محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    مقتل البلوغر العراقية الشهيرة أم فهد    محمد وداعة يكتب: المسيرات .. حرب دعائية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    إسقاط مسيرتين فوق سماء مدينة مروي    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    كهرباء السودان: اكتمال الأعمال الخاصة باستيعاب الطاقة الكهربائية من محطة الطاقة الشمسية بمصنع الشمال للأسمنت    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    الدكتور حسن الترابي .. زوايا وأبعاد    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقالات: تحوير 11 سبتمبر.. إلى (حرب عالمية) على الإسلام

ظاهرتان اثنتان اقترنتا وأعقبتا أحداث 11 سبتمبر 2001 وهما: (أ) ظاهرة الغرق في التفاصيل والروايات المتضاربة. (ب) وظاهرة (الخط الثابت): الفكري والإعلامي والسياسي والأمني.. على الرغم من زحمة التفاصيل (وتقلب) الروايات والتحليلات.. والخط الثابت هو: تحوير المعلومات والوقائع والتفسيرات وتوظيفها في معاداة الإسلام وشن حرب فكرية وسياسية وإعلامية عليه: بحسبانه (العدو الأول) والأخطر الذي يهدد الحضارة الغربية.
ولنستحضر العقل، والتفكير الموضوعي المتماسك لمناقشة هاتين الظاهرتين وتحليلهما وتفسيرهما:
أولا: ظاهرة الزحمة في التفاصيل، وتضارب الروايات وتناقضها وتهافتها.
أول رواية للحدث، صدرت عن الإدارة الأمريكية بطبيعة الحال .. وخلاصة الرواية: ان مؤامرة كبرى استهدفت الأمن الوطني للولايات المتحدة عبر ضرب أبراج عمرانية في نيويورك. ومنشآت أخرى في واشنطن وبنسلفانيا، وان ابطال هذه المؤامرة (مسلمون) معظمهم من السعوديين، وان باعث المؤامرة هو: كراهية الحرية في أمريكا، وتحطيم النموذج الأمريكي الحضاري.
بيد أن هذه الرواية تعرضت ل (مطاعن) جد قوية.. ومن هذه المطاعن: (التشكيك) في صحة: ان الإدارة الأمريكية كانت (خالية الذهن) من السيناريوهات التي تحمل نذراً مبكرة، إذ تقول هذه النذر فيما يشبه التوكيد بأن أحداثاً مروعة ستقع:
1 كونداليز رايس غير متهمة قطعا بالتشكيك في الرواية الرسمية، ومع ذلك فقد ورد على لسانها تحت ضغط الإحراج ما يلقي الشكوك في سلوك الإدارة حول موقفها تجاه تلك الأحداث العاصفة. لقد قالت في شهادتها أمام الكونجرس، وكانت يومئذ مستشارة الأمن القومي للرئيس الأمريكي. قالت: «إن الرئيس تلقى قبل أحداث 11 سبتمبر بشهر، مذكرة استخباراتية تصف أهداف أسامة بن لادن ومصلحته في شن هجوم على الولايات المتحدة يتضمن اختطاف طائرات واستعمالها في الهجوم. والمذكرة معروف عنوانها، ولكن محتوياتها لا تزال مجهولة!. أما عنوانها فهو تصميم بن لادن على شن هجوم داخل الولايات المتحدة. ولكن المذكرة تفتقر الى تحديد موعد ومكان وكيفية وقوع مثل هذا الهجوم.
وأنا لم أتخيل على الاطلاق ارتطام طائرات بمبانٍ»!!.. لماذا استبعاد هذا الاحتمال مع ان المذكرة الاستخباراتية تنص على اختطاف طائرات واستعمالها؟.. هل ستستعمل الطائرات المختطفة لصيد الحمام والجراد في الجو، أو لملاحقة الأسماك في أعماق المحيطات؟. ثم انه من المعروف: ان من بدهيات سلوك المشتغلين ب (الأمن العادي): عدم استبعاد أي احتمال وان كان مغرقا في الخيال، فكيف بذهنية مسؤول عن الأمن القومي الأمريكي؟! ريتشارد كلاك: كان المختص الأول في مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأمريكي. ولقد استقال.. ومن أقوى أسباب استقالته: استهتار الإدارة الأمريكية بالمعلومات التي تحمل نذرا شديدة تتهدد أمن الولايات المتحدة.. هذا الرجل الأمريكي الأول في مكافحة الإرهاب قال بوضوح : «إن الإدارة تجاهلت التهديد الذي كان يمثله تنظيم القاعدة قبيل هجمات الحادي عشر من سبتمبر على الرغم من علمها «!!!» بهذه التهديدات. وكنت أنا وجورج تينيت مدير الاستخبارات نشعر بالأسى دائماً لأن تنظيم القاعدة وتهديداته لا يعالجان بالجدية اللازمة من جانب الإدارة الجديدة، وانه حتى بعد هجوم سبتمبر واختباء بن لادن في أفغانستان أرادوا ضرب العراق مباشرة على الرغم من عدم وجود أي علاقة بين العراق والهجمات».
