تعانى الولاية بكبرها من معضلتين مزمنتين لا ينفكان عن بعضهما البعض . المشكله الأولى التى لا ينتطح فيها عنزان هى الفساد المالى والإدارى والإخلاقى الرهيب الذى أزكم الأنوف وطفا على السطح يشاهده الجميع ويتم على عينك يا تاجر دون أي خوف أو وازع من ضمير لأن البعد الدينى غائب .... والمشكله الثانيه التى لا تنفك عن الأولى هى ضعف حكومة الولاية وتسترها الذى لا يمكن لإمرء أن يفهمه سوى واليها ذلك الذى تسبغه على اللصوص والزناة والمرتشين وناهبى المال العام ومبددى ثروات الولايه وأولئك الذين يوزعون أراضيها السكنيه ذات اليمين وذات اليسار ولكأن أراضى هذه الولاية المنكوبه هى ضيعه خاصه بهم ورثوها عن أسلافهم . هذه الأسباب زائداً المئات من الأسباب الأخرى والتى لا تقل أهميه أبداً عن هاتيك المعضلتين الرئيسيتين والمرتبطه بجوهر معيشة المواطن وبالتالى بقاءه على قيد الحياة لا تكفى فقط لكونها مبرراً لإندلاع المظاهرات فى أرجاء الولايه بل هي كفيله تماماً بجعل مدينة الأُبيض ( بنغازى ) النظام ، وكذلك ستكون هى القشه التى ستقصم ظهر بعير دولة الإنقاذ ! المظاهرات الصاخبه التى إنطلقت بتلقائيه عقب صلاة يوم أمس الجمعه الموافق 21/6/2013م وإتجهت صوب مركز شرطة القسم الأوسط مطالبه بإطلاق سراح عدد من الناشطين فى مواقع التواصل الإجتماعى على شبكة الإنترنت والذين تم إحتجازهم تحت طائلة توزيع منشورات لحمله تنتظم العالم هذه الأيام وتطالب بحق الولاية فى المياه من النيل الأبيض ، هذه المظاهرات الحاشده لم تكن الأولى من نوعها والتى تنطلق معيده تكرار ذات المطلب فقد سبقتها عشرات المظاهرات فى الأحياء المختلفه فى أحياء مدينة الأُبيض كانت أعنفها تلك التى أغلق خلالها المواطنون الطريق المؤدى من والى محلية بار وذلك قبل شهرين من الأن تقريباَ ، وفى ذروة فصل الصيف حدث ولا حرج المتظاهرون يحملون أوانى المياه الخاليه بالطبع ويحتشدون أمام مقر حكومة الولايه وأحياناً تمتلئ بهم الساحه الواسعه الواقعه أمام مقر وزارة التخطيط العمرانى والمياه والطاقه والملاجظ حينها إن الإحتجاجات كلها وبلا إستثناء كان طابعها السائد هو العنف اللفظى والهياج الذى كان ينتاب المتظاهرين ، الرجل الوحيد الذى كان يمتص حماس المواطنين ويذهب رأساً الى أماكن تجمعاتهم وكان صوته مسموعاً ومطاعاً كان هو الفريق أول ركن محمد بشير سليمان وزير الزراعه ونائب الوالى .... سعادة السيد الوزير الفريق أول ركن مثل دور إطفائى حرائق الإحتجاجات تلك التى يتسبب فيها قطاع إدارة مياه المدن والذى يأكل أكل السوسه والمويه المدسوسه . وبحساب الأرقام 90% من الدعم المالى المركزى للولايه والمخصص للتنميه تلتهمه إدارة مياه المدن زائداً على ذلك مدخولها السنوى والذى يقدر بأكثر من عشرين مليار جنيه تنفقه الإداره على نفسها دون أن يدخل هذا الحساب الى واردات خزينة الولايه فتأمل ! إدارة مياه المدن بولاية شمال كردفان