في حديث ملؤه التشفي والانتقام تكلم المدعو عبد الله دينق نيال، أحد أتباع المدعو حسن الترابي، فقال إنه قد أدلى بصوته الانتخابي لصالح مشروع العناصر المتطرفة في حركة التمرد، والداعي إلى تمزيق الوطن وفصل الجنوب عن الشمال! وجاء في تفصيل الخبر:"كشف عبد الله دينق نيال نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية عن وضع بطاقة إقتراعه في صندوق الإنفصال. وقال نيال: إقترعت بشعور مزيج من الفرح والرهبة لصالح الإنفصال لأن المؤتمر الوطني لم يترك لنا خيارا آخر ". وبالطبع فكل إنسان حر في اتخاذ ما يرى صوابه من سلوك يشبهه، ويتماهى معه، ويعبر عن نوازعه ودافعه. ولكن كان بإمكان المدعو دينق نيال أن يتصرف تصرفا هادئا، فيمنح صوته للمشروع الذي يراه صحيحا، ويتصرف حسبما يهديه تصوره الأغبش للمسائل الوطنية، ثم يصمت حتى يتذكره أحد المراقبين الفضوليين، ويهتم بشأنه، ثم يسأله عمّ كان اختياره في موضوع الاقتراع. وحينها ربما كان لإجابته عن سؤال السائل مغزى خبريا معلوماتيا جديدا يدعو المحللين والمعلقين إلى وصفه وتقويمه. لماذا العجلة؟ ولكن تعجل المدعو عبد الله دينق نيال كل ذلك لتحقيق غرضين اثنين: أولهما: أن يشفي غيظه غير الكظيم بإعلان شماتته في الوطن والوطنيين جميعا من شماليين وجنوبيين. والثاني: أن يؤكد ولاءه وتتبعه لخطى شيخه حسن الترابي الذي تسرع أيضا وأعلن لبعض محطات التلفزة الخارجية أن أعضاء حزبه من أبناء جنوب السودان سيصوتون لمشروع تمزيق الوطن وفصل الجنوب عن الشمال. حديث اللسانين ومع أصالة الدافع الأول من دوافع دينق، إلا أن الدافع الثاني المتصل بطاعته لزعيم حزب المؤتمر الشعبي، حسن الترابي، طاعة عمياء هو الأساس وراء تصرفه الانفصالي الأخير. ودليلنا على ذلك أن دينق هذا كان تكلم قبل وقت غير بعيد بلسان آخر مختلف تمام الاختلاف حيث أبدى توجها وحدويا وشجب السلوك الانفصالي لحركة التمرد. ففي لقاء صحفي أجرته معه إحدى صحف الخرطوم قال عن توقعاته بالوحدة: " نحن نقول إذا وقفت الملاسنات والمشاحنات، وعملوا في جو حر ونزيه وشفاف، وتركوا المواطن الجنوبي ليختار فقد يختار غير ذلك، رغم أن الصوت العالي هو صوت الانفصال خاصة في الأجهزة الإعلامية المملوكة لحكومة الجنوب، ونرى المظاهرات التي تخرج يوم 9 من كل شهر تطالب بالانفصال، وهي مظاهرات مدبرة وليست اعتباطية، فهي منسقة وموجهة وممنهجة ". أي أن التوجه الانفصالي ليس أصيلا في الشعب الجنوبي وإنما هو توجه قسري فرضته عليهم حركة التمرد المتطرفة. وعندما سئل دينق:" أنتم كمؤتمر شعبي ما هو موقفكم مما يجري "؟ قال:" نحن كمؤتمر شعبي مع الوحدة الطوعية ". فما الذي حدث في حيز أيام قلائل وجعل عبد الله دينق يغير رؤيته الوحدوية ويتخذ خط الانفصال؟! لم يحدث ذلك إلا أن زعيمه المدعو الترابي حدثه بأن يسلك هذا الخط الانفصالي وأوهمه بأن الانفصال كفيل بأن يزعزع حكم الإنقاذ الذي منه يغصُّ الشعبيون! التدليل بالمناصب وقد اتخذ دينق هذا الخط الانفصالي المعادي للوطن ومصالحه غير مبال بما قدمه له الوطن من فرص نادرة لم تقدم إلا للقلائل من أمثاله. فقد تبوأ هذا الشخص أرفع المناصب خلال عهد الإنقاذ المجيد. حيث اختير وزيرا للإرشاد في مطلع عهد الإنقاذ وظل في ذلك المنصب لمدة أربع سنوات. ثم اختير أول وزير للسلام وإعادة التعمير وظل في ذلك المنصب لنحو عام. ثم اختير واليا لولاية النيل الأبيض لأكثر من عام. ثم اختير رائدا للبرلمان لمدة عامين. ثم اختير للجنة السلام في البرلمان لمدة عام. ثم اختير نائبا لرئيس هيئة شورى المؤتمر الوطني قبل الانقسام. ولكنه بعد هذا كله آثر أن يطعن الوطن من الخلف بخنجر المتمردين. ثم ما فاته أن يتلفظ ويلوك دعاوى التهميش التي يلوكها اليساريون. المواطن المزدوج ثم ما فاته بعد أن أسهم بصوته في فصل الجنوب أن يطالب بأن يظل مواطنا مزدوجا بالشمال والجنوب. وعندما سألته صحيفة عربية لندنية:" لكن حال صدور قرارات سياسية بنزع الجنسية السودانية من الجنوبيين ماذا ستفعل أنت ؟". أجاب:" لكل حدث حديث، لكن بشكل عام ومبدئي هناك مؤسسات دولية ترعى هذه الأمور، وهناك معاهدات تنظم مثل هذه الأشياء، والسودان ليس دولة تعيش بمعزل عن المجتمع الدولي، ونحن متأكدون أن كل المجتمع الدولي سوف يهتم، وسيراقب كيفية معالجة مثل هذه القضايا، على الرغم من ذلك أستبعد قيام أي جهة بعملية انتزاع الجنسيات من حامليها من المواطنين، وحتى في الدستور السوداني، وقانون الجنسية لا يوجد سند قانوني، بل القانون السوداني يقر الجنسية المزدوجة ". فهو يريد أن يفرض هذا الخيار على الحكومة السودانية بالاستنصار بالقوى الأجنبية. وهذه مودة مستحدثة يستهلكها اهل الذل من أقطاب المعارضة يريدون بها تحقيق المستحيل. ولعبد الله دينق هذا ولأشباهه من غير الوطنيين نقول: تخلو اختيارا عن الجنسية السودانية قبل أن تنزع عنكم. فأنتم لستم لها بأهل بعد ما بدر منكم هذا الصنيع الشنيع. نقلاً عن صحيفة الرائد 12/11/2011م