3 بتاريخ 6/9/2003 نشر مايكل ميتشر (عضو مجلس العموم البريطاني ووزير البيئة من عام 1997 إلى عام 2003).. نشر الحقائق والوقائع التالية تحت عنوان (أسطورة الحرب الزائفة على الإرهاب).. قال مايكل ميتشر: «نعم الآن انه قد خطط لمشروع القرن الأمريكي منذ وقت مبكر. ومما ورد في وثيقة المخطط ان الولايات المتحدة يجب أن تعيق الدول الصناعية المتقدمة عن تحدي قيادتها العالمية أو التطلع الى دور اقليمي أو عالمي. ولقد حان الوقت لزيادة حجم الوجود الأمريكي في جنوب شرق آسيا وانه ينبغي على الولايات المتحدة ان تدرس مسألة تطوير أسلحة بيلوجية بما يمكنّها من استهداف أعراق معينة، ومن تحويل الحرب البيلوجية من نطاق الارهاب الى أداة سياسية مفيدة.. ان هذه الوثيقة التي كتبت قبل 11 سبتمبر بعام كامل: توفر تفسيرا أفضل لفكرة الحرب الشاملة على الارهاب قبل 11 سبتمبر واثناءه وبعده. وينبغي النظر الى هذا الموضوع من عدة جوانب. فمن الواضح: ان السلطات الأمريكية لم تفعل ما يكفي لاجهاض أحداث 11 سبتمبر. فمن المعروف ان احدى عشرة دولة على الأقل قدمت معلومات وتحذيرات تقول: ان هناك خلية مكونة من مائتي إرهابي تحضّر لعملية كبيرة في أمريكا. وقد تضمنت قائمة الأسماء أربعة أسماء من خاطفي الطائرات ومفجريها، وعلى الرغم من ذلك لم يقبض على أي منهم. وهناك وقائع تبعث على الريبة. فقد اشتبه في الاختطاف الأول الذي جرى في الثامنة وعشرين دقيقة، بينما تحطمت الطائرة الأخيرة في بنسلفانيا في العاشرة وست دقائق، وضربت الطائرة الثالثة البنتاجون في التاسعة و38 دقيقة.. ومع ذلك لم ترسل أي طائرة مقاتلة للاستقصاء، مع العلم بأن هناك اجراءات اعتراض قياسية تنص عليها أنظمة ادارة الملاحة الفيدرالية في التعامل مع الطائرات المختطفة قبل 11 سبتمبر.. ولقد أطلق الجيش الأمريكي طائرات مقاتلة في 67 واقعة في الفترة ما بين سبتمبر 2000 ويونيو 2001 لملاحقة الطائرات المشبوهة، فهل هذا التراخي نتيجة لتغافل؟.. أو لجهل المسؤولين بالأدلة؟.. أو ان اجراءات أمن الطيران الأمريكي قد عطلت عمدا في 11 سبتمبر.. والسؤال هو: لماذا؟.. وتحت إمرة من حدث هذا»؟!
4 خالد شيخ محمد الذي وفِّرت له الإقامة والحماية في بلدان عربية «!!» والذي لم تضغط أمريكا بالقدر الكافي للقبض عليه (وهو المطلوب بشدة لديها).. هذا الرجل الذي عرف بأنه العقل المدبر لهجمات سبتمبر: فتح فمه بحقيقة مذهلة فقال: «كانت الخطة المعتمدة تركز على ضرورة انتماء الخاطفين الى 22 جنسية عربية بهدف تعاطف الوطن العربي كله مع العملية، ولكن قبل التنفيذ أصر بن لادن ومستشاروه «!!» على أن يكون معظم الخاطفين من الجنسية السعودية).. وهذه معلومة تؤكد (التركيز المقصود على العنصر السعودي).. لماذا؟.. من أجل الوصول الى الهجوم على الاسلام من أقرب نقطة، أي من مجتمع ودولة يقومان على الاسلام، ويجاهران بالالتزام به عقيدة وشريعة.
