لم يكن مستغربا أن تكون إحدى نتائج الجولة التي يقوم بها باقان وعرمان لأوربا وأمريكا السعي لتحقيق تحالف بين الحركة الشعبية وحركات دارفور المسلحة كما ورد من أخبار عن لقاءات لهذه المجموعة بلندن وواشنطون ببعض رموز حركة العدل والمساواة . هذا اللقاء يعود بذاكرتي للتحالف الأصيل الذى (تحالف المهمشين) والذي تمخض عن أول مؤتمر تأسيسي لاتحاد المهمشين من مدينة هوتينغن الألمانية فى أبريل عام 2003م. ذلكم الاجتماع الذي خطط له الجناح العسكري للمؤتمر الشعبي بتنسيق تام مع الحركة الشعبية وبعض تجمعات المعارضة لإشعال شرارة الحرب والدمار في دارفور. هذا اللقاء كان قد جمع الى جانب خليل إبراهيم الذى تولى رئاسة هذا الاتحاد حينها وقد كان بمثابة الدينمو المحرك لهذا الكيان والمنسق بين مكوناته وعلاقاته داخل أوربا. وذلك فى وجود كبار قادة حركته الى جانب أحمد موسى على المدير التنفيذي لمنظمة ألمانية راعية هذا المنبر عبر ملتقى فلوتو السنوي الذى يقام بألمانيا بصفة راتبة ، د على الحاج محمد، ود الشفيع خضر، وشريف حرير ومنصور العجب وكاستيلو قرنق وألدو أجو، وفاروق أحمد آدم، و د. حامد فضل الله ، ود. محمد جميل ، ود. محمد أبو آمنة، ولفيف من تيارات المعارضة وقتها فى الغرب و الجنوب والشمال والشرق حتى يمنح المشروعية وثمثيل غالب الأطياف السياسية . وقد كان من بين فيوضات هذا المؤتمر الذى رعته ألمانيا حكومة وأحزابا وهيأت له المكان والزمان ومنحت المشاركين فيه التأشيرات من الخرطوم، واستقبلت قادة هذا الكيان عقب الاجتماع بالخارجية الألمانية لمعرفة خططهم وبرامجهم وتأمين الدعم والمساندة لهم والتمرد قد بدأ حريقه فى ولايات دارفور الكبرى. كان أول ما خرج عن هذا التجمع بعد أيام من تكوينه أن قامت حركة العدل والمساواة بهجومها على مدينة الفاشر ودمرت عددًا من الطائرات وأغارت على الجامعة والسوق والمستشفى وقتلت ونهبت وسحلت وكان والى شمال دارفور يومها الفريق أول إبراهيم سليمان !؟ هذا الهجوم النوعي لتحالف المهمشين وبما ألحق من خسائر فى الأرواح والممتلكات يعكس أن ألمانيا كانت الأسبق فى الرعاية واكتشاف هذه الحركات والإعراب عن دعمها ورعايتها لمشروع تمزيق السودان وتفتيت نسيجه الاجتماعي عبر احتضانها للعديد من المنابر والاجتماعات واللقاءات التنسيقية بين الفصائل المسلحة فى دارفور والجنوب والشرق والشمال. وهى الملاذ الأول لانطلاق تمرد دارفور وتواجد معظم قادتها بالمنطقة وما يزال علي الحاج يحمل جنسيتها ويقيم بها وقد زارها خليل مرارًا والتقى مسئوليها وزارها حرير وعبد الواحد الذي عقد ندوته فى البرلمان التشريعي ببرلين فى عام 2006 م . وقادة الحركة الشعبية كانوا الأقدم من حيث العلاقة بألمانيا ومنابرها لأجل دعم قضية الجنوب، وقد كان توقف قرنق بها قبل مجيئه للخرطوم لتولي مهامه كنائب أول لرئيس الجمهورية عقب الاتفاق محطة بارزة أسس فيها لدولة الجنوب المستقلة، والتقى فى تلكم الزيارة التى رافقه فيها أموم بالسياسيين والرسميين ورجال الأعمال والمنظمات والكنائس ولكن القدر كان أسبق !! . وقد زارتها عقبه ربيكا وكالت لحكومة السودان وحزب المؤتمر الوطني ما كالت وقد كان باقان الى جانبها وكلاهما كان قادما من واشنطون الحليف الأكبر، والمنسق لكل مخططات التآمر فى بلادنا !؟ . نسوق ذلك لنؤكد أن الرباط بين هذه المكونات لم يكن وليد هذه اللقاءات وليس بالجديد لأن الهم الذى يجمعهم واحد والوجهة التى ترعاهم وتدعمهم أيضا واحدة ، ولن يكون هذا التلاقي والمواساة فيما بينهم هى الأخيرة فى سلسلة البرامج والخطط التآمرية التى يعملون لأجلها كل على طريقته على البلاد من بوابة السلام واتفاقياته . هذا هو سلوك الحركة الشعبية وقادتها الذين يحكمون الجنوب دون سواهم قبل أن يستقر لهم عبر الاستفتاء، ويؤسسون الجيوش وبنى الحرب ويشترون السلاح والعتاد والطائرات والدبابات باسم السلام وتعزيزه وهمم الأول الحرب ونذرها وإعداد مطلوباتها فى مسرح (السودان الجديد) . هذا هو نهج الحركة الشعبية وهى ترسل قادتها للتدريب فى أوربا وجنوب إفريقيا وكينيا وكوبا وإسرائيل بمفاهيم ومدارس تكرس الانفصال وتعمل لأجله ، وتخدعنا بأن كل الذي يجرى هو لأجل السلام ووحدة البلاد الجاذبة!؟ . هذا هو تعاطي الحركة الشعبية وأمينها العام يتهم الدولة بالفساد والفشل والانهيار وهو يسعى جاهدا للترويج لهذه المفردات خارجيا والباسها ثوب الحقيقة والواقع بعد أن سوقها داخليًا، ويبشرنا بسودان جديد، أحد معالمه هو الهجوم والنيل من الدولة وسلطانها من مكاتب الدولة ومؤسساتها دون أن يسأل ! هذا هو سلوك الحركة الشعبية وهى قد منحت حق الفيتو فى الشمال وعرمانها رئيس قطاع الشمال يعمد لقيادة حملات الإرباك والتشويش ويثير الفتن والنعرات من منصة السلام الذي يتوهمه . هذا هو عطاء شريك الحكم الذى يستضيف مجموعات التمرد فى دارفور ويقوم بتدريبها فى واو و ما حولها ، ويأوي منسوبيها ممن قاموا بالهجوم على أم درمان فقتلوا الأبرياء وروعوا الآمنين ، تبتز الحركة الدولة بشراكة السلام الكاذبة وعلاقتها مع هذه الحركة فتطلب لمن قبض عليهم من المجرمين الذين تجرى محاكمتهم الآن أن يفرج عنهم باعتبارهم أسرى حرب وهم يطلقون على هجومهم للعاصمة من أنجمينا (عملية اليد الطويلة) . هذه هى أسس الشراكة عند باقان وعرمان أن تكون موالاتهم لتجار الحروب وسماسرتها فى إقليمنا هي الأولى في كتاب السلام عند أرباب (السودان الجديد) . هذه الجولة التى يقوم بها أعداء السلام باقان وعرمان هى لجلب المزيد من الأموال الأمريكية الأوربية لمصادرة ما تبقى من حلم عند أهل السلام وأنصاره فى السودان . هذا التحالف الذى يرتكز الى كيان المهمشين من ألمانيا الأن تتوج ثماره وتقوى شوكته من أمريكا عبر مؤتمر الحزب الديمقراطي الذى دعيت له جميع حركات السلاح والتمرد فى بلادنا الى جانب قادة (السودان الجديد) لإحكام حلقات المخطط القادم فى الانقضاض على السلام الذى يعطل برغبة الراعي الأمريكي لأجل دولة المهمشين القادمة بقيادة سلفاكير !؟ . وحتى لا تنسى ذاكرة الوطن هذا الذي ظلت تقوم به هذه الفئة داخل الحركة الشعبية أيام الحرب ولم يصدها عن فعالها توقيع السلام وشراكة الهم الوطنى، وهى شريك الحكم ومن مسئولياتها العمل على استتباب الأمن واستقرار البلاد والتزام كل مستحقات الحكم ومترتباتها بصفة تضامنية. علينا أن ننبه لماضي هذه التحالفات التي انطلقت من ألمانيا متلازمة مع حربهم والحركة الشعبية شريكة فيها، والشعبي ضالع حتى أخمص قدميه، وأضافت لها بريطانيا جهدًا خارقًا فى الدعم والإمداد والتسويق الاعلامى وهى الراعية الحالية لحركة العدل والمساواة من خلال وجود غالب رموزها وناطقها الرسمي بلندن . وتشاطرهم فرنسا وهى تأوي عبد الواحد وتوجه خطه ليتماشى وهذه الدوائر المتعددة والتنسيق لاجل رعاية مصالحهم واستراتيجياتهم فى بلادنا . كل ذلك يتم والدور الامريكى محوري وهو من يقود ويوجه هذه المراحل لأجل غايات لم يعد مستورا ما ترمى اليه من فتن وبلاوى تراد لشعبنا وامتنا عبر هذه الواجهات المسلحة وما يسفر عن لقاءاتها. هذا التحالف الذى تمشى به الأخبار هو قديم متجدد يرمى لإعلاء مطالب الأجنبي ورغباته فى بلادنا وتقزيم أى مشروع وطنى لا ترضى عنه هذه الثنائية الأمريكية الأوربية(والانقاذ وبرنامجها وقادتها أولى مطلوبات مشروع ارباب السودان الجديد). هذا الذى يقوم به أبناء قرنق ( ثلاثي اليتم وفقدان الأمل ) ممن فقدوا بوصلة طموحهم وأحلاهم بفقدانهم لربان (السودان الجديد) وهم يجوبون البلاد شرقًا وغربًا لأجل ضالة يصعب تحقيقها فى واقع السودان وتركيبته يردون احياء مشروعهم بعد مواته. هذا الثلاثي الفاشل لم يتبق له غير أن يعلى من أجندة الأجنبي والتعويل عليها لكى يصلوا عبرها الى مرادهم فيما يعرف ( بالسودان الجديد). هذه اللقاءات التى يجرى عقدها كانت مع الدول أو الحركات المسلحة والكنائس والمنظمات وما يخرج عنها من تحالفات هى لبعث هذا الكيان الذى دشن الحرب فى دارفور وقاد البلاد الى بوابة المحكمة الجنائية الدولية، وتمضى أشراطه الى النهايات التى يرومونها فى تمكين قادة (السودان الجديد) من الوصول الى سدة الحكم أو الطوفان والوعيد الذى ظلت تتوعدنا به أمريكا . هذه الجولة الباقانية العرمانية تتطلع لغايات عجز عنها قائدهم بسلاحه ورجاله وعتاده ومن يقف خلفه من كبريات الدول والمؤسسات والكنائس فى حربه التى تطاولت سنونها لدحر الانقاذ ومشروعها ، فأرادوا الالتفاف عبر السلام كى يصلوا لمبتغاهم علّ هذا الركض باتجاه الغرب وأمريكا يعيد لهم الثقة ويحي الأمل فى نفوسهم لتطبيق بعض حلمهم !!؟. وعلى الدولة أن تنفض عن أجهزتها الغبار وهى ترى هذا السعي المحموم بغدره واصراره، و أن تعيد أهل الصفة وتيارهم فى المؤسسات الوطنية التى خبرها عرمان وباقان فى ميادين القتال والجهاد فسطرت سفرًا وملاحم لاتُنسى بوعدها الصادق وفجرها الحق الذي إن نوديت خيله سيُدفن السودان الجديد وقادته ومشروعهم الى غير رجعة !؟ .