عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    اهلي جدة الاهلي السعودي الأهلي    أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنْهِيَارُ السُودَانِ !! ،، أمْ إنْهِيَارُ النّهْضَةِ عَلَىْ السُودَانِ ؟؟
نشر في السودان اليوم يوم 06 - 04 - 2014

( وَدَاعٌ دَامِعٌ لِشَاعِرِ الشّعْبِ وَمُرَبّىِ الأجْيَالِ الأسْتَاذَ مَحْجُوْبَ شَرِيْفَ 1948 م - 2014 م ).
عند منتصف الشريط الحدود الدولية للسودان بولاية القضارف تخترق نهر عطبرة أراضى الإقليم ،، فيتجه ناحية الشمال الغربى ، ليلتقى عند شماله بنهر ستيت القادم من إريتريا ، فيفصل بذلك قطاعاً ، محدداً بكل من الحدود الدولية ونهرى عطبرة وستيت ، وهى ما تعرف بأرض الفشقة ، ولها إمتدادات إدارية خارج شبه الجزيرة ، بمحاذاة الحدود تصل حتى الدندر ، وبالتالى فإن كامل الشريحة الحدودية المحاذية للحدود الدولية مع إثيوبيا والبالغة مساحتها 251 كيلومتراً مربعاً هى الفشقة ، وتعد من أعلى الأراضى خصوبة بفضل الأطماء المتراكمة جراء سريان وإلتقاء النهرين ، إضافة إلى نهر باسلام ،،،
ظلت قرى محلية الفشقة لعشرات السنين على موعد دائم ، مع هجمات العصابات الأثيوبية الناشطة مع بدايات المواسم الزراعية ، لترتكب جملة من الجرائم المنتقاة ، المستهدفة للزراعة والمزارعين بوجه خاص ، والوجود السودانى فيها بوجه عام ،،،
تنتهك السيادة السودانية بدخولها أولاً ،،، !!
تنهب الآلات الزراعية كالتراكتورات والدسكات واللوارى والحاصدات ،،، !!
تستولى على المحاصيل الزراعية مثل السمسم والقطن والذرة ،،، !!
تستولى على الكنابى بكامل محتوياتها بإخلاءها أو إعادة الإستفادة منها ،،، !!
تأسر المزارعين والعمال ، وتقتل بعضهم ، وتخلق جواً طارداً فى ظل إنعدام الأمن ،،، !!
فى العام 2013 ، دخلت عشرة قرى على الشريط الحدودى دفعة واحدة ، وهددت سكانها بالقتل إن لم ينفذوا إخلاءاً فورياً ،، وجراء هذه الإضطرابات وغيرها ، دمرت ما تقارب الأربعون مشروعاً ، لتتبدد معها المدخرات ورؤوس الأموال ،، ووثقت هذه الأحداث فى قرى ود كولى ، ودعروض ، أم دبلو ، كونري ، البرنو ، سفاوة ،، ومناطق أخرى ،،،
بلغت الجرأة بهؤلاء الشفتة ، حد إقدامهم على مهاجمة موكب والى القضارف السابق أثناء مروره بمنطقة أم دبلو ، بعد أن عزف ألحاناً شاذة ، وإصدر تغريدات غريبة ، وهدد بقطع علاقات ولايته بالدولة الأثيوبية ! ، وأكد على عزمه بالإتجاه إلى إقليم الأمهرا الأثيوبية للقاء حاكمه !
وتسليح القبائل السودانية الحدودية لمواجهة التفلتات !، وقيادة حملة عسكرية بنفسه لتحرير باقى الولاية دون الرجوع للسلطات المركزية بالخرطوم !!
لم تتحقق أى من الإجراءات التى توعد بها الرجل إلى أن غادر موقعه ،، وعوضاً عنها ، توقف بمنطقة أم دبلو ، ليدخل فى نقاش محتدم وحاد مع أحد الرعاة الأثيوبيين حول مناطق الرعي وتبعيتها للسودان ، وعندها فوجئ بهجوم نارى مما أدى لإصابة بعض مركباته ، دون إستهدافه ،، فنجا ،، وأشيع حينئذاك ، أنه قد أرسلت تعزيزات عسكرية لحراسة الموكب ، والوفد المرافق لسيادته لإعادته إلى بيته ،، وإلغاء الزيارة المزمعة !!!
