أكَّد مفتى المملكة العربية السعودية، فضيلة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، أنَّ الدعوة إلى دولة مدنية ديمقراطية غير مرتبطة بالشريعة الإسلامية دعوةٌ تنافي دين الإسلام. وقال في خطبة عرفة، التي ألقاها اليوم بمسجد نمرة: إنَّ هناك شعارًا في هذا الزمن بين المسلمين يدعو إلى دولة مدنية ديمقراطية غير مرتبطة بالشريعة الإسلامية، وتقر الكثير من المنكرات بدعوى الحرية الشخصية, وهذا بلا شك ينافي تعاليم الإسلام ويخالف الكتاب والسنة وأصول الشريعة". وأردف: "شريعة الإسلام قادرة على التوفيق بين الشعوب وبين الأفراد والحكام، ولا يخرج شيء من تعاليم الشريعة عن نطاق الإسلام؛ ويجب علينا أنْ نحافظ على ديننا وألَّا نتنازل عن أي حق من حقوق الإسلام مهما كانت الأحوال". وبَيَّن أنَّه "من الإيمان بالله أنْ تكون شريعةُ الإسلام مصدرًا لأنظمة الأمة الإسلامية في سياستها: الداخلية والخارجية والاقتصادية والتعليمية، وأنَّ الشريعة حاكمة على جميع شئون الحياة، صالحة لكل زمان ومكان، ولا يجوز معارضتها بأي تشريع مهما كان مصدره، ولا أنْ تكون أحكامها القطعية مجالًا للنقد وأخذ رأي الناس حولها، بل كلها إلى شرع الله، ويبطل ما سواه". وأشار إلى "إنَّ شرذمة من البشر تحاول الطعن في هذا الدين بحجج واهية وشعارات زائفة بدعوى الحرية، وزعموا أنَّ الدين لا يصلح لهذه الحالات لاختلاف الأحوال، واعترضوا على القصاص والحدود، وسمحوا لأنفسهم بالطعن في الدين وتغيير نصوصه، وزعموا أنَّ هذا هو الرقي، ولاشك أنَّ هذه التُّهم الباطلة والدعاوى اليائسة إنَّما هي جزء من الحملات التي يشنها أعداء الإسلام ضد هذه الأمة؛ لتغييرها وإبعادها عن دينها، وطمس هويتها، وتغريب مجتمعاتها". وشدَّد على "أنَّ البشرية في حاجة لتوحيد الله، وعبادة الربِّ المعبود لا شريك له في الوقت الذي فقدنا فيه الرقي في أنواع العلوم المادية، إلَّا أنَّه توجد فئة من البشر لايزالون غارقين في أهوائهم وجهلهم وظلالهم، وقلوبهم خاوية لا إيمان فيها، ونفوسهم شقية لا سعادة فيها؛ لأنَّ الحياة الطيبة والسعادة إنَّما هي في عبودية الله وإخلاصهم لله". وأضاف: "ومن شقائهم أنَّ بعضهم سعى في إنجاب فكر مادي منافٍ للدين والأخلاق والقيم، ومبادئ ما أنزل الله بها من سلطان، يجعلها نظامًا عالميًّا، والحق الذي لاشك فيه أنَّ الدين الذي تدين به البشرية هو الدين الذي بعث الله به عبده ورسوله محمدًا- صلى الله عليه وسلم- ليكون دستورًا للعالم أجمع". كما أوضح أنَّ "عقيدة التوحيد إذا رسخت في أفراد الجماعات المسلمة فلابد أنْ تترك أثرًا إيجابيًّا على هذا المجتمع فيتحول المجتمع المسلم إلى مجتمع طاهر، عفيف، قوي، نقي، ملتحم، يحافظ على هويته الإسلامية؛ ولهذا كان لزامًا على الأمة الإسلامية أنْ تنهض جميعًا في المحافظة على هذه العقيدة". وبَيَّن أنَّ "المؤسسة التعليمية يجب عليها أنْ تحافظ على هذه العقيدة من خلال مناهجها التي تربي عليها البنين والبنات تربية إسلامية؛ لتقوي صلتهم بربهم وبدينهم وبنبيهم، فينشأ نشأة صالحة مفيدة". وتابع: "كذلك في وسائل الأعلام- يكون ذلك- بما تنشره من فضائل وأخلاق، وبما تتصدى له من محاربة الأفكار المنحرفة والدعوات المشبوهة، وهكذا كل مؤسسات المجتمع المسلم تحافظ على هذه العقيدة لأنَّها صمام أمان للأمة، يحميها من الانحلال الخلقي والانحراف العقدي، ويساعد في جمع الكلمة والبعد عن الخلاف كله". وأدَّى حجَّاج بيت الله بعد استماعهم لخطبة عرفة صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا، ومع غروب شمس اليوم- التاسع من ذي الحجة- ينفر الحجيج إلى مُزْدَلِفة؛ حيث يؤدُّون صلاتي المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا، ثُمَّ يتوجهون في ساعات الصباح الأولى من يوم غد الجمعة إلى مِنَى في أول أيام عيد الأضحى؛ لرمي جمرة العقبة وذبح الهدي ثم الحلق أو التقصير؛ فيتحللون من إحرامهم تحللًا أصغر.