مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيدان والتآمر على ثورة السودان (5)
نشر في السودان اليوم يوم 18 - 10 - 2013

بداية في عيد الفداء, الرحمة والمغفرة لشهداء السودان الأبرار, الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل ما آمنوا, ونسأل الله لآلهم وذويهم "جبر الكسر", والصبر.. والتمنيات لكل أفراد الشعب السوداني, بأن يزيل الله بإرادة الشعب الحرة ونضالاته الجسورة هذه الغمة, التي خيمت على البلاد, لأكثر من عقدين من الزمان..
لفت إنتباهي في هذا العيد المحزون والكئيب ثلاثة أخبار: (1) كلمة البشير لصاحبها البشيرفي عيد الأضحى (2) خطبة الصادق المهدي لصاحبها الصادق المهدي (3) التقارب بين الجبهة الثورية وتحالف قوى الإجماع (4) ولقاء نائب رئيس الجبهة الثورية بالنخب المصرية, وقرار رئيس الجبهة الثورية, بفتح الحوار مع القوى الجديدة, والإعلان عن تحالف القاهرة بين الجبهة الثورية وقوى المعارضة:
ففيما يخص كلمة البشير, فقد دعا الرجل بقوة عين (يندب فيها الرصاص) السودانيين, إلى العودة إلى ذواتهم, فالرجل يظن أنهم خرجوا من ذواتهم, وتلبسوا ذواتا أخرى لا تمت للهوية (الإسلامية) بصلة! وقد نسى وتناسى, أنه ليس من هوية الإسلام, قتل الناس فقط لأنهم قالوا: (لا).. كما نسى إعترافه على الملأ في رمضان الماضي, بأنه قتل أهل دارفور دون سبب! وأن الله يغفر الذنوب جميعها إلا قتل النفس دون حق؟! كما تناسى (تحليله) لقتل 28 ضابطا في 28 رمضان 1990, على الرغم من أن رمضان من "الأشهر الحرم" التي كان حتى عرب الجاهلية يوقفون فيها الحرب والقتل؟!..
يتجاهل البشير كل ما سفكته يداه من دماء, ويعظ الآخرين بمناسبة عيد الأضحى, فمن هو الأجدر بالعودة لذاته: الشعب أم هو؟!.. وأي ذات تلك التي عليه أن يعود إليها؟ هل هي ذاته قبل أن يصبح ضابطا في القوات المسلحة؟.. أم هي ذات الفرد المسلم العادي ذو "الفطرة السليمة", التي من المؤكد تقف ضد القتل وسفك الدماء, والإعتقال والتعذيب بسبب التعبير عن المظالم!
يبدو أن السفاحين أمثال البشير لا يتعظون, فالرجل لا يزال مصرا على وصف شعبه ب "أنصار الهدم والتخريب", وهو الذي هدد في "الإجتماع السري" إثر مظاهرات سبتمبر المجيدة, بقتل ثلثي الشعب ليعيش الثلث في سلام -كما زعم- وهو التهديد نفسه الذي أطلقه المرحوم الزبير محمد صالح من قبل, بأن ليس لديهم (مانع) في قتل ثلثي الشعب لخير الثلث! هكذا هم الطغاة أدعياء الإسلام,الذين تضرجت أيديهم بدماء الأبرياء, تعبيرا عن رعبهم وخوفهم, من غضبة الشعب, يطلقون على شعوبهم عندما تثور ضدهم, من الصفات ما ينطبق عليهم وحدهم, ظانين أنه ينطبق على شعوبهم أيضا! ثم يهددون شعوبهم, كأنهم يهددون عدوا يقف على أبواب دولتهم!
البشير حقا من "الكائنات العجيبة والغريبة", التي أبتلى بها شعب السودان, و إلا فكيف تواتيه الجرأة, للحديث عن "إجتناب المعاصي" وهو أدمن ما هو أسوأ من المعصية: قتل النفس. وكيف تواتيه الجرأة للحديث عن "صيانة القلوب وملؤها باليقين والإيمان", وهو ومؤتمره الوثني قد حق فيهم حقا قول سيدنا علي "كرم الله وجهه" في أهل الكوفة: "صم ذوو أسماع, وبكم ذوو كلام, وعمى ذوو أبصار, لا أحرار صدق عند اللقاء, ولا إخوان ثقة عند البلاء ! ".. فقبل أن يعظ البشير شعبه, في عيد الفداء, كان الأجدر به أن يعظ نفسه, ويدعو لها بالمغفرة, من الجرائم التي إرتكبها في حق هذا الشعب, الذي ما فتيء يهدده دون حياء أو خجل!