ومن سبقه أيضاً ، كان قد عقد العزم هو الآخر ، على تنفيذ عبور للجيش السودانى إلى الضفة الأخرى لنهر عطبرة لمواجهة التفلتات وبسط الأمن لكل من المشاريع والمزارعين ،، لكنه لاحقاً !! أبدل موقفه بآخر ، مفاده أن الشرطة هى التى ستعبر ،، وفى النهاية ،،، لم تعبر لا شرطة ولا جيش ، فتركوا مواطنيهم وحدهم لمواجهة مصيرهم !
فهل من ثمة خلاف حدودى موضوعى ، ما بين إثيوبيا والسودان ؟؟
هل رفع السودان تلك القضية إلى الإتحاد الأفريقى ، الذى يقع مقره الدائم على مرمى حجر من القضارف ؟؟
هل توجد قضية حقيقية تصلح لتقديمها والترافع عنها أمام المؤسسات الدولية ؟؟ ،،، أم أنها مجرد إنتهاكات إجرامية عجزت عن مواجهتها سلطات البلدين ؟؟ أم لىّ أذرع ، وأصابعَ ، وضغطٌ مؤلم على الأقدام من تحت الطاولة ، مخفية بإبتسامات دبلوماسية فوقها ؟؟
(إثيوبيا والسودان ) كانا فى السابق إقليماً واحداً ،، يحمل إسماً واحداً ،،، وهو السودان بالعربية ،، وإيثيوبيا بالإغريقية ،،، ولم تكن الأعراف القديمة تتناول أموراً متعلقة بالحدود الدولية ،، ولم تبرز حاجة إلى وضع علامات ما بين السودان السفلى وسودان الحبشة ، إلا عندما أقدم عليها اللورد كتشنر عام 1898م ، مدفوعاً بحرص بريطانيا على رسم حدود واضحة لمستعمراتها التى تجاور أنظمة حكم غير أوربية ،،،، وعلاوة على ما بدت عليها من مؤشرات تدل على إطماع فى الأراضى السودانية ، فقد إنطبق الأمرعلى إثيوبيا ، فكلف خبير المساحة الميجور قوين ، بترسيم الحدود ووضع العلامات الثابتة ، ودعمها بالتعريفات والأوصاف كالجبال والوديان والقرى ، فأتم عمله فى تسعة أعوام ، وإختتمها بالحصول على إعتراف وموافقة الأمبراطور الأثيوبى عام 1907م ، وحفظت كافة الوثائق والعلامات ، وتعد اليوم ،، المستندات الدولية الرئيسية المستخدمة لفض أى نزاع ، علماً أن كافة الخرائط الأثيوبية لا تشمل منطقة الفشقة ،،،
فى ظل التطابق التام بين الخرائط السودانية والأثيوبية فيما يتعلق بالحدود المشتركة ، فإن الموضوع لا يخرج عن إطار الضغوط السياسية الخاضعة للتحكم ، الممنوعة من التنامى والإنزلاق إلى الأروقة الدولية ،، أوالتسبب فى تعكير الأجواء المؤدية إلى القطيعة والمواجهة ،،
من جانب آخر ، لا يخفى التأثير الأثيوبى الصامت والخطير على السياسة السودانية ، الداخلية منها والخارجية ،، ويكفى الحضور الدائم للسياسيين والأحزاب واللاجئين على الهضبة الحبشية ، طوال الخمسين عام الماضية ،، بل حتى القراءات التاريخية ترسم الحراك السياسى عبر الحدود بوضوح تام ،،،
هروب المك نمر ، عشية قتله إسماعيل باشا 1822 ، حملت مؤشرات أجابت السائلين ، أن الملاذ الآمن ،، الذى لم يدار له الظهر يوماً ، فى خطط كل من يود رفع رآية تحررية ، يكمن فى العمق الإستراتيجى ذو الحصون الأكيدة المتمثلة بالحبشة ،، ومن المؤكد أن هناك مواقف مشابهة قبلها ، لكن ما أتت بعدها أظهرت بوضوح أن ذلكم الملجأ ، يتيح حرية تُضَنُ بها على الوطنيين ، وتوفر سعة لمن لا يجد متسعاً داخل وطنه ، رغم أنها تدخل فى صميم حقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً ،،
الإمام الهادى المهدى عندما ضيق عليه النميرى الخناق فى الجزيرة أبا ، إختار الهجرة إلى الحبشة عام 1970 ،، !!