ثانيا: في ضوء الوقائع والحقائق الآنفة، نلتقي مباشرة بالظاهرة الأخرى التي صاحبت 11 سبتمبر وأعقبتها واستمرت الى اليوم: ظاهرة تحوير أحداث 11 سبتمبر حتى أصبحت (حربا عالمية) على الإسلام.
ان تلك المعلومات والوقائع تدل على أن أحداث سبتمبر (مسيّسة): إما بالتخطيط المتعمد المبكر.. وإما ب (تسهيل) حدوثها تسهيلا جرى في ظل إمكان منعها أو اجهاضها.. وإما ب (التوظيف السياسي البَعْدي لها).
وأيا كان الأمر، فإن التوظيف السياسي قد مورس على نطاق واسع.
وجوهر التوظيف هو: اتخاذ الإسلام هدفاً والعداوة والتشويه والتقبيح.. ومن الموضوعية العلمية أن نقول: إن (توثيق) مادة هذا الهجوم يتطلب اعداد موسوعة كبيرة جد كبيرة، سواء تمثلت هذه المادة في مقالات صحفية، أو في كتب، أو في تصريحات أو في برامج إذاعية وتلفزيونية.
ولئن تعذر الآن بالضرورة استعراض هذه المادة الموسوعية، فإن البديل الرمزي هو النماذج التالية: في البدء قال كبيرهم: «سنشن عليهم حربا صليبية. إن ما يحركني هو تكليف من الله الذي قال لي: جورج اذهب وحارب أولئك الإرهابيين في أفغانستان وقد فعلت.. ثم قال لي: جورج اذهب وامح الطغيان من العراق وقد فعلت».. وفي السياق ذاته قال توني بلير: «إن الله هو الذي ألهمني قرار الحرب».. وهذه أفكار تصبغ الأزمة بصبغة دينية.. وكان رئيس وزراء ايطاليا السابق قد قال: «إن قيمنا المسيحية أسمى من قيمهم الإسلامية وان حضارتنا الغربية أسمى من حضارتهم الإسلامية».. ولمن شاء المزيد من هذه الأفكار المعادية للإسلام فهذا هو المزيد: «من أجل ردع الإرهاب الإسلامي يجب علينا قصف أماكنهم المقدسة في مكة والمدينة بالأسلحة النووية». توم تانكر ريدو مرشح جمهوري للرئاسة عام 2008..: «ينبغي ألا نستهين بأسلمة الغرب وألا نتجاهل خطر الإسلام على الهوية الأوروبية».. جورج جايفنسفاين السكرتير الخاص لبابا الفاتيكان.. «أدعو الفاتيكان الى اتخاذ موقف أشد صرامة من الإسلام من خلال مؤتمر استثنائي عالمي يخصص لهذه القضية».. الأسقف جوسيبي برناردي.. «يجب تنظيم حملة كبرى هدفها تبصير الأمريكيين بالمخاطر الرهيبة التي يمثلها الإسلام على وجودهم».. السيناتور الأمريكي تشارلز شومر.. «إني أحذر من شبح إسلامي هائل يخيم على العالم ويتهدده».. قائد الجيش البريطاني الجنرال ريتشارد دانات..:«إن الاضطرابات في الشرق الأوسط والحضارة الإسلامية قد تتسبب في حرب عالمية جديدة».. زلماي خليل زاد مندوب الولايات المتحدة في الأمم المتحدة.. ومن الغريب المريب: رد أسباب حرب عالمية جديدة الى (اضطراب في الحضارة الاسلامية، ذلك أن من أعتى أسباب الحروب: العالمية والإقليمية هو زرع (الفوضى).. ومعروفة هي الجهة التي نادت بالفوضى الخلاقة وزرعتها.. ولسنا ندري لماذا يلصقون بلاياهم وشؤمهم على الإسلام والمسلمين؟.. انهم يسعون الى (عسكرة) الكوكب كله بواسطة استعمال (الهندسة المناخية) مثلا في إغراق دول وأقوام بالفيضانات الطاغية، فهل الاسلام هو الذي أمرهم بذلك؟.. لا ينقصهم إلا أن يقولوا: إن الإسلام هو المسؤول عن 70 ألف جسر معرض للانهيار في أمريكا!!.. ثم لماذا الحرب العالمية؟.. ان إمدادات النفط في مأمن.. وان أسواق العالم الإسلامي مفتوحة إلى آخرها أمام بضائعهم (وتاريخ الغرب يقول: ان حروبه مرتبطة دوما بالخوف على هذين الأمرين).. لماذا التلويح بحرب عالمية جديدة؟.. هل يكون السبب (المضمر) هو: شن حرب (دينية) على الإسلام والمسلمين: انطلاقا من لغز 11 سبتمبر الذي حُوِّر حتى أمسى (حربا عالمية) على الإسلام؟.