مما يلفت الإنتباه أيضا خطبة الصادق المهدي, والتي لا تختلف كثيرا في "أشواقها ونصائحها الدينية" عن خطبة البشير, بيد أنها أكثر طولا, وما يلفت الإنتباه فيها حقا, تناوله الوضع السياسي الراهن بما (يفسر الماء بعد الجهد بالماء؟!) و(حشره) في ثنايا الخطبة, ما أطلق عليه "دعاة التفريط": (الذين يستدعون التجربة الغربية في التعامل مع الدين). وبطبيعة الحال السودان, كجزء من العالم يتأثر بالتطورات التي تحدث في العالم, سواء كان سياسيا أو إقتصاديا أو ثقافيا, ولذلك إستلهام البعض للتجربة الحضارية للعالم المتقدم, لا تعني بالضرورة إتخاذ موقف سلبي من الدين – لم تكن لترجمات دار الحكمة على عهد الخليفة المأمون, آثارا سلبية على الدين, ولم يكن ل"إستلاف" النظام الإداري الفارسي, ودواوين الحكومة أثرا سلبيا على الدين- فالغرب الراهن نفسه, ليس لديه موقفا سلبيا من الدين, لكن على إعتبار أن نظمه نظم ديموقراطية, ولطبيعة الديموقراطية كمفهوم ينهض فيه الفصل بين السلطات, يزعج ذلك القوى الإسلاموية والطائفية –رغم تغنيها بالديموقراطية- لأن هذا الفصل بين السلطات, يضع الدين في إطاره العقدي, منعا لتداخل السلطة الزمنية والتي هي نسبية مع السلطة الروحية المطلقة (الثابتة), نموذجا لذلك الحالة التي عليها الصادق المهدي نفسه, فهو زعيم "سياسي" كرئيس حزب سياسي, يتعامل مع الواقع الموضوعي لقضايا السياسة (المتغيرة), وهو في الوقت نفسه (إمام بمعنى قائد روحي) بمعنى أنه وفقا للفكرة المهدوية يجمع بين السلطتين الزمنية والروحية, (النسبية والمطلقة؟!) وهي مفارقة (لم يجرؤ عليها حتى آيات إيران أهل الإمامة والحجية, أو إخوان مصر, الذين إبتدعوا مقام المرشد), لأن تدخل الدين في السياسة في السودان, نتائجه ماثلة للعيان, خلال تجربة الحركة الإسلاموية, التي قتلت بحثا ونقاشا لسنا بحاجة لتكراره هنا.
إذن وجد السيد الإمام في خطبة العيد, مناسبة للقول بكفر العلمانيين: "إنكار الغيب؟ وإنكار أية قيم غير نفعية للأخلاق؟", ما يجعلهم –أي العلمانيين- "خارج وجدان الأمة, ما يظهر موقفهم كأنه بالوكالة عن أجندة أجنبية"وفي الواقع هذا ليس صحيحا – بإستصحاب تجربة "حق" كقوة علمانية- إذ ليس هناك في السودان قوى سياسية علمانية بالمعنى الحرفي للعلمانية الكلاسيكية, وبشكل عام ما تطرحه القوى العلمانية السودانية, هو إستجابة لحاجات الواقع السوداني, فيما يتعلق بالديموقراطية والتنمية والإستقرار والسلام والحقوق والحريات ووحدة البلاد, إلخ.. وهذا لا يتعارض مع الدين في شيء..
