ظهر الدور الأمريكي في قضايا الاستفتاء أبان إجراء الانتخابات في ابريل الماضي وكان واضحاً ذلك من خلال حديث المبعوث الأمريكي للسودان الجنرال أسكوت غرايشن الذي ذكر أن بلاده تعلم أن نتائج الانتخابات الأخيرة الرئاسية في السودان كانت مزورة، الا أن واشنطن قررت قبول نتائج تلك الانتخابات من أجل الوصول إلى ما اسماه استقلال جنوب السودان، ورغم إدراك المبعوث الأمريكي للسودان أسكوت غريشن أن قضايا رئيسية مثل تعداد السكان وترسيم الحدود وكيفية توزيع الثروة النفطية والديون والمواطنة واللاجئين لم يبت بشأنها حتى الآن، الا أنه أكد على ضرورة الالتزام بإجراء استفتاء الجنوب كما هو محدد له. جر وحماية:- وأكد أمين أمانة المنظمات بالمؤتمر الوطني قطبي المهدي أن الاهتمام الأمريكي بالسودان ليس قديماً وخاصة الدور الشعبي الذي بدأ بالكنائس الأصولية والليبرالية بجنوب السودان باعتبار أنها لعبت دوراً كبيراً في تعميق روح الكراهية للإسلام والعرب والحرص على أن يتبني الجنوب الديانات الغربية والثقافة كذلك، وأضاف قطبي في منبر المركز القومي (الدور الأمريكي في قضايا الاستفتاء .. حياد أم انحياز)، أن اللوبي الصهيوني نشط في المنطقة قبل الدور الأمريكي وان اللوبي الصهيوني هو من يوجه السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط ليخدم المصالح الإسرائيلية، وأشار قطبي إلى أن الدور الإسرائيلي في السودان قديم جداً وهذا ما تبينه الوثائق بين الحين والآخر عن علاقة إسرائيل بجنوب السودان بيد أن تأثير النفوذ الإسرائيلي يجر الولاياتالمتحدة لحمايتها. انحياز للجنوب:- وكشف قطبي عن وجود حرب باردة الآن بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين التي استخرجت البترول في السودان كما يوجد استهداف لأفريقيا، ومضي قطبي في حديثه معتبرا أن السودان من أولويات هذا الاستهداف وبشكل مباشر عبر الحصار الاقتصادي الذي تجاوز أمريكا إلى أوروبا وحتى الأشقاء العرب، مروراً بدول الجوار ليصبح حصاراً اقتصادياً وسياسياً، ويضيف ايضاً أن مخططات الاستهدافات تواصلت لتصل حد دعم دول الجوار لمحاربة السودان عبر حدوده ودعم الحركات المتمردة في الداخل على رأسها الحركة الشعبية لتحرير السودان. وأوضح قطبي أن الدور الأمريكي منحاز للجنوب والحركة الشعبية، مؤكداً أن العديد من الحوادث تدل على انحياز الدور الأمريكي في مقدمتها قصف الولاياتالمتحدة لمصنع الشفاء حيث أطلقت الولاياتالمتحدة 13 صاروخ كروز عام 1998م لتدمره بزعم أنه ينتج أسلحة نووية لصالح أسامة بن لادن . مشيراً إلى أن الحادثة الثانية كانت قصف إسرائيل وهجومها على قافلة في شرق السودان، وكانت إسرائيل قد اشتبهت في أنها لمهربي أسلحة إيرانية، بينما كانت في طريقها من السودان إلى مصر ثم إلى قطاع غزة في يناير الماضي مما أسفر عن مقتل معظم أفراد القافلة . عدم الاعتراف:- ومن ناحيتها كانت الحكومة قد نفت أن تكون القافلتان تحملان السلاح، بل مئات المهاجرين غير الشرعيين، من اريتريا والصومال وجيبوتي والسودان، إلى مصر ومن ثم أوروبا، وزادت