وزير سوداني سابق يعلن عودته للمشهد بخطاب من رئيس الوزراء    مسيرات انتحارية تستهدف عطبرة    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    وزير الداخلية يدشن العمل بإستخراج البطاقة الشخصية وبطاقة الأجانب من أصول سودانية    مبارك أردول: قصف مدفعي مكثف يستهدف الدلنج ونذر المواجهة المسلحة تقترب بشدة    البرهان عدم حرمان أي سوداني من استخراج الأوراق الثبوتية حتى وإن كان لديه بلاغات جنائية فهذه حقوق مشروعة    شاهد بالصورة والفيديو.. "نهلة" تخرج في مقطع ترد فيه على زوجها "ميسرة" بعد أن اتهمها بشرب "البيرة" وإقامة علاقة غير شرعية مع شاب ببريطانيا    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    مكتول هواك يترجّل    بمشاركة السودان ختام اجتماعات مجلس وزراء الإسكان العرب بالدوحة    ابوعبيدة سليمان : أدعو جماهير الرومان وجماهير ودمدني للوقوف معنا على قلب رجل واحد    المريخ في اختبار جديد يواجه تحدي ايتينسليس"    ((الجان وريجيكامب هزموا الهلال امام روتسيرو))    شاهد بالصورة والفيديو.. "نهلة" تخرج في مقطع ترد فيه على زوجها "ميسرة" بعد أن اتهمها بشرب "البيرة" وإقامة علاقة غير شرعية مع شاب ببريطانيا    شاهد بالفيديو.. الفنان أحمد أمين وعروسه الحسناء يرقصان في "جرتق" زواجهما على أنغام أغنية (يا سلام سلم)    شاهد بالفيديو.. الفنان أحمد أمين وعروسه الحسناء يرقصان في "جرتق" زواجهما على أنغام أغنية (يا سلام سلم)    هل استحق الأردن والمغرب التأهل لنهائي كأس العرب؟    توجيه بصرف اجور العاملين قبل 29 ديسمبر الجاري    شاهد بالصور.. المودل هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل على مواقع التواصل بعد ظهورها بأزياء ضيقة ومحذقة ومثيرة    "ونسة وشمار".. زوجة مسؤول بالدولة تتفوه بعبارات غاضبة وتعبر عن كراهيتها للإعلامية داليا الياس بعد إرسال الأخيرة رسالة "واتساب" لزوجها    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة؟    بنك السودان يتأهب لإطلاق المقاصة الإلكترونية    الأردن يفوز على السعودية برأس رشدان ويتأهل لنهائي كأس العرب    والي الخرطوم يوجه بالالتزام بأسعار الغاز حسب التخفيض الجديد    المغرب يحسم بطاقة نهائي كأس العرب الأولى على حساب الإمارات    البرهان يصل الرياض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    تعرف على جوائز كأس العرب 2025    النوم أقل من 7 ساعات ثاني أكبر قاتل بعد التدخين    ريال مدريد ينجو من فخ ألافيس ويلاحق برشلونة    بعد غياب طويل.. أول ظهور للفنانة المصرية عبلة كامل بعد قرار السيسي    منع نقل البضائع يرفع أسعار السلع في دارفور    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    الإعلامية والشاعرة داليا الياس ترد على إتهام الجمهور لها بالتسبب في فصل المذيع الراحل محمد محمود حسكا من قناة النيل الأزرق    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.حسن مكي : الانقلاب ومحاولة إغتيال حسني مبارك وكبت الحريات من أخطاء الحركة الاسلامية
نشر في السودان اليوم يوم 31 - 10 - 2013

الحركة الإسلامية ليست من جنس الملائكة فهي بشياطينها والمجتع لديه ملائكته.
رفضت الحديث عن الآخرين .. ماذا لو سألناك عن نفسك؟
- أنت اسأل وأنا سأرى.
* هل أنت مع هؤلاء الإصلاحيّين؟
- أنا لست عضواً عاملاً ولا فاعلاً في المؤتمر الوطني، ومنذ أن قام هذا الانقلاب أنا لم اتسنّم أيّ منصب.
* لماذا؟
- هذا كان أمرا مقصوداً على أيّام الترابي، بأن لا يوظّف الأشخاص الذين لديهم استقلاليّة في الرأي في المواقع.. ولا حتّى في البرلمان السجمان، عندما كان يعيّن الناس تعييناً في البرلمان، نحن لم يكن لنا صوت.. كان صوتنا الوحيد عبر الصحف والإعلام والتواصل الشخصي، لذلك أنا أرى أنّني مراقب فقط وغير مسموح لي بالتواصل من خلال المؤسسات.