كما أن التوق والعمل على تقدم السودان, لا يعني أن القوى الديموقراطية تقفز "فوق المراحل الاجتماعية, فإن وجدوا مقاومة, استخدموا ضدها القوة", إذ لا يعقل أن تكون المطالبة بالخدمات الأساسية (صحة, تعليم, مياه, كهرباء, إلخ) حرقا لمراحل التطور الإجتماعي؟!. فالسودان الذي إستقل قبل ما يزيد عن نصف قرن, لو كان قد أنجز كل خمسة سنوات مشروعا واحدا من مشاريع البنى التحتية, لما نشأت الحركات المطلبية الراهنة, فالمطالبة بتحسين حياة الناس, التي في تراجع مستمر, خلال أكثر من نصف قرن, ليست حرقا لمراحل التطور! و بالنظر لتقدم بعض الدول الأفريقية والعربية في مجالات مختلفة, هل هذه الدول قفزت على المراحل الإجتماعية؟ هل يمكننا توصيف إستقرارها, من ناحية البنى التحتية والتنمية والصحة والتعليم, قفزا على مراحل التطور؟! وما هي مراحل التطور التي يجب أن يمر بها السودان وفقا لوجهة نظر السيد الإمام, حتى يستحق شعبه بعدها الحياة الكريمة؟
تزامن إنقلاب الحركة الإسلاموية في السودان في 30 يونيو 1989 مع التحولات الدراماتيكية, التي بدأت تجتاح العالم منذ 1990 ونعني هنا التحول إلى إقتصاد السوق, والتغير في طبيعة الدولة, وتبني الديموقراطية, وإنتشار ثقافة حقوق الإنسان وحقوق الأقليات والمهمشين,إلخ.. وظهور ما يسمى بالموجة الثالثة من التحول الديمقراطي في العالم, وهو تطور حصل في إطار العولمة, وما تبع ذلك من تأثيرات على الاقتصادي والسياسي والثقافي.. صحيح أن الفوائد العائدة على المجتمعات والأفراد, من هذه التحولات لم تكن بشكل متساوي, وهذه هي طبيعة كل التحولات الكبرى.
ترتب على هذه التحولات في بعض البلدان (مع فساد نظام الحكم), إنهيارا مريعا في الطبقة الوسطى, وظهور كثير من المظالم الإجتماعية, ولذلك ظهرت حركات إحتجاجية عرفت ب "القوى الجديدة" أو "الحديثة", إلخ.. والتي في أطروحاتها لم تتخذ موقفا معادياً من الدين, بل على العكس, لو راجعنا بعض الكتابات لبعض المفكرين, الذين بشروا بمثل هذا النوع من الحركات في العالم, كهربرت ماركوز في كتابه (الإنسان والبعد الواحد), نجده قد أشارإلى أن مشكلة الرأسمالية, هي إغفالها لأهمية الأخلاق والأديان, وفاعليتهما في تماسك المجتمعات, وماركوز كما هو معروف من مفكري اليسار الجديد. لذلك ما قاله السيد الإمام عن الإنكاربشدة "لدورالدين في الحياة العامة", لا قيمة له على الإطلاق, ببساطة لأنه ليس صحيحا, بل هو في إطار الدعاية المضادة لصالح الطائفية والإسلام السياسي, وإحتكار زعامات السودان الطائفية للدين كملكية خاصة بهم, وهو السلوك نفسه الذي إنتهجته الحركة الإسلاموية, وقاد البلاد للخراب والدمار, وفي الواقع ما ذكره الصادق في خطبته, عن دعاة التفريط, يعد مغالطة لتجارب السودان, و شرحا جديدا للعلمانية لم يخطر ببال العلمانيين على الإطلاق.
ومن طرائف ولطائف الصادق المهدي, في هذه الخطبة, النتيجة التي توصل إليها بقوله: (في المراحل الماضية حدث نوع من التحالف "المريض" بين النظام ورافضيه، هم يعيشون على رفض عيوبه, وهو يعيش على عدم جدوى مشروعاتهم) ففي الحقيقة الصادق هنا يتحدث عن التحالف المريض لأحزاب التوالي والقوى الطائفية, على رأسها حزب الأمة, مع نظام الحركة الإسلاموية, وهي ليست قوى معارضة.
وكما هو متوقع لم ينس الرجل تذكير المصلين بأن (هيئة قوسي) منحته جائزة السلام لهذا العام "لا يفوتني ان أشكر عبركم هيئة قوسي الدولية للسلام على منحي جائزة قوسي للسلام للعام 2013"(..) "وأهم من الجائزة ما عددوه من أسباب لمنحي الجائزة تقديراً لعملي من أجل الديمقراطية، والسلام، والإحياء الإسلامي، والسعي لعالم أعدل وأفضل ما جعلني في نظرهم قدوة ليس فقط للسودان، وإنما عبر العالم العربي، وأفريقيا، وأروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، وآسيا، والمجتمع الدولي".. بدون تعليق!
"وللعلم سوف ألبي دعوة جائزة قوسي الشهر القادم إن شاء الله وسوف ألقي محاضرة حول النظام العالمي المنشود لعالم أعدل وأفضل أمام منبر دولي يحضره ملايين البشر من كل أنحاء العالم. وقد تكرم بعض الأحباب والأصدقاء مشكورين بمرافقتي في هذه الرحلة".. بدون تعليق!
