السلطات السودانية تتوعد المعارضة بعقاب رادع في حال إقدامها على أي خطوة من شأنها تعكير صفو الانتخابات العامة المقبلة. العرب الحملة الانتخابية تقتصر على مهرجانات البشير الخطابية في ظل غياب باقي المرشحين الخرطوم - تشكل الانتخابات في السودان أهمية كبرى بالنسبة إلى عمر حسن البشير الذي يجد نفسه أمام طريق معبدة لتمديد حكمه الذي تجاوز الربع قرن، في غياب منافسين جديين على المنصب، بعد مقاطعة أبرز قوى المعارضة لهذا الاستحقاق. لم يعد يفصل السودانيين على الانتخابات الرئاسية، المحسومة سلفا لصالح الرئيس الحالي عمر حسن البشير، سوى ثلاثة أيام. واقتصرت الحملة الانتخابية، وفق المتابعين للاستحقاق، فقط على المهرجانات الخطابية للبشير، وصوره التي تنتشر على اللوحات الإعلامية الضخمة على طول الشوارع الرئيسية، فيما حضور باقي المترشحين (لا يحضون بأي ثقل سياسي أو شعبي) بهذه الحملة ضعيف إن لم يكن معدوما لدى معظمهم. ويقول المحلل خالد التيجاني، وهو أحد أعضاء مجلس التحرير في صحيفة إيلاف السودانية، إن "غالبية أحزاب المعارضة تقاطع الانتخابات، فحزب المؤتمر الوطني (الحاكم) هو وحده المنافس الفعلي في هذه الانتخابات، لذلك لا يمكن توقع أي مفاجآت". وتقاطع أبرز قوى المعارضة السودانية الانتخابات، معتبرة إياها "مسرحية "هدفها الأساسي التمديد للبشير لخمس سنوات أخرى. وأعلنت هذه القوى وفي مقدمتها تحالف "نداء السودان" (يضم حركات مسلحة وقوى سياسية بارزة) العمل على تعطيل هذه الانتخابات، داعية المواطنين إلى مقاطعتها. ونجحت المعارضة فعليا في تعطيل العملية الانتخابية في عدة دوائر، حيث أعلنت مفوضية الانتخابات في السودان الأحد الماضي، عن تعطيل عملية الاقتراع في 7 دوائر بولاية جنوب كردفان المضطربة، وذلك بعد أن قامت عناصر من الجيش الشعبي الجناح العسكري للحركة الشعبية قطاع الشمال بالاستيلاء على شاحنة كبيرة مليئة بصناديق الاقتراع. البشير يسعى من خلال الإفراج عن المعارضين إلى الحد من الضغوط الدولية أو الداخلية ومرور العملية الانتخابية بسلاسة ويشكل هذا الاستحقاق أهمية كبرى للبشير الذي يعتبر أن تجديد الولاية له يعني إتمام المشروع الإسلامي وتثبيت ركائزه من خلال تصفية خصومه وخاصة الحركات المتمردة، وهو ما أكده خلال حملته الانتخابية عندما تعهد بتصفية متمردي دارفور في أيام "قليلة". وحذرت الشرطة السودانية، أمس الخميس، المعارضة من الإقدام على أي خطوة من شأنها تعكير صفو الانتخابات العامة المقررة في الثالث عشر من الشهر الجاري، متوعدة ب"عقاب رادع". وقال المدير العام للشرطة الفريق أول هاشم عثمان الحسين، خلال مخاطبته حشدا من قوات الشرطة بالخرطوم، أمس الخميس، أن هناك جهات -لم يسمها- لا تريد أن يمارس المواطنون حقهم الدستوري في الاقتراع، محذراً من أي "محاولة لتخريب الانتخابات". وكشف عن إعداد خطة لتوفير الأمن لكل الناخبين طوال أيام الانتخابات، وقال إن الشرطة تمضي عبر خطة مدروسة ومفصلة توافرت لها كل معينات التنفيذ من تدريب وتأهيل. من جهته، توعد مدير شرطة ولاية الخرطوم الفريق محمد محمد علي إبراهيم "كل من تسول له نفسه القيام بعمل تخريبي في فترة الانتخابات، بأن تكون له الشرطة يداً باطشة". وحث إبراهيم كل من تتوافر إليه معلومة بعمليات تخريبية الاتصال بمراكز الشرطة القريبة وتدوين بلاغ. أما والي الخرطوم عبدالرحمن الخضر فهدد خلال مخاطبته الحشد، بتطبيق "العقاب الرادع" لكل من يتجاوز القانون خلال الانتخابات، وقال "إن الشرطة هي أساس فرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون"، وتعهد بتوفير كافة مطلوبات الشرطة لتؤدي دورها على الوجه الأكمل. خالد التيجاني: الحزب الحاكم هو وحده المنافس الفعلي في هذه الانتخابات ووصل البشير (71 عاما) إلى السلطة عبر انقلاب عسكري عام 1989، مدعوما من الإسلاميين، وتم التجديد له في انتخابات أجريت عام 2010، وقاطعتها معظم المعارضة، كما هو الشأن بالنسبة للانتخابات الحالية. وقال رئيس مفوضية الانتخابات مختار الأصم مؤخراً إن عملية الاقتراع ، ستبدأ الإثنين المقبل وتستمر ثلاثة أيام، على أن تبدأ عملية فرز وعد الأصوات في ختام اليوم الثالث، في كل مركز على حدة من جملة 10742 مركز في كل أنحاء البلاد. وأوضح الأصم، في المؤتمر الصحفي، أن الإعلان عن النتائج سيكون في 27 أبريل الجاري، على أن تعتمد النتيجة بشكل نهائي بعد انقضاء فترة الأسبوعين للطعن عليها أمام القضاء طبقا لقانون الانتخابات. وتطالب المعارضة بتأجيل الانتخابات، وتشكيل حكومة انتقالية تشرف على صياغة دستور دائم وإجراء انتخابات حرة ونزيهة. ولكن مطلبها لم يجد أي إصغاء من عمر حسن البشير الذي عبر في أكثر من مرة عن عدم ثقته في "المعارضة العلمانية"، وأن ما تخفيف لهجته تجاهها في فترات متباعدة إلا للمناورة وربح الوقت وللتسويق لصورة "الشخصية المعتدلة" لدى السودانيين. وفي هذا الصدد تندرج عملية إطلاقه لسراح اثنين من أبرز قادة المعارضة السياسية، الخميس، بعد أربعة أشهر من الاعتقال. وقال محمد الزين فاروق محامي فاروق أبو عيسى وأمين مكي مدني "قيل لهما في السجن: أنتما حران عودا إلى منزليكما"، من دون أن يقدم تفاصيل أضافية. وبات الرجلان حاليا في منزليهما مع عائلتيهما في الخرطوم حسب قوله. وأوقف أبو عيسى ومكي مدني في 6 ديسمبر عند عودتهما من إثيوبيا بعد توقيع اتفاق "نداء السودان" الذي يوحد المعارضة ضد نظام الرئيس عمر البشير، وحوكما أمام محكمة لمكافحة الإرهاب. واعتبر المدعي ياسر أحمد محمد أثناء المحاكمة أن "الوثيقة دعت لإسقاط النظام باستخدام كافة الوسائل بما فيها العمل العسكري والانتفاضة الشعبية وهذا عمل إرهابي بإثارة الحرب والكراهية ضد الدولة". واعتبر المحامي أن الرئيس السوداني البشير يسعى من خلال الإفراج عن المعارضين إلى الحد من الضغوط "الدولية أو الداخلية" ومرور العملية الانتخابية بسلاسة.