أصدر وزير التعليم العام الدكتور حامد محمد إبراهيم قرارا بالرقم (11) مؤخرا قضى بإرجاع مادة الأدب الأنجليزي لتدرس بالمدارس ابتداء من العام الحالي من الصف السابع بمرحلة الأساس، صعودا إلى الصف الثالث ثانوي مرورا بالثامن أساس والأول والثاني ثانوي، وذكر لي مدير إدارة المبادرات بالوزارة محمد البشرى بمكتبه أن المادة ستعود بواقع كتابين لكل صف وسيكون هذا العام عاما تجريبيا بكل السودان. قد يتبادر إلى الأذهان سؤال مشروع ما الداعي لهذا القرار خاصة وأن اللغة الإنجليزية تواجه تدنيا في كل الولايات دون استثناء بما فيها ولاية الخرطوم صاحبة الإمكانات. فالناظر لنتيجة المادة في امتحانات شهادة الأساس بالخرطوم على سبيل المثال خلال السنوات الأخيرة يجد تدنيا بائنا لا يخفى على أحد، فمثلا في نتيجة العام 2004م بلغت نسبة النجاح في اللغة الإنجليزيه (35%)، وفي العام التالي 2005م، تراجعت النسبه إلى (25.2%) ثم عادت إلى الارتفاع الطفيف في العام 2006م إلى (31.9%). وحول دواعي تدريس الأدب الإنجليزي أفادني الوزير الدكتور حامد محمد إبراهيم عبر الهاتف عقب صدور القرار، أن الهدف تقوية اللغة الإنجليزية وإعادة مادة الأدب الإنجليزي لسابق عهدها وترك أمر تحديد الكتب للمركز القومي للمناهج باعتباره الجهة المنوط بها الجوانب الفنية على أن يكون هذا العام عام التجريب على أن تنفذ كلية اعتبارا من العام القادم. إلا أن تبريرات الوزير انقسم الخبراء تجاهها بين مؤيد ومعارض، مفندا أسباب اعتراضه على ما ذكره الوزير في تبرير اصداره للقرار الوارد آنفا. فقد قال لي قيادي سابق بوزارة التعليم العام (فضل حجب اسمه) عبر الهاتف، إن هذا القرار عمل نظري أكثر منه عملي فعودة الأدب الإنجليزي مرحلة متقدمة جدا حسب معطيات الوضع الحالي الذي تعيشه اللغة الإنجليزية فالواقع لا يسر، حيث التدني الحادث حاليا في مستويات الطلاب حتى في المرحلة الجامعية ناهيك عن الأساس والثانوي، وخير دليل على ذلك نتائج امتحانات الشهادة سواء في الثانوي أو الأساس، الذين يفشلون في قراءة سطرين في اللغة العربية ناهيك عن الإنجليزية بالإضافة إلى ضعف مستوى المعلمين وانعدام معامل تعليم اللغة، فالمستوى الآن سواء للمعلمين أو الطلاب والتلاميذ لا يؤهل لتنفيذ هذا القرار الارتجالي، فإذا كانت الوزارة جادة ينبغي عليها أولا تطوير اللغة بدءا من مرحلة الأساس صعودا إلى الثانوي وتوفير المعلم المتخصص وادخال تقنيات تعليم اللغة وكتاب يتناسب مع مستويات التلاميذ مع التدريب المستمر للمعلمين. هذا الرأي المنتقد جاهرت به كذلك الدكتورة سعاد إبراهيم عيسى الأستاذه السابقة بجامعة الخرطوم، والتي أضافت عبر الهاتف، أن الأدب الإنجليزي جزء مهم ومكمل للغة ولكن في ظل الواقع المعاش الآن حول مستويات الطلاب والتلاميذ أمر غير موات، فالآن لا يستطيع هؤلاء قراءة سطر واحد خاصة في المدارس الحكومية.. قد يكون الحال في المدارس الخاصة الحال افضل، وكذلك الأمر بالنسبة للمعلمين مستوياتهم ضعيفة وفاقد الشيء لا يعطيه «إذا كان مستوى المعلمين ضعيفا بالتالي الناتج سيكون ضعيفا». وكتب الأدب الإنجليزي تحتاج إلى مستويات أرفع من المتوفرة، إلا إذا كانت كتبا قصصية بسيطة. فالحل إدخال اللغة الإنجليزية من الصف الأول أساس ثم ادخال الأدب الإنجليزي بعد تحسن المستويات، ولكن مؤيدو القرار يرون غير ذلك بطبيعة الحال فقد أبدى الخبير التربوي حسين خليفة الحسن في إفادته -عندما طرحت عليه الأمر- أنني جد سعيد بقرار الوزير بإعادة الأدب الإنجليزي إلى المدارس مره أخرى، وقال مستدركا لكن قرار تطبيقه العام الحالي لا أؤيده فالتنفيذ يحتاج توفر المعلم المؤهل والمادة تكون حسب مستوى التلاميذ والطلاب تبدأ بقصص بسيطة ثم يرتفع المستوى مع زيادة الحصص المحددة للغة الانجليزية في الجدول إلى ست بدلا عن أربع