*كذلك ما يلفت الإنتباه هو التقارب الذي حدث بين الجبهة الثورية, وقوى الإجماع الوطني, والإتفاق على التوقيع على ميثاق في 21 أكتوبر القادم. وفي الحقيقة هذه خطوة إيجابية, ستعود لقوى المعارضة السودانية في كل أطرافها بالنفع الكبير, فما أشد الحاجة لهذه الوحدة لتقويض نظام المؤتمر الوثني, خصوصا أن الجبهة الثورية هي رقم أساسي الآن, ليس بإمكان أي توازنات سياسية إغفاله لإعادة ترتيب سودان المستقبل.
لكن من الجهة الأخرى تلفت تصريحات الأستاذ التوم هجو, نائب رئيس الجبهة الثورية الأخيرة في القاهرة 12 أكتوبر 2013 لدى إلتقاءه بالنخب المصرية, لا النظر فحسب, بل وتثير القلق والظنون, حول طبيعة ما يجري خلف الكواليس. بتأكيده أن "الوضع في السودان أقرب لسيناريو ليبيا وسوريا".. وذلك لأن ثورة سبتمبر, أكدت أن الخيارالسلمى ممكن, وهو الافضل دون شك, فالإنحياز للخيار العسكري هو ما يريده النظام بالضبط, فكما أثبتت تجربة السودان مع هذا النظام, أنه لا يأبه لأرواح المواطنين, ولديه الإستعداد الكامل لإفتعال حرب أهلية, لذلك يجب أن يتم تفويت مثل هذه الفرصة عليه. خصوصا بعد أن حملت الأخبار, في الأيام الماضية أن أعدادا كبيرة من القوات النظامية, تتهرب عن الخدمة. حتى لا تتورط في قمع الإحتجاجات السلمية, فمن المؤكد أن هذا الإعتراف الرسمي, يصب في رصيد الثورة السلمية, التي يجب أن تأخذ فرصتها كاملة.
خصوصا أن إلتقاء الجبهة الثورية مع قوى الإجماع, على أرضية مشتركة, وفي الوقت ذاته قرار الفريق مالك عقار رئيس الجبهة الثورية في 10 أكتوبر 2013 بتكوين لجنة للحوار مع القوى الجديدة, هذه الخطوات كلها من شأنها أن تفضي لنتائج مثمرة, تزيد من فرص نجاح الثورة والتغيير السلمي.
نواصل ما أنقطع من حديث الحلقة الماضية (على خلفية سقوظ الأقنعة), إذ توقفنا عند أن ضعف مالية حزب الأمة, كان هو العامل الرئيسي في قرار الصادق المهدي للعودة إلى أحضان الخرطوم.. رأى السيد الميرغني أن عودة المهدي لا محالة واقعة, فأزعجه ذلك, بدليل انه سرب السر إلى جهة إعتقد أنها يمكن أن تثنيه –أي الصادق المهدي- عن ذلك, فأرسل في نفس الأسبوع رسولا حاملا رسالة شفهية منه – التوم هجو – لتبليغها إلى الجبهة الشعبية الأريترية في أسمرا, بطريقة التعامل الخبري في الإعلام : "لدينا معلومات مؤكدة, بأن المهدي في طريقه إلى الخرطوم".. وحملت الجبهة الشعبية الرسول (التوم هجو) برسالة شفهية أيضا, أكدت له فيها أنها: "لن تقف في طريق أي أحد يختار العودة, حتى لو كان الميرغني نفسه", كما تفسير الأسباب التي حدت بالميرغني إلى القلق من عودة غريمه, وغالب الظن المأثوم.. فيما أعتقد فريق بأن عودته ستمنح النظام, فرصة تحججه, بتهيئة المناخ للمعارضين, لممارسة نشاطهم السياسي من الداخل, فيما رأى فريق آخر, أنها ستهيء للمهدي فرصة تنظيم قواعد حزبه, أي إستباقه الآخرين في ذلك.. ولم تكن على أية حال في التفسيرين, نابعة من باب الحرص على الغريم من الوقوع في التهلكة, أو الإنتحار السياسي.
