اختلف الناس أو اتفقوا مع السيد الصادق المهدي إلا أن مواقفه الثابتة الرافضة للعنف تبقي محل احترام الجميع كما أن مواقفه الوطنية لا تحتاج إلى شهادة من احد ففي كل المنعرجات التي مرت بها البلاد ظل السيد الصادق داعية للوفاق الوطني وقد كلفته هذه المواقف كثيراً ومع ذلك ظل متمسكاً بها. وحينما اشتد الصراع بين أحزاب المعارضة والرئيس الراحل جعفر نميري العام 1976م حتى وصل حد القتال والمواجهة الشهيرة فيما أطلق عليها وقتها بغزو المرتزقة فاجأ سيد صادق الجميع وقابل الرئيس نميري في باخرة بعرض البحر الأحمر وهو يردد بيت الشعر الشهير إذا احتربت يوما وسالت دماؤها تذكرت القربي ففاضت دموعها. وكلما ظن الناس أن الساحة السياسية قد اشتد صراعها فاجأهم السيد الصادق بموقف وطني يعيد التوازن والهدوء والأمان وما لقاؤه الأخير مع السيد رئيس الجمهورية وعدد من قادة المؤتمر الوطني الا تجسيدا لتلك المواقف الوطنية المشهودة . ليس مهماً أن يتطور الحوار بين المؤتمر الوطني وحزب الأمة ويصل إلى مشاركة حزب الأمة في السلطة ولكن من المهم أن يبقي الحوار ممتدا لان في امتداد الحوار بين الحزب الوحيد الفاعل في الساحة السياسية وهو المؤتمر الوطني وبين حزب الأمة عافية لساحات الحوار الوطني. وكلما توسعت فرص الحوار تعافت الساحة السياسية وفتحت الأبواب أمام التطور الديمقراطي وقتها سيسكب الجميع لان المؤتمر الوطني نفسه لن يتطور إذا لم تشتد المنافسة بينه وبين الأحزاب الأخرى. وما كسبته الحركة الإسلامية في فترة الديمقراطية الثالثة لم تكسب نصفه حتى وهي حاكمة لان التفاعل بينها وبين قواعدها وقتها كان كبيرا ولم يرتبط هذا التفاعل بأي مكاسب لان الثمن كان السجون والمعتقلات. نقلاً عن صحيفة الوفاق 26/1/2011م