* هل هذا خيارك أم خيارهم؟
- خيارهم وخياري في وقت واحد؛ اكتشفوا أنّني لا أصلح لهم، وأنا عرفت أنّهم لا يصلحون لي.. لأنّهم يخافون وجهة نظري ونقدي، فمن المستحيل مثلاً إذا كنت تبع مؤسساتهم أن أسمح بنقل الولاة. كنت سأقول للرئيس أنت منتخب وهذا الوالي أيضاً منتخب في الرقعة الجغرافية المحدّدة، وإنّ هذا الدستور الذي يوضح ذلك يعتبر عقدا بينك وبين الشعب، وأنت أقسمت أن تحميه.
* هل يمكن أن نسمع خبراً يعلن انضمام بروفيسور حسن مكي إلى أيّ من الأحزاب؟
- طبعا أنا لا أنضمّ، لكن الناس لا يتركونك، وأنا بشخصي مجامل، ومفتاح شخصيّتي المجاملة، ولذلك لا أرفض لمن يريد أن يضع اسمي مع أيّ مجموعة يعتقد أنّه مفيد لخطّ البلاد الإصلاحي. لكن أنا نفسي لا أريد أن أحمل أثقالاً وبضاعة لم أشترِها، فأنا لست جزءاً من المؤتمر الوطني، ولا من الحركة الإسلاميّة في تجليّاتها الأخيرة، ولم أكن جزءاً من أيّ قرار سياسي في العشرين سنة الأخيرة.. صحيح أنّني أفهم تفاعلات الخفايا والصراعات، لكن يجب ألا أحمل أوزارها.
* إذا عرض عليك الانخراط في الحزب الجديد الذي شرعت مجموعة غازي في تكوينه؟
- أنا لا أستبق الأحداث، وأنا شخصياً مشكلتي في الوقت الراهن ليست في الانضمام إلى هذا الحزب أو ذاك، ولكن كيف أخرج برؤى وأفكار تنظر إلى كيف نخرج من المأزق السياسي؟ وهذه أشياء تتم بنقد ذاتي ومراجعات وثورات.. يمكنني أن أكون شريكاً، لكن أكون تابعاً بعد الستين؟ هذه صعبة..!
* أين يجد البروفيسور حسن مكي نفسه في إطار تيارات الإسلاميين ومدارسهم المختلفة؟
- أنا أشعر أنّني أعيش في حالة سيولة؛ فمثلاً أرى في الترابي بعض الأشياء والتصريحات الإيجابيّة والصحيحة، كما أرى أن بعض كلام البشير جيّد، وذات الأمر يتّصل بالإصلاحيين، فأنا لست جامداً أو مبوتقاً على حالة.
* إذن أنت تشجّع اللعبة الحلوة؟
- مثل الكرة إذا فشلت في ممارسة الكرة فلابد أن تشجّعها.
* في ظل الصراع والعجين، كما قلت، كيف ترى مستقبل الحركة الإسلاميّة السودانيّة؟
- أعتقد أنّ هناك مجموعات كبيرة من الشباب ظهرت مصداقاً لمعنى الآية (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).. والنخبة السياسيّة لا يشترط فيها الكثرة، فهي نفس النخبة الرياضيّة؛ يلعب القليلون والجماهير تتفرج وتتفاعل.
* إذا سئلت عن الجرديّة وملخص تجربة الإنقاذ في الحكم؟
- أنا أعتقد أنّ هناك عجزاً ظاهراً وواضحاً، فعندما يتحدّث الناس عن خلافة الرئيس يقولون لا توجد كوادر سياسيّة، فإذا لم تنشئ تنشئة سياسيّة، ولم تخرّج كوادر طوال أربع وعشرين سنة فمتى تخرجها؟ (ضاحكاً).. ما أراه الآن ليس حزباً سياسياً فهو أشبه بالخدمة المدنيّة؛ يحاول شراء الصحف، ويقوم إلى الحشود وبذل الوعود.
* كيف ترى المستقبل؟
- واعداً نتيجة للتفاعلات السياسيّة والتشكّل العقلي، والشباب صنعوا منابر وأدوات خاصة؛ مثل (السائحون)، وبروز تيارات الإصلاحيين داخل الحزب هذه كلها إشارات توضح أن المسألة ليست طاعة عمياء، فهناك مراجعات ونقد وتقويم ذاتي.