(..)ربما ذلك ما دعا المهدي, لأن ينسى كل حرف ثناء سبق أن نظمه في حق أريتريا, منذ خروجه من السودان. ولا يتورع في ذكر نقيضه بسخرية, فقال في حوار تلفزيوني ردا على ناشط تحدث في البرنامج من أسمرا, إنتقد فيه تعجله بالعودة: "يا أخي إن هامش الحريات الموجود الآن في السودان, أكبر من مساحة البلد الذي تتحدث منه"؟!
ولأن المهدي سياسي لا يستقر على حال في تقويمه للأحداث, أو آرائه التي تتناسخ بإستمرار, زار بعد عامين البلد الذي مساحته أضيق من مساحة الحريات في السودان, ووقع إتفاقا مع الجبهة الشعبية للديموقراطية والعدالة في سبتمبر أيلول 2005 وبنوده جميعا ليس فيها ما يسترعى الإنتباه, سوى القيمة الإعلامية, لكنه في واقع الأمر قصدها في هذه المرة بحثا عن آخرين, وجدوا دفئا في الحضن الإريتري, وذلك لإبرام تحالفات جديدة معهم (حركة تحرير السودان, التي صرح فيما بعد أنها عنصرية, بل لا يزال يصرح أن حركات دارفور ليست قومية؟! وحركة العدل والمساواة, التي شتمها فيما بعد قائلا فيها ما قال عندما غزت "روما وليس الفاتيكان") وقد تسنى له ما أراد في تلك الزيارة.
في ديسمبر كانون الأول 1997 إلتقى السيد تولدي قبرماريام, مسئول التنظيم في "جبهة تحرير شعب التيغراي" ومسئول التنظيم أيضا في المظلة الجامعة للفصائل الأثيوبية "الجبهة الديموقراطية لتحرير شعوب أثيوبيا", بوفد من أعضاء المكتب التنفيذي للتحالف (عبد العزيز خالد), وكان لديه رأي سالب إلى أبعد الحدود, حول حزب الأمة. فماذا قال حرفيا؟ "إن الحزب يدعي الديموقراطية ظاهريا, فالصادق المهدي طائفي يحاول أن يوحي للآخرين بالديموقراطية في ممارساته, إلا أنه في نهاية الأمر السيد المطاع, ولا يمكن للحزب أن يعبر عن قضاياه بدونه, مع أن الحزب فرط كثيرا في قضايا وحقوق الشعب السوداني".
في شهر فبراير شباط 1998, زار السيد الصادق المهدي أديس أبابا, وكان برفقته د.عمر نور الدائم, وكانا قادمين من القاهرة في طريقهما إلى أسمرا, لحضور المؤتمر العام الذي يعقده حزب الأمة, وعند وصولهما أديس أبابا طلبا مقابلة المسئولين الأثيوبيين, فالتقاهم السادة: سبحات نجا وهايلي كيروس (..) وكان اللقاء قد تزامن مع إرهاصات مصالحة بين حزب الأمة ونظام الخرطوم, إستنادا إلى حديث أدلى به الصادق المهدي, في منتدى لأسرة وادي النيل بالقاهرة, قبيل قدومه. صارح المضيفين الأثيوبيين في هذا اللقاء زائريهم بالتالي:
أولا: أن حزب الأمة متى ما كان في الحكم يفقد الإتجاه.. وثانيا: عندما يكون خارج السلطة يتحدث عن الديموقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان, وعندما يصل إلى الحكم مجددا ينسى ما كان ينادي به من شعارات.. وثالثا: أن المتأذي الوحيد الذي يدفع فاتورة أخطاء حزب الأمة وقياداته هو الشعب السوداني, في حين أن الحزب يذهب ليعود مرة أخرى على ظهر نفس الشعب!
كما صارحا ضيفيهما بما أستشعراه من مصالحة بين الحزب والنظام, وطرحا عليهما ضرورة التنسيق مع قوى التجمع الأخرى' لإنهاء الحكم الإسلاموي في السودان. فماذا كان رد المهدي؟
أن المصالحة هي إشارات خاطئة يرسلها النظام, بغرض بث القلق في صفوف المعارضين, وأكد أن ذلك لم ولن يحدث, إلا إذا أقدم النظام طواعية على تسليم السلطة, وإلا فإنهم قادرون على إقتلاعه من السلطة, نسبة لخطره الكبير على السودان والمنطقة عموما.
وعندما ألتقى المهدي ميليس زيناوي لاحقا, فاجأه زيناوي بقوله: "أن أحد ممثليكم "نجيب الخير" نعتبره شخصا غير مرغوب فيه في أثيوبيا, وبما أنه خارجها الآن فمن الأفضل له ألا يعود؟! ص:392 حتى 394 من سقوط الأقنعة.