كما هو الآن، وهذه الزيادة تقتضي النظر في عطلة السبت فلا بد من استثناء التعليم منها. وأيد معلم اللغة الانجليزية السابق والكاتب بالزميلة (الرأي العام) محمد رشوان القرار مع بعض التحفظات وقال عبر الهاتف: لا بد من تكوين الأساس المتين عبر الذخيرة اللغوية من الصف الأول أساس، جنبا إلى جنب مع تدريس القواعد، ففي السابق كان الاهتمام بتكوين الذخيرة اللغوية فمثلا كتب ال READR الستة تمكن الطلاب من حفظ (2000) كلمة والاهتمام بالذخيرة يمكن من المقدرة على تكوين الجملة الصحيحة بجانب الاهتمام بقواعد اللغة، مشيرا الى أنه في السابق كان المعلم يطلب من طلابه الاحتفاظ بكراسة تحوي قوائم بالكلمات وإجراء اختبارات على حفظ الكلمات. ووصف مدير إدارة المبادرات بوزارة التعليم العام محمد البشرى حسن في حديثه بمكتبه عودة الأدب الإنجليزي بالطائر المحلق بجناحين بعد أن فشل في التحليق بجناح واحد لما يقرب من العشر سنوات (سنوات توقف الأدب الانجليزي)، وهذا الأمر وحسب القرار ينفذ اعتبارا من العام الدراسي الحالي 2008-2009م كمرحلة تجريبية ولن يجلس الممتحنون لشهادتي الأساس والثانوي للامتحان في هذه المادة ويجلس لها تلاميذ وطلاب الفصول الدنيا السابع أساس والأول والثاني ثانوي، وإذا نجحت التجربة وهذا أمر متوقع -حسب تعبير البشرى- سيكون الأدب معتمدا وممتحنا فيه في الصفوف -الثامن أساس والثالث ثانوي اختياريا- والكتب ستأتي اليوم الخميس 24 من شركة ماكميلان للنشر الإنجليزية على أن يتم توزيعها للولايات فورا عقب وصولها. وأفادني مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي البروفيسور عبدالرحيم أحمد سالم عن دور المركز في ذلك باعتباره الجهة الفنية المسؤولة فقال إن القرار الصادر من الوزير تسلمه المركز، مشيرا إلى أن الكتب جاءت كمنحة من بريطانيا كدفعة أولى وهنالك مساع لجلب الأصول من انجلترا وطباعتها بالسودان حسب قرارات سابقة من وزارة الصناعة بتوطين الطباعة. وشعبة الإنجليزي بالمركز اطلعت على الكتب وأجازهتا ورفع الأمر للوزير والذي أجازها بدوره. وتبادر إلى ذهني سؤال حول تجربة تدريس اللغة الإنجليزية ب(100) مدرسة بولاية الخرطوم في العام 2005-2006م بقرار من وزير التعليم السابق الدكتور أحمد بابكر نهار والذي نفذ في العام الدراسي 2006-2007م ماذا بشأنها إلى أين وصلت، خاصة وأنه من المفترض تعميم الأمر بكل الولايات العام التالي؟ هنا قال مدير إدارة المبادرات البشرى، إن تجربة تدريس اللغة الإنجليزية من الثالث أساس وحسب اللجنة المكونة لذلك أكدت نجاح التجربة.. الآن تنفيذها للعام ثاني بالخرطوم تعثرت لعدم التزام شركة قارنت الإنجليزية بتوفير الكتب للصف الرابع (العام التالي) لعدم توفر التمويل لها، أما شركة ماكميلان والتي نفذت الأمر في ولاية النيل الأبيض 2007-2008م والتي نجحت في ذلك مما مكن من تنفيذه في العام الدراسي الحالي في الصف الرابع بمنحة جديدة للكتب (CARVAN) الثاني لتلاميذ الصف الرابع الذين تلقوا الانجليزية في الصف الثالث وعددهم (6500) تلميذ وتلميذة موزعين على (100) مدرسة وبالفعل وصلت الكتب والاشرطة وسيتم توزيعها بالولاية للعام الثاني على التوالي، أما عن تعميم تدريس اللغة الانجليزية على كل المدارس بكافة الولايات توقع البشرى أن يتم ذلك العام القادم عقب حسم الخيارات الثلاثة الموضوعة وتشمل منظومة (كارفان) لشركة ماكميلان أو سلسلة قارنت وكلاهما تم تجريبه بالخرطوم والنيل الأبيض كما أشرنا سابقا وبنجاح، أما الخيار الثالث فهو مقترح من بخت الرضا بالتعاون مع اكسفورد بتطوير كتاب SPINE السوداني. وكان المركز القومي للمناهج كون في وقت سابق لجنة لمعالجة أمر اللغة الانجليزية بعضوية عدد من الخبراء في اطار اهتمام المركز باللغة الإنجليزية وكذلك العربية. المصدر: الصحافة - الخرطوم: نوال شنان