الكثيرون في الوطن العربي ينظرون إلى أن أمريكا تتعامل مع الدول وفقا لمصلحتها ولا يكون في حساباتها أبدا المبادئ أو المعاني الإنسانية التي تتسق مع القوانين الدولية، مثل اجتياحها للعراق الذى كان بلا مبرر او مسوغ قانوني وعلى ذات المنوال تحذو مع عدد من الدول الأخرى.. والسودان ليس بعيدا من الاستهداف الأمريكي والمراقب لمسار العلاقات السودانية الأمريكية وفى اجتماع وزير الخارجية أحمد كرتي مع وزيرة الخارجية الأمريكية هلاري كلنتون التي جددت استعداد الولاياتالمتحدة للمضي قدما نحو تحسين العلاقات بشكل كامل لكنها أوردت عدة خطوات يجب اتخاذها حتى يمكن تحقيق ذلك وكان كرتي حث الأربعاء الماضي الولاياتالمتحدة للنظر إلى ما بعد قضية دارفور وأن تقوم بتحسين العلاقات بسرعة مع السودان على التقدم الذي حققه خلال استفتاء تقرير مصير جنوب السودان، وأشار في كلمة ألقاها بمؤسسة أبحاث في واشنطن التحسين الكامل للعلاقات يجب وألا يصبح رهينة بقضية دارفور أوفوا بالتزام رئيسي فيما يتعلق بتوقعات العالم بقوله أوفينا بالتزامنا وبالتالي فإن التزامنا بالسلام يجب ألا يكون موضع تساؤل وحان الوقت لكي تعيد الولاياتالمتحدة العلاقات إلى مسارها، وقال كرتي أيضا إن الولاياتالمتحدة والسودان سيستفيدان من تحسين العلاقات وأشار إلى التعاون في مكافحة الإرهاب كإحدى ثمار ذلك وحسب تقارير صحفية فان زيارة كرتي جاءت في وقت عاد فيه الدفء إلى العلاقات بين الخرطوموواشنطن التي أشادت بالسودان بسبب الاستفتاء الذي جرى في يناير الجاري وأشادت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لنظيرها علي كارتي بإدارة الخرطوم لعملية التصويت وقالت نثمن كثيرا التعاون والمساعدة من قبل الحكومة السودانية لتأمين إجراء استفتاء سلمي ونحن نتطلع لمواصلة العمل مع الحكومة وفي بيان للخارجية فإن كلينتون جددت التأكيد برغبة الولاياتالمتحدة في اتخاذ إجراءات لتطبيع العلاقات في وقت يفي فيه السودان بالتزاماته في ما يتعلق باتفاق 2005 وشكر كرتي الإدارة الامريكية وقال نحن أيضا ننظر إلى المستقبل وللتعاون والعمل معا حيث فرضت العقوبات الاقتصادية على السودان ومنعت الولاياتالمتحدة عمليا القيام بأية عمليات تجارية مع السودان منذ العام 1997 وكانت واشنطن عرضت تخفيف العقوبات عن الخرطوم واتخاذ خطوات برفعها من القائمة الأمريكية الرسمية للدول راعية الإرهاب التى ادرجته فيها عام 1993 فى حالة تعاونت الحكومة في قضية الاستفتاء فهل يا ترى تصدق هذه المرة تعهدات ووعود امريكا للسودان ام انها ادمنت التدليس والوعود البراقة ليس إلا؟ (الصحيفة) حاولت استطلاع آراء بعض الخبراء حول مواقف امريكا ووعودها المتكررة وكيف يقرأون ويضعون مصداقيتها فى الميزان فماذا قالوا؟. يرى الخبير الاستراتيجي عمر مهاجر أن زيارة وزير الخارجية كرتي لأمريكا تبدو كظاهرة غير مسبوقة فى علاقات البلدين حيث ظلت الاخيرة معادية على الدوام لحكومة السودان وتسعى الى اضعاف الحكومة تمهيدا لاسقاطها وقد تنصرف نحو اتجاهات ابعد واخطر قد تصل الى تفكيك الشمال بعد ان تمكنت من احكام قبضتها على الجنوب وفصله كخطوة اولية ويمضى فى القول ان الزيارة قد تأخذ بعدا جديدا اذا السودان على حد قوله يحتاج للخبرة والقدرة والتنكولوجيا الامريكية ويشير الى وعود الرئيس الامريكي فى ديسمبر الماضى لدى زيارة وفود من الشمال والجنوب لامريكا بتقديم عون فى المجال الزراعي ويقول ان الرغبة