.. بدون تعليق
رغم أن الكونفدرالية كخيار وافق عليها حزب الأمة, في إتفاق شقدوم الذي وقعه مع الحركة الشعبية (1994) عاد لاحقا (ميشاكوس 2002 ورفض الكونفدرالية, فكانت بإستمرار أفعاله وأقواله تتناسخ. يقول منصور خالد هنا: (السودان: أهوال الحرب.. طموحات السلام ص:843): أثار الإقتراح حفيظة الصادق المهدي (يعني إقتراح الكونفدرالية) لأنه شمل مناطق من كردفان وجنوب النيل الأزرق, التي تشكل في إعتقاده –حزب الأمة- مناطق نفوذ مقفولة.
ما يدعو للتساؤل هل مواقف حزب الأمة, تتحدد بمصالح شعوب السودان, أم مصالحه الحزبية (والعائلية) الضيقة؟ بمعنى موقفه من الكونفدرالية – وقتها - هل لأنها ستقلل من نفوذ سلطته على المناطق المهمشة, أم أن موقفه منها إنطلاقا من موقف وطني قومي وحدوي؟
السيد الإمام الصادق المهدي شخصية سياسية محيرة, تعيي من يحاول إيجاد تفسير منطقي لتضارب تصريحاته.. فالرجل بعد أن مضى يصعد في إنتقاداته ضد الكونفدرالية (التي هي أخف وطأة من الإنفصال, فالسياسة فن الممكن لا المستحيل), أخذ يقدم إقتراحات مثيرة للجدل (1997-1998) مثل مقترح "توسيع مبادرة الإيغاد" أحد أكثرها جدلا.. هنا يورد فتحي الضو في كتابه المشار إليه سابقا ص: 430 "حرفيا - بإستثناء الإختصار والإعتراضات الترقيمية": كان ذلك ضربا من رص القوافي, أكثر من كونه تعبيرا عن الواقع (...) مذ ذاك بدأ المهدي, يسفر تدريجيا عن مكنونات صدره, تجاه الذي إستأثر بالإيغاد, والآخرون عليه شهود.
وفي خطوة مؤكدة على توجهه الجديد (مغادرة المعارضة والعودة للخرطوم) لم يحضر إجتماع هيئة القيادة 18-3-1998في أسمرا فغياب المهدي لم يكن مبررا. فالمهدي ظل يدعو لعقد الإجتماع بإستمرار, وحينما تم غادر أسمرا إلى ألمانيا للمشاركة في (ندوة)!! - بعد أن ترك القوم يشتجرون حول مذكرة وضعها بين أيديهم للتشاور (..) المفارقة هنا أن الكونفدرالية التي ظل يلهج بها لسانه آناء الليل وأطراف النهار, لم تكن جزء منها.
إثر عودته (الصادق المهدي) إلى القاهرة من ليبيا التي زارها مطلع يناير 1998 للمرة الأولى, منذ تسع سنوات للقاء القذافي (على خلفية الطريق الثالث,المبادرة المشتركة فيما بعد).. إثر هذه العودة شارك في مؤتمر لأسرة وادي النيل 25-12-1998 حيث قدم ورقة جدلية, كشف فيها عن أفكار جديدة, تتمثل في إلتزامه ب"التصعيد العسكري" حتى النهاية والإنتفاضة الشعبية,إلخ..(...)علقت الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم على هذه الورقة "الجدلية" كالآتي:
لا يحق للمهدي أن يتحدث بإسم الشعب السوداني, وعليه الإلتزام بالقرارات الصادرة عن التجمع الوطني (وعدم) الترويج لأفكار الخرطوم .(إذ قالت)أن هناك إتصالا بينه وبين رئيس البرلمان حسن الترابي, أحد أسبابها علاقة المصاهرة بينهما.
أخذ المهدي "بعد أن قض مضجع المعارضين" يصعد من إنتقاداته للحركة الشعبية, مركزا هجومه على المعاهدات والمواثيق, التي قال عنها قبل ذلك "تجد مؤازرتي ودعمي".. ثم مضى بعد ذلك للإكثار من البيانات والتصريحات, التي تدعو "لإجتثاث النظام من جذوره".. كذلك صرح مبارك الفاضل على الخلفية نفسها: لا توجد أرضية لحل سلمي تفاوضي للمشكلة السودانية.