والعقلاء منهم شعروا بخطورة هذا التحوير الشرير، ونبهوا مبكرا الى ذلك. فقد قال بابا الفاتيكان السابق: «إنني أخشى ان تثير الحرب المحتملة على العراق وعلى الإرهاب صراعاً دينياً ويجب ألا نسمح لهذه الأزمات بأن تباعد بين المسيحيين والمسلمين، كما يجب بذل كل الجهود بإخلاص لابعاد شبح الحروب والصراع الديني وتجنيب العالم انقسامات جديدة».. وهذه قرينة تدل على أن الذين يشنون حربا عالمية على الإسلام: فكرية وسياسية وإعلامية، إنما (يستغلون) الدين ولا يلتزمون بمبادئه النقية. لأن الملتزم بالدين: لا يكذب، ولا يعبد القوة، ولا يستعلي في الأرض. وكما قال السيد المسيح عليه السلام: «تبا لكم أيها المراؤون يا من تدفعون العشور بالنعناع والشبت والكمون ثم تتركون ما هو أعظم من ذلك من الشريعة والأحكام والرحمة والإيمان.
وإلى أن يصلح الغلاة في الغرب أنفسهم، فإننا ندعو كل مسلم الى التأهب للدفاع عن دينه ونفسه ووطنه: للدفاع عن ذلك بالوعي بالمخاطر الجسيمة.. وبالثبات على الحق.. وبالثقة بالنفس.. وباحباط حملات التشكيك والتيئيس.. وبنسيان الخلافات الصغيرة الجانبية.. وبالسلوك العقلاني الحكيم الذي يدفع المخاطر بحصافة ولباقة، ولا يزيد البلاء بالغباوة والحمق بالتحول الى (أدوات) في يد الشانئ.
طبيعة الخلاف مع الغرب .. خطوط وطنية مستقلة لمكافحة الإرهاب
الوضوح: (عملة) الكاتب المعتمدة، وسلاحه الحاسم في كل حين، وهو أشد الزاما عندما يكون (التضليل الاعلامي والفكري) منهجية مبرمجة في عالمنا هذا: منهجية ترسمها مؤسسات ومراكز بحث، ويباشرها ألوف الخبراء والمفكرين والسياسيين والاعلاميين على مدى 24 ساعة من كل 24 ساعة!.. والداعي الثاني الموجب للوضوح هو: ان أمتنا شقيت ايما شقوة بالغموض والابهام والعكر والظلام، فهي لذلك قد برَّح بها الشوق الى الضياء لا الى العتمة.
في السطور الماضية قلنا: ان هناك من يشكك بأدلته في الرواية الامريكية الرسمية عن احداث 11 سبتمبر عام 2001.. وان هناك من يرتاب بعمق في قدرة اشخاص هواة على القيام بمثل هذا العمل الضخم المتقن والمزلزل ويقول: ان اولئك الاشخاص (مجرد ادوات): استدرجت بهذه الصورة او تلك لتكون (حاضرة) في العملية الضخمة من اجل التمويه والتعمية وابعاد الاعين عن (الاهداف الكبرى) لتلك الاحداث.. ومن هذه الاهداف الكبرى مثلا ما سجله صموئيل هنتنجتون في كتابه الجديد نسبيا (من نحن: تحديات الهوية الوطنية الامريكية، فقد قال علانية لا سرا : «ان العداء للاسلام والحضارة الاسلامية، ودخول امريكا في حروب مع دول وجماعات مسلمة في السنوات القادمة، عوامل من شأنها: ان توحد صفوف الامريكيين من جديد، وان تجعلهم يعثرون على هويتهم المفقودة والمتمثلة في خصائص اربع هي: العرق الابيض.. والاثنية الانجليزية.. والدين المسيحي البروتستانتي.. والثقافة الانجليزية البروتستانتية».. لقد قيل هذا، وقيل اكثر منه (كما سنرى في محاور اخرى من هذا المقال).
