تتحرك المسيرات تأييدا لمزيد من الأسلمة وتحكيم الشريعة في شمال السودان، وهذا رد فعل طبيعي لتمترس العالمانيين في الحركة الشعبية حول معادلة (الوحدة مقابل العلمانية) وهي معادلة سيئة جداً، لأن الخيارات الفكرية لا يمكن (غرغرتها) للشعوب واذا كان العلمانيون ينتقدون الإنقاذ بهذا الأمر كيف يستجيزون لأنفسهم ممارسته. ثم ان قطاع الشمال (الحركة الشعبية) منح فترة كافية للتقرب من الشعب السوداني والتسويق للعلمانية خصما على الطرح الإسلامي ونال دعاة السودان الجديد الوزارات والمناصب العليا وجوازات السفر الرسمية والدبلوماسية وفتحوا الأبواب للمنظمات التي يريدون ونسقوا تحركاتهم مع (المباعيث) والدعم الأجنبي السخي و! ولكنهم لم يكونوا مقنعين للشماليين، واستعاضوا عن هذا بتجنيد الجنوبيين في العاصمة والمدن الكبرى والدفاع عن حقوقهم في صناعة الخمور البلدية ونحو ذلك! السبب الحقيقي لم يكن (علمانية) قطاع الشمال ولكن لأنه ظل مثقلاً بأدبيات الشيوعيين ولم يتحرر منها، وبقي قاموس الألفاظ والإساءات للطرح الإسلامي دون أي تغيير وبقي النفس الساخن والتحقير ونشر الشائعات و.. وبقي القطاع ينتظر انهيار المؤتمر الوطني أو تشققه إلى شلليات وجهويات أو متطرفين ومرنين ولكن القطاع خذلته الأقدار وخابت كل رهاناته! كل بوادر الانهيار والتشقق تحدث ثم تختفي من المؤتمر الوطني المحظوظ بالتحركات العدوانية الغبية من المعسكر الغربي، (الجنائية) وما يشبهها! انحصرت معركة الحركة وقطاعها الشمالي بالتحديد في علمانية العاصمة أو جزء من العاصمة ولو وافق المؤتمر الوطني على علمانية صالة الوصول والمغادرة في المطار ربما كان القطاع سيدعو للوحدة! ما زلت أذكر مقترحي بنقل العاصمة للجنوب والذي قدمته للشيخ البروف محمد عثمان صالح في هيئة علماء السودان ومعه الدكتور حيدر التوم، وقدمته لشخصية سياسية أخرى! لم أتردد حول كتابة عبارة واضحة (نقل العاصمة للجنوب العلماني) باعتبارها مقرا لحلف بين طرفين وليست مقراً للحكم وهذا هو شان الاتفاقية..!! والفقه الدستوري يسعه أن تكون هنالك عاصمة رئاسة وعاصمة تنفيذية! وافقني الدكتور حيدر التوم في ميزان المصالح المتحققه! لم يتحدث البروف عن رضاه أو رفضه للطرح ولكنه استجاز طرحه للنقاش في عمودي واردف قائلاً عبارة ذهبية: (لن توافق الحركة الشعبية على هذا الطرح ابداً، لأن الغرض ليس العلمانية المطلقة و لكن الغرض هو علمانية الشمال). وقال ذلك السياسي الكبير كلاما خطيراً ادخره لكم بعد الاستفتاء! قيادات الحركة الشعبية التي التقيتها بعد كتابة عمودي قالت لي بالحرف الواحد: هذا ذر للرماد في العيون، وإذا حدث فأنه يعني أن نيفاشا لم تغيركم! لا بد من عاصمة خالية من الشريعة وفي الخرطوم تحديداً او ينفصل السودان! ألا تعتقدون بعد هذا التوجه أن مسيرات التمسك بالشريعة مبررة؟! نقلاً عن صحيفة السوداني 26/12/2010م