وزاد الصادق المهدي من حيرة الذين تسابقوا لإصدار البيانات, من أطراف المعارضة الأخرى, قائلا لوكالة رويترز(18-1-1998): "أعترف أن اللغة تغيرت والمناخ تغير, وأن هذا التغيير في اللغة, يعكس بداية التفكير في خيار آخر (يعني المبادرة المصرية-الليبية المشتركة, التي كانت حينها تتخمر في في بنات أفكاره دون أن تولد بعد) ومن ثم مضى الصادق المهدي, ليلتقي بالترابي في جنيف ليعود بمشروع "الملتقى الجامع" الذي تجاهلته أطراف "المصرية – الليبية المشتركة" تماما! ومع ذلك حماس المهدي لليبية المصرية لم يفتر, إذ كشف بلسان الوسطاء, لندوة مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية في 7-8-1999 عن أمر لم يتفوهو به (كعادته) فقال: "أن قمة لجيران السودان التسع, ستعقد في طرابلس بهدف إقامة آلية مشتركة, تتبنى المبادرة المصرية-الليبية والجهود المبذولة لتحقيق مصالحة في السودان – وحتى يجعل الأمر جاذبا – رمى بالترهيب عوضا عن الترغيب, إذ حذر من "خطر الإنتظار" لأن السودان يمكن أن يزول, مثلما حدث في الصومال وليبيريا وأفغانستان, حيث تحولت القوى السياسية لأمراء حرب" والمفارقة كانت في ردة فعل المعنيين بالأمر, الذين كان المهدي قد وجه لهم إشارات المصالحة تلك بشروط "لم" تتحدث عنها المبادرة المشتركة ص: 434-439 سقوط الأقنعة.
وبالطبع لم تتعاطف واشنطن مع المبادرة المشتركة- فضلا عن عيوبها الأخرى- لإغفالها.. أوعدم إشارتها (ولو إشارة) لعلاقة الدين بالدولة وتقرير المصير مثلا), وخصوصا أنها تتوكأ على عصاة ليبيا, وهذا سبب كاف لواشنطن, لرفضها وتقويضها.. المهم, في غضون هذه التداعيات قام (حزب الأمة) بعملية إستهدفت تفجير أنبوب النفط (الهودي) الذي على مسافة 15 كيلو متر من عطبرة, إذ إستعان (السيد) عبد الرحمن الصادق المهدي, بأفراد من قبيلة الرشايدة لتفجيره (20-9-1999). من جهة أخرى أدان السيد عبد المحمود أبو هذه العملية قائلا: أن الأنصار يدينون هذا العمل التخريبي المشين".. وأكد على ذلك في خطبة الجمعة (1-10-1999).
من الجانب الآخر حاول الصادق المهدي "تبرير هذه العملية" – كعادة الصادق في تبرير كل ما يمكن أن "يجيب الكتاحات" لحزب الأمة- قائلا: "تفجير خط الأنابيب حدث غير مفاجيء, ولكنه شيء غير معتاد ومؤسف (....) لكنه رد فعل عنيف لأفعال عنيفة, ظلت تتعرض لها حركة المعارضة من بعض المتشددين داخل النظام, وللأسف جاءت هذه المرة من رئيس النظام, الذي شتمنا بأقذع الألفاظ في يوم تصدير النفط 30-8-1999,إلخ.. وبهذا التعليق أمسك السيد الصادق المهدي (العصا من النص) فلا هو يريد تحمل مسئولية ما حدث كاملة, ولا هو بقادر على التنصل منها؟
كيف كانت الإدارة الأمريكية تنظر إلى الصادق المهدي؟
زار السيد الصادق المهدي الولايات المتحدة الأمريكية, وعشية وصوله إستبقته صحيفة بنشر خبر مطول حول الزيارة, أثار غبارا كثيفا. وقد نسبته إلى مسئول في إدارة كلينتون, لم تشأ ذكر إسمه والذي قال: "أن الرسالة التي سيبلغها المسئولون الأمريكيون إلى المهدي واضحة, وتفيد أنه (ينبغي ألا يعود إلى السلطة) بوصفه الزعيم الجديد " وأضاف: "لا نرى في الصادق وريثا شرعيا, وإحساسي بأن الشعب السوداني أيضا لا يراه على هذا النحو(..) لا نريد أن يتولد لديه إنطباع, بأنه ينبغي أن يكون الرئيس المقبل للسودان, لقد حاول مرتين وكان جزء من المشكلة وليس الحل".. وسئل: من في المعارضة السودانية, لا يعمل بطريقة ضيقة الأفق؟ .. فأجاب: "العقيد قرنق والعميد عبد العزيز خالد (...) أعتقد أن المهدي والميرغني, يمثلان الجيل القديم, الذي يريد العودة إلى "مواقعه الشخصية".. يعلق فتحي الضو هنا: وقد أزعج هذا التقرير دوائر حزب الأمة, بغض النظر عن أن بعض ما ورد فيه, لم يكن جديدا, فقد شاطرته الرأي شريحة كبيرة من أهل السودان, ممن يحمل المذكورين (الصادق والميرغني) بعض المسئولية في نكبات أكثر من أربعة عقود زمنية".. ص: 454 من سقوط الأقنعة.