بيد انه من (الوضوح) الذي يتوجب التزامه بمقتضى مطلع المقال ان نقول: ان خلافنا مع الغربيين او مع دوائر معروفة في الغرب: ليس في انهم يثبتون ان في المسلمين (ارهابيين)، على حين اننا ننفي ذلك. فنحن نعلم ونشهد بأن بين المسلمين من هو متورط في العنف والارهاب (وهذا الاقرار لا يشمل اولئك الذين اذنت لهم شرائع السماء وقوانين الارض بمقاومة من يحتل ارضهم ويدوس عزتهم).. والاقرار الواضح بأن في المسلمين اهل عنف وارهاب مسنود بدلائل لا يستطع نكرانها عاقل امين ذو ضمير.. ومن هذه الدلائل:
أ ان العقل لا يستبعد ذلك كما لا يستبعده عن أي امة اخرى من امم الارض: قديمة او حديثة. ب ان الغلو والعنف (مرض وبيل) يمكن ان يظهر في أي بيئة وأي مجتمع. فنابتة (الخوارج) نبتت في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث زايد جرثومة الخوارج (ذو الخويصرة) على النبي في العدل وقال له: اعدل «!!».. ثم استغلظت هذه النبتة وانتقلت من (الكلام العنيف) الى (الفعل العنيف) الذي تمثل في حمل الخوارج السلاح على المجتمع والدولة الراشدة. ولقد اغتال عبد الرحمن بن ملجم رابع الخلفاء الراشدين الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه فعل جريمته الخسيسة وهو يذكر الله «!!»: اعتقادا منه بأنه تقرب الى الله بأعظم القربات! ج الدليل الثالث: ان الافكار غالبا ما تتحول الى (افعال).. وفي المسلمين اليوم من يحمل افكارا مشحونة بالغلو الحافز على العنف والبطش والارهاب، فلا عجب ان تتحول هذه الافكار الى ممارسات ميدانية. د ان الذين اتهموا باقتراف احداث 11 سبتمبر (اعترفوا) بأنهم فعلوا ذلك.. وهذا ذاته (لغز) يضاف الى الالغاز الكثيرة في تلك الاحداث.. فقد جاء الاعتراف بمثابة (انقاذ) للادارة الامريكية، او كتسويغ لما عزمت على فعله بعد ساعات.. فقبيل قصف افغانستان، كان العالم كله تقريبا بما في ذلك اوربا يتحدث باستفاضة عن (ضعف الادلة الامريكية وقلتها) ويطالب بأدلة قاطعة تسوغ عملا حربيا كبيرا كهذا. ولما كانت امريكا عاجزة عن تقديم هذا النوع من الادلة المطلوبة، ولما كانت في الوقت نفسه قد قررت شن الحرب، فان موقفها السياسي كان هزيلا ومثقلا بالحرج والخزي.. وفي هذا الظرف البالغ الحرج: جاءها الفرج، ووجدت المخرج. وهما فرج ومخرج تمثلا في الخطاب الذي أذاعه زعيم القاعدة والذي يحمل الاعتراف ب (الفعل).. وكان الخطاب من ثم : الدليل الحاسم في يد الادارة الأمريكية الذي (يبرر) الحرب على أفغانستان.. وحتى بث هذا الخطاب؟.. بث مع الساعات الأولى لهذه الحرب.. فهل هذا (التوقيت الذكي) محض مصادفة؟!
خلاصة هذا المحور: انه يمكن أن يقترف مسلمون اعمالا ارهابية: اقتناعا ذاتيا بمفاهيم خاطئة، أو ك (أدوات) تنفذ مخططات أكبر من عقلها، وأعقد من حساباتها، وأدهى من أن تدرك أهدافها البعيدة.
فالخلاف مع الغربيين من ثم : لا يمثل في (الاثبات والنفي): هم يثبتون: أن في المسلمين (ارهابيين).. على حين نحن ننفي ذلك.. لا.. لا.. ليس هذا هو موضوع الخلاف.
