بقلم /عباس فجار دفاع [email protected] اثبت تاريخياً أن الشعوب المتعلمة والمتحضرة أكثر تقدماً وتطوراً، معناها أن تعيش المستقبل في الحاضر، أي أن بذرة المستقبل توضع في الحاضر. ومن هنا تظهر العلاقة الغير منظورة ما بين الحاضر والمستقبل. ترجمة هذه الرؤية تؤكد على أن صناعة المستقبل تتم في المعمل والمعمل تسبقه الجامعة نزولاً الى الحضانة، أي أن تجهيز الطفل لكي يكون صانعاً للمستقبل. وهذه الرؤية النهضوية تحكمها المناهج التعليمية التي ترتكز على الرفض المطلق الثابت التي يعارض مع ايقاع العصر والايمان بالقوانين النسبية والسببية وتكرس حق الخطأ وحق الاختلاف وهما الحقان اللذان أزهراء التحضر والتقدم ورسخ القيم اللبرالية بشقيها الفكري والسياسي. واليات الديمقراطية وان كل ذلك لم يتحقق إلا بعد تخطيط سليم لوضع مناهج التعليم لصناعة العقل الناقد. تختلف حظوظ الشعوب من التنمية والرفاهية والحرية والعدالة باختلاف المناهج التعليمية وبرامج الاعلامي فإذا كانت المناهج وبرامج الاعلام تحترم عقل الانسان وتعلي من شأن البحث العلمي لاسيما تساهم في عملية حل مشكلات العصر. لكن مع الاسف الشديد مناهجنا تهدف الى اعادة عقارب الزمن الى الوراء في تجاهل تام للمسيرة البشرية وتطورها من عصر صيد الحيوانات وأكلها نية الى عصر الصعود الى القمر وهذا يؤكد ضعف منهجنا التعليمي في السودان. هنالك اكثر من مائة وثلاثون جامعة وكلية سنوياً يدخلونها الالاف ويخرجون منها الالاف ولكن حصيلة البحث العلمي بالسالب وهذا يدل على هشاشة المناهج ويؤكد على ان الذين قاموا بضع هذه المناهج إما يصابون بالامساك الفكري والمعرفي او لديهم أهداف اخرى غير أهداف التعليم المتعارف عليها عالمياً.أهداف التعليم الموجودة في اي منهج تعليمي يؤسس لحرية التفكير والنقد على وجه الاستقلال لا للحفظ وتصديق كل ما يقال. مناهجنا في السودان عبارة عن توجه ايدولوجي وفرد الثقافة الاحادية وتكريس لتميز العنصر ونوعي وإقصاء كل الثقافات والديانات ومورثات المجتمع ككل. لذالك اليوم الشعوب السودانية يعاني من إفرازات فعلية لجرثومة المناهج . عشان كدا إذا دققنا النظر في صيرورة المجتمع السوداني نجد ان المجتمع راجع الي الوراء كانت السودان ينتج الكوادر ويصدر الى جميع انها العالم والآن اصبحة المجتمع المتلقي ومستهلك والشعب السوداني كلها شغالة from hand to mouth و الشعب السوداني كلها اصبحوا عمالاً لرأسماليته الطفيلية الكونية العالمية المعولمة وهذا نتائج الحقيقة التي خطط لها بعبر مناهجها المشوه. ارازيل البلد حكمين حكمائها وعلماءنا مشغولون بفرائد الوضوع والتعليم الديني هو الذي يحيل مدارسنا الابتدايئية والثانوية والجمعات اصبحت معامل تفريخ لجامعات دينية متطرفة . وهذا هو نتائج فعلية للمنهج الذي بدأ من أجل تجيش عقول وتغبيش الوعي. اذا نظرنا شكل المنهج الاساس او بداية تجهيز الطفل الى كيفه يقرأ ويكتب ويفهم نجد ان كل الحروف الهجائية الموجودة في المنهج الاساس لم يراعوا أدنى جوانب علم نفس و تاثيرات نفسية للطفل الناتجة من حيوانات المفترسة . كل الحروف الهجائية التي تم اختيارها يشكل غرفة عمليات العنف بنسبة للطفل لأن الاسد عبارة عن حيوان مفترس ويقول الطفل يومياً (أ) اسد و(ن) نمر و(ك) كلب كل هذه الحيوانات هي عبارة عن حيوانات مخيفة للطفل بعد ما يرجع الطفل الى منزله يحلم بهذه الحيوانات ويهضرب ويؤثر نفسياً على تشكيل وعي الطفل ويصبح الطفل عبارة عن كائن عنفاني. بعد ان يتدرج ويكبر الطفل ويتمرحل الى الثانوية يتم تجيش عقله وتمليشه ما يدل على ذلك الذي المدرسي الذي يشبه بزي شرطة مكافحة الشغب ويتم حشو مواد اكثر من 17 مادة وهذه المواد كلها تأصل لعصر الجاهلي وعصر بن اموية الدموي. ومن هنا يرد سؤال لماذا ندرس تاريخ حياة العرب الجاهلي ؟ من بين هذه المواد هناك مادة ما يسمي بعلوم عسكرية وكلنا نعرف حساسية المرحلة العمرية التي يمرو بها الطالب وفي نهاية السنة الثالثة يتم تجنيد الطالب بشكل رسمي وبفلسفة نابليون بانبورت بحلاقة شعر راسه وهذه يعني تغير الوندوز القديم وتركيب الوندوز الجديد الذي يعمل في مجال اكثر عنفاً وعاطفة. حصيلة نهائية لهذا المنهج ظهرت في جامعات السودانية ظاهرة العنف الطلابي بدل ما يحسم الخلافات الفكرية بالحوار والمنطق العقلاني يتم حسمها بالسواطير والكلاشنكوف حتى اصبحت لقباً لسعادتهم ، المثل السوداني يقول: البتسوي بي ايدك يغلب اجاويدك. لذلك ارى ان السودان الان لن تتقدم بهذه المناهج ولن تحقق نهضتها الروحية والمادية الا اذا ارتقى التعليم الاوحادي المتعصب بتعليم مدني حر يحترم الانسان ومعتقداته ويؤمن بالتعددية العرقية والثقافية والدينية ويعمل على وضع مناهج جديدة خالية من احتكار الحقيقة المطلقة ونرجسية الانا الايدولوجي واكذوبة بناء الشعوب دنيا – اخرويا واقصاء الاخر على اساس ديني او اي انتماء اخر وجد الوطن تاريخياً قبل الدين ولاء الدين لا يسبقه ولاء للوطن وبالطبع فان هذه الغاية النبيلة هدف استراتيجي لاي منهج تعليمي ولاي اعلام وطني يرفض اعتقال العقول في كهوف الماضي..