نشط الجزء الأهم من الجبهة الوطنية التى تأسست عام 1969م إبان حكم النميرى ، فى الهضبة الحبشية ، وتواجد فيها حتى تحققت المصالحة الوطنية عام 1977 ، كما التجمع الوطنى الديمقرطى عمل لاحقاً ، فى المكان نفسه لفترة 15عام متصلة ،، !!
مفاوضات السلام التى أفضت إلى إتفاقية السلام 1972 ، جرت بسرية تامة وتعتيم كامل ، بالأرض الأثيوبية !!
من أثيوبيا ،، ومن إذاعة على أراضها ، أعلنت ميلاد الحركة الشعبية لتحرير السودان عام 1983 ، وفيما بعد أحتضنت (بلفام) كأكبر قاعدة للتدريب العسكرى ، فتخرج منها الآلاف من الجنود ،،،
معظم اللقاءات وجولات التفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان 1985 ،، جرت فى أديس أبابا !!
إتفاقية نافع عقار ، أبرمت فى أديس أبابا ، ومن ثم سلكت طريقها إلى مجلس الأمن !!
نفذ البشير تحديه الأول ، لمذكره توقيفه الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية ، بالسفر إلى أريتريا ، وهى جزء من نفس الجغرافيا ، ويتمتع بنفس النفوذ على مجريات السياسة السودانية !!
عندما أعلنت ملاوى عدم ترحيبها بالبشير لعقد القمة الأفريقية فى يونيو 2012 ، لم يجد الإتحاد الأفريقى بد من نقلها إلى أديس أبابا من أجله !!
ورثت إريتريا بعد إستقلالها جزءاً من نفس المهمة ، فنفذت المعارضة السودانية المسلحة عدة عمليات عسكرية ، داخل ولاية كسلا فدخلت عاصمتها فى وضح النهار ، وحررت همشكوريب وإتخذت منها قاعدة ، ونفذت عمليات إستهدفت تعويق نفط الصادر ، وعقد مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995 والذى مهد فيما بعد لمشاكوس فنيفاشا فالفترة الإنتقالية فالإنفصال ،،
بل حتى فى الحرب الثانية ضد الحركة الشعبية ، فضلت حكومة الإسلامويين ، إخلاء النيل الأزرق وطرد مواطنيها ، والدفع بهم الى إثيوبيا حتى تطعمهم المنظمات ، على حد تعبير مسئول كبير ،،
مالك عقار ،، تمكن من الحضور الى الخرطوم ومقابلة البشير ، ومناقشته ،، والعودة من ثم ،، سالماً إلى الغابة !! والسبب أنه أتى برفقة الرئيس الأثيوبى ، وتحت ضمانته الشخصية ، ووساطته أمنه من غدرهم ، وهم من غدروا حتى بإخوانهم المسلمين ،، فكيف فعلها الرئيس الأثيوبى وكيف أطمأن عقار ؟!
