المقال اطلالة على سوريا بقلم: شهاب الدين عبدالرازق عبدالله أرض سوريا ضاربة القدم فى التاريخ ، مهد حضارات ومركز اشعاع لدورات من تاريخ الشرق ، أرض حباها الله بطبيعة جميلة وبانسان اجمل ، مناخها متوسطى،تتميز فيه الفصول الاربعة، ربيعها ربيع ، مهرجان للزهور، لهذا اصبحت سوريا قبلة للسياح، وقد فطنت لذلك فرحبت بهم، بتطوير بنياتها السياحية من فنادق ومصائف ومتاحف وطرقات، وبترقية جبلها وسهلها، حضرها ومدرها،ساحلها وصحرائها، فارتفع ناتج السياحة ، الى سبعة فى المائة من ناتجها المحلى، وهو فى تصاعد مستمر، وفيها اكثر من ثلاثة ألاف موقع أثرى، يتنوع ثرائها السياحى من سياحة دينية تقف على راسها كنيسة ماريا جرجس و ضريح خالد بن الوليد والمسجد الاموى ومقبرة صلاح الدين الايوبى وغيرها ،الى سياحة من يطلب الراحة والاستجمام أوالعلاج ولها فى كل هذا شأوا كبيرا، يخلب الالباب. السوريون شعب نشط ،تجدهم يعملون طوال اليوم فى همة واتقان، كالنحل ،وعندما تساله ((اشلون الحال؟يرد :عم ندفش))،شعب صبور، طموح ، يبدأ تجارته او صناعته أو زراعته براسمال صغير،يظل عاكفا عليها حتى تنمو وتزدهر ،وعندما تزدهر، لا يغير جلده ،ودائما ما تجد صاحب العمل، يعمل وسط عماله،ولا تستطيع ان تميزه بينهم،يبصمون الصنعة بصما. يتوارثون المهنة كما يتوارث حكامهم السلطة، وكثيرا ما نسمع "ابن المعلم معلم"والمعلم هنا تعنى صاحب العمل، يتشربون الصنعة ويواكبون تطورها . ما اجمل دمشق، عاصمة سوريا الخلابة ، ما أجملها طبيعة وانسانا، بساطها أخضر يسر العيون ،ما أروعها وهى تعانق السحب، للناظر اليها من على قمة جبل قاسيون، كما يتغنى بصدق لها بذلك الشعراء. تبدو دمشق لمن يراها ليلا من قمة جبل قاسيون مضئية كفاتنة فى ليلة زفافها ، النظر اليها من عل، كاطلالتك على الكريم ،يشرح محياه النفوس. تتمتع سوريا باقتصاد قوى ومصدر قوته تنوعه، ولا عجب ان ازدهرت فيها على اثر ذلك الثقافة ، فقوة الاقتصاد قوة للثقافة ، لهذا نشطت مهرجاناتها ومعارضها ومنتدياتها الثقافية والادبية والفنية ، وحفلت مخرجات هذا الحراك الثقافى بالطريف المفيد ،ازدهرت الثقافة رغما عن محاولات السلطة القابضة فرض وصايتها على المثقفين باساليب التضيق والتجويع والرقابة ، وبالارهاب فى أحيان كثيرة. وقد أولى المثقفون الشوام ، ومن بينهم السوريون، اهتماما متعاظما بالكتاب،شكلا ومضمونا ، وهو اهتمام فى مكانه، فصار الكتاب قاسما مشتركا لكل قصة ابداع شامية ،وأحتفوا به صناعة وكاتبا ، وانزلوه مقامه الرفيع .الكتاب طريق النهضة الثقافية لمن أراد اليها سبيلا. وسوريا، نسيجها الاجتماعى تنوع ،عرب وأكراد, ، وسريان وشركس, وأرمن ، كل له معتقده، دينا وثقافات ،تقاليدا وعادات، تنوع فريد، وان مس الاقليات منهم، خاصة الاكراد ظلم السلطان .تنوع لم ينصهر حتى الان.تنوع يزرع أمالا بالوحدة خلف الهوية السورية،ويدعم تطلعاتها القومية، اذا ظللته بحقوق المواطنة، وسقته المساواة وتكأفؤ الفرص، وحماه القانون، أو ربما يفجر الغاما، اذا استخدام لغرض سياسي،أو ديني او طائفي. يمتهن غالبية سكان سوريا الذين يقاربون العشرين مليونا، الزراعة والتجارة، وحديثا الصناعة ، خاصة بعد انفتاحها ،وسن قوانين تشجع الاستثمار فى هذا المجال ، وتشتهر بصناعة المنسوجات. وكما أسلفت، سوريا بلد قديم ،ساهم فى اكتشاف النار وابتكار الفخار، لهذا ليس غريبا ان تجد الزراعة، اقدم نشاطات الانسان وأعظمها الى يومنا هذا ،مكانها لدى شعب سوريا،فاهتم بها وطورها، وصارت صادراتها الزراعية- والحيوانية ايضا -،تغزو بلدان العالم ،القريب منها والبعيد. وقد حرمتهم الطبيعة وتباين المناخات من بعض المحاصيل التى لا تنمو الا فى ظروف مناخية غير التى لديهم ، لكنهم لم يستكينوا فتحايلوا على ذلك بالبيوت البلاستيكية واستخدموها هناك، على نطاق واسع، تحت اشراف وزارة الزراعة ، وهى طريقة علمية يوفر فيها للنبات المعنى كل الظروف الملائمة لنموه ،يروضون الطبيعة بالعلم، وكم روض العلم الطبيعة! يعمل السوريون لاصلاح شانهم افرادا، والمجموع شعب تجاوز حد الاكتفاء الذاتى، ياكل ممايزرع، ويلبس مما يصنع ،وشتان بين القول هنا والفعل هناك ! على أن اكبر مايهدد سوريا تناقص مواردها المائية، وهى تحتاج لتلافى هذا النقص الى تعزيز شراكتها مع جوارها خاصة دولتى تركيا والعراق، يوازيه حسن تدبير لمواردها المائية،أيضا تعانى شح النفط ، رغم انتاجها لما يزيد عن ستمائة الف برميل يوميا، وهذا يعكس ضخامة استهلاكها ونمو نشاطها الاقتصادى والسكانى. يحتاج النظام السياسي فى سوريا الى اصلاح شامل وعاجل ، والحال هنا من بعضه،أصلاح يحرر حاضر سوريا من حزب الدولة الى ديمقراطية ترعى تعدد احزابها ،وتساوى بينها ،وتنتصر لارادة شعبها التواق لممارسة ديمقراطية حقيقية،هذا الاصلاح ، قادم لامحالة، وعلى النخبة الحاكمة التى أصبحت مالكة الان،أن تعى وتثوب لما فيه خير شعبها،هذا الاصلاح لابد منه، وسياتى ، بحراك شعبى داخلى، او بتدخل خارجى.أو بالاثنين معا. أصلاح منظم، وحقيقى، وشفاف، الشعب فيه مصدر السلطات. اصلاح يحمى الديمقراطية، ويرعى الحرية،يضمن المساواة وتكافؤ الفرص،يفرض القانون،يدعو للحوار ويرسخ العدالة الاجتماعية ، فى عصر يتنفس هذه القيم.