فيما بدا (غزلاً سياسياً ذي مغزى) قال القيادي البارز بالمؤتمر الشعبي المعارض -عبد الله دينق نيال- ( إذا آل إلينا الحكم سنخيِّر الناس فى أمر تطبيق الشريعة الإسلامية) ! و مضي نيال ضمن حوار أجرته معه صحيفة (الأهرام ليوم) السودانية – الأحد الماضي- الى القول (أننا بدلاً من تبني العلمانية ، أرميها للناس ،و الناس يختاروا ، وإذا هم اختاروا العلمانية فهذا من حقهم) ، وحاول نيال نفي فرضية اغتيال زعيم الحركة الراحل (قرنق) و ذكر أن لحزبه ما وصفها (بأمور مشتركة) و (احترام متبادل) مع الحركة الشعبية رغم اختلاف الآيدلوجية – حسب تعبيره . و الواقع ان هذا القدر من حيث نيال المطول للصحيفة يكفي لإهالة التراب على الحزب الذي يتزعمه أحد أشهر مفكري الحركة الإسلامية فى السودان الدكتور حسن الترابي المعروف بمواقفه و آرائه المثيرة دائماً للجدل و المتناقضة تماماً مع ما يحمله الرجل من أفكار و مواقف سابقة. و مما لا شك فيه أن نيال – بهذا الحديث إنما يمارس قدر من الغزل السياسي إذا صحَّ التعبير مع الحركة الشعبية و هو غزل يعتبره العديد من المراقبين عديم النفع و الجدوي فى هذه الخواتيم السياسية المعروفة ، فالمؤتمر الشعبي بدا (متخلياً تماماً) عن مبادئه المعروفة إذ أننا هنا لسنا بغرض محاكمته بأي أطروحات سياسية او أفكار آيدلوجية سائدة وإنما نحاكمه بهذا الموقف (التكتيكي) الغريب الذى يتحدث بلسانه نيال والأكثر حراكاً و نشاطاً من أجل تطبيق و إنفاذ الشريعة الاسلامية و التاريخ فيه الكثير من ما يدلل على ذلك و لكن (اليُتم السياسي) الذي يعيشه الحزب و فقدانه للسلطة و ضياعه على قارعة الطرق ، و اضطراره لمجالسة أحزاب و قوي فاقدة الوزن و التاريخ و الإرادة جعله ينزل مجبراً الى هذا الدرك السياسي السحيق أن يخيِّر الناس بين الشريعة و العلمانية . و لم يقل نيال الكيفية التى ستتم بها عملية التخيير هل هى استفتاء أم هى استبيانات ، أم هى حوارات ، أم هي شئ آخر لم يعرفه علماء السياسة و الأصول؟ و يبدو ان الشعبي الذى تآكلت أرضيته السياسية فى الشمال ، يسعي الآن لتغيير جلده فى محاولة للعمل فى الجنوب على الرغم من أن الجنوب فيه ما فيه ، كمان الحزب يحسن الظن فى غباء الحركة الشعبة وسذاجتها حين يخادعها بألاّ وجود لفرضية الاغتيال بشأن حادثة رحيل زعيم الحركة قرنق الذى يعرف القاصي و الداني انه لم يمت على سرير بمستشفي أو بمرض الملاريا او بحمي عابرة ! أن مثل هذه المواقف هى التى تكشف عن الساسة المتاجرين بمبادئهم ، والباحثين دائماً عن موطئ قدم فى أي محفل دون مراعاة للمبادئ و القيم الإنسانية الفاضلة و دون احترام لعقول الآخرين !