الامريكية نحو السودان (جامحة) نحو تطويعه واخضاعه وضمه الى المنظومة الامريكية الاقليمية وهى رغبة فى اطار الحزب الديمقراطي الامريكي الحاكم لا يمكن التراجع عنها ويشير الى ان كلنتون لها مواقف معادية مثل معاداة السفيرة رايس ويحظرون دارفور على الطيران السوداني ويؤكد ان هؤلاء القادة الامريكان مع استصحاب ان ملف السودان فى امريكا يتولاه نائب الرئيس الامريكي نفسه ويرى ان مصداقية امريكا فى وعودها للسودان لا تتعدى مسعاها لتحقيق غاياتها فى مصالحها فى الجنوب من المعادن والنفط وذهب وماس واخشاب خاصة انه يعد ضمن منطقة البحيرات التى هى منطقة ثروات وطموحها فيها ويوضح ان المعلومات تشير الى ان المبعوث الامريكى غرايشون لديه مكتب فى نيروبى لادارة المصالح الامريكية واوغندا كذلك تلعب دورا محوريا فى تأمين السياسة الامريكية فى هذه المنطقة وستلجأ للاستثمار فى الجنوب الذى تعتبره ضمن منظومة البحيرات او حسب تسمية الرئيس الامريكى الاسبق كلنتون القرن الافريقى الكبير ويقول ان حوافز امريكا للسودان وعود فقط لتكتيك مرحلى وهذا غير وارد فى الاستراتيجية الامريكية القائمة على الاخضاع والاذلال والتفكيك ولن تفي باي وعود قدمتها للسودان. ويرى استاذ العلوم السياسية البروفيسور حسن الساعوري ان امريكا تمادت فى الوعود الوهمية ويشير الى انها سبق وتعهدت بذلك في حالة قيام الخرطوم باتخاذ المزيد من الإجراءات لمحاربة الإرهاب فضلا عن التوصل لاتفاق لإنهاء عقدين من الحروب الأهلية بين الشمال والجنوب وتطبيع العلاقات التى قد ترقى لتبادل السفراء بين البلدين وكانت امريكا وعدت وكانت قد اغلقت سفارتها فى الخرطوم فى فبراير 1996 ونقلت العاملين بها إلى نيروبي متهمة الخرطوم بدعم الإرهاب وعرقلت واشنطن ترشيح السودان لعضوية مجلس الأمن ويمضى كما انها فرضت على السودان عقوبات اقتصادية فى نوفمبر1998 وفى أغسطس وجهت صواريخ كروز الأمريكية دمرت مصنع الشفاء لإنتاج الأدوية بضواحي الخرطوم وادعت واشنطن إن مصنع الشفاء كان يستخدم في إنتاج الأسلحة الكيماوية وله صلات ببن لادن الذي اقام في الخرطوم خلال الفترة 1991 و 1996 مما دفع الخرطوم الاحتجاج على أن المصنع لم يكن يستخدم في إنتاج الأسلحة الكيماوية وانما لتصنيع الدواء وتثبت صحة احتجاجاتها الدولية ويؤكد بروف حسن ان وعود امريكا للسودان (كالبرق الخلب) كرعد متواصل بلا مطر ويقول ان امريكا كذلك تمارس ضغوطها على المعارضة فى السودان لاجندتها وتجعل من نفسها مظلة لها. والمعروف ان فى العام 2002 بدأت الخرطوم مرحلة جديدة من العلاقات مع واشنطن وفى فبراير قام وزير الخارجية د. مصطفى عثمان إسماعيل بأول زيارة للولايات المتحدة والتقى الرئيس عمر البشير فى يوليو من نفس العام بنائب وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية وكان المتحدث باسم الخارجية بي جيه كراولي قال إن الولاياتالمتحدة قد تبدأ الإجراءات القانونية اللازمة لرفع السودان من القائمة الأسبوعين القادمين إذا اتفق زعماء شمال السودان وجنوبه على كيفية حل عدة قضايا رئيسية لم تحسمها انتخابات يناير ومنها المواطنة والحدود وعائدات النفط وقال نحن مستعدون للمضي قدما بإجراءات تطبيع العلاقات لكن يجب عمل عدة أشياء في سبيل الوصول إلى ذلك وهكذا تجعل الولاياتالمتحدة السودان يدور فى حلقة مفرغة من الوعود الوهمية والاكاذيب التى تضمن لها تنفيذ اجندتها التى تمهد لها تحقيق مصالحها فى الجنوب وفى المنطقة.