أن الهجمات ليست واحدة، بل اثنان، استهدافتا منطقة صحراوية نائية في شرق السودان سقط خلالها نحو 800 شخص بين قتيل وجريح. وأشار قطبي لمحادثة الرئيس الأمريكي برئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت الأربعاء الماضي لمناقشة مسار المفاوضات مع الحكومة وتأكيد التزام الولاياتالمتحدة بإجراء الاستفتاء على انفصال الجنوب بشكل سلمي وفي الموعد المقرر، مستنكراً مهاتفة الرئيس الأمريكي لرئيس حكومة إقليمية ونائبه يهاتف نائب رئيس الجمهورية، مؤكداً أن ذلك انحياز يؤكد عدم اعتراف الولاياتالمتحدة برئيس الجمهورية وعدم الاعتراف بالحكومة، واعتبر قطبي أن اتفاقية نيفاشا مثال للتحيز الأمريكي باعتبار أن معظم الأفكار تأتي من أمريكا وتتبلور في مراكز أمريكية وتأتي للحوار، مشيراً إلى أن أمريكا حينما تبرر تدخلها في السودان تبرره أنها راعية لاتفاقية السلام الشامل ومعنية بها وتركيزها في أن يجري الاستفتاء في موعده، مضيفاً أنها تتبني موقف الحركة الشعبية في موعد الاستفتاء على انه مقدس، وأوضح قطبي أن أمريكا لا تريد دولة في الجنوب لها حدود لتظل شهية التوسع عالية، كاشفا عن وجود أجندة للولايات المتحدة في ابيي وقال أن أمريكا في تدخلها في السودان كانت منحازة وأعلنت ذلك علنا باعتبار أن الجنوب ضحية وهم ملزمون سياسياً وعسكرياً بحمايته. القضايا الإنسانية:- وكشف قطبي أن مشروع السودان الجديد مشروع أمريكي قام ضد الجلابة والشمال وبعد مصرع قرنق لم يتحمس معظم ((أولاد قرنق)) للمشروع وتمت تعبئتهم للمشروع الذي من اجله حملوا السلاح وفصل الجنوب وإضعاف السودان، مشيراً إلى أن عداء أمريكا كان من قبل للحكومات السابقة ولكن تمسك الحكومة بآرائها المستقلة جلب لها المتاعب. ويري أستاذ العلوم السياسية بجامعة جوبا دكتور حمد عمر حاوي أن علاقة أمريكا بالسودان قديمة منذ اتفاقية نيفاشا باعتبار دورها في الاتفاقية وتريد من ذلك أن تمسح الجوانب السيئة التي رسمت عنها في التدخلات في أفغانستان والعراق وبذلك تعتقد أن تدخلها في الاستفتاء ربما يسمح هذه الجوانب السيئة، مشيراً إلى أن الإدارة الجديدة ((إدارة أوباما)) ليست حريصة على التدخل باعتبار أن الغالبية فيها زنوج لذلك يتحدثون عن الجوانب والقضايا الإنسانية وتحرير العبيد، مضيفاً أن الصراع تم تصويره على انه بين عرب وأفارقة والشمال وانهم نصير المضطهدين الذين يواجهون الإبادة، ويضيف حاوي ايضاً أن الانفصال يعد بمثابة تحقيق نقطة ايجابية لأمريكا ويحسب من نجاحات سياستها الخارجية . وكشف حاوي عن تدخل أمريكا في تفاصيل الجنوب منذ زمن طويل وقال: أنهم يحسبون للانفصال بمساعدة الخبراء الأجانب باعتبار أنه عمل فني، مشيراً الى ان تقصير الشمال نحو الجنوب ليس مقتصراً على الحكومة بل المجتمع كله، ويضيف ((كل المجهودات للوحدة أتت متأخرة وبصورة انتهازية)). وأكد حاوي أن الجنوب اذا صوت للانفصال ستكون هنالك مشاكل كبيرة، مضيفاً أن التدخل سواء كان أمريكا أم غيره لا يتم الا عن طريق نوافذ مهيأة لذلك التدخل. نقلاً عن السوداني 28/12/2010م