في 4-11-1997 عندما عضدت أمريكا من الحصار على السودان (لمساعدة المعارضة على إسقاط الجبهة الإسلاموية) جاء تصريح الصادق المهدي كالآتي: "التوقيت كان خاطئا والحيثيات كذلك, لجهة التوقيت كان يفترض التريث إلى حين إنتهاء المفاوضات, لأسباب سودانية (...) كان ينبغي أن تكون الحيثيات موضوع الديموقراطية, بإعتبار أن النظام أجهض نظاما ديموقراطيا, و"هذا أقوى من موضوع إنتهاكات حقوق الإنسان" .. يعلق فتحي الضو هنا: فات على فطنة السيد الصادق المهدي, أن القرارات أصلا سياسية وليست زيا إقتصاديا, وطالما الأمر كذلك فما الغرابة في توقيتها؟! ص:458.
في الواقع مواقف الصادق المهدي في كثير من المناسبات, كانت تقترب من مواقف النظام.. ودونكم مواقفه من تحالف الجبهة الثورية؟!..لا تختلف كثيرا عن مواقف النظام؟! بحكم المصلحة المشتركة في الحفاظ على "سودان قديم" يكون فيه هؤلاء هم السادة المعتبرين إجتماعيا وما دونهم لا شيء!.
عندما تم قصف مصنع الشفاء (21-8-1998) لم يكن هناك أحد من المعارضين تملؤه الغبطة والسرور, مثل مبارك الفاضل الذي أخذ يطلق التصريح تلو التصريح, ويصدر البيان تلو البيان.. يورد فتحي الضو بهذا الخصوص: "لو صحت المعلومات التي وردت فيها, لكانت (كفيلة) بأن تجعل الإدارة الأمريكية توجه الأسطول السادس, بكامل تقنيته نحو السودان. ولا تكتفي بصواريخ توما هوك, التي تطلقها من قاعدة عائمة في مياه البحر الأحمرص: 466.
وفي الحقيقة أن أطراف أخرى في التجمع, عندما إحتجت على سلوك مبارك الفاضل (حزب الأمة) إنفعل الرجل وقال: "هذا عمل مرفوض, وفيه شبهة وتضارب في المواقف الوطنية والخاصة, وصراعنا مع الجبهة الإسلامية ليس على السلطة, وإنما صراع قيم وأخلاق ومباديء, وعلى المعارضة أن تراعي هذه الأمور في تعاملاتها, وإلا أنها ستضر بنفسها أمام الرأي العام. لدينا قضية مواجهة مع الجبهة الإسلامية وليس مع صاحب مصنع ص:467.
على مبارك الفاضل (حزب الأمة) بطبيعة تاريخه في المعارضة, ينطبق بيت الشعر الذي أنشده (عبد الرزاق عبد الواحد) في قصيدته الجميلة سيدي المتنبيء:
وإن يسؤك زمان بذي ورم باد
فهذا زمان كله ورم
فالرجل إشتهر بين الملأ بأنه (آخر من يتحدث عن الأخلاق).. ثم.. يا إما المعارضة تبقى زي طالبان يا حزب الأمة يزعل؟!! محن..
نواصل
السيدان والتآمر على ثورة السودان:
*الحلقة الأولى:
http://sudantodayonline.com/articles...n=show&id=1519
: *الحلقة الثانية
http://sudantodayonline.com/articles...n=show&id=1522
*الحلقة الثالثة:
http://sudantodayonline.com/articles...n=show&id=1524
*الحلقة الرابعة:
http://www.sudantodayonline.com/articles.php?action=show&id=1527


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.