وبيت العزاء حتي الان ينصب في كل مكان.. وهذه ايام العويل والنواح الحركة كانت ترسل زفيرها عبر شباك مكتب في جوبا يقبع خلفه رجل المخابرات المعروف الذي تضعه واشنطن هناك على ظهر الشعبية .. روجر ونتر الذي يدير حركة تسديد فواتير واشنطن .. هذه الأيام. الرجل هذا هو زورق النجاة لأمريكا من أمواج الأزمة المالية الخانقة التي تطل بسيفها على عنق الغرب كله .. ومنذ شهور . وشركات فرنسية و إسرائيلية وأمريكية تغزو الجنوب الآن عبر واجهات مختلفة تجعلها بعيداً عن الأنظار . والحركة الشعبية التي تعرف هذا وتصر على إمتهان الغباء المقنن .. تجعل سلفا يحدث – قبل أيام – الأجهزة الإعلامية عن إنه لاعلاقة للجنوب بإسرائيل. بينما الطفل الذي يرضع على أصابعه يعرف كم شركة إسرائيلية هناك – الآن - تنبش أرض الجنوب تبحث عن البترول. والحركة الشعبية التي ظلت تتبجح بأن الجنوب قلعة للنفط .. وأن الجنوب قادر على إيواء مواطنيه .. وأن الجنوب لديه مقومات تجعل منه دولة أفريقيا العظمى وغيرها من الترهات .. الحركة الآن تنظر إلى العائدين من الشمال ومايبدونه من سخط تقول في سرها ( تربس بابك بالضبة ونوم واستخبى ). والحال في الجنوب تبلغ أن دينق ألور الذي يعلن قبل أيام إن الجنوب ( حيفارق الشمال فراق الطريفي لجملو ) يقول لأجراس الحرية السبت الماضي وبلسان متعلثم .. الوحدة بين الجنوب والشمال ممكنة بعد الإستقلال .. وأحدهم الذي كان يقرأ الخبر هذا يقول هامساً : ( يعني من الكلام نفهم أن الحركة الشعبية .. زي مارحتي زي ماجيتي )..! ودينق ألور هذا يشرع في تلحين مقطوعة جديدة .. لها فواصل .. اولها العودة من باب الخروج .. وقادة الحركة الشعبية الذين يلتقون الآن - تحت الظلام - في الخرطوم على هامش ( البحث في القضايا العالقة بين الشريكين ).. لن يتحدثون عن تلك القضايا إلا في جمل مقتضبة .. ثم تبدأ في الحديث عن قضايا أخرى وبلغة أخرى .. القيادات هذه سوف تتحول للحديث عن (إمكانية وحدة السودان بعد الإنفصال .. وإحياء المرحومة نيفاشا .. و..و..). وأحدهم يسألنا كيف هذا وقيادات الحركة الآن تقول في الوطني مالم يقوله مالك في الخمر.. قلنا : كان بن الجهم شاعراً فصيحاً .. لكنه كان جلفاً لا يعرف من الحياة إلا ما يراه في الصحراء .. دخل بن الجهم بغداد يوماً فقيل له : إن من مدح الخليفة حظي عنده ولقي منه الأعطيات .. فإستبشر علي ودخل على المتوكل .. فرأى الشعراء ينشدون ويربحون .. والمتوكل هو المتوكل .. سطوة وهيبة .. فانطلق مادحاً الخليفة بقصيدة مطلعها : يا أيها الخليفة .. أنت كالكلب في حفاظك للود .. وكالتيس في قراع الخطوب أنت كالدلو لا عدمتك دلواً .. من كبار الدلاْ كثير الذنوب ومضى يضرب للخليفة الأمثلة بالتيس والعنز والبئر والتراب .. فثار الخليفة .. وانتفض الحراس .. واستل السياف سيفه .. وفرش النطع .. وتجهز للقتل .. فأدرك الخليفة أن بن الجهم قد غلبت عليه طبيعته .. فأراد أن يغيرها . فأمر به فأسكنوه في قصر منيف .. ومكث على هذا الحال سبعة أشهر .. ثم جلس الخليفة مجلس سمر ليلة فقال : أنشدني يإبن الجهم .. فانطلق منشداً : عيون المها بين الرصافة والجسر .. جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري ثم شرع يصف الخليفة بالشمس والنجم والسيف .. والحركة قلبت عليها طبيعتها لا أكثر ومايفأجا به الناس في الأيام القادمة ليس هو هستريا الطلاق المر فالكل يعلم أن الجنوب دولة لاتقف عالى رجليها شهرين .. ومايفأجا به الناس في الأيام القادمة هو هستريا ( العودة ) بالسلامة.. عودة الحركة إلى عصمة الوطني .. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 4/1/2011م