إنما يمثل الخلاف في:
1 (التعميم)، فهم يعممون تهمة الارهاب على المسلمين.. والتعميم ينطوي دوما على الظلم. ولأنه كذلك، فقد انتقدنا بشدة وسفور نفرا من دعاة المسلمين أخذوا يعممون (الدعاء) على النصارى أجمعين فيقولون مثلا «اللهم أهلك النصارى وأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين».. هذا تعميم ظالم بلا ريب.. فليس (كل) النصارى مارسوا العدوان على المسلمين، وليسوا جميعا راضين عن هذا العدوان، بل منهم عشرات الملايين الذين خرجوا في مواكب ومظاهرات ضد غزو العراق.. وهناك رؤساء كنائس لم يترددوا في وصف الحرب بانها (غير أخلاقية).. لكن هناك دوائر غربية وقعت في ذات الخطأ فطفقت تصم المسلمين أجمعين بأنهم (ارهابيون).. وهذه نقطة خلاف بيننا وبينهم.
2 النقطة الثانية في الخلاف هي (الخلط) بين الاسلام وبين افعال بعض أتباعه من أهل الغلو والعنف حتى قال قائلهم: «إن القرآن كتاب عنف»!!، ولا يزالون يلحون على هذا المفهوم حتى بدا المشهد وكأن (الاسلام) نفسه هو هدف الهجوم، وليس الذين انتحلوا اسمه لتغطية أفعالهم القبيحة به.. وهؤلاء الخالطون يمتلئون جزعا وفزعا: إذا خلط خالط من المسلمين أو غيرهم بين دين المسيح عليه السلام وبين هتلر وماكفاي وجماعة الألوية الحمراء والمرتزقة في العراق الذين يقتلون مقابل أجر مالي.. وبعضهم يحمل الصليب في عنقه!!
إن من يعرف (أبجدية) الاسلام يوقن بأن هذا الدين يستحيل ان يقر هذا (العنف) الدامي الذي يخوض فيه بعض اتباعه، ذلك ان الاسلام منهج عماده (الرفق)، وهو منهج وكَّده نبي الاسلام توكيدا فقال: «ان الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف» فالرفق ها هنا (عقيدة يقينية لا مجرد فضيلة خلقية عقيدة يقينية من حيث ان الرفق صفة من صفات الله (ان الله رفيق).. وعقيدة يقينية من حيث ان الرفق من محبوبات الله (يحب الرفق في الأمر كله).. وعقيدة يقينية من حيث ان الله جل ثناؤه يكره العنف.. لذلك فإن الخلط بين الاسلام والعنف: سقوط عقلي ومنهجي وأخلاقي وفكري واعلامي.
3 النقطة الثالثة في الخلاف هي (التوظيف السياسي لأحداث 11 سبتمبر في الكيد للاسلام وتقبيح صورته).. ولقد تكفل مقال الاسبوع الماضي بتوضيح هذه القضية.
هذا (وضوح) اقتضاه: الخروج المتعمد عن سياق (التضليل الفكري والسياسي والإعلامي الممنهج والمبرمج حول أحداث 11 سبتمبر).. فنحن ننفر من (التقليد) كله نفورا شديدا في أي صورة تبدى، والى أي مجال تسلل ، ويعظم اثم التقليد حين يكون مشاركة غبية وعمياء في التضليل الفكري والسياسي والاعلامي.
ومن صميم الوضوح الواجب، فتح العين والعقل والفكر والمواهب كافة على المعلومات والوقائع والمفاهيم التالية:
1 ان ثلث الامريكيين يرتابون في الرواية الرسمية عن أحداث 11 سبتمبر، ويقولون: ان هناك احتمال ضلوع مسؤولين أمريكيين في هجمات سبتمبر.. هذه خلاصة استطلاع للرأي اجرته خدمة سكرييس هاوارد الاخبارية بالاشتراك مع جامعة أوهايو في يوليو الماضي.
2 قالت وزيرة الاسكان الفرنسية كريستين بوتان: «ان الرئيس الامريكي جورج بوش ربما كان وراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر».
وقد سئلت: هل تعتقدين ان بوش ربما يكون وراء ما جرى في أحداث سبتمبر؟ فأجابت بتكرار متعمد : «اعتقد انه امر محتمل.. اعتقد انه أمر محتمل»".
