بالرغم من تأمينه على قيام الانتخابات في موعدها الا ان مولانا د. محمد أحمد سالم وضع محاذير امام الانتخابات القادمة. وقال ان الانتخابات القادمة مواجهة بعدد من المصاعب والتحديات. واكد سالم أحمد سالم في ورقة «الانتخابات القادمة السمات والتحديات» المقدمة في ندوة اقامها مركز الدراسات السودانية يوم الاحد 12 أكتوبر 2008 بعنوان «هل الانتخابات ضمانة للديمقراطية» على ان اجراء الانتخابات في ميعادها المنصوص عليه في الدستور يشكل وفاء بالمواثيق والتزاما بالدستور. واعتبر أن ذلك خطوة هامة على طريق التحول الديمقراطي والتطور الديمقراطي المفضي الى قيام مؤسسات حكم شرعية، محذرا من وجود عوامل وظروف وعقبات تحتاج الى جهد عظيم وارادة سياسية لتجاوزها ،وهي التي تلخصها ورقة السجل السابق للتنظيمات والاحزاب السياسية في ضيق الوقت، وتوفير الاموال والموارد والمعدات، واستيعاب النظام الانتقالي الجديد، والمهددات الامنية، وضرورة تحول الحركات المسلحة الى منظمات سياسية ومدنية، وحيدة المؤسسات الاعلامية، وضعف المشاركة في العملية الانتخابية، اضافة الى معايير اختيار المراقبين المحليين، ووفقا للدستور يقول سالم يتعين اجراء الانتخابات قبل يوليو 9002م ومع وجود صعوبات في تنفيذ الانتخابات في فصل الخريف، تكون الفترة الزمنية المتاحة قرابة الثمانية اشهر فقط وهي مهلة قصيرة لانتخابات مركبة ومتزامنة تحتاج لوقت اطول للاعداد والتجهيز والتنفيذ. ويشير سالم الى ان مفوضية الانتخابات لم يتم اختيارها بعد وتحتاج الى موافقة المجلس الوطني مما يعني ان الوقت المتاح اقل من القليل، الامر الذي يتطلب جهودا جبارة من الدولة والمفوضية والقوى السياسية لتعويض الوقت الضائع، مضيفا ان عامل الوقت يؤثر على استعداد الاحزاب والمرشحين. وتناولت الورقة ضرورة توفير الاموال والمعدات والموارد نظرا لحجم الانتخابات التي ستغطي البلاد باكملها، مما يقتضي توفير موارد مالية ولوجستية ضخمة، واستقطاب قوة بشرية مؤهلة ومدربة، علاوة على تجهيز صناديق الاقتراع والبطاقات ومراكز التصوير، وتؤكد الورقة على صعوبة الامر نظرا لظروف البلاد الاقتصادية وغياب التزام واضح من المجتمع الدولي تجاه تقديم دعم مالي مقدر، وتطرقت الورقة الى المهددات الامنية التي تعترض الانتخابات، متحدثة عن بعض المناطق في دارفور تنشط فيها الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة، وطالبت الورقة ازاء هذا الواقع بتأجيل الاقتراع جزئيا لحين استتباب الامن، وقالت الورقة انه حتى لو توصلت الحكومة الى اتفاق سلام مع الفصائل الرئيسة فان اي عدد من المعارضين المسلحين يستطيعون في ظروف دارفور الجغرافية ان يقطعوا الطريق ويعترضوا سير الانتخابات، وتخلص الورقة الي ان القاعدة المثلى هي اختيار اهون الشرين وهو تأجيل الانتخابات في جزء من البلاد بدلا من تأجيلها بشكل كامل. وتناولت الورقة في سياق التحديات التي تعترض الانتخابات ضرورة تحول الحركات المسلحة الى منظمات سياسية ومدنية، وترى الورقة ان هذا التحول يحتاج الى وقت وصبر وجهد مقابل زمن وجيز لبدء الاقتراع، وتقدم الورقة تساؤلا حول مدى كفاية الوقت لاكمال عملية الانتقال وفي حال تعذر ذلك فهل من ضمان لقيام انتخابات حرة ونزيهة في مناطق تعج بمقاتلين من حركات مسلحة، ودون تقديم اجابة تنتقل الورقة