إداره مسرفه تنفق على نفسها إنفاق من لا يخشى الفقر ، تلتهم مواردها كامله وتزدرد مال التنميه وتبتلع الهبات والدعم المحلى بشراهه منقطعة النظير ودونكم معتمد محلية شيكان إسألوه عن حجم الدعم المالى والعينى والجهود التى يبذلها يومياً فى سبيل الإنفاق على وزارة لا يدرى أحد ولن يدرى أحد أين تذهب المليارات الممليره هذه والتى تبدع وتتفن فى جبايتها دون تقديم الخدمه للمواطنين . فى هذا الصدد كتبنا كثيراً وقلنا فى هذه الإداره مالم يقله مالك فى الخمر وجلسنا مع كل المسؤولين عن شأن أمدادات المياه لدرجة أن السيد الوالى وفى مؤتمر صحفى محضور إنعقد قبل مده قصيره مضت كان إن تحدث بإيجابيه كعادته دائماً عن وسائل الإعلام ولم يفته بالطبع أن يشير إلينا بالإسم وهو يقول إن الكثيرين من ناقلى الأخبار وعندما يجلسون إليه كانوا يقولون له إن ( أخونا ياسر قطيه ده ! ) بيكتب كتير عن المويه ودائماً ما ينتقد بشده إدارة المياه ! ويضيف الأخ الوالى ( كان هؤلاء بيفتكرونى زعلان من قطيه ... لكن العكس فقد كنت أرد عليهم بالقول من حقه أن يكتب وهو أبن الولايه ومن حقه كصحفى أن ينتقد حتى أداء الوالى ) .... ثم إنبرى سيادته مطنباً على شخصنا الضعيف ومع شكرى العميق والشخصى لمعاليه فليس هنالك أي داعٍ لإيراد هذه الفقره من حديث الأخ الوالى بحسبانها شهاده خاصه فى حقنا . أوردنا هذه الجزئيه لا لنبين لقراءنا الأفاضل الدور الوطنى والواجب الذى تمليه علينا المهنه وتفرض علينا القيام به وفيه لا نستحق لا جزاءً ولا شكورا فهنالك من الأقلام الوطنيه الصادقه والتى كتبت فى هذا المجال ما نحن دونه بفراسخ ولكن سقنا هذه المقطوعه لكى نشير الى إن كل كتاباتنا المتواضعه تلك كانت تنحصر وتشير للمعضله الأساسيه التى تقف حائلاً بين المواطنين وجريان المياه وهى مشكلة إداريه فى المقام الأول وعدم ترتيب الأولويات فى التشغيل بالإضافه لمئات الأسباب الأخرى المتعلقه بأعمال الصيانه وكيفية التوزيع والذى ما يزال يتربع عليه ومنذ نصف قرن والى الأن المهندس عبدالله الشهير ب ( أبو حليمه !!) .... المشكله ليست ( أبو حليمه ) كما وقر فى أذهان الرأي العام المحلى ... أبو حليمه لا يمثل إلا رأس جبل الجليد ذلك الخطر الكامن والغارق حتى إذنيه والمنغمس فى أرتال الإيرادات المهوله التى تجنيها هيئة مياه الشرب بوجود المياه أو بعدمها فالتسديد إجبارى !! أنت هنا تدفع فاتوره هائله لمياه لا تصلك وبالتالى لم تستهلكها . ! وهذا هو واقع الحال . ........ الأن خرج الوضع عن السيطره ، وإرتقت المطالبه الى سقف أعلى ، المطلب الأن ليس المياه من حوض بارا أو من بنو وخور بقره بل مياه من النيل الأبيض ، شعار ( المطلب مويه وبس ) هذا الذى إنتظم وعلى نحو مذهل المواقع الإسفيريه وأدى لتظاهرة يوم أمس الجمعه هو ذلك المشروع الذى ينطلق من قرية الفششويه فى النيل الأبيض ليصل الى أقصى نقطه فى غرب الولايه بحسب الدراسات التى أُعدت والتصاميم التى رُسمت وهو يكلف ما جملته ( 450) مليون دولار !! .... أربعمائه وخمسون ألف دولار أمريكى ... بنات حفره !! والأن !! فهل تستطيع الحكومه المركزيه توفير هذا المبلغ فى غضون الايام القليله القادمه ؟ أم كالعاده تلجأ الحكومه لعادتها القديمه وتسد ( دى بطينه ودى بعجينه ) ؟ ... فى تقديرى الخاص ومازلت مصراً على أن مشكلة مياه ولاية شمال كردفان قاطبه هى مشكله إداريه بحته وليست مشكلة ندرة مياه على الإطلاق . وهذه المشكله الإداريه نجمت عن خطأ سياسى قاتل وغير مبرر على الإطلاق وذلك يتمثل فى مظلة الحماية الكبيره والتى يفرضها السيد الوالى شخصياً ويسبغها على هذه الإداره التى هي سبب كل هذا الفشل الذى أفضى لهذه التداعيات المنبثقه عنها هذه الأحداث الخطره . السيد الوالى وضع هرم المياه بالمقلوب فمدير عام المياه المهندس ميرغنى صديق حامد الرجل المتخصص فى هذا المجال والموظف الحائز على الدرجه الأولى فى السلم الوظيفى هو الأن الرجل الثالث فى الوزاره ! فى الوقت الذى يجلس فيه الرجل الحائز على الدرجه الثالثه فى السلم الوظيفى وتخصصه أستاذ جغرافيا ! يحتل مقعد الرجل الأول فى الوزاره ويجلس على كرسى المدير العام لوزارة التخطيط العمرانى والمياه والطاقه ! ثم أن مدير مياه المدن ميكانيكى ! ومدير مياه الأبيض خراط ! ومسؤول التوزيع للمناطق الشرقيه من المدينه المترامية الأطراف تعلمجى ! نعم ( تعلمجى ) كان رقيب أول فى سلاح المدفعيه ! ( مويه دى ولا أبوكرشولا ؟) ... ونظيره فى المنطقه الغربيه توزيع زراعى ! ... والسيد الوزير ( كوز !! ) ... لكن كوز فاضى ( هو فى مويه عشان يتملى ؟ ) ولو واصلنا هكذا فى التمحيص والبحث والتدقيق فى المهن الأصليه التى يشغلها الساده ( قيادات العمل المائى ) بالولايه فقد ندخل فى منطقه مزروعه بالألغام ... لذلك نكتفى بهذا القدر لنعود ونعيد تكرار القول الذى لا نمله وهو معالجة الخلل الهيكلى فى الترتيب والسمى الوظيفى ووضع الرجل المناسب فى المكان المناسب و( فتح البلوفه كلها يا أبوحليمه ) وهذا ما يحتاج لعمل مباشر ومتابعه لصيقه من قبل معالى الأخ والى الولايه الذى سدد للهيئه قبل أقل من شهرين مبلغ وقدره مليار جنيه لتأهيل الشبكه الداخليه التى لا يدرى والينا المبجل الى الأن إن صينت أو لم تُصن بعد وفى هذا الوقت فإن الإعتماد على مشاريع حصاد المياه وإقامة المزيد من الحفائر هو الحل السريع والأنجع وذلك لأن كمية مياه الأمطار ومعدلات هطولها فى السنه تعادل 15 مره ضعف مياه النيل ! فلماذا تروح هذه المياه العذبه هدراً .... هذا مبحث أخر نتركه للمختصين ليدلوا بدلوهم فيه أما نحن وفى خاتمة مقالنا هذا فإننا نلفت عناية المركز لإلقاء نظره فاحصه على واقع الولاية الراهن ليرى بأم عينيه أي المركز ويشتم بأنفه رائحة الفساد والعطن التى تغطى سماء وتسمم أجواء المدينه وهل المطلب مويه بس ؟ ذلك ما سنفصل فيه لاحقاً والله المستعان .