* الحركة السياسية السودانية من أقصى اليسار إلى اليمين المتشدد إذا حدث تحول وتغيير أودى بتجربة الحكم الإنقاذي الماثلة الآن كيف يكون مستقبل الإسلاميين في السودان هل سيجدون القبول؟
- هذه مشكلة رافعي الشعارات، هذا البلد ظل مسلما حتى أيام الاستعمار وهذا لا يعني لولا الترابي أو صادق عبد الماجد لن يكون السودان مسلما يمكن أن الإسلاميين بمزايداتهم وظفوا واستفادوا من الشعارت أكثر من تقديمهم لخدمات للناس.. الآن هذه البلد أكبر تجمعات فيه ليست في الأندية لكن في المساجد فالخرطوم وحدها بها أكثر من ثلاثة آلاف مسجد فالشعب مسلم بطبعه برغم أن الإسلام السياسي عقّد التوجه الإسلامي.. لابد من الإشارة إلى أن الحركة الإسلامية في الجامعات ساهمت كثيرا في وقف المد اليساري.
* هل عجزت الحركة الإسلامية بشكلها الحالي عن استيعاب وإقناع المسلمين السودانيين؟
- الحركة الإسلامية لها تأثير في البلد وفي خارج البلد لكن لكل أجل كتاب ولكل أمة أجل.
* وظلت قوى المسلمين العاديين تناصبها العداء؟
- أي حركة إصلاحية إذا لم تجد مقاومة ومواجهة لا تكون إصلاحية.
* لكن الحركة الإسلامية ارتكبت أخطاء؟
- نعم ارتكبت العديد من الأخطاء وهي خارج وداخل الحكم فمحاولة انقلابها كانت خطأ ومحاولة اغتيال مبارك وما يحدث الآن من كبت للحريات والحجر على الآراء كل هذه أخطاء وإذا كان الشعب غائبا عن المراقبة وعن المعمعة فهذا يعني تفويضا مطلقا وخطأ كبيرا فينبغي أن تعي الحركة الإسلامية أنها ليست من جنس الملائكة فهي بشياطينها والمجتع لديه ملائكته.
* هل ستظل الحركة الإسلامية موجودة في المستقبل؟ وهل ستجد القبول؟
- المجموعات الشبابية من الإسلاميين ستحفظ وجودها وقبول الناس لها في المستقبل يعتمد على قدرة هؤلاء الشباب العقلية والنفسية ومدى استطاعتهم مخاطبة المستقبل. أما إذا حاولوا استنساخ الماضي فسيفشلون.
*طيِّب.. القوى السودانية تعيش على مرارات ماضي وتجربة الإنقاذ في الحكم؟
- صحيح.. أنت يمكن أن تمسح الماضي على الإطلاق لكن لا تستطيع أن تستنسخه
اليوم التالي
حسن مكي: البشير يملك المشروعيّة وكل مفاتيح الإصلاح بيده
احمد عمر خوجلي
يعتبر الدكتور حسن مكي شيخ المتمردين والإصلاحيين في الحركة الإسلامية.. ظل يجاهر بآرائه الناقدة منذ وقت طويل سبق فيه صفوفا من القواعد والقيادات، بل إنه واحد من قيادات قليلة رفعت صوتها برفض بعض سياسات وقرارات وطريقة إدارة الدكتور الترابي لأمور الحركة والدولة أيام سطوته وعزّ صولجانه حين ممسكاً بمقاليد الأمور.
مكي ظل يمارس دوره في النقد والدعوة إلى الإصلاح من خلال وسائل يجيدها عبر التحليل للظواهر السياسية والأحداث من خلال وسائل الإعلام والندوات العامة التي تراجع ظهوره فيها لأسباب تتصل بقلة منابرها في الفترات الأخيرة، وظل على الدوام يصف نفسه بالمراقب الذي يعيش في حالة من السيولة التي تجعله ينتقد هذا الفعل ويشيد بذلك من أيّ جهة جاء، بكل حرية كما يقول.
* للإصلاح وجوه وزوايا ومفاهيم متعددة.. ما هو التوصيف لمعنى الإصلاح الذي راج في الفترة الأخيرة؟
- هو تعبير.. برز مصطلح الإصلاح من وجود حزب سياسي مهيمن وهناك تكلس في إدارته السياسية مع غياب الرؤى المستقبليّة وانسداد في الأفق السياسي وهناك تناقص في جغرافيا البلاد سواء عبر انفصال الجنوب أو ذهاب حلايب، كما يبدو هذا التعبير في تناقص جماهيرية المؤتمر الوطني أو تناقص شعبية النظام، كما نلاحظ أيضا ذلك الغلاء، وفي تراجع موقع البلاد في الخريطة الدولية بل التراجع ملحوظ حتى في كرة القدم، فليست هناك أي أخبار طيبة عن السودان.