الى ضرورة حيدة المؤسسات الاعلامية الرسمية والخاصة، كما تناولت زهد المشاركة في العملية الانتخابية عندما ذكرت ان اكبر مهدد لنجاح الانتخابات هو زهد العامة في العملية الديمقراطية برمتها، الامر الذي يتطلب ادارة حملة توعية واسعة النطاق مع ربط العملية السياسية بحل المشاكل اليومية للمواطن حتى تكون للمواطن مصلحة مباشرة في التحول الديمقراطي، وتناولت الورقة كذلك معايير اختيار المراقبين المحليين عندما تحدثت عن مشاكل تواجه اختيار العناصر المناسبة من المنظمات الطوعية وكيفية التأكد من موضوعية وقدرة ورغبة هذه المنظمات على المشاركة، ورغم تأكيدها على هذه الصعوبات التي تعترض طريق الانتخابات الا ان واضع الورقة مولانا سالم أحمد سالم يؤكد بشدة على ضرورة قيام الانتخابات في موعدها، مشيدا بقانون الانتخابات. وفي نفس الندوة تحدث محمد يوسف المصطفى وزير العمل مؤكدا على ضرورة قيام الانتخابات في موعدها حتى لو جاءت ناقصة جهة الحريات، وحتى لو جاءت ناقصة في ظل القوانين المقيدة للحريات، ورغم تأكيدها على ان الانتخابات لو اجريت في ظل الظروف الراهنة لن تقود الى وضع ديمقراطي امثل، الا ان الوزير والقيادي بالحركة الشعبية يرى ان قيامها افضل من تأجيلها. وحظيت ورقة محمد أحمد سالم بنصيب وافر من النقاش والتعقيب، وفي مداخلة تناول صديق يوسف عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي الاختلالات الواردة في قانون الانتخابات، وقال ان المطلب الاساسي في التمثيل النسبي هو اتاحة مشاركة كل القوى السياسية مهما صغر حجمها، الا ان القانون بحسب يوسف اخل بذلك وقيده لحرمان الاقليات من الدخول في الانتخابات، مشيرا الى وجود عيوب في النظام الانتخابي وصعوبات في الترشيح لرئاسة الجمهورية قصد منه ارهاق القوى السياسية، كما تحدث صديق يوسف عن مصاعب تعترض مشاركة المغتربين في العملية الانتخابية، كما المح الى وجود تعارض بين قانون الانتخابات وقانون الاحزاب مطالبا بتعديله. الاستاذ كمال عمر القيادي بالمؤتمر الشعبي شدد على ضرورة قيام الانتخابات، محذرا من تكرار التجربة الكينية في حال عدم قيامها ،وقال ان المعارضة لن تقبل بتزوير الانتخابات، ملمحا الى وجود اتجاه داخل الحكومة لتأجيل الانتخابات، واتهم عمر الحكومة بخيانة العهود الدستورية، مطالبا بعقد دستوري جديد، محذرا من ان كل ادوات التزوير موجودة في الساحة السياسية على رأسها سريان القوانين المقيدة للحريات خاصة قانون الامن الوطني، مؤكدا ان سريان هذه القوانين المقيدة للحريات يعني تثبيت النية لتزوير الانتخابات. مولانا سالم أحمد سالم عاد للمنصة مرة اخرى ليرد على مداخلات المعقبين، منتقدا عدم وجود ممثل للمؤتمر الوطني لاحداث وزنة في ندوة معظم حضورها من القوى المعارضة، متحدثا عما اثاره البعض من نواقص في الورقة مثل عملية الاحصاء، مؤكدا اهميتها وان عدم الاعتراف بالاحصاء السكاني يشكل عقبة كبيرة، وكذلك تناول مسألة الجهوية، مؤكدا انها نتاج ضعف الحزب القومي ولن تزول الا عبر تقوية الحزب القومي، مؤكدا وقوفه الى جانب قيام الانتخابات معللا ذلك بان مشاكل الديمقراطية تعالج بمزيد منها، ضاربا المثل بالحزب الشيوعي في انتخابات 8891م ، وقال انه كان للحزب الشيوعي ثلاثة ممثلين فقط في البرلمان الا انه قاد معارضة قوية وفعالة. المصدر: الصحافة