إنتهاك أراضى القضارف والإستثمارفيها ، وطرد السودانيين منها وحرمانهم ، يعد إجراء فوق العادة ، وعقاب غير مألوف على نوايا لم تتحقق ،، فما القوة الدافعة التى تقف خلف مقايضة أرض بسكوت عن جريمة لم تقع ؟؟ أى تسوية هذه ؟؟ وكم من مسئول كبير من دولة عظمى ، نجا من القتل ،، أو أغتيل فى دولة أخرى ، فتمت مطاردة الجناة وحدهم دون إنزال الحكم على الشعب بأكمله ؟؟ ،،، أغتيل القنصل الأمريكى فى بنغازى ، ولم نسمع أن أمريكا بسببه إحتلت جزراً أو أراضٍ ليبية ، فجرت سفارتى نيروبى ودار السلام وإصيبت المدمرة كول ، فسقط المئات من القتلى ، لكنها لم تترجم إلى إنتهاكات للسيادة ، ووضع أيدى على أراضى !! أغتيل الحريرى فى بيروت وتوفرت معلومات أن المتهمون الأربعة تلقوا تدريبات على هذه العملية فى إيران 2004 ، ولم يفكر أحدهم فى المساس بالأراضى الإيرانية ،،،
عندما خُيروا ما بين دعم الموقف المصرى ، أو الأثيوبى ، بشأن سد النهضة ، فإن إسلامويي الخرطوم فضلوا التحصن بالأثيوبيين وكشف ظهر إخوانهم الإرهابيين ، وهم طور التدرب على الرضاعة من جسد الدولة المصرية ، وهم من تلقوا ترحيباَ حاراً وتمويلاً متصلاً من العصابة الدولية ، وأبقاراً كثيرة من إسلامويى السودان ، فما بالهم ينقلبون ويبخلون عليهم بموقف يقويهم ؟؟
لم يكن الأمر بدافع الوطنية بكل تأكيد ، بل خشية ردود الأفعال الأثيوبية ،، فمن يدرى ربما تكون خطوتهم القادمة قضم المزيد القضارف أو إلتهام كلا من الدندر والكرمك ؟؟
ولد الكثير من الجنوبيين فى الشمال وإرتبط به ، ولو خيروا ، سيسارع بعضهم إلى نيل جنسيته والبقاء فيه والإستمرار فى الإنتماء إليه ، لكن الإسلامويين فضلوا طردهم ، فى غفلة تامة عن حقيقة الإستنزاف السكانى الذى يحدث للسودان منذ عشرات السنين جراء الهجرة ، فى الوقت الذى يبقون على المهاجرين الأثيوبيين ويستقبلون المزيد ممن ولدوا وترعرعوا فى بلدهم الأم ، وغياب ما يجمع بعضهم بأهل الإسلام السياسى بما فيه ،،، الدين الذى يدعونه ،،،
تبرع البشير بمبلغ 2 مليون دولار لضريح ميليس زناوى ،، ولم نسمع بتبرع بمثل هذا السخاء لقبر على الإطلاق ،، !!
كان السودان دولة متقدمة عن غيرها فى أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات ، وورثت ريادة أخفقت فى تحويلها الى قيادة ،، وبالمقابل ، فإن إثيوبيا التى لم تساعدها ظروفها الطبيعية بالحظو بما حظيت بها دولتنا ،، إلا أنها عكفت على بنائها ، مستفيدة من موقعها الجغرافى ، وأجواء الإستقرار التى نجحت فى خلقها ، ففتحت أراضيها لإحتضان قوى المستقبل المحتملة ،، وقد أتت ذلك ثمارها فى كل من السودان وجنوب السودان ،،،،
نجاح مساعيها المبكرة فى إستضافة المقر الدائم لمنظمة الوحدة الأفريقية والإتحاد الأفريقى ، مكنها من الظهور بمظهر الحكيم المحايد فى القضايا الأفريقية ، ووفر لها أرضية دبلوماسية خصبة ، فبنت بها علاقات حسنة ، وإتخذت منها قوة ناعمة ، ساعدتها فى السياحة وتنظيم الأحداث الدولية الهامة ، والتعويض عن موانئها المفقودة نتيجة الإنغلاق ، بموانئ كل من بورتسودان وجيبوتى وممباسا ،، بينما تعثرت دولة جنوب السودان فى تجاوز هذا الإمتحان ،،،
