(الشرق القطرية) أحداث الاثنين في الخرطوم لم تأت صدفة .. ولم تهدف إلى ترسيخ أقدام الديمقراطية في السودان .. ولم يكن القصد منها ممارسة ديمقراطية لتسريع إجازة القوانين المتبقية .. لان كل أمر من هذه الأمور له طرائقه وله أساليبه وقنواته ومؤسساته .. والديمقراطية لا تعني الفوضى ولا اختراق القوانين ولا تجاوز المؤسسات .. والسيد الأمين العام للحركة الشعبية يريد أن يوضح للعالم انه مؤمن بالديمقراطية وهو يمارس أبشع أنواع القمع والبطش في جنوب السودان الذي ينفرد بحكمه بالحديد والنار .. ويريد أن يعلمنا الديمقراطية وهو كان الأجدر به أن يطبق ما يعرفه عن الديمقراطية في أوساط أهله الذين يعانون الإرهاب ويقذف بهم في لج النيران وسجون تحت الأرض والبطش بكل من يسعى لممارسة الديمقراطية وأمامنا تجربة د.لام أكول وتجربة المؤتمر الوطني الحزب الشريك في الاتفاقية والأحزاب الجنوبية الأخرى. باقان اموم هو الذي صرح بأن السودان دولة فاشلة وفاسدة وهو يتبوأ منصب رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية .. وهو الذي أطلق تصريحاً قبيل أسابيع بان هذا النظام ويقصد ( المؤتمر الوطني) لابد له أن يسقط ويذهب!! إنه لا يعترف بالشريك الأكبر الذي وقع معه على اتفاقية السلام الشامل ونفذ معه تسعين بالمائة من مطلوبات الاتفاقية ولم يتبقي سوي القليل .. ولكنه يريد أن (يفرض) رأيه أي رأي الأقلية على الأغلبية ويحول السودان كله إلى كميونه شيوعية تستباح فيها وعبر حكمه الديكتاتوري كل قيم المسلمين وتقاليد أهل السودان السمحة التي بعلمها العالم كله.. انه يريد تطبيق أجندة الصهيونية العالمية ويتحول شعب السودان المؤمن إلى معرض جاذب للمنحرفين والفاسدين. باقان اموم ونائبه يريدان تجاوز القانون ويخلقون فوضي تنتهك خلالها الأعراض وتحرق الممتلكات العامة والخاصة ويسلمها بعد ذلك للتدخل الأجنبي بحجة حفظ الأمن والاستقرار .. خاصة وهاك ما يتردد من أحاديث خارجية بان السودان ليس به أمن مقتدر يحافظ على أرواح البشر من المواطنين والأجانب .. ولذا كان ضرورياً ردع تلك الفوضى وفرض النظام وتأكيد سيادة القانون والدستور وتأكيد جانب واحد من جوانب قوة الأمن والحفاظ على السيادة الوطنية وحماية أرواح وممتلكات المواطنين وذلك مظهر واحد من مظاهر تماسك الدولة والتزام القانون حفظ النظام وهلى باقان وعرمان أن يقولا حديثاً غير الحديث عن التحول الديمقراطي لأننا نعلم مدي إيمانهما والذين من خلفهما بالديمقراطية والحرية والتعددية السياسية ومطلوبات التحول الديمقراطي تمكن في الجلوس مع الشريك ومعالجة القضايا العالقة والعمل معاً على إجازة ما تبقى من القوانين تماماً كما حدث لأكثر من ثمانين من القوانين التي تمت معالجتها غبر التفاهم والتفاوض وليس عبر إثارة الفوضى وتحريض المواطنين. إننا نعلم جيداً أن المعنى بذات الخطى التي جرت بها المفاوضات لبلوغ اتفاقية السلام الشامل هو الطريق إلى بلوغ مرحلة التحول الديمقراطي وإكمال مشوار المرحلة الانتقالية والوفاء بمطلوبات تلك الاتفاقية .. وان عودة وزراء ونواب الحركة لممارسة دورهم في إجازة ما تبقي من قوانين هو السبيل الأوحد للتعبير من معني الشراكة والطريق المؤدي للتحول الديمقراطي.. وبإمكان نواب المؤتمر الوطني الذين يشكلون الأغلبية في البرلمان إجازة هذه القوانين دونما حاجة إلى التوافق الذي جرت عليه العادة وتكون الإجازة في هذه الحالة قانونية ولا يستطيع أحد أن يقول عنها شيئاً ولكن المؤتمر يري أن الاتفاق والتوافق حول تلك القوانين –كما جرت العادة- أفضل ولن تحل المشكلات الناتجة عن تسيير المواكب والتظاهرات شيئاً في الأمر لأن الأمر بيد الحركة إن شاءت تسريع الإجازة .. ولكن ان تنسحب الحركة من البرلمان ومجلس الوزراء ثم تقول للمؤتمر أسرع بإجازة القوانين هذا منطق أعرج هو نفسه أن تمثل الحركة الحكومة والمعارضة في وقت واحد .. لها اتفاق مشهود دولياً مع المؤتمر ثم تجري اتفاقات مضادة للاتفاقية مع أحزاب معارضة !! هكذا تضرب الحركة نفسها بنفسها تدري ذلك أو لا تدري ولكن تلك هي الحقيقة الناصعة .. والمؤتمر الوطني حزب راسخ القدم وتجاوز مراحل المراهقة السياسية ويعمل وفق مؤسسات تعرف ماذا تفعل وكيف تعمل .. وفي النهاية فإن التحول الديمقراطي يتحقق بالقانون وليس بإثارة الفوضى وليس بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة!!