أبدت الحكومة السودانية موافقتها الرسمية على مقترحات رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى ثابو أمبيكي للخروج من الوضع الراهن في العلاقات بين السودان وجنوب السودان، ويعد هذا القبول بهذه المقترحات تهدئة للوضع المتأزم بين البلدين وشكلا من أشكال قبول السودان باستمرار تدفق نفط الجنوب عبر المنشآت السودانية إلى ميناء التصدير في بورتسودان. فيما يواجه رئيس جهاز الأمن السوداني السابق الفريق صلاح عبد الله «قوش» اتهامات بتقويض النظام الدستوري ومحاولة قلب نظام الحكم بالقوة، وتصل عقوبتها إلى الإعدام. وحسب وزارة الخارجية السودانية اقترح أمبيكي تكليف «برنامج الاتحاد الأفريقي للحدود» بتكوين فريق استشاري لتحديد خط للأساس للمنطقة الآمنة منزوعة السلاح «خط صفر» على الأرض، معتمدا على خارطة الآلية الرفيعة المستوى للطرفين التي قدمتها للطرفين، بمشاركة ممثلين للبعثة المشتركة للمراقبة والتحقق الخاصة بالحدود، وتبدأ العملية يوم الأربعاء المقبل، لمدة ستة أسابيع، يعقبها اجتماع للجنة السياسية الأمنية المشتركة لإبلاغ الآلية بنتائج عملها. وتضمن المقترح تكليف مفوضية الاتحاد الأفريقي ورئيس الإيقاد «رئيس وزراء إثيوبيا»، باتخاذ الخطوات اللازمة للتأكد من حقيقة مزاعم الدعم والإيواء من قبل أي طرف للمتمردين المسلحين للآخر، وإطلاع مجلس السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي على الخطوات اللازمة لمعالجة موضوع دعم وإيواء الحركات المتمردة في إطار الاتفاقيات الموقعة بين البلدين. وقالت الخارجية السودانية في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط» إن الوضع الراهن ناتج عن استمرار دعم جنوب السودان لحركات التمرد المسلحة السودانية، وعدم انسحاب قواتها من مواقع تحتلها داخل الأراضي السودانية، وأنها أبلغت الآلية الأفريقية به رسميا. ووصفت مقترحات الآلية الأفريقية رفيعة المستوى بشأن المنطقة منزوعة السلاح بأنها تؤمن انسحاب قوات جنوب السودان من المناطق السودانية، ولا تتضارب مع المواقيت المحددة ب60 يوما لوقف مرور بترول جنوب السودان عبر الأراضي السودانية. وقال بيان الخارجية إن الآلية الأفريقية طلبت من الدولتين العمل معا لنبذ وإنهاء التمرد المسلح ضد الحكومتين، وتطبيق الاتفاقية الموقعة في سبتمبر (أيلول) 2012م، ووقف دعم حركات التمرد الساعية لإسقاط حكومتي البلدين. وفي غضون ذلك، يواجه رئيس جهاز الأمن السوداني السابق الفريق صلاح عبد الله «قوش» واللواء معاش صلاح الدين أحمد عبد الله، اتهامات بتقويض النظام الدستوري ومحاولة قلب نظام الحكم بالقوة، وتصل عقوبتها إلى الإعدام، على خلفية اتهامهما بالاشتراك في تدبير محاولة لقلب نظام الحكم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بالاشتراك مع ضباط بالجيش، أبرزهم قائد الحرس الجمهوري السابق محمد إبراهيم عبد الجليل الشهير ب«ود إبراهيم» وضباط في جهاز الأمن الوطني، ومدنيين. وجرت المحاكمة تحت إجراءات أمنية مشددة، وأحاطت سيارات الأمن والشرطة المدججين بالسلاح بمقر المحكمة وسط الخرطوم أمس، وقال رئيس هيئة الدفاع عن الرجلين المحامي نبيل أديب ل«الشرق الأوسط» إن لجنة التحقيق مع الرجلين أكدت للمحكمة أنها أنهت تحرياتها مع المتهمين، وقررت توجيه اتهامات لهم تحت المواد 50-51 من القانون الجنائي السوداني، والخاصة ب«تقويض النظام الدستوري، ومحاولة قلب نظام الحكم بالقوة». وأضاف أديب أن جلسة أمس كانت مخصصة لتجديد حبس المتهمين، وأن محكمة جنايات الخرطوم وسط وافقت على طلب لجنة التحقيق التي كونها وزير العدل والنائب العام، وتمثل الاتهام أيضا، وأمهلتها أسبوعا لتحويل أوراق المتهمين للمحكمة، بعد أن ذكرت للمحكمة أنها أكلمت تحرياتها وقرر توجيه الاتهام للمتهمين. وحسب المحامي أديب فإن لجنة التحقيق ستحيل أوراق المتهمين خلال أقل من أسبوع لرئيس الجهاز القضائي الذي يحدد محكمة لمحاكمة المتهمين حسب الاختصاص، لتحدد جلسة في وقت لاحق تسمع فيها المحكمة قضية الاتهام، لتقرر بعدها مواصلة التقاضي، أو شطب الاتهام، بيد أنه وصف الاتهام ب«غير المؤسس»، وإنه لا يستند على بينات كافية. وألقي القبض على 13 عسكريا ورجال أمن ومدنيين في نوفمبر من العام الماضي، بتهمة تدبير محاولة انقلابية ضد نظام حكم الرئيس السوداني عمر البشير، وعلى رأسهم رئيس جهاز الأمن السابق صلاح قوش، وقائد الحرس الجمهوري السابق العميد محمد إبراهيم عبد الجليل «ود إبراهيم»، وفي وقت لاحق قبض على آخرين. وقدم 8 من ضباط الجيش إلى محكمة عسكرية خاصة حكمت عليهم بالسجن لمدد تراوحت بين سنتين إلى خمس سنوات، مع الطرد من الخدمة العسكرية، وأشهرهم قائد الحرس الجمهوري السابق العميد محمد إبراهيم عبد الجليل. وحوكم 6 من ضباط وأفراد الأمن بأحكام مشابهة، أصدرتها محكمة خاصة بجهاز الأمن، وأفرج عنهم بالسيناريو نفسه، فيما أفرج عن 7 مدنيين متهمين في القضية ذاتها بعفو رئاسي الأسبوع الماضي، بينهم مصور فضائية «الجزيرة» علي مصطفى، بعد أن قضوا في الحبس أكثر من 6 أشهر دون تقديمهم لمحاكمات.