قطعت شوطاً كبيراً فى مساعيها للعب دور القيادة ، فى القارة الأفريقية ،،، والشرطة ، فى شرق أفريقيا ،، فظهرت ذلك جليةً عندما أقدمت على الدخول بجيشها إلى الصومال مدعومة بالإتحاد الأفريقى ، للقضاء على المتطرفين الإسلامويين ،، ولاحقاً ،، إدخال قواتها تحت راية الأمم المتحدة ، إلى أكثر البؤر الأفريقية توتراً بإقليم أبيي ، فتفادى الإسلامويين إحراجها فنجحت فى لعب دور أفضل من يوناميد دارفور ،،،،
تسير الأمور بصورة حسنة حتى الآن فى شبكة السدود التى عكفت على إنشائها منذ سنوات بهدف توفير الطاقة وإحداث الثورة الصناعية ، لكنها لا تقف بعيدة عن دورها الشرطى المنتظر ، وبحكم الريادة الأفريقية ، لم تسجل دولة واحدة جنوب الصحراء إعتراضاً صريحاً عليها ،، بل أبدت بعضها إستعداداً لربط شبكاتها الكهربائية بها ،،، ومنها السودان ،، وهنا بيت القصيد (؟؟؟)
ستوفر هذه الشبكة طاقة دائمة ورخيصة لدول الشبكة الواحدة ،، لكنها ستتحول إلى أهم كروت الضغط والسيطرة على بلدنا وعلى الدول المجاورة !! ،،، ستعتمد عليها مصانع السودان وجنوب السودان وكينيا والصومال وجيبوتى وربما إريتريا ،، وتعتاد عليها ،، وستوضع مفاتيح القطع والتشغيل فى أديس أبابا ، وستكسب كرتاً جديداً وفعالاً فى مواجهة السودان ، تضاف إلى أوراق الضغط التقليدية ، أما سد مروى الذى نجح المصريون فى التحكم فى إرتفاعه ، فقد إعتبروه مجرد حوض ومخزن للأطماء المهددة للسد العالى ،، وأمرنا لله ،،
رغم ظروفها الطبيعية ، إلا أنها أصبحت أكثر جاذبية للإستثمارات الأجنبية بما فيها الخليجية ، لم تشفع لنا مئات الكيلومترات من الأراضى الصالحة للإستثمار ، فى ظل المعوقات الإدارية المتمثلة فى السجلات ، التى تضع المستثمر فى مواجهة مباشرة مع مواطنين يدعون ملكيتها ، علاوة على قصور شبكة الإمداد الكهربائى وتدنى كفاءتها فى تغطية المشاريع النائية ،،، ولخدمة إقتصادهم ، وإقتصاد آخرين من حولهم بثمن ! ، شرع الأثيوبيون فى معالجة هذه المشكلة من الجذور !!
أوردت بعض المصادر ، أن هناك توجيهات للأجهزة الأمنية على الحدود ، تمنع بموجبها الدخول فى أى مناوشات مع عصابات الشفتة الأثيوبية ، مما تسببت فى إحداث بعض التوترات ما بين هذه الأجهزة !! وفى حادث نهب حدودى شهير نفذته تلك العصابة ، فقد مواطنون من قبيلة حدودية ماشية تعد بالمئات ، فتمكنوا بعد أكثر من عام من عبور الحدود ، وإستعادتها بإستخدام القوة ،، وبعد أقل من أسبوع واحد ، شنت الأجهزة الأمنية بالقضارف حملة لإعتقالهم ، لأجل إعادة تلك الابقار إلى من نهبوها أول مرة !!!
الشفتة أيضاً ينطقون ،،، يهددون من يستهدفونهم بالأمهرية ،، والعربية إن دعت الضرورة ، لكن ثمة قاسم مشترك فى جميع هذه التهديدات ، وهو الثقة البادية عليهم مما يؤكد أنهم مسنودون جيداً ، وعندما يتوعدهم مواطنونا البسطاء بإمكانية مواجهتهم بواسطة السلطات السودانية ،، وبينما تتجول أبصارهم بعيدةً لمسح موجودات المزارع ، يردون بثقة ،، وفتور !! ، أن ، ليس بوسع السودانيين فعل شيئ حيالكم ،،، هذا الموضوع أكبر منكم ،، !!