* إذن ما هو نوع الإصلاح المناسب لهذا الحال؟
- النظام الآن في حيرة ويخشى أن يسقط كالفاكهة المهترئة وتتلوث البيئة ويداس بالأقدام.. حتى لا يحدث ذلك أرى أن كل مفاتيح الإصلاح هي مع الرئيس باعتبار أنّه على الأقل من يملك المشروعيّة، ولأنّ مؤسساته كالعجينة بإمكانه عجنها وخبزها على أي شكل، وفي أيّ اتجاه، ذلك لأنّها ليست مؤسسات حقيقيّة تتمتّع بالمشروعيّة والقوة، فقيادة المؤتمر الوطني عبارة عن موظّفين كبار وعبارة عن عجين أو طحين في يد الرئيس.
* لكن تشكيل الطحين وخبز العجين يعتمد على رؤية تحقق المنتظر من الإصلاح؟
- أول وأهم شيء أن يعلن السيد الرئيس بشكل قاطع أنه لن يترشح لولاية جديدة حتى لا يكون واضعا نفسه ما بين خيارات أو اختبارات أو ضغوط للكسب السياسي أو الابتزاز أو غيره، والشيء الثاني أن يفوض صلاحياته لرئيس وزراء لمرحلة انتقالية يتفق على مدتها بين القوى السياسية تجرى بعدها انتخابات نزيهة وفق المعايير المعروفة، وإنفاذ المصالحة الوطنية، وإيقاف حروب السودان، وإقرار الدستور، وإنهاء العزلة الدولية.. ولابد من الإشارة إلى أن كل واحدة من هذه تحقق عائدا اقتصاديا يحسن من الأوضاع.
* طيب إذا سئلت عن العقبات التي تقف عائقا أمام حركة الإصلاح؟
- أولى العقبات هو العجين. العجين.. وهو دائما يريد أن يتشكل ويتسلق كالنبات العشوائي المتسلق اللاصق بالرئيس لأنه لا بقاء ولا حياة لهم إلا بأوكسجين الدولة.. السياسيّون الطفيليون الذين يتغذون على أوكسجين الدولة وأموالها ووظائفها كما يتغذى طفيل البلهارسيا على دم المصاب هؤلاء لا يريدون أن يقول الرئيس الحمد لله الذي أذهب عنّا الأذى وعافانا.
* لماذا يخشى هذا النبات العشوائي الذي ذكرت مسيرة الإصلاح؟
- لأنهم لم يأتوا نتيجة لانتخابات ولجهاد ولا كسب ذاتي إنما جاءت بهم الظروف والتحولات السياسية كإبعاد الترابي وتكلس الحياة الحزبية والسياسية والفراغ الذي ملأوه ليستفيدوا من مرحلة تدفقات بترول الجنوب.
* نتحول إلى الجدل الذي أثارته مذكرة ال(31) الأخيرة؟
- (مقاطعاً).. هذا بالنسبة للحزب لكن أعتقد أن مأزوميّة البلد قبل الحزب.. تلك المأزوميّة التي بدأت بسقوط هجليج ما بعدها وضياع أرواح عديدة في الصراعات والحروب الأخيرة.
* وجدت هذه المذكرة الأخيرة زخما فاق ما قبلها من مذكرات بدءاً من ردة الفعل وقرارات الفصل والتجميد التي أعلنت بحق أصحابها؟
أعتقد أن هذه المذكرة تحتوي على أجندة سياسيّة عميقة لأنّ هناك كثيرا من الناس يشعرون بأن تنفيذ مطلوباتها ممكن، وأن السيد الرئيس يمكن أن يعلن عدم رغبته في الترشح، لذلك إذا حدث ذلك فنجد أن هناك من يرغب في تشكيل العجينة بالطريقة على حسب رؤيتهم ومزاجهم ومصالحهم وأنت تعلم أن السلطة تقطع فيها رؤوس وليس الفصل من الحزب، وهذا مقدمة على تنميط المؤتمر الوطني على مقاسات الأحذية الجديدة.
* بمنظار المراقب وعلاقتك الاجتماعية به.. كيف تصف الدكتور غازي صلاح الدين وأي نوع من القيادات هو؟
- أنا لا أتحدث عن العلاقات الأسرية ولا أتناول الأفراد.. أنا أتحدث في السياسات فقط.
