الأسبوع الماضي انكشفت سوءة جديدة إضافية لمدعي عام محكمة الجنايات الدولية الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو ، فالرجل و بدلاً من ان يحاول التظاهر بمظهر رجل العدالة الوقور ، النظيف اليد، الخصم الشريف ، إلا انه أصبح (رجل استخبارات) ، وحتى فى هذه المهمة فقد سجّل أعلي معدل للغباء ، كما أشار بذلك – بحق – وزير الإعلام السوداني الدكتور كمال عبيد – فقد حاول اوكامبو (الإيعاز) للولايات المتحدة ان الرئيس البشير يملك حسابات خارجية - تحديداً فى بريطانيا- تصل إلى 9 مليارات من الدولارات ! وقد أظهرت وثائق ويكليكس هذه الحقيقة التى حاول اوكامبو – عقب الافتضاح – التنصل منها ، بقوله انه لا يزال يجري تحقيقات ، وأنه لم يتثبَّت بعد من الحقيقة ! والواقع ان هذا المسلك هو بمثابة معول هدم إضافي لتجربة سيئة السمعة لقضية المحكمة الدولية، فهي تجربة فاشلة و ثبت أنها ضارة ضرراً بليغاً بالأمن و السلم الدوليين، فقد كان واضحاً أن اوكامبو بعد ما عجز عن إشانة سمعة الرئيس بشتى السبل لجأ الى هذه اللعبة أملاً فى ان يلطخ سمعة البشير بين أبناء شعبه ، حيث لم تكف اتهامات الاغتصاب و الإبادة الجماعية فى دارفور ! ولعل هذه بمثابة سانحة نحاول من خلالها قراءة ما يتهدد الأمن الدولي من خلال مسألة المحاكم الدولية هذه، فقد لمسنا هذه الأيام بداية لتوتر خطير فى الساحة اللبنانية جراء ما رشح من احتمال اتهام حزب الله اللبناني باغتيال الحريري وفقاً لما توصلت إليه المحكمة الدولية التى أقيمت لهذا الغرض ، إذ لاحظنا هنا أنّ الأمر بدا وكأنه (قميص عثمان) مسبقاً وعمل استخباري مقصود لتطويق حزب الله للحد من أنشطته المشروعة فى مواجهة عدوان اسرائيل ، إذ بصرف النظر عن اى شئ ، فان الأمر بدا واضحاً لا يحتاج الى فهم و إدراك فوق العادة. أما فيما عدا لبنان فان محكمة الجنايات الدولية- حتى الآن- ليس لها من حقل تعمل فيه إلاّ القارة الإفريقية (حقل تجاربها المفضل ) فالمتهمين الذين وجهت لهم الجنايات الدولية اتهامات هم حوالي 17 متهماً جميعهم من دول القارة الإفريقية! حيث تم اتهام 6 من السودان - بمن فيهم الرئيس- و 5 من يوغندا ، و 5 من الكونغو الديمقراطية ، و 1 من أفريقيا الوسطي ، ومن المنتظر أن يوجه الاتهام ل6 آخرين من كينيا بينهم نائب رئيس الوزراء السابق ورئيس الشرطة عقب أحداث العنف التى أعقبت الانتخابات الأخيرة. وفى كل هذه الحالات الأفريقية ، فان الأمر بدا بمثابة خلخلة للأمن فى هذه الدول، وتعقيد لساحاتها السياسية ، مما يدل على ان هذه المحاكم الدولية إن هى إلا أداة - مقصودة لذاتها- لتأديب شعوب إفريقيا و الشرق الأوسط و عموم بلاد العالم الثالث ، إذ ليس من المتصور أن لا يكون أحداً - سوي هذه البلدان - قد ارتكب جرائماً تستوجب مقاضاته ، ولكن لا يبدو أن المجتمع الدولي يرغب فى محاكمة كل من هو غير أفريقي أو شرق أوسطي !