أرأيتم كيف أن فعالية الكروت الأثيوبية ،،، لا تقارن بالمصرية !؟
المصريون كانوا أكثر الأمم على وجه الأرض قلقاً على إستقلال جنوب السودان ، ومع ذلك فشلوا فى منع وقوعه ، فليس لديهم ما يكفى للتأثيرعلى السودان حقاً ، خلافاً لملف حلايب والمدخرات السودانية الهاربة الى البنوك المصرية ، والجالية السودانية !! مع إستبعاد العوامل الإستراتيجية الكبرى كإختلال الميزان العسكرى والسكانى !!!
كم المرات التى أعلنت فيها الحكومة السودانية عن عزمها على طرد الأجانب ،،، ولكنها تتراجع وتعود إلى طمأنة الجهات القنصلية الأثيوبية أن الإجراء لا يشمل مواطنيكم هنا ؟؟
كم من المرات ، تنفذ حملات على الأثيوبيين بغرض الترحيل ،، لتتحول إلى مجرد تسويات وجبايات وفواتير ؟؟
إذن ،، فإن موضوع الفشقة ،، حتى إن برز على خلفية محاولة الإغتيال الشهيرة ،، إلا أن الملفات المرتبطة بالأطماع القيادية والشرطية ، هى التى تشكل أجواء السكون التى تعيشها ، أخرجتها أثيوبيا من وضعية (الأبيض أو الأسود) ، إلى المنطقة الرمادية ولأسباب مختلفة لكل منهما ، فإن حكومتى الدولتين ترغبان فى بقائها على هذا الوضع ،، رغم أن العلامات الحدودية ، ما زالت موجودة فى كل من : ( حمريات ، اللكدى ، قلع الزراف ، أم طيور ، اللبان ، جمير ، خور الدم ، جاد الله ، حفر الحفر ، بئر أقبرى ، الشيخ الإمام ،، ) وأوردت بعض المصادر أنه قد تم العبث ببعضها ،،،
إختلال الكثافة السكانية بين إثيوبيا والسودان ومصر(77 ،،، 33 ،،، 94 مليون ) ، ينطوى على مخاطر عظيمة فى حالة إستمرار إنزلاق السودان نحو المزيد من التقسيم ، والمزيد من التقلص السكانى المتبوع بالبطالة وتدنى المهارات ،،،
إذن ،، فإن وضع السودان بات اليوم أكثر خطورة ،، وضعه بجد خطير !! ،،، وخطير للغاية ، !!!
أيها الشباب والشابات ،، إلحقوا بلدكم الذى تحفه مخاطر دولية حقيقية ،،،
أيها السادة والسيدات ،، المسئولية الوطنية تستدعى تجردكم وضرورة نهوضكم ، والقيام بما يتوجب لإنقاذ وطنكم ،،،
يتآكل أطرافه وتساعدوه على ذلك بصمتكم ،، تخليتم عن جنوب السودان طواعية ،، ونزعت منكم حلايب نزعاً ، وأنتهكت الفشقة وعلق مصيرها ، وبروز إمكانية وقوع إنفصال لدارفور فى ظل التشجيع الغربى الخفى ، رغم أن مكوناتها السياسية بحركاتها المسلحة لا ترغب فى ذلك ، لكن فى حالة الإضطرار للقبول به ، فإن ذلك لن يعنى الا الإنهيار التام ، وتمزق عقد الدولة السودانية المصحوب بالنزاعات الحدودية المحتدمة ،، حيث لا نحسب أن يكون هناك من بوسعه الإنتظار ،، !!
ستستعصى عليكم مهمة إسترداد إقليم حلايب ، طالما أنتم راضون بالسير على درب التيه الذى يُعبّدهُ لكم الإسلامويون ،، الإستفتاء المشابه لأبيي سيكون أجراء حتمى فى حالة إختيار السودان سلك درب التصعيد الدولى ، وسيصعب على أهل حلايب التصويت لخيار العودة إلى الوطن وهم يشاهدون ما ترتكبها دولتكم من جرائم فى حق مواطنيها ،،،
يشاهدون حرائق دارفور وتقشعر أبدانهم ، ولكنهم ينالون طمأنة من المصريين أنهم لن يسمحوا بأن يحدث لهم ذلك أبداً ،،،
يشاهدون جثثاً محترقة لأطفال فى حضن أمهاتهم فى جبال النوبة ، وصوراٌ لتصفية تلاميذ أساس فى قلب الخرطوم ،، وبالمقابل ،،، ينالون رعاية صحية ووجبات مجانية وهدايا تقدم لأطفالهم فى المدارس التى إلى جوارهم !! كل ذلك يعنى أن لديكم الكثير مما يتعين عليكم أداءها من الواجبات المنزلية المتراكمة ، قبل أن تفكروا فى إسترداد ما هو حق لكم ،، مثل حلايب !!