* حسنا، نسألك عن مسار الإصلاحيين بقيادة د. غازي صلاح الدين وإعلان حزبهم الجديد؟
- ليس من السهل أن تؤسس حزبا فهذا كالنحت على الصخر وفي التجربة السودانية التقليدية لا بد لمن أراد أن يؤسس حزبا من قيادة ملهمة جذّابة المَهابة.. الأمر الثاني هو ضرورة وجود مظلة واسعة مثلما تأتّى ذلك لحزب الامة من كيان الانصار ولحزب الشعب ومن بعده الاتحادي من الطائفة الختمية أو يكون لها تجذر تاريخي وحركي مثلما ينطبق على الترابي والشرط الثالث المال وهذا إما أن ياتي من قوى خارجية مثلما تدفق المال الليبي على بعض الأحزاب في فترة الديموقراطية الثالثة أو المال المصري في انتخابات 1954م أو غيرها من الكيانات والدول والمسألة الرابعة أن تكون موصولا بالدولة أو حزبها وكما قال رئيس دولة "داهومي": (في أفريقيا لا يخسر حزب الحكومة انتخابات إلا إذا كان رئيسه مجنونا).. هذه معايير تأسيس الحزب لكن جماعة ضغط ممكن.
* الأنسب بالنسبة لإصلاحيي الإسلاميين تأسيس أحزاب أم تشكيل جماعة ضغط؟
- واحدة من الوسائل عدم اليأس مثل ما كان حال سيدنا يوسف، فلابد من محاولة التواصل مع الرئيس البشير ومع من حوله.. هذا طريق، وأيضا التواصل مع النخبة السياسية حتى ولو كانت هنالك ضغوط وكبت، ففي الوسائل الحديثة من مواقع التواصل الاجتماعي والفيسبوك مندوحة على الوسائل الأخرى وبديل لرفع الوعي السياسي والمسألة الثالثة لابد من الاعتراف بأجهزة الدولة العسكرية والأمنية.. ونحن رأينا الخسائر الكبيرة التي صاحبت أحداث ما بعد قرار رفع الدعم، فهذا كان يمكن أن يؤدي إلى حريق كل الخرطوم، ولذلك أن الحركة أجهضت من اول يوم بالمتوترين وبمن كانوا يفكرون في الحريق والدمار، وأيضا يجب ألا نيأس من الحزب الحاكم نفسه، هناك مجموعات داخل الحزب الحاكم ممتازة ولديها رؤى وتفكير وأعتقد أنها قادرة على توصيل رسالة.
* لكن عليها أن تتخذ قرارات؟
- أنا قلت توصيل رسالة. القرارات مكانها فوق.. عند من يمتلك ذاك العجين وله حق التصرف فيه فهناك عجين سهل الهضم وآخر عسير الهضم.
* هل من سبيل للمقارنة بين ما حدث للترابي في 1999م وما يحدث لمجموعة مذكرة ال 31؟
- حكاية الفصل التي تعرض لها غازي مسألة صبيانية.. التعسف في إطلاق الأحكام كأنهم ملائكة والآخرون شياطين.. هذا جنون، فجميعهم موظفون لدى البشير، والحركة الإسلامية طوال تاريخها لم تعرف قرارات الفصل، فعندما كان الرشيد الطاهر بكر المراقب العام للإخوان المسلمين دبر مع آخرين انقلاب 1959 بقيادة علي حامد وغيره.. هذا الانقلاب فشل والجماعة قالت إنه تصرف فردي لكنها لم تفصله حتى نصب الترابي بديلا له بعد 1964م. وجرت مجادلات طويلة داخل الحركة الإسلامية بين مؤسستها والتيار التربوي الذي قاده محمد صالح عمر وجعفر شيخ إدريس وذهابهم بعد ذلك للقتال في فلسطين وعودتهم ومشاركتهم في أحداث الجزيرة أبا لم يفصلهم أحد، وذات الأمر حدث للشيخ صادق عبد الله عبد الماجد عندما خالف قرار المصالحة الوطنية لم يفصل، وحتى العشرة الذين صاغوا المذكرة لم يكونوا مؤسسين وإنما دبرت بليل وفرضها الرئيس عندما جاء لابسا الزي العسكري، لكن الترابي لم يفصلهم، لذلك أنا أصف ذلك بالعبث وأرى أن كسب غازي وحسن رزق ومن معهم أقل من الذين فصلوهم.. هؤلاء أصحاب مجاهدات منذ كانوا طلاباً.
* والترابي؟
- هو صاحب مشروعية تاريخية ورفض أن يلجأ إلى أساليب العنف القائمة على الجيش لأنه عرف في الانقلاب العسكري أن الضابط الذي يمد رأسه ليطيح الحكومة لن يسلمها له وقال الجن البتعرفو ولا الجن الما بتعرفو، لذلك أصبح أسيرا لما يسميه الثورة الشعبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.