"ليس صحيحاً أن الشرق شرق، والغرب غرب.. ولن يلتقيا.. لكن الصحيح أننا شركاء، تجمعنا قيم دينية وإنسانية عظيمة". بهذه العبارة يختتم الدكتور سعيد اللاوندى مقدمة كتابه "فوبيا الإسلام فى الغرب" الصادر عن دار "أخبار اليوم" بالقاهرة "سلسلة كتاب اليوم"، ويتساءل د.اللاوندى خبير العلاقات السياسية الدولية فى مؤسسة الأهرام فى كتابه: "هل يجيء اليوم، الذى نرى فيه القارة العجوز أوروبا وهى تطرد المسلمين والعرب منها؟". ورغم اعترافه بأن هذا السؤال قد يكون مبالغاً فيه، فإنه يسبح فى فلك الأرقام والإحصائيات التى قد لا تجعل منه مبالغة، ولكنها تحتم التفكير فيه، حتى لا يرى مسلمو أوروبا يوماً كهذا. اسم الكتاب: فوبيا الإسلام في الغرب تأليف: سعيد اللاوندى الناشر: دار أخبار اليوم تاريخ النشر: 2006 ويشير الدكتور سعيد اللاوندى فى كتابه إلى أن حالة تضييق الخناق على الجاليات الإسلامية فى أوروبا قد نشأت نتيجة القوانين التى استحدثت أخيرا فى البلدان الأوروبية، لتنظيم إقامة المسلمين، والتى تضع القيود على ممارساتهم الدينية، فالخوف من الإسلام والمسلمين أو كما يقول عنوان الكتاب "إسلاموفوبيا" قد أصبح أمرا واضحا وجليا، ونتيجة المحاولات الصهيونية لتصوير الإسلام كما لو كان سرطانا فى الجسد الأوروبي، قد يدفع بأوروبا إلى حافة الهاوية، وأيضا نظرية "تصادم الحضارات" لهنتنجتون، التى تلوكها وسائل الإعلام الأوروبية، وتتحدث عنها دون ملل، وأخيراً نتيجة السلبية التى يعيش فيها مسلمو أوروبا أنفسهم، وتلك السلبية هى ما شددت عليها الكاتبة نوال مصطفى رئيسة تحرير سلسلة "كتاب اليوم" فى مقدمتها للكتاب، مشيرة إلى الفرق بين اليهودى المهاجر والعربى المهاجر الى أوروبا، فاليهودى المهاجر إلى أوروبا شعاره: "كن يهودياً فى بيتك.. ومواطناً أوروبيا فى الشارع"، أما العربى المهاجر، فإنه يرفع الشعار العكسي: "كن أوروبيا فى بيتك.. ومسلما فى الشارع". فبهذا الأسلوب حصد اليهودى حق المواطنة الأوروبية، واكتسب العربى الكراهية، والعزلة، وتكريس الصورة المغلوطة عنه. ويتناول الدكتور سعيد اللاوندى فى كتابه، الأزمة التى فجرتها الصحف الدانماركية، منذ فترة ليست بعيدة، بنشرها الصور الكاريكاتيرية غير اللائقة عن النبى محمد "صلى الله عليه وسلم"، وأعادت نشرها مجموعة من الصحف، فى مختلف البلدان الأوروبية؛ ومنها صحيفة "فرانس سوار" الفرنسية، التى كانت مملوكة لأحد أساطين المال والسلاح اليهود، والتبريرات غير المنطقية لعدم اعتذارهم عن هذه الرسوم، التى حاولوا منطقتها بأسلوب غريب، تحت شعارات: حرية الرأى والفكر والاعتقاد، وقولهم إن لهم الحق فى أن يرسموا ويصوروا من يشاؤون من الأنبياء.. لأن العلمانية التى تسود نظامهم تتيح لهم ذلك. ويقول الدكتور سعيد اللاوندي: "كيف يقول رئيس وزراء الدانمارك إنه ينتصر لحرية الرأى والتعبير، مع أنه فى أحداث مشابهة قام بذبح حرية الرأي، دون أن يبالي؟ فالأمثلة كثيرة ومتعددة، حول التمثيل بجثة حرية الرأى والتعبير، عندما يتعلق الأمر باليهود، حتى لا تغضب إسرائيل "الصديق المدلل للغرب"، فقانون جايسو يجرم أى باحث أو كاتب يعالج من قريب أو بعيد قضية "الهولوكست"، والدول الأوروبية قد تسابقت لتقديم قرابين الاعتذار إلى إسرائيل، بعد استطلاع الرأى الشهير، الذى تبين منه أن 59 % من الشعوب الأوروبية ترى أن إسرائيل دولة عدوانية، هذا إلى جانب مسارعة المفوضية الأوروبية بتقديم الاعتذار إلى حكومة إسرائيل". وانطلاقا من هذه الوقائع كلها كما يرى الدكتور سعيد اللاوندى فى كتابه ثبت أن الحديث عن حرية الفكر هو حديث إفك وكلمات حق يراد بها باطل، لأن ازدواجية المعايير التى يرتع فيها الغرب السياسي، تمارس فقط وبقوة ضد الإسلام والمسلمين. وتتحدث نوال مصطفى فى مقدمة الكتاب عن بعض الأرقام والحقائق التى أذهلتها وجذبتها إلى هذا الكتاب بعينه، منها أن 63 شخصا يعتنقون الديانة الإسلامية يوميا فى أوروبا، وأن نقص مواليد الفرنسيين وزيادة مواليد المهاجرين ستحول فرنسا بحلول عام 2020 إلى "جمهورية إسلامية"، تبعا لإحدى الدراسات الديموغرافية، وأن عدد المسلمين والعرب فى أوروبا يبلغ حوالى 26 مليون مسلم وعربي، وأخيرا أن ممثلة فرنسية هى بريجيت بردو تشن هجوماً على المسلمين، لأنهم يذبحون الخراف فى عيد الأضحى، بينما لا تهتز لها شعرة عندما يذبح الإسرائيليون الأطفال الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة! ويوضح الدكتور سعيد اللاوندى فى كتابه أن هناك لدى الغرب "إسلامَيْنِ"، الأول: إسلام الأكاديميين، الذين يعدون دراساتهم عن الإسلام، وهى دراسات ترسم صورة قريبة له، ولكنها للأسف محبوسة داخل الجامعات، وتأثيرها محدود. والثاني: الإسلام الإعلامي، وهو الإسلام الذى يتم عرضه من خلال وسائل الإعلام، التى غالباً هى وسائل مغرضة، ويقول الدكتور سعيد اللاوندي: "للأسف، فإن النوع الثانى هو المنتشر فى عقول الأوروبيين، فلا نستطيع أن ننكر نجاحهم فى ربط الإسلام بالإرهاب، من خلال ما تعرضه وسائل الإعلام، التى تتحدث عن الإسلام". وقد وصل الأمر فى فرنسا مثلاً إلى أن فكّر أحد الآباء فى تغيير اسم ابنه الذى كان يسمى "إسلام"، وذلك لأن زملاءه فى المدرسة، ومن خلال ما يشاهدونه فى وسائل الإعلام، كانوا يطلقون عليه اسم "الإرهابي"، والمسؤول عن رسم هذه الصورة هم بعض السياسيين والمفكرين، الذين يجهدون أنفسهم فى رسم هذا الصراع الوهمى بين الإسلام والغرب، ووصل الأمر بأحد المرضى إلى اصدار كتاب بعنوان "قنابل مطار شارل ديجول"، والذى فجر قضية عمل المسلمين فى مطار شارل ديجول، وأن ذلك قد يسهل عليهم تفجير المطار، وهو ما دفع السلطات إلى تخصيص ملفات لهؤلاء المسلمين الذى يعملون، بل وتم وقف بعضهم عن العمل!". المصدر: شريف عبدالله-العرب أونلاين