطلق سراحه مارست بحقه التهديد والضرب فقط لانه ذهب للجنوب لتدشين حملة الوحدة وحث الجنوبيين لخيار وحدة السودان ومن قبل هددت وضربت ناشطين بالخرطوم كانوا يقومون بتشجيع الجنوبيين للتسجيل .. وبينما تقوم الحركة الشعبية بهذه الخروقات تقوم القيادات بالمؤتمر الوطني بتفقد مراكز التسجيل والاطمئنان على سير العملية بسلام ومحاولة تذليل العقبات عبر مفوضية الاستفتاء.. وقامت القطاعات الطلابية والشبابية بتنفيذ حملات واسعة لتشجيع الجنوبيين بالشمال على التسجيل وطالبت المفوضية والجهات المختصة بمحاكمة وتوقيع أقصى العقوبات على كل من يمارس الترهيب ومنع الجنوبيين من التسجيل. ولم تكتف الحركة الشعبية بممارسة الخروقات في الشمال فقط. بل مارست ذلك في بعض الولاياتالجنوبية خاصة التي تتركز فيها قبائل النوير مما جعل البعض يحجم عن التسجيل وتخوفوا من تكرار تجربة الانتخابات المريرة وتزوير ارادتهم... وانفراد الدينكا بالحكم. وفي هذه الاجواء المشحونة بالتوترات والبلاد مقبلة على مرحلة خطيرة يتحدد خلالها مصير السودان اما ان يكون موحداً او منفصلاً إلى دولتين تحتضن الحركة الشعبية الحركات المسلحة بدارفور بدءاً من حركة عبد الواحد محمد نور ثم حركة مناوي وحركة خليل إبراهيم والحركات المسلحة الأخرى كل هذه الحركات تتجمع في جوبا تحت رعاية ودعم لوجستي من الحركة الشعبية والهدف واضح للمتابع لمجريات الاحداث في السودان فبعد ان يتقرر مصير جنوب السودان الذي يتجه نحو الانفصال هذه الحركات المسلحة ستتحد لحرب المركز وهو ما تخطط له الحركة الشعبية فبعد ان يتحقق لها هدفها الأول بانفصال الجنوب لن تكتفي بذلك بل ستتوغل شمالاً لتضم مناطق النيل الازرق وجنوب كردفان وجزء من مناطق النيل الأبيض وتسعى مع الحركات المسلحة لاقتطاع اقليم دارفور.. ما جعل بعض القيادات بالحركة الشعبية تطلق تهديداتها بانهم بعد الانفصال سيجتاحون الشمال من كوستي إلى توتي! فهذه الأمنيات والمخططات «الخبيثة» تفسر إصرار الحركة الشعبية على اجراء الاستفتاء دون حسم ترسيم الحدود وقضية أبيي.. هذه القضايا قد تكون نذر حرب بين الدولتين حال انفصال الجنوب.. فمنطقة أبيي المتنازع عليها.. يعتبر البترول المحور الأساسي في التنازع فالحقيقة الغائبة على الكثيرين ان المنطقة ما عادت غنية بالنفط إذ توجد بها بئران نفط وهما ناضبتان الآن ففي بداية التشغيل كان الانتاج «61» ألف برميل وصل الآن «6» آلاف برميل ويتوقع - بحسب الخبراء- ان يصل إلى «4» آلاف برميل نهاية هذا العام.. فإن كان الأمر مسألة بترول فإنه في طريقه إلى النضوب.. لذا فقضية أبيي يجب ان ينظر لها من جانب انها منطقة عادية يمكن ان تحتمل ان يعيش فيها المسيرية ودينكا نقوك كما كانوا سابقاً. المهم في الأمر علينا ان نعي -تماماً- تبعات ما بعد الاستفتاء وان نعمل على إزالة الاحتقانات التي بدأت تظهر بصورة مكثفة الآن ومنذ بدايات مراحل الاستفتاء فالتخوفات التي بدأت تتسرب إلى دواخل الشعب السوداني تكثفت بصورة أكبر بقيام دولة عدائية في الجنوب وسترجع البلاد إلى مربع الحرب.. واحتضان الحركة الشعبية لحركات دارفور المسلحة خير شاهد. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 25/11/2010م