أكد وزير الدولة بوزارة النفط السودانية علي أحمد عثمان أن هناك اكتشافات نفطية في شمال البلاد، وأن جنوب السودان لا يستطيع استغلال النفط لديه بالإنتاج والتصدير إلا بالتعاون الكامل مع الشمال، في حال اختار سكانه الانفصال في استفتاء تقرير المصير المقرر بداية الشهر المقبل. وقال إن حجم إنتاج الشمال من النفط هو 110 آلاف برميل من 470 ألف برميل هي جملة الإنتاج وبنسبة 23%، وأضاف أن هناك اكتشافات مبشرة في كل ولايات الشمال. واستبعد الوزير في حديث للجزيرة نت نشوب نزاع مسلح بين الشمال والجنوب بسبب البترول، لأنه سيكون بمنزلة دمار للجنوب لاعتماده عليه بنسبة 100% في إيراداته. وأوضح أن هذا الاعتماد الجنوبي على الشمال يأتي لأن الأخير به الميناء الذي يفتقده الجنوب وأنابيب النفط الرئيسية والمصافي والموانئ والمنشآت الداعمة مثل المختبرات، ومركز المعلومات الذي يضم جميع البيانات الخاصة بصناعة النفط والكوادر البشرية المدربة، بينهم عدد قليل جدا من الجنوبيين. الجغرافيا وقال إن الطبيعة الجغرافية جعلت النفط ينساب شمالا مع النيل بما يجعله أقل تكلفة، إذ تستخدم ست طلمبات (مضخات) عبر الخط الرئيسي تعمل منها فقط ثلاث والبقية تنساب بشكل طبيعي، في حين يعمل خط أنبوب البنزين إلى ميناء بورتسودان بطلمبة واحدة. وأضاف أنه على العكس إذا أراد الجنوب تصدير النفط جنوبا فإنه سيمر بجبال ومستنقعات وغابات ومناطق غير آمنة، وأشار إلى وجود دراسة أثبتت أنه لضخ أنابيب النفط عبر كينيا لتصديره يحتاج عشر طلمبات بتكلفة تبلغ 10 مليارات دولار على أقل تقدير، وإلى الكاميرون تحتاج ل16 طلمبة بتكلفة أكبر، وكذلك الوضع في جيبوتي وإثيوبيا غير التأمين بالطبع. وأشار الوزير إلى وجود عائق آخر هو أن شركات النفط غير جاهزة لضخ أموال مرة أخرى كاستثمارات جديدة، وقد عبرت هذه الشركات عن ذلك، وحتى في حال إقناعها بالاستثمار فإن التكلفة ستخصم من الإيرادات بما يقلل من عائدات النفط. كما أضاف عثمان بعدا آخر يزيد من التكلفة، وهو ضرورة إنشاء عدة خطوط أنابيب كما في الشمال لفصل نفط النيل الذي يعد أغلى الأنواع في العالم، لأنه ليس به كبريت أو رواسب أو رصاص، عن النفط الثقيل وهو بمواصفات مختلفة وبسعر أقل بمعدل النصف إضافة إلى نوع ثالث، مشيرا إلى أن خلط ذلك يأتي بخسائر بالطبع. وقال إن الجنوب يعتمد أيضا على الشمال في المصافي التي تنتج المنتجات البترولية، وهذه أيضا ذات تكلفة كبيرة إضافة إلى الطرق الجاهزة. ورأى أن الجنوب يحتاج لكي يقيم منشآت جديدة ما بين ثلاث سنوات وخمس، ومن ناحية الكوادر البشرية يحتاج 15 عاما إلا أن يستقدم عمالة أجنبية، وهذه تحتاج أيضا لتكلفة كبيرة، مؤكدا أنه لهذه الأسباب السابقة هناك قناعة بالجنوب بضرورة التعاون مع الشمال في مسألة النفط لسنوات عديدة. نفط أبيي وكشف الوزير أن منطقة أبيي غير غنية كما يصور ذلك ما أسماه ب"الإعلام المعادي" لخدمة أهداف بعينها، وأوضح أن حقل دفرة بالمنطقة ينتج ما بين 2000 و4000 برميل، وبنسبة تقل عن 1% من إنتاج السودان، إضافة إلى أن الاحتياطي القابل للاستكشاف أقل أيضا من 1%. وبشأن الاكتشافات النفطية في الشمال قال عثمان إن النفط بدأ اكتشافه أولا في منطقة أبو جابرة جنوب كردفان ثم اتجهت الاكتشافات بالجنوب بعد ذلك، لكن عادت مؤشرات الاكتشافات تظهر تباعا في الشمال حتى غطت كل الولايات. وذكر أن هناك اكتشافات كثيرة –على سبيل المثال- في المواقع من شمال مربع 7 بولاية النيل الأبيض وولاية الجزيرة لكنها ليست تجارية حتى الآن. وأضاف أن هناك اكتشافات بجنوب كردفان مع إنتاج تجاري لكنه لم يدخل في الإنتاج الرسمي، ويتوقع ذلك في 2012 بإضافة نحو 15 ألف برميل، إضافة إلى وجود آبار أخرى قيد الاستكشاف أو التقييم والتطوير قبل التأكد من إنتاجها التجاري. ورفض الوزير إعطاء أي مؤشرات لحجم الإنتاج المتوقع بعد كل هذه الاستكشافات لأسباب قال إنها علمية وفنية. عرض البشير وبشأن وجود آليات للعرض الذي قدمه الرئيس السوداني عمر حسن البشير بتخلي الشمال عن نفط الجنوب مقابل الوحدة، قال عثمان إن العرض جاء مبدئيا لإبداء حسن النية والترغيب في الوحدة، وجاء الرد عليه سلبيا من الجنوب بحجة أنه جاء متأخرا، وبالتالي لم تكن هناك فرصة لترجمته. وردا على سؤال بشأن ارتباط الضغوط والعقوبات الأميركية بعدم وجود شركات نفط أميركية في السودان، أجاب الوزير السوداني أن شركة "شيفرون" هي التي خرجت طواعية وحصلت على التعويض المطلوب رغم رغبة الخرطوم في استمرارها. لكنها خرجت -حسب الوزير- لأسباب وتحت ضغوط وظنا منها أن البلاد لن تنجح في استخراج النفط، فكانت المفاجأة لها بالشراكة مع شركات صينية وماليزية وهندية. المصدر: الجزيرة نت 27/12/2010