إستقلال إقليم عن دولة ليس بالحدث العادى ،، فقد نبه الخبراء أثناء الفترة الإنتقالية لإتفاقية سلام 2005 م ، من باب التحذير ، أن إنفصال جنوب السودان سيشكل عامل تحفيز لمطالب إستقلال مماثلة فى القارة ، وسيشعل حريقاً من جوهانسبيرج حتى القاهرة ،،، لكن ما حدث ، أنه تحول إلى قوة دفع لثورات الربيع العربى من تونس حتى البحرين ،، وهذا أيضاً رأى محللين كبار !!
ذهاب جبال النوبة لا يعنى الا قضم أرض قد يتمدد حتى أم روابة وتندلتى ، حيث لا تتوفر وثائق جديرة بحسم النزاع المحتمل ،،،
ذهاب النيل الأزرق لا يعنى إلا نزاعاً دموياً حول أراضى سنار والدندر ، الداخلتان تاريخياً ضمن أراضى الفونج ،،، أما ذهاب الشرق فلن يعنى إلا أن باقى السودان قد إختار لنفسه الإنغلاق الصحراوى ، وأنه أصبح كجسد بشرى فقد رجليه ويديه ولا يملك إلا فماً ، ويحتاج إلى من يطعمه من خلاله !!! ،،، حينئذ ستكون المعادلة السكانية بين إثيوبيا والسودان ومصر قد إزدادت تدهوراً وإختلالاً ، وفى أحسن الفروض (77 ،،، 15 ،،، 94 مليون ) ،، هذا بغض النظر عن الهجرة العكسية إلى الأوطان الجديدة ، والطرد المتوقع ، عملاً بمبدأ (هؤلاء الناس لا يشبهونا !) فهل بإمكان دولة كهذه الدفاع عن نفسها والنجاة والعيش فى سلام أبداً ؟؟
عندما تصلون الى هذه الدرجة من الوهن والهوان ،، ووقوع المزيد من الخلخلة السكانية جراء إنفصال الأقاليم وإختلال الموازين لصالح أصحاب الأطماع التاريخية ، حينئذ يجب ألا تحلموا بأن تظل الخرطوم على وضعها ، بل فإن مركز الحكم وقتذاك ، سيكون محل تنازع ما بين القاهرة وأديس أبابا ،، وبإمكانهما التفاهم حول أمركم ،، كما أن العرض والطلب على فرص العمل قد يمكناهما من ترميم الشاغر السكانى تلقائياً كما حدث عقب إنفصال الجنوب ،، وفى هذه الحالة يمكن النظر إلى الترهيب المصرى بإحتمال غرق السودان عند إنهيار سد النهضة ، من خلال ما ينطوى عليه من دلالات أخرى ، كالإغراق الديمغرافى المحتمل القادم من كل من أثيوبيا ومصر ،،
إن سارت الأمور وفقاً لمسلكها الحالى ، فإن الوطنية ستتحول إلى مجرد أخبار من التاريخ ،، والحكم ، إلى تسابق نحوالعمالة لأحدى القوتين الإقليميتين المتنافستين ،، وربما تنشئون حزبين كبيرين عميلين ضعيفى الإرادة ، يعمل كلا منهما لصالح إحدى قوتى الجوار ،، حيث لا مكان للضعفاء ، وعديمى المسئولية ، فالأقوياء وحدهم من يتعاونون ،، أما الضعفاء فلا يسعهم الا التوسل وإستجداء الرحمة !!
( رحم الله شاعر الشعب محجوب شريف ، وتغمده برحمته ،،، وتغمدنا برحمته !! )
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.