3 - ألف الكاتب الأمريكي راي جريفين كتابا بعنوان (العقيدة المسيحية في أحداث 11 سبتمبر).. وقد جاهر الكاتب بما يصدم ويصعق إذ قال: «إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 افتعلت من قبل مجموعة المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية لتحقيق طموحات هذه المجموعة في السيطرة على منطقة الشرق الأوسط ونهب ثرواتها النفطية وتحطيم الدول العربية الكبيرة خدمة للاستراتيجية الإسرائيلية».
ثم جاهر الكاتب بما هو أشد صعقا فقال: «إن الحديث عن تدمير ثلاثة أبراج بواسطة طائرتين مدنيتين غير دقيق وغير صحيح».
4 من أوضح الوضوح: الاقتناع المستنير والمسؤول والجهوري بأن استراتيجية الإدارة الأمريكية في مكافحة الإرهاب، إنما تؤجج الإرهاب، وترفع معدلاته، وتكثر مواقعه:
أ «إن حرب الرئيس بوش على الإرهاب لم تفعل شيئا سوى أن جعلت الإرهابيين أكثر قوة لأن المشروع العراقي كله أصبح كارثة ومناخا لارهاب أوسع وأدوم».. الكاتبان الأمريكيان دانيال بنجامين. وستيفن سايمون في كتابهما (فشل الحرب على الإرهاب).
ب «ان ازدياد العنف في العراق كان هو النتيجة التلقائية للخيار الخاطئ الذي تورطت فيه الإدارة الأمريكية عام 2001 حين قررت مواجهة الإرهاب باعتباره مشكلة عسكرية وهو تبسيط ساذج ومخل».
وليام باف: الكاتب والمفكر الأمريكي الاستراتيجي الشهير.
ج «وكبديل للاعتماد على القوة الاقتصادية والأخلاقية العظيمة التي تؤهل امريكا لقيادة العالم بمسؤولية ونجاعة في مكافحة الإرهاب بالتعرف أولا على أسبابه. بدلا من ذلك، فإن الإدارة المدفوعة بالأيديولوجيا أكثر مما هي متجاوبة مع التحليل العقلاني: انطلقت بمفردها في هذا المجال، وكانت النتيجة أن الولايات المتحدة لم تجد نفسها في تاريخها كله الذي يمتد لأكثر من قرنين في عزلة كالتي تعيشها الآن، وهي عزلة اقترنت بتصاعد العداء لها في العالم بمعدلات غير مسبوقة». فقرات من وثيقة كتبتها نخبة رفيعة المستوى، كثيرة العدد من الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين الكبار السابقين.
د «مستنقع العراق يعتبر بمثابة عامل رئيسي في الحد من قدرتنا على تطوير خبراتنا لمكافحة القاعدة. فالحرب على الإرهاب بهذه الطريقة إنما هي خدعة كبرى للذات. وإذا بقينا في العراق فسنبقى ننزف وإذا رحلنا فالمشكلة تزداد سوءا بشعور الإرهاب بالانتصار».. مايك شوار المسؤول السابق عن وحدة مكافحة الإرهاب في الاستخبارات المركزية الأمريكية. والدرس (الدامي)!! هو: انه من أراد أن يجلب المزيد من الإرهاب إلى بلاد فليحرص على الالتصاق بالأجندة الأمريكية هذه. والعكس صحيح بالضبط.
في أول مقال علقنا فيه على أحداث 11 سبتمبر في هذه الجريدة بتاريخ 15/9/2001 قلنا: «إذا قامت مكافحة الإرهاب على الغلط والعمى والهوس والجور فإن رد الفعل اليقيني الموازي في القدر، والمضاد في الاتجاه هو قيام تحالف إرهابي عالمي أشد توحشا وهمجية ودموية، وعندئذ تصبح الكرة الأرضية ساحة واسعة لتصارع الثيران البشرية، ربما بقرون أسلحة الدمار الشامل هذه المرة».. ولم نكن نتنبأ بالغيب إذ لا يعلم الغيب إلا الله جل ثناؤه وتقدس في علاه، ولكنها رؤية اثبتت على وقائع التاريخ، وحقائق الواقع.. ثم استشفاف المستقبل في ضوء ذلك، ولكن الأصم لا يسمع.. والأعمى لا يبصر.
المصدر: الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.